الانتخابات التمهيدية ودورالعرب الأميركيين في انتخابات الرئاسةالأمير

20-03-2008

الانتخابات التمهيدية ودورالعرب الأميركيين في انتخابات الرئاسةالأمير

الجمل- ناهد الحسيني:  " اقتربت الانتخابات الأولية من تحديد المرشح الأوفر حظا في الفوز بترشيح الحزب الديمقراطي والحزب الجمهوري لخوض معركة انتخابات الرئاسة القادمة، فعلى الطرف الجمهوري ينفرد السناتور جون ماكين بالصدارة بشكل لن يتسنى لمنافسه الرئيسي مايك هاكابي الحصول على عدد من المندوبين إلى المؤتمر القومي للحزب الجمهوري يستطيع به المنافسة. وعندما تعلن نتائج الانتخابات الأولية في تكساس وأوهايو في الرابع من مارس آذار سيكون الناخب الأميركي أمام واقعين:
الأقل احتمالا منهما أن تتمكن السناتور هيلاري كلينتون من الفوز بعدد من المندوبين يقلص الفارق بينها وبين منافسها الرئيسي باراك أوباما بشكل يحافظ على فرصتها في المنافسة فيما تبقى من الولايات دون حاجة إلى تدخل غير مرغوب فيه من المندوبين الكبار لترجيح كفة هيلاري كلينتون على باراك أوباما، خاصة وأن استطلاعات الرأي العام تشير إلى قدرة أوباما على اكتساح ماكين لو أصبح أوباما مرشح الحزب الديمقراطي بفارق يزيد عن عشرين في المائة بينما تشير الاستطلاعات نفسها إلى أن نتائج الانتخابات الرئاسية قد تكون متقاربة إذا فازت هيلاري كلينتون بترشيح الحزب الديمقراطي بل ويمكن أن تترجح كفة الحزب الجمهوري إذا نجحت مساعي رالف نادر في الترشيح واجتذب أصوات غير الراضين عن هيلاري وغير المتحمسين لماكين."
ومما يرجح هذا السيناريو فوز أوباما بسلسلة من الولايات على التوالي وتحليل نتائج انتخابات ويسكونسن الذي أظهر أنه لم يعد مجرد المرشح المفضل لدى الشباب والأمريكيين السود فقط ولكنه فاز كذلك بنصف عدد أصوات النساء البيض وبنسبة كبيرة من أبناء الطبقة العاملة مما يعني وجود تآكل في قاعدة تأييد هيلاري كلينتون. فإذا تكرر السيناريو وفاز أوباما بولايتي تكساس وأوهايو فسيكون قد اقترب أكثر من تأمين العدد اللازم من المندوبين لضمان ترشيح الحزب الديمقراطي له وهو 2025 ويكون بذلك قد قلص من فرص هيلاري كلينتون للحاق به.
 من هم الناخبون العرب الأميركيون:
أن هناك ما يتراوح بين مليون إلى مليون ومائتي ألف ناخب عربي أميركي يمارسون بشكل حقيقي حقهم في الإدلاء بأصواتهم رغم أن عدد الناخبين المسجلين بالفعل يزيد على مليون ونصف عربي أميركي 42 في المائة منهم من أصل لبناني و19 في المائة من أصل سوري و12 في المائة من أصل مصري و11 في المائة من أصل فلسطيني و9 في المائة من أصل عراقي ثم 3 في المائة من أصل أردني و4 في المائة من أصول عربية أخرى. وفسر الدكتور خلف ارتفاع نسبة الناخبين العرب الأميركيين في انتخابات2008 بالمقارنة مع السنوات الماضيه ونسبة تعدادهم  بأن 89 في المائة ممن يحق لهم التصويت سجلوا أنفسهم في قوائم الناخبين من خلال حملة الكونغرس العربي الأمريكي للتوعية وتبيان أهمية المشاركة في الانتخابات على مدى السنوات الخمس الماضيه. وأعرب عن اعتقاده بتفاوت نسب تصويت العرب الأميركيين لمرشحي الحزبين الرئيسيين بحسب تغير الانتماءات الحزبية والفجوة بين الأجيال ومواقف المرشحين من قضايا تشغل بال العرب الأميركيين  بطرح تصورات مختلفة عن كل من الديمقراطيين والجمهوريين. وقال أنه عبر العقود الثلاثة الماضية كانت النسب تتقارب وتتباعد بحسب الظروف فمثلا كانت هناك زيادة في مساندة العرب الأميركيين لمرشح الحزب الجمهوري جورج بوش في انتخابات عام 2000 بعد أن ترسخ شعورهم بأن حملة آل جور نأت بنفسها عن العرب الأميركيين وبأنه من خلال مواقفه وبرنامجه المعلن  لن يكون صديقا لقضايا العرب بينما بذلت حملة بوش جهودا كبيرة لاجتذاب الناخبين العرب والمسلمين والتعاطف مع قضايا حقوقهم المدنية.
ويرى الدكتور زكريا خلف أن هناك شعورا قويا حاليا بين الناخبين من العرب الأميركيين بأن الجمهوريين خذلوهم وأن سياسات بوش في الداخل انتقصت من حقوقهم المدنية وعرضتهم لأشكال من التمييز والتصنيف العرقي بينما خربت سياساته في الخارج صورة الولايات المتحدة وأظهرتها كقوة بطش واحتلال ورغبة في الهيمنة على مقدرات الشعوب العربية وثروات النفط بدءا من العراق بالإضافة إلى سياسة الكيل بمكيالين في ما يتعلق بما سمي جهود نشر الديمقراطية والفشل الكامل في عملية السلام.
لذلك لم يكن غريبا أن تظهر استطلاعات الرأي التي أجريت أن غالبية الناخبين العرب الأميركيين سيصوتون لصالح الحزب الديمقراطي خاصة إذا تمكن السناتور باراك أوباما من الفوز بترشيح الحزب الديمقراطي .
وتطرق خلف إلى شرح الأسباب التي ستحشد أصوات غالبية العرب الأميركيين لصالح أوباما:
أولا: أسباب تجمعهم مع باقي الناخبين الأميركيين مثل شخصيته الكاريزماتية ورغبته في التغيير الحقيقي فمنذ أن أصبح أوباما خامس سناتور أسود في تاريخ مجلس الشيوخ والسناتور الأسود الوحيد في المجلس الحالي اقترن عمله بسجل ليبرالي يعطي الناخب الأمريكي الأمل في قدرته على تصور مختلف عن توجهات الإدارة الحالية.
ثانياً: توجهاته فيما يتعلق بدور الولايات المتحدة كقوة عظمى وحيدة في عالم اليوم ورؤية تعيد للولايات المتحدة مثلها وقيمها في الداخل والخارج من خلال التعاون مع المجتمع الدولي وليس باتخاذ قرارات منفردة أو حروب استباقية.
ثالثا: تحرره من تبرعات الإيباك التي ساعدت كلينتون بسخاء في حملتها الانتخابية فمنذ انضم باراك لعضوية المجلس أظهر استعداده للعمل مع زملائه من الحزب الجمهوري بعيدا عن التشنج الحزبي، وتصدى مع زملائه لتمرير قانون لحظر قبول أعضاء الكونجرس هدايا من جماعات الضغط السياسي أو اللوبي للتأثير في مواقفهم من القضايا ويفتخر في حملته الانتخابية بأنه لم يتلق دولارا واحدا لتمويل الحملة من أي من جماعات المصالح الخاصة أو الضغط السياسي، كما شارك مع زملائه في تبني قانون للكشف عن مصادر تمويل الحملات الانتخابية ومكافحة محاولات التأثير في توجهات الناخبين باستخدام الألاعيب والحيل، كما طرح أوباما العديد من مشروعات القرارات والمبادرات الخاصة بالطاقة وحماية البيئة وتوفير الرعاية الصحية ومشروعات قوانين خاصة بتأمين الحدود ومكافحة انتشار أسلحة الدمار الشامل كما تصدر المطالبين بالانسحاب التدريجي من العراق.
وبتحليل علمي لشخصية باراك نجد إن باراك أوباما يتسم بشخصية راغبة في التغيير ويتحلى بقدر كبير من الثقة في النفس والطموح والإصرار وكلها تقود إلى شخصية قوية وعملية تحركها أيديولوجية راسخة تكرس جهدها لتغيير المجتمع وفق خطة واضحة المعالم والأهداف وتكون على استعداد للتعاون والعمل بشكل متناسق مع كل من يظهر استعدادا للعمل على تحقيق تلك الأهداف. ويصف التحليل الأكاديمي لشخصية باراك سمته الأساسية بأنه يتمتع بقيادة كاريزماتية تستطيع إلهام الأنصار والمريدين وتحظى بالقدرة على لمس قلوب الجماهير وتشكيل حركة شعبية مساندة له.
رابعا: طرح أوباما خطوطا عريضة لمنهجه في التغيير على الصعيد المحلي: العمل على تخفيض الدين العام باعتباره أكبر خطر على مستقبل الأجيال القادمة وإتباع سياسات مالية تتسم بالمسؤولية، وسد الثغرات التي لا زالت قائمة في الأمن الداخلي رغم مرور سبعة أعوام على هجمات سبتمبر وإصلاح قوانين الهجرة للولايات المتحدة. والاهتمام ببرامج تأهيل العاملين لإيجاد فرص عمل أفضل تقلص من حجم الفقراء في أميركا والذين يصل عددهم إلى 37 مليون شخص ومواجهة المشاكل التي تواجه برامج الضمان الاجتماعي بشكل يضمن انتفاع المسنين بها وكذلك بالتأمين الصحي للفقراء منهم وضمان إزالة كل العراقيل التي تحول دون حق المواطنين في التصويت. وضمان تطوير السياسات بشكل يضمن التعليم ويوفر لكل الأمريكيين رعاية صحية بنفقات معقولة ويضمن حقوق المواطنة الأخرى للجميع وتطبيق أجندة اقتصادية تضمن قدرة أميركا على المنافسة في الاقتصاد العالمي وقدرتها على التصدير وتضمن للطبقة الوسطى الانتعاش مع زيادة الاستثمار في البنى التحتية وتوفير الاستقلال في مجال الطاقة والبحث عن وسائل جديدة غير البترول وتحسين البحث العلمي وتحديث نظام الضرائب لخدمة أكبر عدد من المواطنين وكذلك فتح باب المناقشة أمام دور الدين في الحياة الأمريكية.
وعلى صعيد السياسة الخارجية: تعهد أوباما بعد زيارته لمقر الكونغرس باستعادة مكانة الولايات المتحدة في العالم وبأن لا يتبع سياسة بوش في عدم الدخول في حوار مع زعماء الدول التي تكون على خلاف مع السياسة الأمريكية، وتعهد بالحفاظ على القيم الأميركية فلا تنزلق في سياستها الخارجية إلى مستوى استخدام التعذيب أو ممارسات معتقل جوانتانامو بل سيوقف تلك الممارسات ويغلق المعتقل سيئ السمعة وينهي الحرب في العراق وبحيث يتم سحب القوات الأمريكية في غضون 16 شهرا ولن يحتفظ للولايات المتحدة بقواعد عسكرية دائمة في الأراضي العراقية وتعهد بقيادة جهد دولي لإعادة أربعة ملايين عراقي ما بين نازح ولاجئ لحياتهم الطبيعية. وتعهد باراك أوباما في برنامجه للتغيير بشن حملة دبلوماسية جسورة لتوفير الاستقرار في الشرق الأوسط من خلال الحوار مع كل الأطراف المعنية بما في ذلك سوريا واستخدام طرق دبلوماسية مع إيران بدلا من التلويح بالحرب والخيارات العسكرية. وفيما يتعلق بالصراع الفلسطيني الإسرائيلي تعهد بأن يوليه أولوية قصوى لكي يتم التوصل إلى حل نهائي يضمن إقامة دولة فلسطينية مستقلة تعيش في سلام مع إسرائيل.
 مع انه قد أعلن سابقاً في مؤتمرصحفي عن ضمان حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها والحفاظ على العلاقة الخاصة مع إسرائيل باعتبارها أقوى حليف للولايات المتحدة في المنطقة ومواصلة المساعدات العسكرية والاقتصادية لها. ومع ذلك أعرب مالكولم هوين لاين رئيس مؤتمر رؤساء المنظمات اليهودية الأميركية الرئيسية عن القلق من أن يشكل أوباما في دعوته للتغيير خطر تقليل المساندة الأميركية لإسرائيلوأنه ماوعد به جزء من الحملة الأنتخابية في ضوء زيادة اعتقاد أنصاره من الناخبين الأميركيين بأن إسرائيل أصبحت بشكل متزايد عبىء كبيراً على الولايات المتحده ومكانا مظلما ينتهج منحى عسكريا وحيدا في التعامل مع ما يحيط بها وزيادة التسامح بين الأميركيين إزاء قبول تصريحات ودراسات مضادة لمصالح إسرائيل مثل دراسة والت/ميرشايمر عن اللوبي الإسرائيلي التي قال إنها أصبحت أفضل الكتب مبيعا ودخلت نطاق الكتب التي تدرس في جامعات أميركية.
وذكر الدكتور زكريا خلف في استعراضه لانطباعاته عن توجهات العرب الأميركيين في الندوه التي أقيمت  في مركز العربي للمعلومات والبحوث الدراسات الأستراتيجيه حول الأنتخابات بحضور شخصيات رسمية من الحزبين الديمقراطي والجمهوري إلى أن استطلاعات الرأي التي أجريت على الناخبين العرب الأميركيين تشير إلى أنهم سيصوتون بنسب أكبر لصالح السناتور أوباما إذا تمكن من الفوز بترشيح الحزب الديمقراطي له لخوض معركة انتخابات الرئاسة الأميركية ضد المرشح الجمهوري السناتور جون ماكين والذي تربطنا معه صداقة جيده  ولكن مازال الوقت باكراً لأتخاذ القرار ولم نحسم رأينا بعد.
دور العرب الأميركيين في الانتخابات القادمة:
وفي ختام عرضه تطرق الدكتور خلف إلى تحليله لدور العرب الأمريكيين في انتخابات الرئاسة القادمة فقال: "مع أن الناخبين من العرب الأميركيين يشعرون بإحباط شديد من مساندة مرشحين للرئاسة على مدى العقود الثلاثة الأخيرة  بناء على برامجهم الانتخابية الحافلة بوعود براقة تتعلق بالقضايا التي تهم العرب الأميركيين سرعان ما تتوارى وراء الضغط اليهودي والانحياز الأميركي لإسرائيل وأخيرا زيادة التآكل في الحقوق المدنية للعرب والمسلمين بشكل خاص فإن بوسعهم إظهار التأييد لمن يفضلونه من مرشحي الرئاسة بمزيد من النشاط السياسي المتمثل في التبرع لحملاتهم الانتخابية والمشاركة بالعمل في تلك الحملات والحرص على وصول آرائهم لتلك الحملة بل وللمندوبين إلى المؤتمرين القوميين للحزبين الديمقراطي والجمهوري. ويمكن للعرب الأميركيين الاستفادة من تمركزهم بأعداد كبيرة في بعض الولايات مثل ميشيجان التي يشكل الناخبون العرب الأميركيون فيها نسبة 4 في المائة من إجمالي الناخبين. كما يمكن لوجودهم بأعداد كبيرة في ولايتي نيويورك وكاليفورنيا زيادة ترجيح التوجه الديمقراطي الذي يتسم به تصويت هاتين الولايتين. بل ويمكنهم التأثير سلبا في نسبة الأصوات المساندة للمرشح الجمهوري في ولاية تكساس التي يعيش فيها تجمع كبير نسبيا من العرب الأميركيين."
 لقد بدئنا قبل عشرين عاما في تكثيف نشاطنا السياسي وخاصة فيما يتعلق بتسجيل العرب الأمريكان في قوائم الناخبين والانضمام إلى الحزبين الرئيسيين بل وإرسال مندوبين من العرب الأمريكيين إلى المؤتمرين القوميين لكل من الحزب الديمقراطي والحزب الجمهوري لمحاولة نقل اهتمامات العرب الأمريكيين إلى من يقومون بصياغة برنامجي الحزب كما استطاع العرب الأمريكيون استمالة مرشحي الكونغرس من الحزبين من خلال عقد ليلة الناخبين التي تجمع المرشحين من الحزبين مع الناخبين من العرب الأميركيين لإطلاعهم على وجهات نظر العرب الأمريكيين .
وخلص الدكتور زكريا خلف إلى أنه سيكون للعرب الأميركيين فرصة أفضل لإظهار قوتهم السياسية فيما يسمى بولايات الحسم في معركة انتخابات الرئاسة الأميركية وهي الولايات التي تتسم بالتأرجح بين تأييد المرشح الديمقراطي ومساندة المرشح الجمهوري ويستطيع العرب الأميركيون في تلك الولايات حسم الفائز بها في انتخابات الرئاسة بترجيح كفته خاصة إذا كانت الأصوات متقاربة مثل ولايات مشيغن بنسلفانيا وأوهايو ونيوجيرزي وفلوريدا. ويجب أن يتذكر الجميع بأن  الناخبون العرب الأميركيون كانت أصواتهم أصواتا ترجيحية في انتخابات أعضاء في مجلسي النواب والشيوخ مثلما حدث مع النائب الديمقراطي جيم موران أكثر من مرة وما حدث مؤخرا مع السناتور جيم ويب في فيرجينيا. وطالب الحاضرين بتذكر الحقيقة التالية:
"بصرف النظر عن عدم تغير السياسة الأميركية بتغيير من يدير دفة الحكم في البيت الأبيض وما لحق بنا في أعقاب هجمات سبتمبر الإرهابية يجب أن يواصل العرب الأميركيون العمل على تنامي قوتهم على المسرح السياسي الأميركي وممارستهم للعمل السياسي وتشجيع أبنائهم الذين ولدوا على الأرض الأميركية على الانخراط منذ الصغر في العمل السياسي على الصعيد المحلي ليتمكنوا في المستقبل من التأثير في السياسة الأميركية، فقد يستطيعون يوما ما تحريك بركة السياسة الأميركية الراكدة ولو بإلقاء حجر واحد."

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...