الأم السورية على مشارف 2011 في انتظار حقها الكامل بـ «المواطنة»

24-12-2010

الأم السورية على مشارف 2011 في انتظار حقها الكامل بـ «المواطنة»

2010، تونس تنتظر إقرار مشروع قانون جنسية جديد يحقق المساواة بين الأب والأم في منح الجنسية لأبنائهما.

2007، المغرب يعدل قانون الجنسية لمصلحة تمكين النساء المغربيات المتزوجات من أجانب من اعطاء الجنسية لأبنائهن.

2005، الجزائر تمنح النساء الحق المطلق في منح جنسيتهن للزوج الأجنبي وللأبناء والبنات أيضاً.

2003، مصر تقر حق أبناء النساء المصريات المتزوجات من أجانب في الحصول على الجنسية المصرية بصرف النظر عن جنسية الزوج.

تطورات ملحوظة شهدتها السنوات الأخيرة عربياً باتجاه تشريع حق المرأة في منح جنسيتها لأبنائها بينما لم يشهد تعديل قانون الجنسية السوري النور بعد، إذ لا يزال القانون الرقم 276 للعام 1969 هو الذي ينظم أمور الجنسية في سورية. وينص على أنه «يعتبر عربياً سورياً حكماً كل من ولد في القطر أو خارجه من أب عربي سوري»، بلا اعتراف بأي حق للأم في منح الجنسية لأبنائها إذا كان الأب غير سوري.

يحظى موضوع حق الأم بمنح الجنسية لأبنائها باهتمام كبير على الصعيدين العربي والعالمي، مثله مثل كثير من المواضيع المتعلقة بإحقاق حقوق كثيرة لا تزال منـــكرة على المـــرأة وهي في الواقع ملحة وضـــاغطة ولا تحتمل التأجيل، وبدأ النضال من أجل حقّ المرأة في تحويل جنسيتها لأبنائها إقليمياً منذ عام 2002 حين أطلقت مجموعة من المنظمات والجمعيات الأهلية الفاعلة في مجتمعات عربية مختلفة مثل سورية ولبنان واليمن والمغرب والجزائر والسودان والبحرين حملة تحت عنوان «جنســـيتي لي ولأسرتي» للمطالبة بحق النساء في المواطنة الكاملة من خلال تعديل قوانين الجنسية العربية ليصبح بإمكان الأم نقل جنسيتها لأبنائها، ودعت الحملة أيضاً جميع الحكومات في البلدان العربية الى تنفيذ التزامها الإعلان العالمي لحقوق الإنســـان وأيضاً رفع التحفظات عن المادة التاســـعة من اتفاقية إلغاء جميع أشكال التمــييز ضد المرأة والمتعلقة بحق الأم في منح جنسيتها لأفراد عائلتها.

وبينما حاولت كل منظمة أو جمعية شريكة في الحملة تطبيق هذه الرؤية وفقاً للمعطيات الوطنية الخاصة بكل بلد، أطلقت جمعيات أهلية سورية ناشطة في المجال منذ بداية عــام 2004 حملة للمطالبة بتعديل قانون الجنـــسية السوري، بما يكفل للمرأة الحق في منح الجنسية لأبنائها، ونجحت في استقطاب وسائل الإعلام لطرح هذه المشكلة وعواقبها المؤلمة على الأسرة ومقاربة القضية من منطلق أن الحق في الجنسية يرتبط مباشرة بالمواطنة الكاملة التي تقضي بحصول المواطن رجلاً كان أم امرأة على جميع الحقوق، بخاصة أن الدستور الســوري لم يفرق بين امرأة ورجل في الحقوق والواجبات بل نص في مواده على حقوق متساوية لكل المواطنين.

بعد إقرار تعديلات قوانين الجنسية في دول عربية مختلفة وبحدود مختلفة اذ منها من اقتصر على حق الأم في منح الجنسية للأبناء ومنها مَن مدّ هذا الحق ليشمل الزوج أيضاً، ينتظر التونسيون اليوم إقرار مشروع قانون جديد فاعل يجسد الشراكة بين الرجل والمرأة من خلال تعديل أحكام قانون الجنسية التونســـية للمساواة بين حق الأب والأم في إسناد جنسيتهما للأبناء، وينص مشروع القانون الجديد على حق الجنسية لكل طفل مولود لأب تونـــسي أو لأم تونسية بغض النظر عن مكان ولادته سواء كان في تونس أم خارجها إضافة لكل من ولد من أم تونسية وأب مجهول أو لا جنسية له.

ويختلف المشهد في سورية، فجلال شاب مولود من أم سورية وأب أجنبي توفي قبل أن يخول ابنه الحق في جنسيته، أمضى أعوامه العشرين على أرض الوطن إلى جانب أمه وعائـــلته الأكبر ولكنه لا يزال أجنبياً ويعامل كما الأجنبي من دون أي حق في العمل أو حتى تملك بيت أو دكان.

يجدد جلال إقامته دورياً كي لا يضطر إلى مغادرة البلد قسراً وعند كل تسجيل في أي دائرة رسمية تعليمية مثلاً أو غيرها، يضطر إلى تجميع قائمة طويلة من الأوراق والموافقات من جهات ووزارت مختلفة، وأما إذا قرر الصبي الزواج من بنت «البلد» فلأولاده المصير البائس نفسه، فجنسية الرحم الذي أنجبه إلى الحياة لا تكفي لإحقاق انتمائه وأبنائه إلى أرض عاش فيها طفولته وشبابه وربما كهولته أيضاً، فجلال لا يستطيع السفر طبعاً إذ أن لا جنسية له وبالتالي لا هوية ولا جواز عبور.

وأظهرت إحصائية كشف عنها عضو مجلس الشعب محمد حبش على صفحات موقع «سيريانيوز» الالكتروني، أخيراً أنه تم تسجيل 100 ألف حالة أسرة عالقة يعامل أبناؤها معاملة الأجانب كونهم أبناء سوريات وليـــسوا ســــوريين، هذا من دون الحالات غير المسجلة، وكلها بانتظار حلول تنهي الغربة القسرية التي يعيشها الكثير من هؤلاء الأقرباء «الغرباء».

سورية التي شهدت في السنوات الأخيرة ظهور جمعيات نسائية متنوعة ومهمة، نجحت في طرح قضايا المرأة ضمن نصابها الاجتماعي والوطني المناسب، لا تزال تنتظر تحقيق الانتصار الأهم في تصحيح وضع المرأة القانوني بالنسبة الى الأسرة والمجتمع والوطن، كيف لا والقوانين السورية وعلى رأسها قانون الجنسية وقـــانون العـــقوبات وأيضاً الأحوال الشخصية تتعارض في شكل صارخ أولاً مع الدستور السوري الذي يكفل للمرأة المساواة التامة وتالياً مع الكثير من الاتفاقات الدولية التي صادقت عليها سورية ووضعتها حيز التنفيذ.

بيسان البني

المصدر: الحياة

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...