الأقمار الاصطناعية «تبارك» البرد القارس

25-02-2012

الأقمار الاصطناعية «تبارك» البرد القارس

هل تكون هناك بطانة فضيّة مباركة، بحسب تعبير مثل إنكليزي شهير، لموجة البرد القارس في نصف الكرة الشمالي، على رغم أنها حصدت مئات الأرواح وشلّت الحياة اليومية لملايين البشر؟ ثمة من يرى أن البرد القارس هو الوجه الآخر للاحتباس الحراري، بمعنى أن التطرّف في تقلّبات المناخ هو نتيجة فعلية للتلوّث. ثمة من يذكّر بأن التلوّث والاحتباس الحراري يسرّعان في دخول الأرض في عصر جليدي ثانٍ. وهناك طرف ثالث يعتقد بأن الطبيعية قادرة على إعادة التوازن للأمور، مشيراً إلى أن البرد القاسي يمثّل عنصر توازن لمسار الاحتباس حرارياً. ثمة خيط يربط هذه النظريات كلها: الجليد، فهذه الطبقة البيضاء القاسية والمميتة التي اجتاحت النصف الشمالي للكرة الأرضية، ربما جاءت لتعوّض الفقدان الهائل الذي تعرضت له المسطّحات الثلجية في الكوكب الأزرق.

لا ثلج للأرض!
فبحسب «نشرة واشنطن»، أظهرت صور التقطتها أقمار صناعية على مدى سبع سنوات، تقلّص حجم الكتلة الثلجية للأرض بـ4.3 تريليون طن، ما يوازي مساحة متجمدة تزيد على 4150 كيلومتراً مربعاً. وترافق ذلك مع ارتفاع منسوب مياه البحر بـ12 ملليمتراً.

وتكفي كمية هذا الجليد لتغطية مساحة الولايات المتحدة بسماكة نصف متر.

وخلص فريق بحوث من جامعة كولورادو، إلى هذه الاستنتاجات مستنداً إلى قياسات جُمعت بواسطة الأقمار الصناعية بين عامي 2003 و2010، برعاية «مركز الطيران الفضائي المشترك لـ «ناسا» وألمانيا لاختبار المناخ واستعادة الجاذبية»، ويعرف باسمه المختصر «غريس».

ولاحظ جون وار الأستاذ المحاضر في مادة الفيزياء في جامعة كولورادو–بولدر، الذي ساهم في الدراسة، أن الأرض بدأت تفقد كمية ضخمة من الثلج الذي بات يذوب وينساب مياهاً إلى المحيطات بصورة متسارعة.

وأوضح أن هذه النتائج تساعد على إيجاد أجوبة عن أسئلة مهمة حول ارتفاع منسوب البحار وطريقة تكيّف المناطق الباردة مع هذه التغيرات.

وتشكل جزيرة غرينلاند وجوارها والقطب الجنوبي، أكبرَ كتلتين بريّتين ثلجيتين في الكوكب، إذ تمثّلان 75 في المئة تقريباً من الكتل الثلجية الأرضية. وكانت هاتان المنطقتان محور بحوث سابقة نظراً إلى حجمهما، وُثّق انخفاض الثلج فيهما. وتمثلت المهمة الأصعب في تقويم الأحجام المتفاوتة لـ 200 ألف نهر جليدي صغير في جبال الهملايا والألب والأنديز.

وكانت تلك الكتل الثلجية تقاس من خلال أساليب وآليات مثبتة على الأرض. واستخدمت تلك النتائج أساساً، مؤشرات حول اتساع نهر جليدي أو تقلّصه.

في المقابل، بيّنت معلومات الأقمار الصناعية التابعة لـ «غريس»، أن الأساليب التقليدية أفضت إلى نتائج غير دقيقة. واستنتجت التقديرات السابقة، أن جبال آسيا الوسطى الشاهقة، مثل سلسلة الهملايا وبامير وتيين شان، كانت تفقد 50 بليون طن من الثلج سنوياً، في حين كشفت قياسات «غريس» أنها تفقد 4 بلايين طن سنوياً.

وأرجع تقرير فريق جامعة كولورادو هذا التباين، إلى أن التقديرات المستندة إلى قياس فقدان الثلج في قاع الأنهر الجليدية، لم تأخذ في الاعتبار درجات الحرارة الأبرد بكثير في المناطق الجبلية الشديدة الارتفاع.

ولفت الاختصاصي توم واغنر، العامل في برنامج غلاف الصقيع في المقر العام لـ «ناسا» في واشنطن، إلى أن «هذه النتائج توضح نظرتنا الى ذوبان الثلج الأرضي الذي يمثل أهم عامل في ارتفاع منسوب البحار مستقبلاً».

حوادث متجمّدة
أفاد واغنر أيضاً بأن الثلج الذائب شقّ قنوات جديدة في مياه القطب الشمالي، ما يؤدي إلى زيادة حركة الملاحة، كما يعرضّها لمخاطر جمّة، يمكن أن تفضي إلى تسرّب نفط أو سموم أخرى في مياه تلك المنطقة. وتستعد الهيئات البحرية الأميركية بأدوات أفضل، لنجدة سريعة للحوادث بما يقلّل من الإضرار بالبيئة.

وفي الصيف المقبل، تتوافر لدى الهيئات الفيدرالية لنجدة الكوارث في القطب الشمالي، أداة جديدة استُخدمت للمرة الأولى في حادثة تسرب النفط في خليج المكسيك في 2010. تُعرف هذه الأداة باسم «تطبيق إدارة نجدة البيئة» (اختصاراً «إيرما»). إذ توظف بيانات فعلية، وتعالجها في خريطة تفاعلية بمفردها. ثم تقدّم تصوراً للوضع لجهة تحسين الاتصالات والتنسيق بين هيئات النجدة أثناء محاولة ضبط المشكلة واحتوائها.

وتعمل «الإدارة القومية للمحيطات والغلاف الجوي» و «مكتب السلامة والتنفيذ البيئي» التابع لوزارة الداخلية الأميركية، على تطوير هذه الأداة لاستخدامها في القطب الشمالي.

واعتبرت مونيكا ميدينا وكيلة «الإدارة القومية...»، أن وضع هذه الأداة في أيدي المنجدين ووسائل الإعلام والجمهور، خلال حادث تسرب النفط المعروف بأفق المياه العميقة، هو إنجاز تقني مهم. وبذا، تعمل الولايات المتحدة على تحقيق هدف تبناه المجلس القطبي لزيادة قدرات النجدة، في حال وقوع حادث بيئي. وتمثل الولايات المتحدة واحدة من ثماني دول أعضاء في «المجلس القطبي»، تلتزم كلها خفض انبعاث المُلوّثات في بيئة المنطقة القطبية. ودول المجلس القطبي الأخرى هي كندا والدنمارك وفنلندا وإيسلندة والنروج وروسيا والسويد. وتتمتع ست منظمات دولية تمثل الشعوب الأصلية في تلك المنطقة، بوضع مشارك دائم في هذا المجلس.

وفي السياق عينه، جدّد مسؤولون في حكومة باراك أوباما التزامهم بالاستناد إلى أفضل المعلومات العلمية، أثناء اتخاذ قرارات متعلقة بالطاقة في القطب الشمالي. وحضر ممثلون للبيت الأبيض ووزارة الداخلية إلى مدينة «أنكوراج» في ولاية ألاسكا للإعلان عن «إيرما» بوصفها جزءاً من آليات لاستخلاص المعلومات والبيانات بشكل فائق الدقّة.

وفي كلمة ألقاها أمام «منتدى ألاسكا عن البيئة»، أوضح ديفيد هيز وكيل وزارة الداخلية الأميركي، أن هذه البيانات تظهر أن عملية جمع المعلومات واستنباطها وإيصالها لصناع القرار، تمثل أولوية قصوى لهذه الحكومة.

المصدر: الحياة نقلاً عن «نشرة واشنطن»

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...