هل تتمكن واشنطن من شراء الصوت الفرنسي داخل الاتحاد الأوروبي

30-03-2010

هل تتمكن واشنطن من شراء الصوت الفرنسي داخل الاتحاد الأوروبي

الجمل: سوف تشهد العاصمة الأميركية واشنطن دي سي اليوم الثلاثاء 30 (آذار) مارس 2010م لقاء الرئيس الأميركي باراك أوباما مع الرئيس الفرنسي نيكولاس ساركوزي, وتقول التقارير والتسريبات, بأن هذا اللقاء سوف تترتب عليه المزيد من التطورات الجديدة في مفاعيل علاقات عبر الأطلنطي, بشكل سوف ينعكس مباشرة على الأوضاع الإقليمية والدولية غير المستقرة والتي أصبحت أكثر عرضة للانقلاب والخروج عن سيطرة واشنطن وحلفاءها الأوروبيين الغربيين.
لقاء ساركوزي-أوباما: إشكالية توازن المكانة
تقول المعلومات والتحليلات, بأن التوازن الكاريزمي الرئاسي سوف يكون مختلا بقدر كبير بما لا يعمل في صالح الرئيس الفرنسي نيكولاس ساركوزي, وتوضيحا لذلك, نشير إلى المزايا النسبية الآتية التي يتمتع بها كل طرف:أوباما-ساركوزي
• الرئيس الأميركي أوباما: على صعيد السياسة الداخلية حقق انتصارا باهرا في مشروع الضمان الصحي, بما أدى إلى رفع شعبيته في أوساط الرأي العام الأميركي, أما على صعيد السياسة الخارجية فقد نجح في إقناع موسكو لجهة التوقيع على اتفاقية خفض الأسلحة الاستراتيجية.
• الرئيس الفرنسي ساركوزي: على صعيد السياسة الداخلية, واجه خسارة كبيرة في الانتخابات المحلية, بحيث خسر حزبه 21 محلية من إجمالي 22 محلية, إضافة إلى أنه يعاني من ضغوط كبيرة لجهة القيام بإجراء تعديل وزاري جديد, وأيضا اضطر لتأجيل التوقيع على مشروع ضريبة الكربون, أما على صعيد السياسة الخارجية, فقد اضطر لأن يخضع لوجهة النظر الألمانية المتعلقة بضرورة اللجوء للتعاون مع صندوق النقد الدولي في معالجة الأزمات الاقتصادية الأوروبية, وعدم حصر المعالجة في الحلول الأوروبية وحدها, وبالتالي, فإن تراجع ساركوزي عن تشدده بضرورة الاعتماد حصرا على الحلول الأوروبية في معالجة الأزمات والمشاكل الأوروبية, هو بمثابة تراجع عن روح السياسة الخارجية الفرنسية الأوروبية والتي ظلت تؤكد بشكل دائم على ضرورة استقلالية القارة الأوروبية عن اللجوء للأطراف الخارجية وإشراكها في حل المشاكل والأزمات الأوروبية.
على خلفية المعايرة بين الوزن النسبي الكاريزمي الخاص بساركوزي, والوزن النسبي الكاريزمي الخاص بأوباما, نلاحظ أن أوباما في وضع أفضل, وبالتالي من المتوقع أن يكون قادرا على التفاهم مع ساركوزي بالمزيد من إسقاط القوة الكاريزمية الرئاسية الأميركية على القوة الكاريزمية الرئاسية الفرنسية.
جدول أعمال لقاء ساركوزي أوباما: ماذا يحمل؟
تقول المعلومات والتسريبات بأن لقاء ساركوزي-أوباما سوف ينطوي على وقائع مباراة عبر أطلسية, يحاول كل طرف فيها الحصول على التنازلات من الطرف الآخر, وذلك في المجالات الآتية:
• يسعى ساركوزي إلى إقناع أوباما بضرورة قيام واشنطن بتقديم الآتي:
- تزويد فرنسا بالقدرات العسكرية الأميركية المتطورة, وعلى وجه الخصوص تقديم منظومة تكنولوجيا التزويد بالوقود جوا بما يتيح دعم قدرات الأسطول الجوي الفرنسي.
- دعم الصناعات العسكرية الجوية والصناعات الفضائية الفرنسية.
- تخفيف القيود المفروضة بواسطة الخزانة الأميركية على الاستثمارات الأميركية في فرنسا.
- اعتماد وجهة النظر الفرنسية إزاء ملفات سلام الشرق الأوسط, حرب أفغانستان, حلف الناتو, التغيير المناخي, ملف الأزمة الاقتصادية اليونانية.
• يسعى أوباما إلى إقناع ساركوزي بضرورة قيام باريس بتقديم الآتي:!!!
- دعم المواقف الأميركية داخل المؤسسات الأوروبية, الوقوف إلى جانب أميركا في أزمة الملف النووي الإيراني, والكوري الشمالي, وحرب أفغانستان, والعراق.
- تنسيق المواقف المشتركة المتعلقة بوقوف باريس إلى جانب واشنطن في اجتماع القمة النووية العالمية الذي سوف ينعقد في العاصمة الأميركية واشنطن في يوم 14 نيسان (إبريل) 2010م القادم, وسوف تحضر الدول النووية الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي.
- الدعم الفرنسي للسياسة الخارجية الأميركية إزاء أفريقيا.
تشير التحليلات, إلى أن فرصة أوباما أكبر لجهة الحصول على المزيد من التنازلات الفرنسية, مع تقديم بعض التنازلات الأميركية لساركوزي, والذي تقول التوقعات بأنه على أتم استعداد لتقديم كل ما هو مطلوب أميركيا, مقابل أن يحصل على أي شيء, طالما أن عودته إلى باريس خالي الوفاض هذه المرة سوف تجلب عليه المزيد من الضغوط والصعوبات السياسية الداخلية.
السياسة الفرنسية: إشكالية خيار التبعية لأميركا؟
تعتبر فرنسا أحد أهم أعمدة الاتحاد الأوروبي الثلاثة, المتمثلة في مثلث باريس-برلين-لندن, فألمانيا تمثل القوة الاقتصادية, ولندن تمثل القوة الرمزية الأوروبية, وباريس تمثل القوة العسكرية الأوروبية, وقد نجحت أطراف مثلث باريس-برلين-لندن, في إقامة ما أطلق عليه الخبراء تسمية مجموعة "أوروبا-3" وهي المجموعة التي ظلت تنفرد دون سواها بالتفاهم المشترك حول بنود ملفات فرض الهيمنة على القارة الأوروبية وتكتل الاتحاد الأوروبي, وإضافة لذلك تقول المعلومات, بأن واشنطن ظلت خلال الفترة الماضية تسعى أولا وقبل كل شيء إلى التفاهم مع أطراف مثلث باريس-برلين-لندن, وكانت لندن تستجيب بشكل فوري للمطالب الأميركية, وبرلين كانت, وبرغم تحفظاتها, تستجيب بشكل كامل, أما باريس, فقد ظلت تمثل العقبة الرئيسية أمام واشنطن, وذلك بسبب الطموحات الفرنسية الساعية إلى إبعاد واشنطن عن أوروبا, بما يتيح صعود قوة النفوذ الفرنسي, كقوة رئيسية مهيمنة على القارة الأوروبية..
يعتبر الديك من بين أحد أبرز مكونات العلم الوطني الفرنسي, وعلى هذه الخلفية تقول التوقعات والمعلومات, بأن هذا الديك الفرنسي أصبح بسبب عوامل الضعف الجيو-سياسي, مطروحا لحمه, ضمن وجبة غداء العمل, فهل سيسعى الثعلب الأميركي لالتهامه, أم سوف يتريث قليلا مؤجلا الأمر إلى حين اكتمال الطبخة "وزوال الزفر"...


الجمل: قسم الدراسات والترجمة

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...