نهاية القطيعة بين الرئيس اللبناني ودمشق

07-09-2012

نهاية القطيعة بين الرئيس اللبناني ودمشق

كشف مسؤول رسمي أن رئيس الجمهورية اللبنانية ميشال سليمان التقى خلال زيارته الأخيرة لإيران، لحضور مؤتمر القمّة السادس عشر لحركة دول عدم الانحياز، رئيس الحكومة السوري وائل نادر الحلقي ووزير الخارجية السوري وليد المعلّم. اللقاء الذي امتدّ لفترة «لا بأس بها» كان «إيجابياً وهادئاً وتفصيلياً، وتخلّلته أجواء أخويّة، وكان مريحاً للطرفين». في هذا اللقاء حصل سليمان على التفسيرات التي ينتظرها من السوريين في قضية الوزير السابق ميشال سماحة وما أثير عن تورّط ضباط سوريين فيها. إلا أن الطرفين تطرّقا إلى ما هو أبعد من هذا الملف، على ما قال المسؤول.

ولا شكّ في أن لهذا اللقاء تفسيرات وتبعات سياسية واسعة. فهو بقي مكتوماً لفترة طويلة رغم أن سليمان تسلّم أخيراً مذكرة قوى 14 آذار التي تطالب بتعليق العمل بالاتفاقيات الأمنية بين البلدين وباعتبار السفير السوري في لبنان غير مرغوب فيه.
هذه المذكرة، في رأي المسؤول الرسمي، «تُحرج الرئيس سليمان لأنها مذكرة سياسيّة ليس فيها أي منطق دستوري أو قانوني. فقد كان الأجدى بأعضاء قوى 14 آذار أن يقوموا بأنفسهم بخطوات عملية لتنفيذ بنود المذكرة ومطالبهم، لا أن يرفعوها إلى رئيس الجمهورية بقصد وضعه في «خانة اليك» في مواجهة النظام السوري. وكان بإمكان موقّعي هذه المذكّرة، وهم نواب حاليون، القيام بخطوات من نوع مختلف لا تُحرج أحداً، بل تضعهم في الصف الأمامي المواجه لسوريا. غير أن هؤلاء اختاروا التهرّب من هذا الأمر لحساباتهم الشخصية في ظل الظروف السياسية الحاليّة».
وقد ألقت قوى 14 آذار كل مطالبها السياسية المناهضة لسوريا على كاهل سليمان، وطلبت منه القيام بما لم تقم به هي حين كانت في السلطة، كتعليق العمل بالاتفاقيات الأمنية الموقّعة بين البلدين وتجميد العمل بالمجلس الأعلى اللبناني ــــ السوري، واعتبار السفير السوري في لبنان شخصاً غير مرغوب فيه لأنه «يلعب أدواراً أمنية استخباراتية أكثر من مهماته الديبلوماسية، ويشرف على عمليات خطف واعتداءات وتصفيات، كما حصل في اختطاف شبلي العيسمي والإخوة الجاسم»، بحسب ما ورد في المذكرة المشار إليها.
لا يرفض المسؤول الرسمي المعني بهذا الملف أن تأخذ قوى 14 آذار خطوات في هذا المجال، لكنه لا يكتفي بالقول إن «إلغاء المعاهدات والاتفاقيات الأمنية والقضائية وسواها يجب أن يسلك مساراً واضحاً مبنياً على قواعد وأصول دستورية وقانونية». فهو يعتقد أن لكل خطوة مترتبات ميدانية؛ كان بإمكان هؤلاء أن يقدموا مشروع قانون إلى مجلس النواب يرمي إلى إلغاء المعاهدة والاتفاقيات المنبثقة عنها، ويمكنهم أيضاً دعوة المجلس الأعلى اللبناني ــــ السوري إلى الانعقاد وعرض مطالبهم على طاولة المجلس أيضاً، «لكن الذهاب في اتجاه إلغاء المعاهدة والاتفاقية من جانب واحد يعدّ عملاً عدائياً، ليس بين لبنان وسوريا فقط، بل بين كل الدول»، يقول المسؤول الرسمي.
ويذهب أبعد من ذلك مستفيضاً بعرض ما قامت به قوى 14 آذار خلال السنوات الماضية. فحينما كان سعد الحريري رئيساً للحكومة ذهب إلى سوريا والتقى الرئيس بشار الأسد، وقبلها كانت هذه القوى نفسها تتهم سوريا بأنها اغتالت الرئيس رفيق الحريري، «فلماذا لم تقم هي بالعمل على إلغاء المعاهدة والاتفاقيات، لا بل كان الوزير جان أوغاسبيان رئيساً للجنة التي عملت على تعديل الاتفاقيات!».
على أيّ حال، يعتقد المسؤول الرسمي أن هذه القوى تقف وراء الظروف الحالية في سوريا ولبنان لتبرير مواقفها، «رغم أن دخوله في هذه اللعبة يفتح المجال أمام السوريين للعب المقابل». ويستند المسؤول في كلامه هذا إلى عشرات الأحكام القضائية التي صدرت في لبنان بحق مهرّبي السلاح إلى سوريا. وبما أن المعاهدة والاتفاقية الأمنية لا تزالان قائمتين، فإن على لبنان «تطبيق الفقرتين 211 و212 من البند الثاني بعنوان «المهام» في اتفاقية الدفاع بين البلدين».
من المهام المتفق عليها: «منع أي نشاط أو عمل أو تنظيم في كل المجالات العسكرية والأمنية والسياسية والإعلامية من شأنه إلحاق الأذى أو الإساءة للبلد الآخر». أيضاً «أن يلتزم كل من الجانبين بعدم تقديم ملجأ أو تسهيل مرور أو توفير حماية للأشخاص والمنظمات الذين يعملون ضدّ أمن الدولة الأخرى، وفي حال لجوئهم إليها يلتزم البلد الآخر بالقبض عليهم وتسليمهم إلى الجانب الثاني بناءً على طلبه».
وإذا تذرّعت قوى 14 آذار بأن النظام السوري يخرق الحدود ويقصف القرى اللبنانية «فمن المفروض أن نضع حكماً بين الجانبين يكون الجيش اللبناني، وهو القادر على تطبيق كل هذه البنود».
وفي الخلاصة، يشير المسؤول إلى أن قوى 14 آذار تلحس تواقيعها. ففي 18 تموز 2010 قال رئيس الحكومة آنذاك سعد الحريري، في اجتماع هيئة التنسيق والمتابعة: «للقواعد الأساسية للعلاقات اللبنانية ــ السورية قواعد معروفة على كل المستويات. المطلوب منا جميعاً أن نحمي هذه القواعد ونعمل على تطويرها بروح المسؤولية المشتركة».

محمد وهبة

المصدر: الأخبار

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...