كونسيومر فور بيس الأميركية تقر بحق المقاومة العراقية ضد الاحتلال

19-10-2006

كونسيومر فور بيس الأميركية تقر بحق المقاومة العراقية ضد الاحتلال

أعدّت مجموعة كونسيومر فور بيس الأميركية بالتعاون مع محامين مختصين بحقوق الإنسان والقوانين الدولية الإنسانية في الولايات المتحدة، دراسة حول الانتهاكات الأميركية للقوانين الدولية لحقوق الإنسان، في العراق، منذ بدء الغزو في آذار .2003
وتشير الدراسة إلى أن الغزو والاحتلال بحد ذاتهما، أمران غير شرعيين، فضلاً عن أن التكتيكات التي تمّ تطبيقها والأسلحة التي تمّ استخدامها غير شرعية هي أيضاً. وتسجّل الدراسة الانتهاكات التي قامت بها الولايات المتحدة للقوانين الدولية والإنسانية، مطالبة بإجراء التحقيقات ومقاضاة الجناة.
تقرّ المادة رقم 13 من اتفاقية جنيف، أن أي مقاتل يحمل سلاحاً، بطريقة تلقائية، لمحاربة العدو بهدف الدفاع عن وطنه يندرج في إطار الدفاع عن النفس. وتذكر الدراسة أن بعض الأشخاص الذين يقاومون قوات الاحتلال للعراق لم يكونوا جزءاً من القوات العراقية المسلحة التي كانت موجودة قبل الغزو، ما يعني أن هؤلاء يتمتعون، كمدنيين، بحق حمل السلاح في وجه المحتل، مضيفة أن تعبير إرهابي أو متمرد، وإلصاق هذه التهمة بهم، واعتقالهم، يعني انتهاك قانون حرية الدفاع عن الوطن.
وتحاول الولايات المتحدة التملّص من قواعد الدفاع عن النفس عبر التذرع بسيادة العراق الكاملة بدليل أن له حكومة شرعية منذ حزيران 2004، الأمر الذي يتناقض على سبيل المثال، مع ما قاله الكولونيل دايفيد غراي (نيسان 2006) لا زلنا نحتفظ بكل السيطرة على محافظة كركوك.
ويؤكد التقرير أنه وفقاً لمصطلحات المادة الثانية من اتفاقية جنيف، يتبين أن تلك الاتفاقيات لا تزال فاعلة طالما هناك سيطرة جزئية أو كاملة لجيش أجنبي، وبالتالي فإن حق الدفاع عن النفس لا يزال نافذاً إلى أن يخلي الاحتلال كل قواته ويوقف كل عملياته العسكرية.
انتهاك الواجبات المنوطة بقوات الاحتلال
تحدد اتفاقية جنيف قواعد الاحتلال، والواجبات المفروضة على القوات المحتلة، أبرزها المحافظة على النظام والأمن، واحترام الحقوق الإنسانية للقاطنين في البلد المحتل.
وتنص المادة 54 من البروتوكول الإضافي للاتفاقية على أنه يحظر الهجوم أو تدمير أو نقل الأشياء الأساسية لحياة المدني، كحاجيات الغذاء، والمناطق الزراعية، وإمدادات مياه الشفة والري. ومع ذلك يعدد المبعوث التابع للأمم المتحدة حول الحق بالغذاء جان زيغلر أن هذه المادة انتهكت في تلعفر والفلوجة مثلاً، فضلاً عن الأضرار التي أُلحقت بإمدادات المياه والمناطق الزراعية، منذ بدء الغزو.
أما الانتهاكات الأكثر فظاعة التي قامت بها الولايات المتحدة كانت بحق المستشفيات والمنشآت الطبية وأطقمها البشرية والآلية ومعداتها، ما اضطر منظمة الأمم المتحدة إلى إصدار قرار في العام 2005 يحظر العمليات العسكرية الموجّهة ضد البنى الطبية.
فهناك انتهاك مباشر وخطير للقانون الإنساني وفق اتفاقية جنيف التي تحظر في موادها 18 و23 و55 والمادة 54 من البروتوكول الإضافي الأول الهجوم على أي منشأة طبية أو حرمان المدنيين عمداً من الغذاء والماء والإمدادات الطبية.
ويذكر التقرير أن الولايات المتحدة حرمت أعداداً كبيرة من العراقيين من الحق في الحياة، مشيراً إلى دراسة جامعة جون هوبكينز التي تحدّثت عن وفاة ما يزيد عن 655 ألف شخص كنتيجة مباشرة وغير مباشرة للغزو.
ويقول القادة الأميركيون إنهم لا يقومون بأعمال تسجيل أعداد القتلى، فيما تشير المادة 16 من اتفاقية جنيف إلى أنه من واجبات قوات الاحتلال تقديم البيانات بأعداد القتلى المدنيين.
وتتابع الدراسة أنه في محاولة منها لإنهاء العنف، أقرّت القوات الأميركية بعض التكتيكات العسكرية التي أفسحت المجال أمام الجنود للإساءة إلى المدنيين العراقيين، بما في ذلك عمليات القتل المتعمّد والإعدام والمجازر في حديثة (2005) والحمدانية (2006) وقرية أبو سيفا (آذار 2006)، والخطف تحت ذرائع واهية.
يقول جندي في شمالي العراق إن أحد التكتيكات المتبعة من قبل القوات الأميركية هي قصف أي منزل يلتجئ إليه أي فارّ، واصفاً التكتيك بالمؤلم. ومع ذلك فإن الجنرال الأميركي مايكل هاجي يزعم أن القوات تستخدم النار بشكل مبرر وشرعي.
وتشير تقارير إعلامية ميدانية، وشهود عيان إلى أن القوات الأميركية تقصف كل ما تشتبه به من دون أن تتأكد من صحة شبهاتها، حتى ولو كان المشتبه به مختبئاً في مبنى مكتظ، فيتذرّع مدير مركز الإعلام في قوات التحالف باري جونسون أن قصفهم مبرر لأن المتمردين يستخدمون المدنيين كدروع بشرية.
ويتناول التقرير العمليات الأميركية لاعتقال المدنيين من دون محاكمتهم، وتوقيفهم مدداً طويلة من دون مبرر، ناهيك عن أساليب التعذيب التي تندرج في إطار جرائم الحرب، بحسب اتفاقية جنيف، مؤكداً أن غالبية المعتقلين لا يرتبطون بالأعمال المعادية لقوات التحالف، ما يجعل اعتقالهم غير شرعي، ويفيد الصليب الأحمر أن 70 إلى 90 في المئة من المعتقلين كانوا أبرياء من أي جريمة عسكرية أو مدنية.
انتهاكات ضد مناطق سكانية مأهولة
أعنف الاعتداءات على العراق كانت في الفلوجة، وقد تناولها التقرير بشكل مفصل، لأنها تعتبر منطقة تشمل الكثير من الانتهاكات القانونية لاتفاقية جنيف. وأكد قادة عسكريون في المنطقة أن قرار الهجوم على المدينة ومن ثم وقف العمليات تمّ اتخاذه على مستوى عالٍ في الإدارة الأميركية والبيت الأبيض.
تحتاج عملية فرض القوانين الدولية حول الانتهاكات الأميركية في العراق لأدلة حول جرائم محددة ومجرمي حرب محددين، وشهود عيان، وشهود انتُهكت حقوقهم بالفعل، وتحديد أسماء الضباط والقادة العسكريين الذين أطلقوا أوامر استخدام الأسلحة المحظورة أو وضعوا التكتيكات العسكرية التي تنتهك القوانين الدولية.
بعض هذه الأدلة متواجدة في التقارير الرسمية أو الدولية، أو في التقارير الإعلامية، وفي الصور، وفي الخطط العسكرية التي وضعت قبل تنفيذ الهجمات، والتقارير الصادرة بعدها، وحتى في الوثائق المحفوظة في وزارة الدفاع الأميركية. وقد تكون اعترافات الموظفين الأميركيين من أبرز الأدلة التي يمكن الاعتماد عليها.
ويعرض التقرير ثلاثة خيارات تساعد على تطبيق القوانين الدولية وتحميل الجناة مسؤولية أفعالهم. أولها، تطبيق قانون الجرائم الدولية الأميركي الصادر في العام .1996 والذي يعتبر أن كل انتهاك لمواد اتفاقية جنيف، هو جريمة حرب، مضيفاً أن انتهاك معاهدة لاهاي واستخدام بعض أنواع الأسلحة كالألغام أو الأسلحة المحظورة بموجب المعاهدات الدولية، يعتبران أيضاً جرائم حرب.
والخيار الثاني هو تطبيق ما تنص عليه اتفاقية جنيف، ولا سيما المادة التي تقول إن على جميع الدول الموقعة على الاتفاقية أن تبحث عن مرتكبي الجرائم لتقديمهم إلى المحاكمة، كما يحظر على أي دولة أن تغفر لنفسها أو لمواطنيها أو لدولة أخرى في حال انتهاك أي من مواد اتفاقية جنيف.
ووفقاً لهذه المادة، يحق لأي دولة وقعت على الاتفاقية أن تقدّم مرتكبي جرائم الحرب الأميركيين إلى المحاكمة. ولكن الولايات المتحدة، حتى قبل أن تغزو العراق، قامت بحماية نفسها ومواطنيها من اتهامات محتملة بارتكاب جرائم حرب، عبر توقيع اتفاقيات ثنائية مع بعض الدول، تمنعها من تقديم الأميركيين إلى المحاكمة، وهو ما يصفه التقرير بأنه تقييد للقوانين الإنسانية الدولية.
أما الخيار الثالث الذي يطرحه التقرير فهو إنشاء لجنة للحقيقة والمصالحة، كتلك التي استخدمت في رواندا، للاستماع إلى الجرائم والانتهاكات التي حصلت في العراق، ثم استخدام هذه الشهادات كمراجع للمحاكم، في حال حصلت على اعترافات من القادة والجنود، على أن يتم استخدامها في إطار آليات الخيارين السابقين.

جنان جمعاوي

المصدر: السفير

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...