علاء الدين كوكش: «أهل الراية» نظرة الى البطل الشعبي

28-02-2008

علاء الدين كوكش: «أهل الراية» نظرة الى البطل الشعبي

يعتبر المخرج علاء الدين كوكش، وهو من رواد الدراما السورية، إنه نظراً للظروف الانتاجية الجعلاء الدين كوكش يوجّه ممثليهديدة التي باتت تتحكم بـ «مصائر أبطالنا وأعمالنا»، سيغدو صعباً، بل مستحيلاً، العودة بالزمن إلى الوراء من أجل التحضير مثلاً لمسلسل عرفه السوريون جميعاً واحتفوا به على الدوام يوم كان التلفزيون «يختال» بالأسود والأبيض في بعض البيوت الشامية.

كان هذا المسلسل الذي حمل اسم «أسعد الوراق» بمثابة اضاءة درامية بالغة الدلالة في تلك الأيام، أما الزمن الحاضر بكل امكاناته التقنية فلا يبدو قادراً على اعادة انتاج «أسعد» جديد بمواصفات وقيم جديدة. «نحن الآن نشحن طاقاتنا وقوانا من أجل الموسم الدرامي المعهود في شهر رمضان، وبتنا نفتقد في هذه الزحمة الدرامية عملاً من سبع حلقات كما هو حال «أسعد الوراق»، أو حتى من ثلاث حلقات يمكن أن تشكل كأفلام تلفزيونية إضافة لنا تجعلنا نلتفت إلى الجوانب الفنية باستغراق أكبر»، يقول كوكش: «نحن محرومون من هذه الفسحات الدرامية المتأملة، فما من شركات تقبل بإنتاج مسلسل أقل من ثلاثين حلقة، لأن عجلة الانتاج لن تدور من أجل فيلم تلفزيوني يمكن أن يشكل استراحة المحارب لهذا المخرج أو ذاك».

وكوكش الذي يواصل تصوير بعض مشاهد مسلسله الجديد «أهل الراية» في «بيت نظام» الدمشقي المعروف، كان يقبع خلف «المونيتور» يعطي تعليماته في مشهد يضم النجمة السورية كاريس بشار التي تمثل دور زوجة (الآغا) - يؤدي دوره النجم السوري جمال سليمان -، الذي تتوفى زوجته أثناء الولادة، فيضطر الى الاقتران من جديد بغية تربية الوليد، ومواصلة الحياة. ويبدو واضحاً أن هذا المشهد الذي يديره كوكش يمثل نقطة مهمة على صعيد تطور العلاقة بين ابنة الآغا الشابة قطر الندى ( تؤدي الدور الممثلة السورية الصاعدة تاج حيدر) بحضور جدتها (هدى شعراوي) والزوجة الجديدة.

وعلى رغم زحمة التصوير، لم يكن توجيه الأسئلة إلى كوكش بين اللقطة واللقطة يسبب له مشكلة من أي نوع. فبالنظر إلى خبرته ومراسه الطويلين في عالم الاخراج التلفزيوني كان يحرص على أن يجيب على الأسئلة، من دون أن يغفل عن الإحاطة بأدق تفاصيل كادراته.

ويعزو كوكش سبب تغيير اسم المسلسل من «أيام ساروجة» إلى «أهل الراية» الى «خشية فريق العمل من أن تتم المقارنة مع حي ساروجة الدمشقي المعروف. صحيح أن العمل يبدأ من أرضية واقعية في حي شامي شعبي، ولكننا ننطلق من حكاية شعبية محلقة في عوالم الخيال والموروث الشعبيين. والناس يرون في هذا عالماً موازياً لعالم الحارة والخيال الشعبي الذي يعني هنا الحديث عن المثل والقيم والأخلاق والرجولة».

وفي تعليقه على هذه النوعية من الأعمال، وعما اذا كانت تشكل في محتواها حنيناً لزمن مفقود لا يستعاد، يقول: «باعتباري شاركت في إخراج مسلسل «باب الحارة»، وبعد النجاح الذي شكله هذا المسلسل في جزئه الثاني، فإنني أرى بالفعل أن هذه النوعية تعزف على وتر الحنين المفقود عند الناس لأزمنة ولت، ولم يعد بالامكان استعادتها إلا عبر تقديمها لهم على الشاشة الصغيرة. وهو بالطبع عالم يحنون إليه من دون أن يعني ذلك تقديمه لهم كديكور عن قيم معينة كانت موجودة في هذا العالم».

ورداً على سؤال حول ما إذا كان تغيير اسم المسلسل يشكل نوعاً من الهروب من تقديمه كديكور عن عالم لم يعد متاحاً كما يقول، يجيب: «ربما لا تشكل كلمة هروب الكلمة المناسبة، ولكن هي محاولة لمنح هذا العمل امكانية فهمه بعيداً من الأعمال الشامية الأخرى التي تعبر بطريقتها عن الحارة الشعبية. نحن نبدأ في عملنا من حارة دمشقية تفسح مجالاً كبيراً للخيال الشعبي بأن يقوم بدوره المطلوب بعيداً من الواقعية الفوتوغرافية».

ويضيف: «أهل الراية هم اولئك الذين يحملون راية الحق والعدل والمثل العليا. والراية ترتبط ارتباطاً وثيقاً بالموروث الشعبي الاسلامي، ويطلق على حملتها من المسلمين اسم أهل الراية الذين فتحوا البلاد وبشروا بتعاليم الدين الحنيف».

وعما يتردد دائماً من ان الأعمال الشامية تغرق اكثر فأكثر في الفولكلور يقول: «أعتقد بأن أهم ما يمكن أن تقدمه الأعمال الشامية هو تصوير البيئة بصدق، مع ما يعني ذلك من معالجة لمشكلاتها، وهي هنا تمس غالبية فئات المجتمع. صحيح أن الجيل الجديد لم يعش هذه البيئة ويتعرف إليها إلا من خلال حكايات الكبار، إلا أنه يجد فيها عالماً محبباً قريباً منه. وهي عندما تجسد على الشاشة، تشكل بالنسبة إليه تواصلاً مع بيئة مغرقة في القدم لم تعد موجودة بيننا الآن».

ويتابع كوكش الحديث عن «أهل الراية» فيقول: «هناك محاور مهمة في هذا المسلسل، ولكن ما يمكنني الحديث عنه الآن محوران أساسيان: محور زوجة الأب، وهي الحالة التي انبنى عليها تراث شعبي في الأعمال العالمية كما هو حال «سندريلا»، وتنسج من حولها أساطير وحكايات زاخرة بالتشويق. وثمة خط ثان، يتمثل في كيفية ولادة البطل الشعبي، وهو في الأساس لم يكن بطلاً، ولكن بما أن الظلم سيقع عليه وعلى والدته فإنه سيكون مضطراً لأن يثور بالتدريج ثأراً لكرامتهما، وهذا ما اسميه ولادة البطل الملتصق بوجدان الحي الشعبي نفسه».

وينفي كوكش أن تكون ولادة البطل الشعبي في «أهل الراية» قريبة الشبه بالبطل الشعبي على الطريقة المصرية، إذ لا يرى «تمصيراً» لحالته ويقول: «البطل الشعبي بهذه الصيغة موجود عند كل الشعوب، وهو يبدأ من انسان عادي، لكن الظروف التي تحيط به تخلق منه بطلاً».

يذكر ان المسلسل من إنتاج شركة سورية الدولية، وتشارك فيه مجموعة من نجوم الدراما السورية، مثل جمال سليمان ورفيق سبيعي وخالد تاجا وعبدالرحمن آل رشي وقصي خولي وحسام تحسين بك وكاريس بشار وتاج حيدر ويارا صبري وسمر سامي.

فجر يعقوب

المصدر: الحياة

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...