صفقة غاز أردنية ـ إسرائيلية: استيراد 45 مليار متر مكعب بـ15 مليار دولار

04-09-2014

صفقة غاز أردنية ـ إسرائيلية: استيراد 45 مليار متر مكعب بـ15 مليار دولار

وقعت إسرائيل أمس، على مذكرة تفاهم لبيع الأردن غازاً طبيعياً من حقل «لفيتان» على مدى 15 عاماً بقيمة تتراوح بين 15 و18 مليار دولار. ويعتبر هذا هو الاتفاق الثاني لبيع الغاز للأردن والاتفاق الخامس مع دولة عربية بعدما كانت ثلاث اتفاقيات أخرى قد أبرمت مع مصر والسلطة الفلسطينية. ويشكل هذا الاتفاق تأكيداً للإستراتيجية الأميركية الرامية إلى خلق مصالح اقتصادية بين إسرائيل والدول العربية، على أمل أن يسهم ذلك في تسهيل التوصل مستقبلاً لاتفاقيات سياسية.
وقد وقع ممثلو شراكة «لفيتان» («نوبل إنرجي» الأميركية و«ديلك» الإسرائيلية) في عمان أمس، مع ممثلي شركة الكهرباء الأردنية على مذكرة التفاهم الجديدة لبيع الأردن 45 مليار متر مكعب من الغاز على مدى الـ15 عاماً المقبلة.
وتتوقع محافل إسرائيلية أن يتم التوقيع النهائي على هذه الصفقة خلال الشهور القليلة المقبلة. وقد هنأ وزير البنى القومية والطاقة والمياه سيلفان شالوم الإسرائيليين على إنجاز هذا الاتفاق، معتبراً إياه «عملاً تاريخياً سيعزز العلاقات الاقتصادية والسياسية بين إسرائيل والأردن. في مثل هذه المرحلة تتحول إسرائيل إلى قوة عظمى للطاقة توفر احتياجات جيرانها وتعزز مكانتها كعامل مركزي في تزويد الطاقة في المنطقة».
وبرغم أن الاتفاق اقتصادي الطابع، إلا أنه لم يتم التوصل إليه إلا بعد لقاءات ومداولات مكثفة بين الحكومتين الإسرائيلية والأردنية. ويمتد هذا الاتفاق مع الأردن على مدى 15 عاماً بكمية تبلغ سنوياً ما بين ثلاثة وأربعة مليار متر مكعب. وبحسب تقديرات المحللين فإن الأردن سيشتري الغاز بسعر أولي يبلغ سبعة دولارات للوحدة الحرارية، وهو أعلى بحوالي الثلث من سعر الغاز الذي باعه حقل «تمار» لشركة الكهرباء الإسرائيلية.
ولغرض إتمام الصفقة كانت شركة «نوبل إنرجي» الأميركية قررت إنشاء شركة تسويق أميركية جديدة تمثل شراكة «لفيتان» باسم «أن. بي أل. إيسترن ميديتيرانيان ماركيتينغ»، ويشبه العقد الجديد عقداً كانت شراكة حقل «تمار» قد أبرمته مع شركتي البوتاس الأردنيتين «جوردان بروماين» و«آراب بوتاس» العاملتين على الشاطئ الشرقي للبحر الميت بقيمة نصف مليار دولار. وسيصل الغاز من حقل «تمار» إلى الأردن في مطلع العام 2016 بعد إتمام إنشاء الأنبوب.
ويشكل شراء الأردن هذه الكمية من الغاز الطبيعي حلاً لمشكلات عويصة يعاني منها قطاع الطاقة، خصوصاً بعد مشاكل تزويد الغاز المصري.
ويحتاج الأردن إلى 4.5 مليارات متر مكعب من الغاز سنوياً كانت تصله منها 2.5 مليار متر مكعب من مصر عبر أنبوب الغاز العربي. لكن تضاؤل إنتاج الغاز في مصر أوقف بشكل شبه تام وصول الغاز إلى الأردن الذي يعاني أيضاً من تقليص إمداده بالكهرباء من مصر.
ويعتبر قطاع الكهرباء بين أشد القطاعات الاقتصادية في الأردن تضرراً لأنه يلامس حياة عموم الأردنيين في ظل خشية رسمية من رفع سعر الكهرباء للمستهلكين. ومعروف أن الأردن يجري اتصالات لجلب الغاز من العراق، فضلاً عن جهود كبيرة للتنقيب عن الغاز والنفط في الأردن والتي لم تثمر حتى الآن.
ولكن يواجه الأردن حالياً مشكلة جوهرية أساسها أن الغاز الإسرائيلي من حقل «لفيتان» لن يبدأ الوصول قبل العام 2018 وبعد إزالة كل العراقيل التي تعترض تطوير هذا الحقل وتسهيل تصدير إنتاجه. وقد تأجل تطوير الحقل عاماً كاملاً بسبب الشكوك التي أحاطت بالاستثمار في تطويره جراء الخلافات حول نسبة التصدير منه. وكانت الحكومة الإسرائيلية قد قررت السماح بتصدير 40 في المئة فقط من إنتاج حقل «لفيتان» والاحتفاظ بالنسبة الباقية للاقتصاد الإسرائيلي.
ويعتبر الاتفاق الجديد مع الأردن، كما سلف، الاتفاق الخامس مع الدول العربية بعد اتفاق سابق مع الأردن وآخر مع شركة الكهرباء الفلسطينية التابعة للسلطة واتفاقين مع شركتين أجنبيتين عاملتين في مصر، «بريتيش غاز» و«يونيون فينوسا». ويعتبر الاتفاق مع شركة الكهرباء الأردنية ثالث أكبر اتفاق بعد اتفاق مع «بريتيش غاز» بتزويدها بـ105 مليارات متر مكعب، و«يونيون فينوسا» بـ70 مليار متر مكعب من الغاز على مدى الـ15 سنة المقبلة. وتتراوح قيمة العقدين مع الشركتين الأجنبيتين في مصر، اللتين تملكان محطات تسييل غاز في مصر، حوالي 50 مليار دولار.
وقد سهل إبرام اتفاقيات لتصدير الغاز من حقل «لفيتان» إلى الدول العربية القريبة مشاكل كبيرة كادت تدفع إسرائيل إلى بيع حصة كبيرة من الحقل لشركة أسترالية أو حتى لشركة روسية أو لطرح مشاريع استثمارية مكلفة مع كل من قبرص واليونان أو حتى تركيا. فتصدير الغاز إلى مصر يحتاج إلى استثمارات كبيرة لمد أنابيب في البحر، وكذا الحال مع السلطة الفلسطينية والأردن القريبتين من خطوط الغاز البرية الإسرائيلية.
وفي كل حال، فإن الصفقة الأكبر، وهي مع «بريتيش غاز» التي تملك حقوق امتياز في حقل «مارين غزة» البحري، تفتح الباب واسعاً أمام شراكة «لفيتان» للحصول بنفسها على قروض من مصارف لتطوير الحقل.
وتشير التقديرات الأولية إلى أن تطوير المرحلة الأولى من الحقل يحتاج إلى خمسة مليارات دولار، وأن القرض سيتم التوقيع عليه نهاية العام الحالي.
تجدر الإشارة إلى أن المفاوضات في شأن هذا الاتفاق كانت قد انتهت قبل حوالي شهر، لكن الحرب الإسرائيلية على غزة عرقلت الإعلان عن الاتفاق. وبديهي أن للاتفاق آثاراً سياسية إقليمية مهمة خصوصاً في ظل الأحاديث الكثيرة في السابق عن اهتمام تركي بشراء الغاز الإسرائيلي وميل إسرائيل إلى بيع الغاز لـ«الدول العربية المعتدلة» في إطار ما كثر الحديث عنه وهو «الوضع الإقليمي» المختلف.

حلمي موسى

المصدر: السفير

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...