سعاد جروس: الساطور الأحمر والباشق الغضنفر

11-08-2007

سعاد جروس: الساطور الأحمر والباشق الغضنفر

الجمل- سعاد جروس: لطالما كرهت العبارة الجاهزة «سأكون محامياً للشيطان», لأن الشيطان لديه من الذكاء ما يغنيه عن محامين من الأخيار والأبرار. هذه المقولة التي باتت من لوازم موجة حوارات الاتجاه المعاكس, تفرض نفسها وسوف نضطر لاستخدامها إزاء تصريحات نقيب الفنانين السوريين بخصوص تبرير قراره منع هيفاء وروبي من إقامة حفلات في سوريا, وعلى الرغم من عدم قناعتي ولا إعجابي ­وهذا رأي شخصي ­ بما تقدمه من مغنى هيفاء وشقيقاتها ومشتقاتها من فصيلة «هزّ العرب بلا طرب». فقول السيد النقيب إنه اتخذ قراره «للحد من التلوث الأخلاقي الذي يسببه الغناء الذي ينتمي إلى العري أكثر من انتمائه لفن الغناء» ينكأ قروح العفة الزائفة التي تتبرج بها مجتمعاتنا نهاراً وتفضح عرضها ليلاً.
وليس خافياً أن منطقتنا العربية ­ وليس فقط سوريا ­صارت في مقدمة بلدان السياحة الجنسية, هذا إذا لم نتكلم عما تنتجه «كراجاتنا» من كليبات وألبومات أغان لو قلنا هابطة نعطيها مرتبة رفيعة, لأنها في حقيقتها كاتالوغات لبنات لا يعرف سبب ظهورهن في الكليب, فهن لا راقصات ولا عارضات ولا حتى حسناوات, وإنما بنات يتمايلن ويتخلعن فحسب, ويعرضن على شاشات بورصات الأغاني العربية, كمنتج سوري لا يخجل من إعلان هويته.
هذه الكليبات ­للعلم ­ مطروشة في التلفزيونات وعلى الأرصفة بأسعار تشجيعية للغاية!! فعن أي تلوث أخلاقي يتحدث السيد النقيب, ولماذا لا يعمل سيف الباشق البتار في تنظيف هذا الوباء المستفحل في سوق الفن السوري, الذي بات وكأنه متخصص بإنتاج التفاهة وتصديرها؟!
وإذا قسنا نسبة التلوث الذي تسببه هيفاء إلى نسبة التلوث البصري والأخلاقي والفني بما تنتجه كراجاتنا, لمنحت هيفاء لقب الأم تريزا. فعلى الأقل الكليب الذي تنتجه مشغول بفنية بصرية وجمالية مدروسة كادت أن تكلف هيفاء حياتها. نرجو ألا يفهم من هذا الكلام أنه دفاع عن هيفاء ومشتقاتها أو على الأقل انحراف عن المقصود, لكنه مدخل لرفض الوصاية على ذائقة الجمهور, وبالتالي نرفض المنع بحجج وذرائع سواء كانت مقنعة أو غير مقنعة. فإذا منعت حفلات هيفاء في سوريا, هل يمنع ذلك جمهورها السوري من متابعتها في التلفزيون أو شراء ألبوماتها!!
وفيما لو كانت هناك أسباب أخرى للمنع, لا يمكن التصريح بها, فأضعف الإيمان أن يتم الأمر على الساكت كما جرى ويجري مع العديد غيرها من الفنانين والفنانات وتفادي أتون الشرشحة الإعلامية, اللهم إلا إذا كانت هذه الشرشحة هي الغاية.
وفي حال كنا متضررين من التلوث الأخلاقي والتعري, لماذا لا تُدعم الأغنية السورية, ولماذا لم يفلح مهرجان الأغنية الطويل العريض بـ«ميزانية قد الجبل», في تصدير نجوم شباب إلى العالم العربي, بما يغنيهم عن العبور الإلزامي إلى سماء الفن من خلال برامج المسابقات وشركات الإنتاج الفني في لبنان ومصر؟ فهل من المعقول أن سوريا بلد صباح فخري وفايزة أحمد وميادة حناوي وأصالة نصري وميادة بسيليس... والعديد من الفرق الشبابية المميزة, عاجزة عن إنشاء شركات إنتاج تعنى بالغناء بما يمثله من مورد اقتصادي وإعلامي ودعائي مؤثر تتسابق حتى أشد الدول العربية تزمتاً للاستثمار فيه!! من دون أن تعني هذه الدعوة التهافت على إنتاج الرداءة, وإنما المبادرة لتقديم نماذج تساعد على الارتقاء بالذائقة الفنية الجماهيرية.
لا داعي هنا للتذكير بما حققته الدراما السورية عربياً. كما لا داعي للتذكير بأن التربية الفنية تبدأ من الطفولة, وأن حصص الموسيقى في المدارس, ليست سوى وقت فراغ, يتنازع عليه مدرسو المواد العلمية لتعويض تقصيرهم في إنهاء المناهج الدراسية, وأن الغالبية العظمى من شبابنا يعانون أمية موسيقية وفنية مخجلة, تجعلهم لا يميزون بين الزمر والناي وحتى بين الطبل والبيانو. وهنا أذكر ما قالته سيدة سورية تعيش في روسيا, حرصت على تعليم أطفالها عزف الكمان والبيانو, بأن هذا ضروري حتى لو كان مكلف مادياً, فطالما لن تكون قادرة على منعهم حين يكبرون من المتابعة أو التعرض لتأثير الأغاني الهابطة, فعلى الأقل تعرفهم على الموسيقى الراقية كي يتمكنوا من تمييزها.
من نافل القول, إن مكافحة التردي لا تكون بالمنع, ولا بفرض الوصاية, وإنما التعريف بالفن الرفيع والمقدرة على تذوقه, فأم كلثوم عندما ظهرت في سماء مصر كان هناك العشرات من المغنيات الهابطات واللواتي أهملهن تاريخ الفن, وبالكاد نعثر على من يذكر شيئاً عنهن. وبالمقارنة بين ذاك وهذا الزمن نلاحظ أن الظرف يكاد يتشابه, فالانحطاط كان بمثابة الدهليز الذي لا بد للمجتمعات التي عانت ويلات الحروب من تجاوزه للوصول إلى مرحلة النهوض, وقد شهدت المجتمعات العربية طوراً من النهوض للأسف لم يكتب له الاستمرار, ودخلت بعده عصر الحروب الاميركية على الإرهاب, التي لم تُبقِ في منطقتنا حجراً على حجر, وضاعت القيم واختلطت المفاهيم على نحو جعل من هيفاء وروبي وكل الجميلات قدوة فاتنة لأخلاق العرب, لا يزعجن إلا الساطور الأحمر الباشق الغضنفر الذي لم تؤثر فيه سيديات «حرب الزمر الانشطارية» المتربعة على عرش الفن الموسيقي السوري.

بالاتفاق مع الكفاح العربي

إلى الندوة

التعليقات

والله و بكسر الهاء هالكلام صحيح و ياريت السيد الساطور الأحمر يهتم بشؤون الفنانين السوريين و يعطيهم بعض حقوقهم من ضمان صحي و تأمين على الحياة (من الأدوار الخطرة)أحسن من هالكلام و ماني عارف شو بدو بهيفاء وهبي و الاّ غيرهم, ياعمي اتركو الناس تفرفش شي شوي من الهم و الغم يلي عايشي فيه و بالنتيجة كل واحد بياخد يلي بيناسبو فكل ممنوع مرغوب فما بالك بهيفاء وهبي؟؟؟؟؟؟ اعرف انه رد غليظ بس و الله أنا متابع لأغلب كتاباتك سيدتي سعاد جروس بس هيك طلع معي و سامحيني لأنو نحن من بلد وحدة **** فلازم نتحمل بعضنا و شكرا"

كالعادة، كل مقال يعقب بتوقيع سعاد جروس، لا يشابه أكوام المقالات التي ترمى علينا في الصحافة كل يوم، اسمها يجعلنا في ترقب وانتظار لما سنقرأ، ولا يخيب الظن

الخوف بعد فترة أن لا يقف حد المنع عند ما سمي ظاهرة التعري الثقافي بل يصل الأمر لمنع الغناء بحد ذاته لأنه ظاهرة قد تزعج آذان الغضنفر وتغطي على زئيره. المشكلة بان هناك أشخاص لا يعيشون بيننا وكأنهم قدموا من المريخ.. فلا تزعجي نفسك سيدتي في دفعهم فهم ليسوا هنا ولا هناك

أقرأ ما تكتبي بكل تقدير وفهم . . . . وحب ايضا قلمك رائع نرجو أن يسمع الغضنفر المشفر ما تقوليه عله يفهم جيدا مع احترامي لفهمه إلا فيما يتعلق بمنعه هيفا مع أني لست من معجبي هيفا لا فنا ولا جتى جسدا . . . ولست من معجبيها جسدا بالرغم من جمالها الذي لاينكر. شكرا لك يا ايتها السعاد

.... .... أن تكتب تحقيقآ (صحفيآ) هذا إذا كان تحقيقآ صحفيآ؟ ولكن ياسيد كاتب المقال على مبدأ صحافة (الشوارع) والفضائح الصفراء خاوية الأفكار والمضمون والتي تلهث فقط وراء أخبار(خبطة) تافهة كتفاهة الصحفي الذي يدعي النزاهة ولايحترم أفكار القراء غير المضطلعين محاولآ أن يجعل من( الحبة قبة) لغاية في نفس يعقوب؟ أو عدم القدرة لعدم توافر الخبرة على كتابة تحقيق صحفي يليق بهذا الموقع الكريم (..) إذا كانت الصحافة بهذا (الهبوط) اللغوي بالتطاول على إنسان غير فاسد في هذا البلد مثل (صباح عبيد) مع أن الجميع (يردَح ويطبل ويزَمر) بمكافحة الفساد..؟!! وعند إضاءة شمعة في الظلام تبدأ الخفافيش التي تدعي بأنها صحافية..والله أعلم؟ إما بالهروب إلى الأمام وبالتطاول على أي إنسان صادق ,بكلمات (السم الأصفر) في(محاولة) لتلويث سمعة إنسان شريف..وطني..يريد الخير لهذا الوطن , والألف ميل للإصلاح تبدأ بخطوة وقد خطاها الفنان العربي الكبير صباح عبيد,وذلك بمنع بعض أرانب العولمة (الصهيوأميركية) من المغنيات (الغانيات)المتمرسات في خلع الثياب الداخلية وحتى نزع ورقة التوت بمساعدة ودعم (القَوادين) في مواخير الأمراء والملوك وذلك بتعاطف من بعض المتطفلين على(الصحافة)و الإعلام في غفلة من الزمن واللاهثين وراء (البروَزة )والشهرة بأي ثمن ولو على حساب الشرف الصحفي!! يرجى النشر,وشكرآ. فيصل عبيد

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...