ساحة أنابوليس: طبيعة المعركة والتأسيس لواقع جديد

27-11-2007

ساحة أنابوليس: طبيعة المعركة والتأسيس لواقع جديد

الجمل: سوف تشارك سوريا في مؤتمر سلام أنابوليس بوفد يترأسه السيد فيصل المقداد نائب وزير الخارجية السوري، وتقول المعلومات الصحفية بأن الرئيس جورج بوش ووزيرة خارجيته كوندوليزا رايس سوف لن يتطرق لملف الجولان السوري وسوف تتاح الفرصة لرئيس الوفد السوري لكي يتحدث حول الملف فقط.
* ساحة أنابوليس: طبيعة المواجهة:
المواجهات العسكرية في الصراع العربي – الإسرائيلي تتم في ساحة القتال في الشرق الأوسط، أما المواجهات الدبلوماسية في هذا الصراع فقد ظلت تتم في الولايات المتحدة ما عدا مؤتمر مدريد واتفاق أوسلو.
الساحة الأمريكية لا يمكن اعتبارها ساحة محايدة بل هي بالأساس "بيت الذئب" الإسرائيلي، وقد نجحت إسرائيل والولايات المتحدة من قبل في استدراج أنور السادات إلى هذا البيت، وكانت النتيجة كارثة كامب ديفيد، والآن تم استدراج العرب إلى هذا البيت مرة أخرى، وإلى حين انعقاد المؤتمر تظل الأحكام النهائية معلقة إلا من بعض التكهنات.
* اللوبي الإسرائيلي وترتيب المسرح:
ظلت عناصر اللوبي الإسرائيلي المعنية بالصراع العربي – الإسرائيلي خلال الشهر الماضي والحالي في حالة انشغال وانهماك كامل، بدليل الانخفاض الكبير في عدد المقالات والتحليلات التي كانت "نخبة" اللوبي الإسرائيلي من اليهود الأمريكيين تقوم بنشرها على موقع معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى. وقد انحسرت خلال هذه الفترة تحليلات اليهودي الأمريكي ديفيد ماكوفيسكي خبير عملية سلام الشرق الأوسط، وروبرت ساتلوف المدير التنفيذي للمعهد، ودنيس روس مبعوث السلام السابق في الشرق الأوسط.
أبرز التلميحات التي وردت حول طبيعة مؤتمر أنابوليس للسلام، وردت في ورقة الرصد السياسي رقم 1308 التي نشرها معهد واشنطن، وتضمنت الإشارة إلى ما هو مطلوب من مؤتمر أنابوليس الإجابة عليه:
• الإستراتيجية: الواقع القائم بين الفلسطينيين والإسرائيليين يستند على خارطة الطريق والقضايا المتعلقة بملف القدس، وملف الأراضي الفلسطينية، وملف الأمن، وملف عودة اللاجئين. وتحاول الإدارة الأمريكية ومن ورائها إسرائيل واللوبي الإسرائيلي الدفع باتجاه تأسيس ما أطلق عليه اليهودي الأمريكي روبرت ساتلوف تسمية "الواقع الجديد"، وحتى الآن لم يتم التطرق إلى تفاصيل هذا الواقع الجديد، الذي يهدد المؤتمر بدفع الأطراف العربية إلى قبول اعتماده كـ"بديل" عن خارطة الطريق.
• المفهوم: المفهوم السائد هو إقامة دولة فلسطينية ودولة إسرائيلية على أساس اعتبارات مفهوم إقامة الدولتين، وتحاول إسرائيل وجماعات اللوبي الإسرائيلي استخدام بعض المفاهيم الإضافية من أجل دفع العرب باتجاه "الانزلاق" نحو مفهوم آخر يتميز بالغموض الشديد، وفي هذا الصدد تقول ورقة الرصد السياسي بأن إقامة الدولة الفلسطينية يهدف إلى ضمان الأمن والاستقرار والمصداقية في تولي مسؤولية حكم القانون، ولكن التطورات الجارية في الأراضي الفلسطينية –برأي خبراء اللوبي الإسرائيلي- تشير إلى انتشار الفساد، وسيطرة الجماعات المسلحة، وتفوّق نفوذ المليشيات والفصائل، وما يبدو واضحاً، أن هذا المنطق يمهد لوصف الأطراف الفلسطينية بعدم المسؤولية والمصداقية في تحقيق الأمن، بشكل يؤدي إلى إسقاط مفهوم الشراكة الإسرائيلية – الفلسطينية من أجل السلام وإعطاء إسرائيل الحق في التأكيد على ذريعة "عدم وجود طرف فلسطيني مؤهل للمشاركة"، وبالتالي تمضي الحكومة الإسرائيلية قدماً في مشروع ما عرف بـ"خيار أولمرت: العمل من طرف واحد"، وهو مشروع يهدف إلى إعلان إسرائيل للضم النهائي للضفة الغربية وقطاع غزة.
• الأمن: وفي هذا الجانب تقول ورقة الرصد السياسي التي أصدرها معهد واشنطن بأن على الضيوف العرب في أنابوليس أن يحتفوا كثيراً بالتنازل الذي قدمته إسرائيل لهم وهو قبولها للتفاوض حول المرحلة الثالثة من مشروع خارطة الطريق، وهي المرحلة المتعلقة بإنشاء الدولة الفلسطينية، وذلك دون التقيد أو الاشتراط على ضرورة التفاوض على المرحلة الثانية المتعلقة بالأمن والالتزامات والمسؤوليات الأمنية، وما هو جدير بالملاحظة في هذه النقطة هو أن موافقة إسرائيل سوف تندرج ضمن الوعود المستقبلية وبالمقابل سوف يطلب الأمريكيون من الأطراف العربية (كما لمّحت الورقة) ضرورة التركيز على آليات التحديد والتنفيذ والرصد والإشراف على الترتيبات الأمنية الخاصة بالمرحلة الأولى من مشروع خارطة الطريق. بكلمات أخرى، فإن تنازل الإسرائيليين عن التفاوض حول المرحلة الثانية الخاصة بموضوع الأمن، لن يكون مجانيّاً وإنما بمقابل قيام العرب (تحت الحراسة الأمريكية) بعملية "التحديد" و"التنفيذ" و"الرصد" والإشراف على الإجراءات الأمنية، وهذا يعني مواجهة فلسطينية – فلسطينية، ومواجهة عربية – فلسطينية (بإشراف ورعاية الولايات المتحدة الأمريكية).
• المحرضات: تقول ورقة الرصد السياسي أن المرحلة الأولى من خارطة الطريق تتضمن اتفاقاً يلزم الطرفين الإسرائيلي والفلسطيني بإيقاف التحريضات العدائية والأنشطة المتعلقة بها، ويتضمن هذا الاتفاق إنشاء آلية للإلزام بالقوة والرصد والمتابعة، إضافة إلى المشاورات وتبادل المعلومات حول الأنشطة العدائية ومحرضات العداء بين الطرف الفلسطيني والطرف الإسرائيلي. بكلمات أخرى، فإن الأمريكيين والإسرائيليين سوف يشددون على ضرورة تنفيذ هذا البند الوارد في المرحلة الأولى من خارطة الطريق، طالما أن إسرائيل تكرمت على العرب بتجاوز التفاوض حول الترتيبات الأمنية الواردة في المرحلة الثانية من خارطة الطريق. إذاً، سوف يكون مطلوباً من العرب الإشراف على عملية رصد الأنشطة المعادية لإسرائيل في الأوساط الفلسطينية وتبادل المعلومات والتقارير مع الإسرائيليين حول هذا الأمر، وذلك على النحو الذي يؤدي إلى "طمأنة" الإسرائيليين من عدم وجود أي عداء لها في الأوساط الفلسطينية، ثم بعد ذلك تقرر إسرائيل في أمر التفاوض مع العرب حول الدولة الفلسطينية وخلافها.
• الدول العربية: تشير ورقة الرصد السياسي إلى أن وزارة الخارجية الأمريكية تنظر في كيفية مضي الدول العربية قدماً في مسيرة التطبيع مع إسرائيل، والمطلوب إسرائيلياً وأمريكياً هو دفع العرب إلى التخلي عن موقفهم القائل بأن التطبيع سوف يكون حصراً في نهاية عملية السلام، أي بعد حسم القضايا الخلافية المتمثلة في: إقامة الدولة الفلسطينية، الانسحاب الإسرائيلي من الجولان، مصير القدس، حق العودة.. وغيرها، وتركز خطة اللوبي الإسرائيلي وإسرائيل على إقناع العرب بالدخول في عملية التطبيع قبل حسم ملفات الصراع العالقة. والذريعة التي سوف تستخدمها أمريكا سوف تركز على التعلل بأن "التطبيع سوف يقنع إسرائيل بضرورة حل المشاكل العالقة"، وهذا يعني أن التطبيع مع إسرائيل يأتي في المقدمة لكي تحصل الأطراف العربية على موافقة إسرائيل بالتفاوض معها حول حقوقها المشروعة.
• غزة: تقول ورقة الرصد السياسي بأن سيطرة حركة حماس على قطاع غزة قد جعلت السلطة الفلسطينية تسيطر فقط على ثلثي الأراضي الفلسطينية، وبالتالي فإن السلطة الفلسطينية لن تستطيع أن تمارس أي نفوذ سيادي إلا على ثلثي الأراضي الفلسطينية فقط، أما مصير قطاع غزة فيتم الاتفاق حوله بين إسرائيل والإدارة الأمريكية، أما إذا لم تقبل السلطة الفلسطينية بهذا الشرط فإن إسرائيل سوف لن تستمر في التفاوض معها، إلى حين استعادة السلطة الفلسطينية سيطرتها على غزة (لاحظ: إسرائيل تمنع الحركة بين قطاع غزة الذي تسيطر عليه حماس والضفة الغربية التي تسيطر عليها السلطة الفلسطينية).
عموماً، لقد أضاع العرب فرصة توحيد مواقفهم، وحالياً سوف يدخلون قاعة مؤتمر أنابوليس وهم أكثر خلافاً ويعرف الأمريكيون والإسرائيليون ذلك جيداً.
برغم ذلك، فإن مؤتمر أنابوليس لن يمثل نهاية الدنيا ومن الممكن بكل سهولة حرمان الإسرائيليين من الحصول على أي مكاسب إضافية بعد المكاسب التي حصلوا عليها في اتفاق أوسلو.
أمكانية تحقيق النجاح العربي واردة، برغم أن إسرائيل والأمريكيين لن يقدموا شيئاً للعرب فإن النجاح العربي يمكن أن يتمثل في مقاومة تقديم أي تنازلات لصالح إسرائيل مهما كانت الضغوط الأمريكية متزايدة.
تقول المعلومات، بأن مفاوضات أنابوليس ستعقد خلال فترة "عام كامل"، وقد نشرت صحيفة هاآرتس الإسرائيلية نقلاً عن وكالات الأنباء تصريحات الأمير سعود الفيصل وزير الخارجية السعودي التي قال فيها بأن الولايات المتحدة الأمريكية قد وعدت بأن يتم إجراء المفاوضات النهائية خلال عام، ولكن ما هو أهم يتمثل في مقررات مؤتمر أنابوليس التي سوف تمثل المبادئ والتوجهات التي تحدد اتجاه سير المفاوضات النهائية أهي في اتجاه استرداد الحقوق العربية أم تقديم التنازلات الإضافية لإسرائيل؟

 


الجمل: قسم الدراسات والترجمة

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...