رواية جديدة عن مجزرة عدرا العمالية

26-01-2018

رواية جديدة عن مجزرة عدرا العمالية

أفاق المواطنون على أصوات المآذن التي تحيي على الجهاد فأدركوا أنهم المعنيون بذلك .... بدأت الشياطين الملتحية بالزحف إلى المدينة دون إنذار مسبق وبسهولة توشي بخيانة حصلت ..
أبو محمود وأبو فايز رجلان استطاعا الخروج من عدرا العمالية بشكل إسطوري وما سوف أورده الآن هو ما رواياه لي ..
يقول أبو محمود وهو أب لأربعة أولاد يسكن في تلك المدينة منذ زمن: بعد أن عرفنا بقدوم الشياطين اجتمعنا خمس عائلات في شقتي وفتحنا شقة جاري المقابلة كنا نملك روسية ومسدس وزخيرة .. قررنا أننا سندافع عن أنفسنا حتى النهاية , الأطفال والنساء وكان عددهم 22 جمعناهم في غرفة في منزلي مساحتها 15 م2 .. وأنا والرجال الأربعة اتجهنا إلى الشقة المقابلة حتى نتوه المسلحين عن مكان وجود عائلاتنا , أول ما رأيناه في الشارع كان رأس أبو زكي وهو أحد رجال الدفاع الوطني موضوع على سيارة الـ UN يقودها أولئك المسلحون وهم بالمناسبة ليسوا فقط من السعودية وليبيا ومصر والشيشان حسب لهجاتهم , بل أيضاً من سوريا وأغلبهم من دوما ونحن نعرف أهل دوما , لقد رأيناهم يقطعون الرؤوس يعرون النساء ويمشوهم بالشارع يجرون الرجال بالسيارت يرمون الأطفال عن الشرفات كلما حاول الجيش الاقتراب ..
شقتي كانت في الطابق الرابع وكنّا قادرين على ترصدهم فكلما اقتربوا قمنا بقنصهم رموا علينا الكثير من القنابل وكان أبو فايز يركض باتجاه القنبلة ليرميها قبل أن تنفجر لقد كانت قنابل اسرائيلية وبالمناسبة كانوا يهتفون "صبراً صبراً يا يهود جيش محمد سوف يعود!!!!!" ...
قاموا بإحراق الشقق في الطوابق السفلية كي يقتلونا لكننا في كل محاولة كنا نسيطر على الموقف ,
رئيس المجلس العسكري لهم وهو رجل من دوما كان يعرف أنّ أبو ابراهيم وهو من درعا معنا في الشقة ولم يعرف غيره فكان يقف في الطابق الثاني وينادي بلهجة ساخرة " يابروو سلّم حالك يا برووو اليوم الحلقة الأخيرة من عدنان ولينا يا برو " لكن ما يخفف من غضبي قليلاً "والكلام دائماً لأبو محمود " أننا استطعنا أن نقتل أبو داود ذلك وكانت حلقته الأخيرة على أيدينا نحن الرجال الخمسة ... خمسة وعشرين يوماً والأطفال يأكلون الخبز اليابس مبلل بالشاي ومن مونة البيتين كانوا ينامون من الساعة الرابعة لأنّ النوافذ مغلقة ومسدلة بالستائر والكهرباء مقطوعة وهذا ذكاء لم أعرف سببه من الحكومة أن تقطع الكهرباء عن المدينة إن كانوا يعتقدون أنهم بذلك سوف يحرمون المسلحين من الكهرباء فهم مخطئون لقد كانوا يحرموننا نحن فأولئك الشياطين كان لديهم مولدات أمّا نحن فكنّا على العتمة والبرد ودون اتصالات وكانت الحكومة تشارك في عقابنا ..
صمدنا رغم كل شئ , من بين النساء اللاتي كنّ في تلك الغرفة الصغيرة شابة ممرضة لقد ساعدتنا كثيراً في تضميد جراحنا , انفجرت مرة قنبلة في الشقة التي كنّا بها لكن الحمد لله لم يستشهد منّا أحد فقط شظايا وهذا كان إعجاز بالنسبة لنا ..
استمرينا على هذا النحو 25 يوم إلى أن تمّ ضرب البناية بدبابة استولى عليها المسلحون ووضوعوها في مجمع الهلال الأحمر , هذا الهلال الذي أود أن أعرف إن كانت مهمته تقديم المساعدة أم الموت للأطفال " أبو محمود يعتبر أنّ الهلال الأحمر في عدرا مشترك بطريقة أو بأخرى بما جرى في المدينة وهو يوجه السؤال إلى وزيرة الشؤون حينها كندا الشماط لماذا أفرغت 17 قاطرة في مجمع الهلال قبل عشرة أيام من دخول المسلحين دون وجود عنصر أمن أثناء تفريغ الحمولة ؟؟؟؟ .. ماذا كانت تحمل تلك الشاحنات ؟؟؟ .. يسال أبو محمود " ..
في اليوم 25 أطلقت تلك الدبابة قذائف باتجاه المبنى وباتجاه الطابق الرابع فكانت المجزرة ...لقد استشهد كل من كان في الغرفة التي مساحتها 15 م2 من حسين الذي عمره سنة إلى فداء التي عمرها أربعين سنة ...لقد ماتوا كلهم ...سناء , فداء ,كسرى,فائز,حسين ,محمود ,روان , ريام , الفتيات اللاتي كنّ في الصف العاشر,, الممرضة وصديقتها وأطفال أبو ابراهيم وأطفال أبو فايز وأطفالي ..كلهم ماتوا وأبو ربيع أيضاً استشهد لقد أصابت قذيفة مكان تواجدنا في الشقة الثانية ..لقد تحول إلى أشلاء رأيت رأسه في مكان ورجله في مكان آخر لقد رأيت أمعائه على السقف لقد تحول إلى أشلاء ... زحفنا باتجاه الشقة الأخرى لنتفقد العيال فوجدناهم مبتسمون في موتهم ...والله كانوا مبتسمين ...العشر دقائق الأولى أصبنا بالهلع غبنا عن الوعي عن الإدراك لكن ما لبثنا أن تمالكنا أنفسنا وقررنا أن نأخذ بالثأر لكن الحريق امتد ولم نستطع اخماده ...
لقد احترقت كل الجثث في الشقة ...الحمد لله لم يموتوا حرقاً لقد حرقوا بعد أن ماتوا ...تحولوا إلى رماد ..وبقينا نحن شاهدون على المجزرة سمعناهم يقولون "فطسوا شامين ريحتون عم يحترقوا " نحن لا نفطس لقد استشهدنا .. نحن أصحاب عقيدة أما أنتم مجرمون " الكلام دائماً لأبو محمود " ..
بعد خمس أيام لم يعد باستطاعتنا البقاء في مكاننا لقد نفذ الماء والطعام وجراحنا أصبحت بليغة فقررنا النزول فنحن على كل الأحوال نحن بعداد الموتى ..
أخذنا القرار فجر الجمعة الساعة الثانية نزلنا إلى البناية المجاورة لنا ودخلنا بيت أحدهم - طبعا المسلحون كانوا يختارون المباني والشقق التي يودون تدميرها على أساس طائفي " الشقة التي دخلناها كانت لشخص من تلك الطائفة لم تكن متأذية أبداً لكنها كانت مقفولة خلعنا الباب وبدأنا نحاول تضميد جروحنا شربنا الماء ونزلنا وكان القرار أن نمشي مرفوعي الرأس فنحن إن متنا سنموت مرفوعي الرأس وإن كتب لنا النجاة سيكون لأننا لم نلفت الإنتباه لقلقنا وارتبكنا ..
مشينا بطريق خاص لا أود أن أذكره مسافة 20 كم وبقدرة عجيبة وصلنا لحاجز الجيش السوري الذي اعتقد أننا من المسحلين فذقوننا كانت طويلة ومتسخة وشعرنا ملبد وملامحنا غير واضحة بقي عناصر الجيش ربع ساعة وهم متوترون حيالنا إلى أن بدأوا يطمأنون إلى أننا لسنا من المسلحين ...
والآن نحن هنا .. لكن أطفالنا نساؤونا .... ..لكن الحمد لله لم يذهبوا ببلاش ... لقد قتلنا من المسلحين أكثر بكثير مما تتوقعون ...
نحن لسنا جبناء كي نسلم أنفسنا لهم وسوف يندمون هم ومن تخاذل في حماية المدينة ..
أما أبو فايز فهو أخبرنا بنفس القصة لكنه أضاف أنه استطاع أن يقتل أحد المسلحين الذي اعتقد نفسه قادر على اقتحام الشقة وأخذ أسلحته كلها ..
أبو فايز كان يمسك بالقنابل قبل أن تنفجر ويعاود إلقاءها باتجاه المسلحين بقول ابو فايز " لقد قتلنا منهم بهذه الطريقة الكثير الكثير " لقد نادوا علينا كثيراً أن نسلم أنفسنا وإننا سنكون آمنين لكننا لم نصدقهم لقد كنا نرى بأم أعيننا .. كيف يأخذون الناس أسرى إلى دوما كيف يلقون الأطفال من الأسطحة .. كيف يغتصبون الناس كيف يقطعون الرؤوس ..
لقد طلبت منا النساء أن نقتلهن في حال هجم المسلحون على الشقة وقد وعدناهم بتنفيذ ذلك ..لكن شاء القدر أن يمتن شهداء ..
استشهدت زوجتي وطفلاي لكن الكل قدم شهداء وأنا من بين هذا الكل والحمدلله على كل شيء ...
الوطن أغلى من كل شيء ..وما يواسيني أنني لم أستسلم ولم يمت أبنائي وزوجتي بدون ثمن ... لقد دفعوا الثمن غال جداً أولئك الشياطين الكلاب ...
نحن أصحاب عقيدة وسوف ننتصر بإذن الله ..
كانت هذه حكاية الرجلين الذين خرجا من المجزرة لينقلا لنا بعض تفاصيلها لكن هذا لم يكن كل شيء...

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...