تحولات الصراع اليمني بعد فشل المبادرة الخليجية

24-05-2011

تحولات الصراع اليمني بعد فشل المبادرة الخليجية

Image
 وإمارات ومشيخات جنوب شبه الجزيرة العربية

الجمل: تحدثت التقارير الإخبارية الصادرة مساء الأمس وصباح اليوم عن موجة العنف السياسي الجديدة التي عمت في أرجاء الساحة السياسية اليمنية، وذلك بفعل قرار الرئيس اليمني علي عبد الله صالح بعدم التوقيع على اتفاقية المبادرة الخليجية التي سعت لإيجاد المخرج من الأزمة السياسية اليمنية: ما هي خلفيات المبادرة الخليجية، ولماذا رفضها الرئيس اليمني وإلى أين سوف تمضي قاطرة العنف السياسي اليمني؟
* المسرح السياسي اليمني: توصيف المعلومات الجارية
سعت دول الخليج العربي إلى ممارسة جهود إسقاط فعاليات الدبلوماسية الوقائية بما يتيح تحقيق التهدئة وإنهاء الصراع السياسي اليمني ـ اليمني، ضمن صيغة توفر المخرج والحل المقبول لأطراف الصراع، وبالفعل، فقد وافقت قوى المعارضة السياسية اليمنية على ورقة الاتفاق، وبالنسبة للرئيس علي عبد الله صالح فقد أكد موافقته على ورقة الاتفاق، وسعى بعد ذلك لجهة إطلاق التصريحات الرسمية بأنه جاهز لتوقيع الاتفاق وفي الزمان والمكان المحددين، ولكن عندما جاءت لحظة التوقيع أعلن الرئيس علي عبد الله صالح عن قراره بعدم التوقيع على الاتفاق، وعلى الفور حدثت التطورات الآتية:
•    أعلنت الأطراف الخليجية عن سحب مبادرتها وإنهاء عمليات الوساطة والانسحاب بشكل نهائي من ملف الصراع اليمني.
•    شهدت كافة المناطق اليمنية فورة غضب شعبي غير مسبوقة، بما أدى إلى مقتل العشرات وجرح المئات إضافة إلى إشعال الحرائق.
هذا، وتقول التقارير والمعلومات، بأن فورة العنف السياسي اليمني الأخيرة التي اندلعت مساء الأمس، سوف تكون بمثابة نقطة التحول الخطير الذي قد ينقل المسرح السياسي اليمني إلى مرحلة الحرب الأهلية الشاملة، وذلك بسبب عمليات الاستقطاب والاصطفاف التي بدأت تتحول من التمركز السياسي إلى التمركز القبلي، هذا وتقول التقارير والمعلومات، بأن العديد من المناطق اليمنية قد شهدت تبادل إطلاق النيران وإطلاق الأعيرة النارية بمختلف أنواع الأسلحة الأوتوماتيكية إضافة إلى الدوشكا والغرانوف.
* التحولات الانتقالية الجديدة: توصيف المعلومات الجارية
تقول المعلومات والتسريبات بأن المبادرة الخليجية قد استغرق إعدادها وتفعيل تحركات الدبلوماسية الوقائية المرتبطة بها حوالي ثلاثة، وفي هذا الخصوص، عندما اكتملت المبادرة بشكلها النهائي، سعت الولايات المتحدة الأمريكية إلى الدخول ضمن خط الأطراف الخليجية، وبالفعل، بعد قيام الخليجيين بعقد المزيد من التفاهمات مع واشنطن، تم بناء الإجماع على أساس الآتي:
•    أن تسعى الأطراف الخليجية باتجاه إقناع المعارضة بالقبول النهائي لبنود الاتفاق.
•    أن تسعى واشنطن إلى دعم تحركات الأطراف الخليجية لجهة الضغط على الرئيس علي عبد الله صالح لقبول المبادرة والتوقيع على الاتفاق.
ولكن، وعلى خلفية الرفض المفاجئ، فقد بدا واضحاً أن توازنات القوى لم تعد تعمل لصالح كفة الرئيس علي عبد الله صالح، ومن أبرز المؤشرات الدالة على ذلك:
•    انتشار رجال القبائل المسلحين في شوارع العاصمة اليمنية صنعاء، وهم يحملون السلاح ويرتدون أزياءهم القبلية.
•    قيام مجموعات من رجال القبائل المسلحين بمحاصرة مبنى السفارة الأمريكية في العاصمة صنعاء، ولم يتمكن موظفيها من الإفلات إلا بعد أن نجحت طائرة هيليكوبتر في الهبوط عى سطح المبنى ونقلهم إلى مكان مجهول.
•    أعلنت واشنطن دعمها الصريح لبنود المبادرة الخليجية، ونفس الموقف أعلنته فرنسا، وبالتالي فمن الممكن الإشارة بكل سهولة إلى أن الرئيس علي عبد الله صالح لم يعد يتمتع بالدعم الأمريكي والأوروبي.
•    بالنسبة للسعودية، فموقفها وإن كان على الصعيد المعلن يميل إلى تفعيل بنود المبادرة الخليجية، إلا أنه على الصعيد غير المعلن ما يزال غامضاً.
•    برزت تسريبات تقول بأن أعداد العسكريين المنشقين عن صفوف قوات الجيش اليمني وقوات الحرس الجمهوري اليمني قد بدأت في التزايد بدءاً من مساء الأمس وصباح اليوم.
هذا، وتشير التقارير الجارية إلى أن التطورات التي سوف تحدث في مسيرة العنف السياسي اليمني بدءاً من مساء الأمس وحتى عشية الجمعة القادمة، سوف تلقي بالمزيد من الضوء على الجوانب الغامضة في سيناريو الصراع السياسي اليمني ـ اليمني.
* البعد غير المعلن في الصراع اليمني: ماذا تقول معطيات نظرية المؤامرة؟
التدقيق الفاحص في موقف الرئيس اليمني علي عبد الله صالح المفاجئ لجهة رفض التوقيع على ورقة المبادرة الخليجية، يقودنا إلى أن الأمر ينطوي على قدر كبير من الخفايا والأبعاد غير المعلنة، خاصة وأن الرئيس علي عبد الله صالح ظل طوال الخمسة أيام التي سبقت اللحظة المحددة للتوقيع، وهو يطلق التصريحات التي أكد من خلالها بأنه جاهز ومستعد للتوقيع، إضافة إلى قيامه بالآتي:
•    إخطاره الأطراف الخليجية عن استعداده للتوقيع على الاتفاق.
•    إخطاره للولايات المتحدة الأمريكية عن استعداده للتوقيع على الاتفاق.
•    إخطاره لكبار زعماء القبائل اليمنية النافذة عن استعداده للتوقيع على الاتفاق.
والسؤال الذي يطرح نفسه بقوة، يقول: لماذا رفض الرئيس علي عبد الله صالح التوقيع على المبادرة متذرعاً ببعض الأسباب الواهية، وغير المنطقية، فقد سلم الوفد الخليجي الورقة للمعارضة والتي وقعت عليها. وعندما تم تقديم الورقة للرئيس علي عبد الله صالح رفض التوقيع عليها.
هذا الحدث يتوجب قراءته مع الحدث الآخر المصاحب له، وهو "الموقف السعودي الغامض". إضافة إلى قيام الأطراف الخليجية "على الفور" بالإعلان عن سحب المبادرة. والانسحاب.
تشير المعطيات الخافتة إلى وجود نوايا سعودية خليجية لجهة القيام بإعادة ترتيب المنطقة العربية، بما ينسجم مع صعود قوة النفوذ الإقليمي السعودي الجارية  قيد التنفيذ تحت دعم واشنطن وحلفاءها الأوروبيين، وفي هذا الخصوص نشير إلى الآتي:
•    بدأت مساعي ضم المملكة الأردنية الهاشمية والمملكة المغربية إلى عضوية دول مجلس التعاون الخليجي.
•    إضافة إلى القيام بدعم المعارضة الليبية المسلحة من أجل الإطاحة بنظام القذافي، فإن الدعم السعودي والخليجي سوف يركز أكثر لجهة الدفع من أجل أن يكون البديل للقذافي هو تولي ولي العرش (حفيد الملك السنوسي)، وذلك ضمن سيناريو إلغاء النظام الجمهوري وإعادة النظام الملكي. تمهيداً لضم المملكة الليبية إلى عضوية مجلس التعاون الخليجي.
•    تم التخلي عن جهود المصالحة. وأيضاً التخلي عن دعم الرئيس علي عبد الله صالح من أجل أن تندلع الحرب الأهلية اليمنية ضمن سيناريو يتزامن مع قيام السعودية والأطراف الخليجية لدعم جماعة ولي العرش اليمني (حفيد الإمام البدر ملك اليمن). بما يمكن أن يؤدي إلى تنصيبه ملكاً على اليمن. ويتم استبدال النظام الجمهوري اليمني بالنظام الملكي اليمني. والذي سوف يتم ضمه بالتأكيد لعضوية دول مجلس التعاون الخليجي.
•    توجد بعض التحركات الخافتة الساعية إلى إبقاء القوات الأمريكية في العراق، مع السعي لتصعيد وتائر الحرب الأهلية العراقية. ضمن سيناريو يتزامن مع قيام واشنطن بدعم حفيد الملك فيصل (ولي العرش الملكي العراقي). بما يعزز من فرص صعوده وتنصيبه لاحقاً ملكاً على العراق. وبعدها يصبح العراق عضواً في مجلس التعاون الخليجي.
إذاً، جهود إعادة بلدان منطقة الشرق الأوسط إلى مرحلة ما قبل دخول البريطانيين والفرنسيين إلى المنطقة سوف تظل مستمرة، بما يتيح تحويل الشرق الأوسط إلى ممالك بدلاً عن الجمهوريات. وبالعودة لملف الصراع الدامي اليمني ـ اليمني، يمكن القول بأن السيناريو اليمني قد أصبح مفتوحاً على كل الاحتمالات ما عدا سيناريو التهدئة. ومن المشاهد المثيرة للاهتمام. أن الزعيم اليمني وزعيم قبيلة حاشد اليمنية (كبرى قبائل اليمن) قد تخلى عن دعم الرئيس علي عبد الله صالح. وبالفعل عندما غادر النظام قام عدد كبير من الضباط والجنود المنتمين إلى قبيلة حاشد بمغادرة صفوف القوات المسلحة اليمنية وقوات الحرس الجمهوري وقوات الأمن، وقوات الشرطة. والانضمام إلى قوات محسن الأحمر الخاصة بقبيلة حاشد. وبالأمس، وعلى خلفية رفض الرئيس علي عبد الله صالح التوقيع على الاتفاقية، قام الزعيم المعارض محسن الأحمر بإرسال عناصر قواته ومعهم كميات ضخمة من السلاسل والأطواق، وقاموا بإغلاق وتشميع عدد كبير من المنشآت والمدارس والمرافق الحكومية الرسمية. إذاً لقد قرر الزعيم الأحمر عدم السماح للدولة اليمنية بمزاولة العمل عن طريق "تسكير" مكاتبها ومؤسساتها الرسمية.


الجمل: قسم الدراسات والترجمة

التعليقات

هل أنا إلا من غزية إن غوت غويت، وإن ترشد غزية أرشد

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...