التغييرات الجديدة في المجلس العسكري التركي وأثرها على مستقبل الحكومة

05-08-2008

التغييرات الجديدة في المجلس العسكري التركي وأثرها على مستقبل الحكومة

الجمل: أعلنت السلطات التركية تعيين الجنرال إلكير باشبوق رئيساً للأركان بدلاً عن الجنرال أليسار بيوكانيت الذي انتهت فترة خدمته إضافةً إلى بلوغه سن التقاعد.
* الجيش التركي: القيمة الاستراتيجية والأهمية:
يعتبر الجيش التركي من الجيوش ذات الأهمية الإقليمية والدولية الكبيرة لعدة أسباب منها:
• عضوية تركيا في حلف الناتو، وتؤكد المعلومات العسكرية أن الحلف يعتمد في قدراته العسكرية البرية على الجيش التركي باعتباره ثاني أكبر جيش في الحلف من حيث العناصر البشرية والحجم.
• العلاقات العسكرية التركية – الأمريكية – الإسرائيلية الخاصة والتي تجعل تداعياتها الجيش التركي أداة وظيفية هامة لأي نشاط عسكري إقليمي يتم في منطقة الشرق الأوسط والشرق الأدنى.
• القيمة الجيوستراتيجية لمجال المسرح العسكري الإقليمي الذي يعتبر الجيش التركي مسؤولاً عنه وهو المسرح الذي -على أساس الحسابات الاستراتيجية الإقليمية والدولية- يتضمن مناطق شرق المتوسط والخليج العربي وإيران والقوقاز وبحر قزوين والبلقان وآسيا الوسطى.
• القيمة الجيوبوليتيكية للدور العسكري الذي يقوم به الجيش التركي داخل تركيا، وتتمثل أهمية هذا الدور في أنه لا ينحصر فقط في الدفاع عن تركيا وإنما في المهمة الدستورية المتمثلة في اعتبارات أن الجيش التركي هو حامي العلمانية وهو أمر ترتب عليه أن يصبح الجيش التركي سلطة رابعة بجانب السلطات الثلاث التشريعية والقضائية والتنفيذية، وقد أفسح مفهوم حماية العلمانية المجال للجيش للتدخل في الشؤون السياسة التركية.
• الأهمية المستقبلية للجيش التركي ودوره المتوقع في تعزيز الترتيبات الجيوسياسية الإقليمية المتعلقة بمستقبل الصراع حول النفط والغاز الروسي ونفط وغاز مناطق بحر قزوين وآسيا الوسطى إضافةً إلى النفط العراقي والإيراني.
• الدور السياسي الإقليمي المرتقب للجيش التركي الذي تقول المعلومات بأنه قد يتم استخدامه ليلعب دور شرطي القوقاز والبلقان ومنطقة شرق المتوسط وتحديداً إقليم كردستان العراقي.
* المجلس العسكري الأعلى التركي: التعديلات الجديدة:
بسبب الخصوصية الدستورية التي يتمتع بها الجيش التركي فمن غير الممكن أن يتدخل رئيس الجمهورية في شؤونه إلا بحكم منصبه كرئيس للمجلس العسكري الأعلى التركي، الذي يضمن بالإضافة إليه رئيس الأركان والقادة العسكريين والأمنيين. وقد عقد المجلس العسكري التركي جلسته الأخيرة برئاسة عبد الله غول رئيس الجمهورية وبعد المداولات والمشاورات أصدر المجلس التعديلات الآتية:
• تعيين الجنرال إلكير باشبوق الذي يعمل قائداً للقوات البرية التركية، رئيساً للأركان بدلاً عن أليسار بيوكانيت الذي انتهت مدة خدمته وأحيل للتقاعد.
• تعيين الجنرال سوها تانييدي قائد مركز البحوث والدراسات الاستراتيجية التابع للجيش التركي إلى التقاعد بدلاً من ترقيته إلى منصب قيادي أعلى مما كان متوقعاً.
• إحالة الجنرال مونير إرتان قائد وحدة الأنظمة الإليكترونية التابعة لهيئة الأركان التركية إلى التقاعد بدلاً من ترقيته كما كان متوقعاً.
• مساعد الأدميرال كاديرسا ساقديتش تمت ترقيته إلى رتبة نائب أدميرال.
• الجنرال صلاح الدين أوغورلو الذي كان قائداً للقوات البرية في منطقة فان، لم تتم ترقيته ولكن تم تمديد فترة وظيفته كقائد عام آخر.
• الجنرال زيكيديا أوزتورك تمت إحالته للتقاعد بسبب علاقته بأحد الضباط المتقاعدين المتورطين في قضية أرغينكون الأخيرة.
• مساعد الأدميرال دينيز كوتلوك تمت إحالته للتقاعد بسبب علاقته بأحد الضباط المتقاعدين المتورطين في قضية أرغينكون الأخيرة.
• الجنرال صلاح الدين إيزيك كوساتير قائد قوات المشاة تمت ترقيته وتعيينه في منصب قائد القوات البرية بدلاً عن الجنرال إلكير باشبوق الذي أصبح رئيساً للأركان.
تقول التحليلات أن اجتماع المجلس العسكري الأعلى التركي استمرت دورة انعقاده أربعة أيام برئاسة غول وقد شهد صفقة عسكرية – سياسية بين حزب العدالة والتنمية وجنرالات المؤسسة العسكرية، وتقول المعلومات بأن غول قد نجح في التفاهم والتوافق مع رئيس الأركان الجديد على:
• التزام المؤسسة العسكرية بعدم إحالة الضباط ذوي النزعات الإسلامية للتقاعد ومن ثم فقد لاحظ المراقبون أن اجتماع المجلس لم يشهد هذه المرة إحالة أي ضابط تركي للتقاعد بسبب توجهاته الإسلامية لأول مرة في تاريخ الجيش التركي الذي ظل يقدم كل عام قائمة بعشرات الضباط الذين كانوا يحالون للتقاعد بواسطة المجلس العسكري الأعلى.
• التزام حكومة حزب العدالة والتنمية بعدم المضي قدماً والتعمق أكثر في ملف قضية أرغينكون المتعلقة بمخطط العسكريين الأتراك المتقاعدين لتنفيذ انقلاب عسكري والإطاحة بحكومة حزب العدالة والتنمية وتقول المعلومات أن الضباط المتقاعدين لا يستطيعون القيام بأي تحرك عسكري حقيقي إلا بالتنسيق مع كبار جنرالات المؤسسة العسكرية.
• التفاهم والتوافق بين الرئيس غول ورئيس الأركان الجديد على ضرورة التزام كل طرف بالآتي:
- أن تلتزم المؤسسة العسكرية باحترام الخيار الديمقراطي التركي وأن لا تحاول احتكار وضع تعريف محدد للعلمانية والعمل لجهة فرضه على الأطراف الأخرى.
- أن تلتزم الحكومة التركية بتحديث الجيش وعدم المضي قدماً في تطبيق الإصلاحات الإسلامية والتعاون مع المؤسسة العسكرية في القضاء على الحركات الانفصالية الكردية.
* الجيش التركي ولعبة توازن القوى الداخلي:
بانتهاء اجتماع المجلس العسكري الأعلى وما ترتب عليه من الصعب القول بأن تفاهم الحكومة مع المؤسسة العسكرية قد أدى إلى ضبط معادلة توازن القوى ضمن صيغة مستقرة تكفل البقاء والتعايش المشترك بين حكومة حزب العدالة الإسلامي والمؤسسة العسكرية العلمانية. وبرغم ذلك، تقول التحليلات بأن صيغة توازن القوى بين الحكومة والمؤسسة العسكرية قد تكون ملائمة إلى حد ما في ضبط العلاقات بينهما طوال ما كانت الأوضاع مستقرة، ولكن في حالة اندلاع صراع بين الجيش وحركات التمرد التركي فإن المؤسسة العسكرية قد تلجأ إلى استخدام نتائج الصراع لجهة الضغط على حزب العدالة والتخلص منه، ويشكك البعض في احتمالات لجوء محور واشنطن – تل أبيب إلى دعم القدرات الكردية بحيث تتمكن من شن حرب على غرار تكتيك حرب حزب الله ضد الجيش الإسرائيلي صيف العام 2006م على النحو الذي يؤدي إلى إلحاق الخسائر الفادحة بالجيش التركي الذي قد لا يتردد حينها من التقدم لاستلام السلطة في أنقرة.
عموماً، تقول التحليلات بأن رئيس الأركان التركي الجديد الجنرال باشبوق يتمتع بالخصائص الآتية:
• المهارات العسكرية في إدارة العمليات البرية.
• النزعة العلمانية المتطرفة.
• العداء الشديد للحركات الانفصالية الكردية.
وتقول المعلومات أيضاً بأن الجنرال باشبوق سيتولى منصب رئيس الأركان بعد يوم 30 آب 2008م وبحسب الدستور سيستمر في منصبه هذا لفترة أربعة أعوام قابلة للتمديد بواسطة المجلس العسكري الأعلى، وتقول المعلومات بأن باشبوق سوف لن يستمر لأكثر من عامين لأن عمره الآن 65 عاماً وسيصل بعد عامين إلى العمر المحدد كسقف لإنهاء الخدمة العسكرية والإحالة للتقاعد، وتشير التسريبات إلى أن قيادة حلف الناتو قد أعربت عن ارتياحها لتعيين الجنرال باشبوق في منصبه الجديد وقد أثارت تصريحات الناتو الكثير من الشكوك في الأوساط السياسية التركية بسبب تورط مخابرات الحلف المحتمل في قضية أرغينكون التي أشارت بعض التحليلات إلى أنه عملية استخبارية سرية فرعية من عملية استخبارية كبرى تشرف على إدارة دولابها مخابرات حلف الناتو واسمها عملية غلاديوس (أي السيف) وتهدف إلى استهداف الأنظمة السياسية في حلف الناتو عندما لا تنسجم توجهاتها مع توجهات الحلف.

 


الجمل: قسم الدراسات والترجمة

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...