التحفظات الدولية الجديدة إزاء توجهات إدارة أوباما

05-08-2009

التحفظات الدولية الجديدة إزاء توجهات إدارة أوباما

الجمل: سعت إدارة أوباما إلى إحداث المزيد من التعديلات في أجندة جدول أعمال السياسة الخارجية الأمريكية لجهة استبدال سياسة إدارة بوش الخارجية المثالية الطابع بأخرى تكون واقعية لجهة التعامل مع الملفات الإقليمية والدولية، وبرغم الرضا والقبول الواسع الذي وجدته توجهات سياسة إدارة أوباما فإن هناك العديد من الأطراف التي أبدت المزيد من التحفظات إزاء هذه التوجهات.
* الخلافات الأمريكية – الأمريكية حول السياسة الخارجية:
تميزت أجندة الحملات الانتخابية الرئاسية الأمريكية بغلبة أنشطة التسويق السياسي التي تركز على القضايا المحلية وتؤثر بشكل مباشر على أوضاع الأمريكيين مثل ملف الضرائب والضمان الاجتماعي وتوفير الوظائف وغيرها، وبشكل غير مسبوق فقد كان اللافت للنظر أن التنافس الانتخابي الرئاسي الذي احتدم هذه المرة بين الجمهوريين والديمقراطيين تركز حول:
• ملف الأمن القومي الأمريكي وتداعياته على مستقبل الاستقرار الداخلي الأمريكي.
• ملف الاستقرار الاقتصادي الداخلي وتداعياته على مستقبل الأمن القومي الأمريكي.
راهن الجمهوريون على أولوية قضايا الأمن القومي من خلال تبني سياسة خارجية أمنية – تدخلية بما يترتب عليه حماية المصالح الأمريكية باعتبارها الضمانة الأساسية لتحقيق الاستقرار الاقتصادي الداخلي الأمريكي وخسروا الرهان. بينما راهن الديمقراطيون على أولوية قضايا الاستقرار الاقتصادي الداخلي من خلال تبني سياسة خارجية اقتصادية تدخلية بما يحقق سيطرة أمريكا سياسياً وأمنياً وعسكرياً على العالم.. وكسبوا الرهان.
احتدمت الخلافات بين المعسكرين الأول يراهن على ضرورة أن يبدأ جدول أعمال السياسة الخارجية الأمريكية حيث انتهى جدول أعمال إدارة بوش باعتبار المصالح الأمريكية الخارجية الأمريكية ستظل هي هي مهما اختلفت الإدارات الأمريكية والثاني راهن على ضرورة أن يبدأ جدول أعمال السياسة الخارجية بشكل مختلف عن الذي كان عليه في إدارة بوش طالما أنه أدى إلى تدهور قوة أمريكا وطالما أن الأمريكيين عبروا عن رفضهم لتوجهات بوش عبر صناديق الاقتراع.
* التحفظات الدولية الجديدة إزاء توجهات إدارة أوباما:
يقول المحلل السياسي الأمريكي فيليب ليفي أن سياسات إدارة أوباما برغم القبول الشعبي الواسع لها داخل وخارج الولايات المتحدة فإنها لم تعد تجد الترحيب والقبول المطلوب بواسطة العديد من الأطراف الإقليمية والدولية وأشار فيليب ليفي إلى سبعة دول أكد أنها غير راضية ولها العديد من التحفظات إزاء توجهات إدارة أوباما وهذه الدول هي:
• كندا: لم تكن علاقات إدارة هاربر الكندية متوترة مع إدارة بوش ولكن برغم زيارة أوباما لكندا وتأكيده على خصوصية العلاقات الكندية – الأمريكية فإن قيامه بالتوقيع على قانون المشتريات الأمريكية أدى إلى غضب الكنديين لأن إدارة أوباما لم تلتزم باستثناء كندا من تطبيق هذا القانون ويتذرع الكنديون بأن اتفاقية تكتل "النافتا" الذي يضم أمريكا وكندا والمكسيكيين واتفاقية منظمة التجارة العالمية تتيحان لإدارة أوباما إعطاء الاستثناءات المطلوبة بما يتيح تأمين تدفق السلع والخدمات الكندية لأمريكا، ويقول التقرير أن تطبيق قانون المشتريات الأمريكي سيترتب عليه إلحاق المزيد من الخسائر بالصادرات الكندية إلى أمريكا.
• الصين: بدأ الميزان التجاري الأمريكي خلال فترة إدارة بوش يميل بقدر كبير لصالح الصين وذلك بما أدى إلى تراكم أرصدة نقدية صينية في المصارف الأمريكية تجاوز التريليون دولار وفي هذا الخصوص فقد كانت الصين قادرة على التفاوض والتفاهم مع إدارة بوش التي لم تكن تعبأ بمعدل العجز الذي بلغ 3.55% أما إدارة أوباما وبسبب تركيزها على الجوانب الاقتصادية بدلاً عن الأمنية الذي جعلها تخطط لتنفيذ خطة إصلاح اقتصادي يتضمن عجز مستهدف بحدود 3.9% بحلول عام 2013 فإن الصين أصبحت أكثر خوفاً من أن يؤدي ذلك إلى الإضرار بمصالحها الاقتصادية في أمريكا إضافة إلى تزايد مخاوف الصين إزاء كيفية التعامل مع ضغوط إدارة أوباما من خلال اتفاقية الحوار الاقتصادي – الاستراتيجي الأمريكي – الصيني.
• كولومبيا: تعتبر كولومبيا من دول أمريكا اللاتينية الأكثر ارتباطاً بواشنطن إضافة إلى سعيها باتجاه بناء علاقات خاصة مع إدارة بوش على النحو الذي خلف انطباعاً أنها ليست سوى إسرائيل أمريكا اللاتينية، وخلال فترة إدارة بوش حصلت كولومبيا على الدعم الأمريكي الكبير الذي أتاح لها إضعاف حركة الفارك المسلحة المعارضة ولكن إدارة أوباما بدت أكثر اهتماماً للدفع باتجاه التفاهم مع متمردي الحركة وإضافة لذلك فقد تخلت إدارة أوباما عن دعم كولومبيا في تمرير اتفاقية التجارة الحرة التي سعت إليها إدارة بوش.
• هندوراس: سعت أجهزة المخابرات الأمريكية إلى الإطاحة بالرئيس الهندوراسي زيلايا لمنع ظهور هوغو تشافيز جديد في أمريكا اللاتينية ولكن برغم ذلك فقد أعلنت الإدارة الأمريكية عن رفضها دعم الحكومة الانقلابية التي أطاحت بزيلايا.
• بنما: أكدت إدارة أوباما على الاستمرار في التحفظ على تنفيذ اتفاقية التجارة الحرة مع بنما، والتي بالأساس هي اتفاقية تم التوقيع عليها بين أمريكا وبنما وتقول المعلومات أن إدارة أوباما تقوم بإضافة عقبات جديدة كلما استطاعت بنما تجاوز العقبات القديمة.
• كوريا الجنوبية: ترى سيول أن إدارة أوباما تجاهلت القيام بشيئين أساسيين يخدمان مصلحة كوريا الجنوبية الأول هو إنفاذ اتفاقية التجارة الحرة الأمريكية – الكورية الجنوبية، والثاني هو تشديد الضغوط على كوريا الشمالية بما يجعلها تتخلى عن برنامجها النووي وتقول المعلومات والتحليلات أن كوريا الجنوبية ظلت تطمح من خل علاقاتها الخاصة مع واشنطن إلى القيام بدور إسرائيل الشرق الأقصى ولكن توجهات إدارة أوباما خيبت آمال سيول.
• بريطانيا: ظلت المملكة المتحدة أكثر ارتباطاً بالاقتصاد الأمريكي وبسبب ذلك فقد ظلت عدوى الأزمات الاقتصادية الأمريكية تنقل المزيد من الضغوط والأعباء على الاقتصاد البريطاني وكانت الإدارات الأمريكية السابقة تسعى إلى دعم الاقتصاد البريطاني أما هذه المرة فقد ركزت إدارة أوباما على الاكتفاء بدعم الاقتصاد الأمريكي وذلك بما خلق شعوراً عاماً بريطانياً أن واشنطن قد أدارت ظهرها للاقتصاد البريطاني وهو يواجه خسائر أزمة لم يلعب دوراً في إشعالها.
عموماً، لقد أطلقت إدارة كلينتون الديمقراطية مشروع العولمة الاقتصادية وسعت إلى جعل الاقتصاد الأمريكي يلعب دور الماكينة المحركة لطاقة العولمة ثم جاءت إدارة بوش التي استبدلت مشروع العولمة الاقتصادية بمشروع الحرب ضد الإرهاب والآن وبصعود إدارة أوباما الديمقراطية فإن واشنطن ستحتاج لفترة أطول من أجل التخلص من الخسائر والضغوط الاقتصادية.
وعلى هذه الخلفية نلاحظ أن البلدان المتحفظة وغير الراضية عن سياسة إدارة أوباما هي أطراف تتمثل بالأساس في البلدان الحليفة لأمريكا وذات العلاقات والروابط الخاصة معها ونلاحظ أن اللافت للنظر يتمثل في عدم وجود أي إشارة إلى سخط الإسرائيليين على الإدارة الأمريكية الحالية وهو السخط الذي رصدته بعض التحليلات السياسية الأمريكية التي أكدت تزايد الكراهية للأمريكيين في إسرائيل!

 

الجمل: قسم الدراسات والترجمة

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...