الاستراتيجية الأمريكية الجديدة إزاء الصين

30-07-2009

الاستراتيجية الأمريكية الجديدة إزاء الصين

الجمل: تم قبل بضعة أيام عقد جولة مباحثات ضمت بعض كبار المسؤولين الصينيين مع بعض المسؤولين الأمريكيين، وتقول التقارير بأن جولة المحادثات هذه انعقدت في العاصمة الأمريكية واشنطن وجرت فعالياتها ضمن سياقات مبادرة الحوار الاقتصادي الاستراتيجي الصيني – الأمريكي.
* خلفيات مبادرة الحوار الاقتصادي الاستراتيجي الصيني – الأمريكي:
تم إطلاق مبادرة الحوار الاقتصادي الصيني – الأمريكي في عام 2006 في واشنطن وجمعت الرئيس الأمريكي جورج بوش بالرئيس الصيني هو جينتاو بهدف أن تتواصل جهود واشنطن وبكين للقيام بتفصيل العلاقات الاقتصادية الأمريكية – الصينية وأكدت المبادرة على ضرورة عقد لقاءات القمة الأمريكية – الصينية مرتين كل عام بواقع قمة واحدة كل ستة أشهر بحيث تنعقد إحداهما في العاصمة الأمريكية واشنطن والثانية في العاصمة الصينية بكين.
ولكن بعد صعود إدارة أوباما تم تبديل المبادرة بحيث لم تعد تنحصر في الحوار الاقتصادي وإنما أضيف لها بعد جديد واتسع اسم المبادرة بحيث أصبحت  "مبادرة الحوار الاقتصادي الاستراتيجي الأمريكي - الصيني"، وقد أدى هذا التعديل عملياً إلى توسيع هامش اختصاصات المبادرة وبدلاً من انحصار مفاعيلها التنفيذية بين وزارة الخزانة الأمريكية ونظيرتها الصينية، فقد أصبحت وزارة الخارجية الأمريكية ونظيرتها الصينية أطرفاً منخرطة في الإسهام في تفعيل المبادرة.
* الأداء السلوكي للمبادرة:
أشارت التقارير والمعلومات إلى أن جدول أعمال جولة اجتماعات مبادرة الحوار التي انعقدت خلال الأيام الماضية تضمنت الأجندة التالية:
• ملف التحفيز الاقتصادي: يعتبر الاقتصاد الصيني بمثابة الاقتصاد الأسرع نمواً ي العالم، بينما يعتبر نظيره الأمريكي الأوفر ثراءاً في العالم، وعلى هذه الخلفية تضمنت المشاورات والمفاوضات المزيد من النقاشات حول إمكانية تعاون الطرفين لتقوية انتعاش الاقتصاد العالمي إضافة إلى القيام بدعم جهود القضاء على عوامل ضعف الاقتصاد العالمي.
• ملف تصحيح التوازن الاقتصادي: يعاني الاقتصاد الأمريكي من ضغوط الأزمة المالية الزاحفة والتي دفعت أمريكا إلى اعتماد جهود الحد من الاستهلاك وتشجيع الادخار، أما النسبة للاقتصاد الصيني فإن المطلوب منه أن يقوم بزيادة معدلات الاستهلاك وخفض الادخارات بما يعني أن يستهلك الأمريكيون أقل ويدخروا أكثر، بينما يفعل الصينيون العكس، وتقول المعلومات أن الهدف من ذلك هو تقليل فوائض الحسابات الجارية الصينية.
• ملف التجارة والعملة: تعاني أمريكا من عجز تجاري يبلغ 266 مليار دولار في معاملاتها التجارية مع الصين، ولتصحيح هذا العجز المطلوب من الصين القيام بتحرير سعر صرف العملة الصينية بما يؤدي لتقليل الصادرات الصينية لأمريكا وزيادة الواردات الصينية لأمريكا.
• ملف الطاقة النفطية والتغير المناخي: تعتبر الصين وأمريكا البلدان الأكثر إسهاماً في رفع معدلات التلوث الكربوني والاحتباس الحراري وقد أكد الطرفان على ضرورة التعاون المشترك لجهة تخفيض هذه المعدلات.
• ملف الأنشطة النووية الكورية الشمالية والإيرانية: تفاهم الطرفان الأمريكي والصيني على ضرورة الالتزام من حيث المبدأ بإنفاذ متطلبات حظر انتشار الأسلحة النووية ويقول الأمريكيون أنهم لا يقيمون روابط لا مع إيران ولا مع كوريا الشمالية وبالتالي فإنه يتوجب على الصين مراعاة الالتزام بذلك إزاء علاقاتها وروابطها مع كوريا الشمالية وإيران.
• ملف المناطق المضطربة: يقول الأمريكيون أن أبرز المناطق المضطربة هي ميانمار (كمبوديا) والسودان وزمبابوي، وقد سعت أمريكا إلى عزل حكومات هذه البلدان وفرض العقوبات ضدها وبالتالي فإنه يتوجب على الصين السعي لفرض الضغوط على هذه الدول.
• ملف حقوق الإنسان: يقول الأمريكيون أن الولايات المتحدة ملتزمة باحترام حقوق الإنسان المنصوص عليها في القوانين والمواثيق الدولية، وبالتالي يتوجب على الصين وقف انتهاكات حقوق الإنسان ضد سكان إقليم سينغ يانغ والبوذيين في التبت إضافة إلى ضرورة توسيع هامش الحريات السياسية في الصين.
من خلال أجندة الحوار الاقتصادي الاستراتيجي الأمريكي – الصيني المشار إليها نلاحظ أن المطلوب من الصينيين هو تقديم التنازلات التي سوف لن يترتب عليها تحقيق التوازن في العلاقات الأمريكية – الصينية وإنما سيترتب عليها إضعاف القدرات الاستراتيجية الصينية وهو أمر سيترتب عليه إعاقة صعود الصين إلى مصاف القوى العظمى العالمية.
ظل الإدراك الأمريكي ينظر للصين باعتبارها مصدراً لتهديد المصالح الحيوية الأمريكية وعلى أساس هذه الفرضية سعت الإدارات الأمريكية إلى استهداف القدرات الصينية وكانت الاسترتيجية الأمريكية السابقة إزاء الصين ركزت على "مبدأ الاحتواء" ولكن كما هو واضح فإن الاستراتيجية الأمريكية الجديدة إزاء الصين سعت لاستبدال "مبدأ الاحتواء" بـ"مبدأ الحوار الاقتصادي" ثم وسعت نطاقه ليصبح "مبدأ الحوار الاقتصادي الاستراتيجي" الذي برز في جولة الحوار الأخيرة وبرز على شكل "مصيدة استراتيجية"، فهل ستقبل بكين الوقوع في هذه المصيدة أم أنها ستسعى للمناورة والإفلات؟


الجمل: قسم الدراسات والترجمة

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...