إتفاق "تاريخي" يضمن لإيران برنامجاً نووياً سلمياً

03-04-2015

إتفاق "تاريخي" يضمن لإيران برنامجاً نووياً سلمياً

بدو أن الاتفاق المبدئي بين إيران وقوى "5+1"حول تحديد مجال الأنشطة النووية الإيرانية لضمان بقائها في الإطار السلمي، قد حظي بموافقة دولية كبيرة، باستثناء إسرائيل الرافضة وفرنسا القلقة وبعض دول الخليج العربية المتخوفة من أن يكون التفاهم على حساب علاقاتها مع واشنطن ودورها في المنطقة لمصلحة دور إيراني اكبر. فقد توصلت إيران والقوى الست الكبرى، مساء اليوم الخميس، في لوزان إلى اتفاق تاريخي على "المعايير الأساسية" لحل أزمة برنامج إيران النووي، ما يشكل مرحلة أساسية على درب اتفاق نهائي بحلول 30 حزيران، بحسب ما أعلن مسؤولون غربيون وإيرانيون اليوم.
واختار الغربيون والإيرانيون وبينهم الرئيس حسن روحاني شخصياً، موقع التواصل الاجتماعي "تويتر"، لإعلان التوصل إلى اتفاق إطار إثر أيام من المفاوضات الماراثونية.
وأعلن الرئيس الإيراني حسن روحاني، في تغريدة على "تويتر" قبيل مؤتمر صحافي مشترك لإيران والقوى الكبرى في لوزان أن "حلولاً حول المعايير الرئيسية للملف النووي لإيران تم التوصل إليها. إن صياغة (الاتفاق النهائي) ينبغي أن تبدأ فوراً ليتم انجازه بحلول 30 حزيران".
وقال وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف، اليوم، إن التوصل إلى اتفاق نووي مع القوى العالمية الست لا يعني تطبيع العلاقات مع الولايات المتحدة، قائلاً: "العلاقات الأميركية الإيرانية لا صلة لها بهذا.. وهو ما كان محاولة لحل القضية النووية... لدينا خلافات كبيرة مع الولايات المتحدة".
وأضاف "انعدمت الثقة بيننا في الماضي... لذا آمل في إمكانية استعادة بعض الثقة من خلال التنفيذ الشجاع لهذا. لكننا سنوف ننتظر ونرى".

وفيما بدا أن الجمهوريين الذين يشكلون غالبية الكونغرس الأميركي بمجلسيه (الشيوخ والنواب) غير مرتاحين إزاء الاتفاق، أشاد الرئيس الأميركي باراك أوباما بالاتفاق "التاريخي" مع إيران مشيراً في الآن نفسه إلى أن ذلك لا يعني انتهاء العمل، كما نبّه إلى أن "العالم سيعلم" إذا مارست إيران الخداع، واعداً بإجراء "عمليات تحقق غير مسبوقة" للبرنامج النووي الإيراني.
وأعلن قائلاً في مؤتمر صحافي في البيت الأبيض عقب الإعلان عن الاتفاق: "اليوم، توصلت الولايات المتحدة مع حلفائها وشركائها إلى تفاهم تاريخي مع إيران سيمنعها من حيازة السلاح النووي في حال تم تطبيقه كاملا".
وأشار أوباما إلى الجهود التي بذلتها إيران من أجل التوصل إلى اتفاق في لوزان "فقد وفت بكل التزاماتها وتخلصت من مخزونها من المواد النووية الخطرة وازداد عدد عمليات تفتيش البرنامج النووي الإيراني. ولقد واصلنا المفاوضات لنرى ما إذا كان من الممكن التوصل إلى اتفاق أكبر".
وأضاف أن "إيران وافقت على نظام شفافية وعلى عمليات تفتيش هي الأكثر عمقاً في تاريخ التفاوض حول البرامج النووية"، مشدداً على أن إيران في نهاية المطاف لن يكون بإمكانها حيازة قنبلة تستخدم البلوتونيوم.
وفيما بدا تطميناً للخليجيين المتخوفين من إعطاء ايران دوراً أكبر في المنطقة على حساب الدول الخليجية، لفت أوباما الانتباه إلى إنه دعا قادة دول الخليح إلى قمة في كامب ديفيد في الربيع الحالي لبحث التعاون الأمني في المنطقة. وقال: "دعوت قادة دول الخليج الست الأعضاء في مجلس التعاون... من أجل بحث سبل تعزيز التعاون الأمني وحل مختلف النزاعات التي تتسبب بمعاناة شديدة وعدم استقرار في الشرق الأوسط".
كذلك، أعلن أوباما انه سيجري اتصالاً هاتفياً برئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، بينما رفضت إسرائيل الاحتفاء باتفاق إطار وصفته بأنه بعيد عن الواقع وتعهدت بمواصلة الضغط لمنع اتفاق نهائي "سيء".
وفي حين وصف مسؤول اسرائيل في القدس المحتلة الاتفاق بأنه "خطأ تاريخي"، قال وزير الشؤون الاستراتيجية يوفال شتاينتز، في بيان بعد الاعلان عن الاتفاق في سويسرا، ان "الابتسامات في لوزان بعيدة عن الواقع البائس الذي ترفض فيه إيران تقديم أي تنازلات بشأن الموضوع النووي وتواصل تهديد إسرائيل وكل الدول الأخرى في الشرق الأوسط".
وأضاف "سنواصل جهودنا للشرح وإقناع العالم على أمل منع اتفاق (نهائي) سييء"، معتبراً أنه في حال تصويت الكونغرس على رفض الاتفاق سيكون ذلك محرجاً للولايات المتحدة.

بدوره، قال وزير الخارجية الأميركي جون كيري، اليوم للصحافيين بعد الإعلان عن التوصل للاتفاق المبدئي في المدينة السويسرية، ان "التفاهم السياسي بما فيه من تفاصيل توصلنا إليها هي أساس قوي للاتفاق الجيد الذي نسعى للتوصل إليه" قبل نهاية حزيران المقبل.
وتابع: "لا يزال أمامنا الكثير من التفاصيل الفنية وغيرها من المسائل التي تحتاج لعمل" بما في ذلك احتمال رفع حظر أسلحة فرضته الأمم المتحدة وتحديث مفاعل أراك الذي يعمل بالماء الثقيل وموقع فوردو تحت الأرض، مضيفاً أن أميركا "ما زالت قلقة للغاية من أنشطة إيران التي تزعزع الاستقرار في المنطقة".
وأوضح أن مخزون اليورانيوم سيتم خفضه بنسبة 98 في المئة خلال 15 عاماً، فيما سيطرأ تغيير على الغرض من موقع فوردو تحت الأرض ولن يقوم بتخصيب اليورانيوم بعد اليوم وكذلك مفاعل المياه الثقيلة في آراك الذي سيتم تغييره لعدم إنتاج البولوتونيوم.

في المقابل، قال رئيس مجلس النواب الأميركي جون باينر إن إطار الاتفاق النووي يمثل "انحرافاً مثيراً للقلق" عن أهداف أوباما المبدئية.
ولم يحدد باينر كيف ابتعد الاتفاق عن أهداف التفاوض الأولية، لكنه قال إن الكونغرس يجب أن يراجع الاتفاق بشكل تام قبل رفع أي عقوبات مفروضة على إيران.
وتابع باينر انه "في الأسابيع المقبلة سيواصل الجمهوريون والديموقراطيون في الكونغرس الضغط على هذه الإدارة بشأن تفاصيل هذه المعايير والأسئلة الصعبة التي بقيت من دون إجابات",
وفي السياق نفسه، قال رئيس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ الأميركي السناتور بوب كوركر، إن من الضروري أن يراجع الكونغرس تفاصيل أي اتفاق نووي نهائي مع إيران وإن التأييد يتزايد لتشريع يتبناه للسماح بذلك.
وأضاف السناتور الجمهوري، في بيان: "إذا تم التوصل إلى اتفاق نهائي.. يجب أن تتاح الفرصة للشعب الأميركي من خلال ممثليه المنتخبين لإبداء الرأي للتأكد من قدرة الاتفاق حقا على القضاء على خطر البرنامج النووي الإيراني ومحاسبة النظام".
وأضاف أنه يتوقع "تصويتاً قوياً" من جانب لجنة العلاقات الخارجية عندما تدرس مشروع قانون مراجعة الاتفاق النووي الإيراني الذي سيقدمه في 14 نيسان.
أما الرئيس فرنسوا هولاند فقد رحب بالاتفاق الإطار، لكنه قال إنه لا يزال هناك المزيد من العمل قبل أن يكون هناك اتفاق مقبول. وأعلنت الرئاسة الفرنسية أنها "ستسهر" على أن يكون تطبيق الاتفاق الذي تم التوصل إليه مع إيران "موثوقاً به ويمكن التحقق منه"، محذرة من أن العقوبات "ستفرض مجدداً إذا لم يطبق الاتفاق".
وأضافت الرئاسة الفرنسية، في بيان، إن "فرنسا ستحرص كما تفعل دائما بالتنسيق مع شركائها، على ان يتم تنفيذ (التفاصيل) بهدف التوصل إلى اتفاق موثوق به ويمكن التحقق منه"، محذرة من أن "العقوبات التي رفعت يمكن ان تفرض مجددا اذا لم يطبق الاتفاق"
بدوره، قال وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس، للقناة الثانية الفرنسية من لوزان، ان "هذا اتفاق مرحلي يتضمن بعض التطورات الإيجابية بشكل لا جدال فيه لكن لا يزال هناك المزيد من العمل".
ومن جهتها، رحبت روسيا بالاتفاق، معتبرة انه يشكل اعترافاً بالحق "غير المشروط" لإيران في تطوير برنامج نووي مدني.
وقالت وزارة الخارجية الروسية، في بيان: "يستند هذا الاتفاق إلى المبدأ الذي عبر عنه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وهو الحق غير المشروط لاإران في برنامج نووي مدني".
وهذا الحق يشمل وفق موسكو "أنشطة تخصيب اليورانيوم في ظل مراقبة دولية ورفع كل العقوبات المفروضة على إيران".
وأضافت الوزارة الروسية "ليس هناك أدنى شك في أن الاتفاق حول النووي الإيراني سيكون له تأثير إيجابي على الوضع الأمني العام في الشرق الأوسط، إذ ستكون إيران قادرة على المشاركة في شكل أكثر فاعلية على حل عدد من المشاكل والنزاعات في المنطقة".
وأشارت إلى "عمل الخبراء الشاق" الذي سيلي هذه المرحلة لوضع المعايير التقنية، معتبرة أن الاتفاق يشكل "دليلاً واضحاً على انه بفضل الجهود الديبلوماسية والسياسية، يمكن حل المشاكل الأكثر صعوبة والأزمات".
وفي برلين، أكدت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، في بيان، أنه "مع (هذا التفاهم) أصبحنا اليوم أقرب من أي وقت مضى إلى اتفاق يمنع إيران من حيازة سلاح نووي".

وكشفت ورقة أميركية أن إيران وافقت اليوم على أن تخفض بشدة عدد أجهزة الطرد المركزي التي تستخدمها في تخصيب اليورانيوم من 19 ألف جهاز إلى 6104 وستقوم بتشغيل 5060 منها فقط، بموجب اتفاق نووي شامل ستوقعه في المستقبل مع الدول الست الكبرى.
وجاء في الورقة أن إيران ستحظى بتخفيف تدريجي للعقوبات الأميركية والأوروبية المتصلة بالبرنامج النووي مع إظهارها الالتزام بالاتفاق النووي الشامل الذي تسعى إيران والدول الست الكبرى لانجازه بحلول 30 حزيران. وطبقاً للورقة فإن هذه العقوبات سيعاد فرضها سريعاً في حالة إخفاق طهران في الالتزام ببنود الاتفاق.
وقالت الورقة إن العقوبات الأميركية على إيران بسبب "الإرهاب وانتهاكات حقوق الإنسان والصواريخ طويلة المدى ستبقى" بموجب الاتفاق النووي المستقبلي. وأضافت أن عمليات التفتيش القوية لسلسلة إمداد اليورانيوم في إيران ستدوم 25 عاماً.

وتضمنت الورقة موافقة طهران على عدم تخصيب اليورانيوم فوق معدل 3.67 في المئة لمدة 15 عاماً على الأقل، وأنها وافقت أيضاً على تقليص مخزون اليورانيوم منخفض التخصيب البالغ عشرة آلاف كيلوغرام إلى 300 كيلوغرام من اليورانيوم منخفض التخصيب بنسبة 3.67 في المئة لمدة 15 عاماً.
وأشارت الورقة أيضاً إلى موافقة طهران على عدم بناء أي منشآت جديدة لتخصيب اليورانيوم لمدة 15 عاماً.
وأوضح الاتحاد الأوروبي أن العقوبات الأميركية والأوروبية على إيران سيتم رفعها بحسب مدى احترام إيران لتعهداتها.
وأعلن المفاوضون الأوروبيون والإيرانيون، اليوم، أن الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة سيرفعان جميع العقوبات المفروضة على إيران بسبب برنامجها النووي عندما تتحقق الأمم المتحدة من أن طهران تطبق الاتفاق الذي يحد من برنامجها النووي.
وقالت وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي فيديريكا موغيريني أن "الاتحاد الأوروبي سيوقف تطبيق جميع العقوبات الاقتصادية والمالية المرتبطة ببرنامج إيران النووي، كما ستوقف الولايات المتحدة تطبيق جميع العقوبات الاقتصادية والمالية المرتبطة ببرنامج إيران النووي بالتزامن مع تطبيق إيران لالتزاماتها الرئيسية بعد أن تتحقق الوكالة الدولية للطاقة الذرية من ذلك".
وكانت وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي أول من غرد على "تويتر"، قائلة "أنباء سارة"، عصر اليوم. ثم تبعها وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف مؤكداً انه "تم التوصل إلى حلول".
ويتوج هذا الإعلان جولة مفاوضات ديبلوماسية ماراثونية تباحث فيها المفاوضون ليلاً نهاراً للتوصل إلى انتزاع تسوية تاريخية قبل إبرام اتفاق نهائي.
وفي المواقف أيضاً، رحب الأمين العام للامم المتحدة بان كي مون، بإعلان التوصل إلى اتفاق إطار حول البرنامج النووي الإيراني، مشيراً إلى انه سيمهد لتعزيز السلام والاستقرار في الشرق الأوسط.
وأعلن بان كي مون، في بيان تلاه المتحدث باسمه، إن "حلاً شاملاً عبر التفاوض للمسألة النووية الإيرانية سيساهم في السلام والاستقرار في المنطقة وسيمكن كل الدول من التعاون سريعاً للتعامل مع التحديات الأمنية الخطيرة التي تواجهها".

وأوضح ديبلوماسي غربي قبيل الإعلان "انه اتفاق اطار وهو لا يعني تسوية المشكلة بشكل نهائي. إنه يحدد المعايير الأساسية لاتفاق نهائي وتوضيحاً كافياً لتفادي الالتباس قدر الإمكان وجعل الخلافات مسيطراً عليها بأكبر قدر".
واتفاق اليوم لا يعني نهاية الأمر. وحتى مع نجاح المفاوضين في الاتفاق على الخطوط الكبرى وتحديد التوجهات بقدر كبير من الوضوح (وهي أمور قد لا تعلن كلها) فانه لا يزال يتعين توضيح التفاصيل التقنية لهذا الملف البالغ التعقيد للتوصل إلى اتفاق نهائي بحلول 30  حزيران.

وكالات

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...