الأبعاد السياسية والعسكرية لهندسة التفجيرات العراقية الأخيرة

24-04-2010

الأبعاد السياسية والعسكرية لهندسة التفجيرات العراقية الأخيرة

الجمل: شهدت الساحة العراقية يوم أمس الجمعة 23 نيسان (أبريل) 2010م, سلسلة من أخطر التفجيرات, التي روعت استقرار العراق, وألقت بالمزيد من الشكوك إزاء مصداقية العملية السياسية العراقية الجارية حاليا في مرحلة ما بعد الانتخابات العامة الأخيرة:

هندسة التفجيرات العراقية:
تقول التقارير والمعلومات, بأن مسلسل التفجيرات العراقية الأخيرة, قد تم تنفيذه عبر ثلاثة انفجارات, تميزت بالآتي:
• استهداف المساجد الشيعية الرئيسية الكبيرة.
• تزامن التفجيرات مع لحظة خروج المصلين عقب صلاة الجمعة.
• سقوط الأعداد الكبيرة من القتلى والجرحى.
وعلى خلفية هذه المؤشرات, فقد سعت التحليلات السياسية إلى قراءة ملف التفجيرات على أساس المعطيات الآتية:
• إن هذه التفجيرات تم التخطيط لها وتنفيذها من أجل استهداف الشيعة العراقيين الذين يشكلون 70% من المجتمع العراقي.
• إن هدف هذه التفجيرات هو رفع وتائر الغضب والحنق بما يؤدي إلى دفع الشيعة العراقيين لتنفيذ المزيد من العمليات الانتقامية ضد الأطراف الأخرى.
وأكدت التحليلات إضافة لذلك, بأن هذه التفجيرات, هدفت بشكل أساسي إلى ردع الكتل السياسية الشيعية (الائتلاف الوطني العراقي وائتلاف دولة القانون) من أجل الآتي:
• فهم رسالة واضحة مفادها, إن الشيعة العراقيين, مهما كان حجمهم السكاني كبيرا, ومهما كان وزنهم السياسي أكبر, فإنه ليس بمقدورهم فرض سيطرتهم السياسية الكاملة على الساحة السياسية العراقية.
• ردع الائتلاف الوطني العراقي, وتحالف دولة القانون من مغبة بناء تحالف شيعي جديد موحد, يسعى إلى الائتلاف مع الأكراد, وإقصاء الأطراف والقوى السياسية السنية.
• ردع طهران من مغبة الاعتماد على القوى السياسية الشيعية العراقية وحدها كوسيلة للسيطرة السياسية على العراق.
حتى الآن, لم تظهر بالشكل الواضح ردود أفعال القوى السياسية الشيعية العراقية, ولكن ما كان لافتا للنظر يتمثل في صور قوة التيار الصدري الرمزية هذه المرة, عندما أعلن التيار على لسان زعيمه مقتدى الصدر الحداد لفترة ثلاثة أيام على أرواح ضحايا انفجارات يوم أمس الجمعة.

سيناريو عودة الحرب السرية وفرق الموت العراقية؟
من المعروف والثابت أن العراق قد ظل مسرحا واسعا لنشاط فرق الموت خلال النصف الثاني من عام 2006م والنصف الأول من عام 2007م, وقد اتسم نشاط فعاليات فرق الموت العراقية خلال هذه الفترة بالآتي:
• تورط كل القوى السياسية العراقية في فعاليات فرق الموت.
• تصفية أعداد كبيرة من العراقيين وغير العراقيين قدرتها بعض المصادر بحوالي مليون شخص.مناطق تمركز القوات الأميركية في العراق
هذا وأشارت التحليلات إلى أن فعاليات عمليات فرفق الموت العراقية, لم تركز حصرا على عمليات التطهير العرقي, وإنما ارتبطت بالمزيد من فعاليات توجيه وإعادة توجيه مفاعيل الضغط السياسي, بهدف إجبار الخصم على تقديم التنازلات وتغيير موقفه السياسي.
تشير التوقعات الجارية إلى احتمالات كبيرة بعودة فعاليات فرق الموت العراقية ولكن, هذه المرة, سوف تأخذ بعدا إضافيا جديدا, وبكلمات أخرى, تشير بعض التسريبات الأميركية الصادرة اليوم إلى الآتي:
• سعت بعض الأطراف الأميركية الرافضة لمبدأ سحب القوات الأميركية من العراق, لجهة القيام بتقويض الأمن والاستقرار في العراق, بما يؤدي إلى المزيد من الفوضى وعمليات العنف الجماعي.
• الضغط على الإدارة الأميركية, لجهة العدول عن قرار سحب القوات الأميركية من العراق.
تأكيدا لهذه المعلومات, نشير إلى التحليل الذي نشره اليوم الخبير الأميركي جورج فريدمان على موقعه الإلكتروني, والذي طالب فيه إدارة أوباما بضرورة القيام بوضع الخطة "ب" الخاصة بالعراق, والتي يتوجب اللجوء لتطبيقها في حالة تزايد الفوضى والتفجيرات والاضطرابات, وإضافة لذلك, فقد أوضح, فريدمان, بأن الخطة "ب" الجديدة يجب أن تتعلق بخيار العدول عن سحب القوات الأميركية من العراق, وذلك بما يتيح لإدارة أوباما القيام بالآتي:
• أميركيا: تنفيذ حملة بناء ذرائع جديدة, تسوق إدارة أوباما من خلالها لمدى أهمية استمرار وجود القوات الأميركية في العراق.
• عراقيا: إعادة نشر القوات الأميركية في المدن والمناطق العراقية الني سبق وانسحبت منها.
• عربيا: حث حلفاء أميركا في المنطقة لجهة القيام بدعم وتمويل استمرار وجود القوات الأميركية في العراق.
هذا, وقد لمح تقرير جورج فريدمان, إلى أن تفجيرات الجمعة العراقية, تمثل "الموازن" للمناورات العسكرية الإيرانية الجارية حاليا في مياه الخليج, وبكلمات أخرى إذا كانت إيران قد سعت إلى ردع واشنطن والسعودية من مغبة التدخل وعرقلة سيطرة الشيعة العراقيين على مقاليد الأمور في بغداد, فإن تفجيرات الجمعة قد سعت إلى ردع طهران وحلفاءها الشيعة العراقيين من مغبة السعي لجهة السيطرة على الساحة العراقية.
برغم هذه التفسيرات, فهناك نظرية تفسيرية تفترض أن تنظيم القاعدة هو الذي قام بتنفيذ هذه التفجيرات, وذلك انتقاما لمقتل زعيميه الرئيسيين في العراق خلال العملية الأخيرة, وسعت هذه النظرية التفسيرية إلى التأكيد على أن اقتصار هذه التفجيرات على استهداف المساجد الشيعية الرئيسية حصرا هو أمر يعكس توجهات تنظيم القاعدة في العراق، والتي ظلت منذ فترة طويلة أكثر تركيزا في استهداف المجتمع الشيعي العراقي. وبرغم ذلك, فإن نقطة ضعف هذه النظرية التفسيرية تتمثل في نقطتين هما:
• إن تنظيم القاعدة في العراق أصبح أكثر ضعفا, إضافة إلى أن قيادته أًصبحت أكثر إدراكا لرفض الشيعة العراقيين لاستمرار الوجود العسكري الأميركي في العراق.
• إن ظهور تحليل جورج فريدمان الخبير الاستخباري الأميركي, بشكل متزامن مع هذه التفجيرات يعكس بقدر كبير مدى احتمالات تورط بعض الأطراف الخفية الأميركية والتي ظلت تعارض بقوة إجراء أي انسحاب عسكري أميركي من العراق.
من المتوقع أن تشهد الساحة السياسية العراقية, المزيد من عمليات التعبئة السلبية الفاعلة خلال الأسبوع القادم, وعلى وجه الخصوص إذا تزايدت الخلافات بين الكتل السياسية حول تشكيل الائتلاف العراقي الحاكم الجديدة, وتقول المعلومات, بأن مشاركة القائمة العراقية سوف تظل تمثل حجر العثرة الرئيسي في بناء الائتلاف الحكومي, وبكلمات أخرى, إذا كان الائتلاف الوطني العراقي, وائتلاف دولة القانون, قد أقرا الاتحاد, فإن المشكلة الماثلة سوف تظل متمثلة في المفاضلة بين خيار منح كتلة القائمة العراقية منصب الرئيس العراقي وخيار منح هذا المنصب للتحالف الكردستاني, وحاليا, مازالت كتلة القائمة العراقية تطالب بقوة بمنصب الرئيس العراقي, وهو الأمر الذي سوف لن يترتب عليه سوى إخراج التحالف الكردستاني من التشكيلة الحكومية, الأمر الذي سوف يعزز النزعة الانفصالية الكردية, ويضع مستقبل وحدة العراق مرة أخرى في دائرة خطر الانفصال والتقسيم!!!

الجمل: قسم الدراسات والترجمة

 

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...