هيكل: مصالح واشنطن بحوزة العرب وسياستها في معظمها انحياز ضدهم

30-05-2008

هيكل: مصالح واشنطن بحوزة العرب وسياستها في معظمها انحياز ضدهم

وصف الكاتب الصحافي الكبير الأستاذ محمد حسنين هيكل العلاقات الأمريكية - العربية بأنها صارت "أشبه بسؤال معلق يملأ آفاق هذه المنطقة منذ ستين عاماً وأكثر، من دون أن يتمكن أحد من حل لغزه أو كشف سره"، واعتبر أن العرب عرايا أمام المرايا من أجل صنع المثال الذي يرضي أمريكا.

وتساءل هيكل في كلمة قصيرة قدم بها محاضرة ليلة أمس الخميس للدكتور "ستيفن والت" أستاذ العلوم السياسية في جامعة "هارفارد"، دعت إليها مؤسسة "هيكل للصحافة العربية" في الجامعة الأمريكية، وحضرها نخبة من المثقفين والسياسيين في مصر: "كيف يمكن أن تكون مصالح الولايات المتحدة الأمريكية في الشرق الأوسط جميعها في حوزة العرب من المواقع إلى الموارد، ثم تكون سياسة الولايات المتحدة في معظمها انحيازاً ضد العرب، إلى درجة الجفاء والخصام؟". وقال هيكل إن الانحياز الأمريكي الجارف نحو "إسرائيل" تسبب في إساءات بالغة إلى العلاقات العربية - الأمريكية، ومع ذلك فإن العرب في ارتباكهم -وبالتحديد بعض الكبار من ساستهم- لم يقصروا في لوم أنفسهم، حتى ظهر بينهم من رأوا أن مسؤولية هذه الأحوال تقع بكاملها على هذه الناحية، وليس على الناحية الأخرى مسؤولية شيء منها، وعليه فإنه -بدلاً من الحيرة والارتباك- يكون الأجدى للعرب ترويض الذات وتهيئة المستقبل لعصر يظهر أمامهم زماناً أمريكياً له سلطانه، وله أحكامه.

وقال هيكل: "لقد وقف العرب عرايا أمام المرايا للبحث عن العيوب والذنوب، وغاية أملهم صنع مثال لما يتصور بعضهم أن الولايات المتحدة تريد أن تراه فيهم وهم يتقدمون إلى طلب قبولها ورضاها، وقد بادر أصحاب ذلك الأمل بإصرار، فأزالوا ما ظنوه تشوهاً هنا أو ترهلاً هناك، وأصلحوا بالحقن ما رأوه غائراً من حفر الزمان، وعالجوا بالجراحة أنوفاً وشفاهاً حتى تصبح أكثر اتساقاً، أو أكثر امتلاء، ورفعوا جفوناً وشفطوا بطوناً، وجربوا بالأدوية والمساحيق والعطور مما عرفوه -أو لم يعرفوه- لكي يؤثروا ويأسروا، وبالغ الشطار منهم حتى وصلوا إلى حد تغيير الأنساب وإنكار الأصول ليعرضوا أصولاً مختلفة بعد أن هيأوا الأسباب لحاضر مغاير، ووصل بهم الأمر إلى حد إطلاق النار على مراحل من التاريخ العربي، لكي تبين صورتهم المرسومة المستجدة من دون خلفيات تشوش على حُسنها، وقد ظنوا أن ما صنعوه، سوف يعجب العين الأمريكية ويخطف قلبها".

واعتبر هيكل أن العرب "أضافوا المال إلى الجمال حين رأوا وضْع معظم استثماراتهم المادية والإنسانية، الإقليمية والعالمية، تحت تصرف الولايات المتحدة ورهن أمرها، وأنهم ظلوا صابرين على رأسمالهم المادي وأرصدتهم الإنسانية أكثر من ثلاثين سنة، لم يدققوا خلالها ولم يحاسبوا، وعندما جاءت لحظة حقيقية أمام الكنيست "الإسرائيلي"، وفي ذكرى نكبة فلسطين يوم الرابع عشر من هذا الشهر (مايو/ أيار 2008)، اكتشف العرب أن استثماراتهم السياسية والدولية -المعنوية والمادية- نفدت، وأن حسابهم لدى الولايات المتحدة مدين - مكشوف، وعليهم تسوية عجزه والسداد من الجسد الحي للأوطان إذا لزم، وإلا عرّضوا أنفسهم للملاحقة وبعدها العقاب".

ولفت هيكل إلى ما وصفه بالأصوات الهامسة التي بدأت تظهر مؤخراً في الولايات المتحدة، وتطرح تساؤلات عن موجبات هذا الانحياز الأمريكي المطلق ل"إسرائيل"، وتحذر من أضراره على مستقبل المصالح الأمريكية في الشرق الأوسط وعلى سلام هذه المنطقة، وحتى على مستقبل "إسرائيل" ذاته، إلا أن هذه الأصوات -حسب وصفه- ما زالت عند درجة التمتمة الخافتة، إذا قورنت بدوي ذلك الهدير الصاخب المؤيد ل"إسرائيل"، حتى وإن بان لنا أن بعض الضوضاء ضجة جوفاء بالتصنع، فارغة من الصدق.

المصدر: الخليج

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...