نار الثورة البرتقالية الأوكرانية تصل إلى أوروبا

29-06-2006

نار الثورة البرتقالية الأوكرانية تصل إلى أوروبا

التطورات الأخيرة على الساحة السياسية في أوكرانيا تلقي بالمزيد من الزيت على نار المخاوف الأوروبية في مجال إمدادات الطاقة، اذ وضعت اوروبا في حيرة إضافية من أمرها.
فمن جهة، هللت أوروبا لنجاح أنصار <الثورة البرتقالية> في تشكيل ائتلاف ثلاثي لتولي الحكم، اثر ثلاثة أشهر من المفاوضات المكثفة التي تبعت الانتخابات البرلمانية، بل شجعت الحكومة الجديدة، التي ستترأسها يوليا تيموشينكو، على الإسراع بالإصلاحات اللازمة لتأهيلها للالتحاق بالاتحاد الأوروبي.
إلا أن رد الفعل الأوروبي هذا لا يكفي لطمس معالم الخوف من أن يؤدي غضب موسكو تجاه هذا الائتلاف، الذي وصفه أعضاء في البرلمان الروسي ب<المعادي>، إلى استخدام روسيا قضية الطاقة كورقة مساومة، ما يؤدي إلى نتائج <كارثية> في أوكرانيا، ومن ثم في القارة كلها.
والوقت ضيق للغاية، فمن المتوقع أن يصادق البرلمان الأوكراني على الحكومة الجديدة في 27 حزيران الحالي، أي قبل 3 أيام من انتهاء المهلة التي منحتها موسكو لكييف لرفع سعر الغاز الذي تورده لأوكرانيا، من 95 دولاراً حاليا الى130 دولاراً لكل ألف متر مكعب، وإلا فإنها ستوقف الضخ، وهو الخطر الذي يهدد أوروبا وليس فقط أوكرانيا، إذ أن 80 في المئة من إمدادات الغاز الروسي لأوروبا، الذي يمثل ربع احتياجاتها، يمر عبر الأنابيب الأوكرانية.
وعلى الرغم من الآمال الأوروبية بالتوصل إلى حل مع روسيا، خلال قمة في تموز المقبل، يتيح ضمان الإمدادات واستقرارها، إلى حين الانتهاء من خط أنابيب الغاز الجديد، الذي لا يعبر أراضي اوكرانيا، خلال 4 أو 5 سنوات، فإن أوروبا تشعر بعدم اليقين على ضوء عاملين مهمين، حيث كانت الدول الأوروبية، وعلى رأسها ألمانيا وفرنسا، تأثرت في بداية العام الحالي، من تبعات قرار روسيا برفع أسعار الغاز وخفض إمداداتها لأوكرانيا، كوسيلة لقمع <الثورة البرتقالية> الحاكمة وخنقها اقتصادياً، وإن كانت موسكو قد تعللت في النهاية بقسوة البرد في الشتاء الماضي كمبرر أجبرها على ذلك الخفض.
كما أن أوروبا تتخوف، من تصعيد روسيا لتهديداتها المفتوحة بتحييد إمداداتها تجاه الصين والهند مثلا، ما لم ترضخ لطموحها التوسعي، من خلال شراء حصص في رأسمال بعض كبرى شركات الطاقة الأوروبية.
وأجبر القلق الأوروبي المتزايد قادة الاتحاد، خلال قمتهم في الربيع الماضي، على الربط مباشرة بين الطاقة والسياسة الخارجية والأمنية، والتخطيط لتنويع مصادر التموين، نظرا إلى أن 50 في المئة من استهلاك الاتحاد من الغاز يأتي من 3 دول، هي روسيا والنروج والجزائر، وهي نسبة يقدر أن تبلغ 80 في المئة بعد ربع قرن. وتعتبر روسيا أكبر ممون فردي لأوروبا، بنسبة 25 في المئة من النفط والغاز.
كما تتخوف أوروبا من مماطلة روسيا في إبرام اتفاق أو ميثاق طاقة، يتيح لها استخدام أنابيب وشبكات موسكو للتمون من بلاد أخرى مثل تركمانستان وكازاخستان، ونوايا موسكو في عرقلة مخططات أوروبا لاستيراد الطاقة من جورجيا وأرمينيا وأذربيجان.


باهر كمال

المصدر: السفير

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...