روسيا تضع تصورها لمستقبل عمل الأمم المتحدة من أجل سلام العالم

29-09-2012

روسيا تضع تصورها لمستقبل عمل الأمم المتحدة من أجل سلام العالم

أكد وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف أن الدول التي تعارض تنفيذ بيان جنيف الخاص حول سورية تتحمل مسؤولية جسيمة فهي حين تطالب الحكومة السورية فقط بوقف العنف بينما تشجع المعارضة على مواصلة العمليات القتالية تدفع سورية أكثر إلى هاوية اقتتال الأخوة ومواصلة عسكرة الأزمة.

وقال لافروف في كلمة له أمام الدورة السابعة والستين للجمعية العام للأمم المتحدة أمس: " إن على المجتمع الدولي بذل جهود متضامنة ترغم أطراف الأزمة في سورية على إيقاف العنف فورا والجلوس إلى طاولة المفاوضات وإعداد حل وسط حول محتوى الإصلاحات التي ترضي جميع السوريين بمختلف شرائحهم وأطيافهم على أساس بيان جنيف الذي أعد على أساس تطوير خطة كوفي عنان".

وأكد لافروف أن روسيا تدعم الشعوب في سعيها إلى تقرير مصيرها بنفسها وشق طريقها نحو نماذج إدارة الدولة الأكثر فعالية ولكنها تؤكد على ضرورة أن تتم التحولات بدون اللجوء إلى العنف وبدون تدخل خارجي.

وقال لافروف: " إن من واجب جميع أعضاء المجتمع الدولي إبداء الاهتمام بأن تكون منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا مسالمة ومستقرة وديمقراطية وخالية من النزاعات سواء الداخلية أو بين الدول ولكن لم يتسنى بعد توحيد جهود اللاعبين الخارجيين في مضمار تهيئة الظروف من أجل بلوغ هذه الأهداف".

وشدد لافروف على ضرورة ألا يوءدي ما يجري في المنطقة إلى وضع تسوية القضية الفلسطينية على الهامش داعيا إلى تحقيق التسوية الشاملة والعادلة التي تكون إحدى نتائجها إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة القادرة على البقاء.

وأكد لافروف على أهمية عقد الموءتمر الخاص بشأن إخلاء منطقة الشرق من أسلحة الدمار الشامل ووسائل إيصاله في عام 2012 بمشاركة جميع دول المنطقة التي يجب أن تصل إلى وحدة الرأي فيما بينها بصدد جميع الاتفاقات الرئيسية.

وقال لافروف: "إن جهودنا يجب أن ترتكز على الأساس المتين لميثاق هيئة الأمم المتحدة الذي لا يتضمن أي بند يعطي الحق لأي أحد بالقيام بتغيير أنظمة الدول كما أنه لا يجيز السماح بأن تفرض على الشعوب الأنظمة السياسية في بلدانها".

وأوضح لافروف أن مجمل تسلسل الأحداث في العالم العربي وغيره من المناطق يدل على عقم مثل هذه السياسة التي يمكن أن تقود إلى التراكم الخطر للنزاعات في العلاقات الدولية.

وقال لافروف: "إن من واجب الدول كافة أن تحمي نفسها من الاستفزازت والإساءة إلى المشاعر الدينية ولكن لا يوجد تبرير للأفعال الإرهابية بغض النظر عن أماكن ارتكابها أو الاعتداءات على الدبلوماسيين وموظفي هيئة الأمم المتحدة".

وبين لافروف أن العالم يمر بمرحلة انتقالية تتميز بعدم الاستقرار في ميادين الاقتصاد والسياسة والعلاقات بين الحضارات وتتسم بأهمية خاصة قدرة الدول الأعضاء في هيئة الأمم المتحدة على الارتكاز على أحكام السلوك المرعية والاتفاق على التعامل المشترك مع الأخطار على الاستقرار في العالم.

وأكد لافروف أنه لا يجوز السماح بأن تقود الأفعال غير المسؤولة التي تمليها المصالح الآنية إلى زعزعة منظومة القانون الدولي كلها لافتا إلى أن إعطاء تأويلات لبعض المبادئ الهامة مثل التخلي عن استخدام القوة أو التهديد بها والحل السلمي للخلافات واحترام سيادة الدول ووحدة أراضيها وعدم التدخل في شوءونها الداخلية تجلب الخطر على النظام العالمي.

وقال لافروف: "إن هذه المبادئء هي الأساسية لميثاق هيئة الأمم المتحدة التي ألقيت بموجبها على مجلس الأمن المسؤولية الرئيسية عن صيانة السلام والأمن في العالم وينبغي لدى إصلاح المنظمة الحفاظ على قدرة مجلس الأمن على تنفيذ هذه الوظائف لأن من شأن حرفها حرمان المجتمع الدولي من أهم آلية لاتخاذ مواقف مشتركة من تسوية الأزمات".

ولفت لافروف إلى أن فرض العقوبات يعتبر وبحسب ميثاق الأمم المتحدة من صلاحيات مجلس الأمن حصرا ومثل هذا القرارات يجب أن تصدر بالإجماع مع الأخذ بعين الاعتبار أن العقوبات يجب أن تساعد ليس على عزل هذه الدولة أو تلك بل على دفعها إلى الحوار بهدف إزالة المشاكل التي تظهر لدى أعضاء هيئة الأمم المتحدة.

وأكد لافروف ضرورة أن تدرس العقوبات بحيث لا تجلب الآلام إلى السكان مشيرا إلى أن العقوبات الأحادية الجانب التي تفرضها دولة أو مجموعة من الدول بالالتفاف على هيئة الأمم المتحدة من أجل بلوغ أهدافها السياسية تضعف وحدة المجتمع الدولي وتنسف فعالية جهوده ولن تجلب أي فائدة.

وشدد لافروف على أن قضية حماية السكان المدنيين مسألة خطيرة جدا ولا يجوز استغلالها من أجل تحقيق أهداف سياسية داعيا إلى مناقشة مبدأ المسؤولية عن الحماية على أساس المواقف التي تم إقرارها في قمة هيئة الأمم المتحدة عام 2005 والتي أكدت ضرورة الالتزام بمبادئ الميثاق فيما يتعلق بالموقف من النزاعات الداخلية في الدول.

وقال لافروف: " إنه بات واضحا للجميع أن فترة القطبين الشاذة زالت وأنه لا يوجد مكان للقطب الواحد في العالم المعاصر وأن الأوضاع الواقعية في العالم لا يمكن أن تكون إلا متعددة المراكز وهناك فرصة نادرة لتحقيق القدرات الأولية لميثاق هيئة الأمم المتحدة بصورة كاملة".

وأشار لافروف إلى أن تعزيز الثقة والأسس الجماعية في الحياة الدولية مع التركيز على البحث عن الحلول الوسط عبر المفاوضات سيساعد كثيرا على خفض مستوى عدم الاستقرار والمضي قدما في تسوية الازمات ليس في الشرق الاوسط فقط بل وكذلك حول ايران وافغانستان وشبه الجزيرة الكورية وكل مكان في العالم.

وأضاف لافروف: "إن الهدف النهائي للجهود في مجال تسوية النزاعات هو إحقاق الحق في الحياة وغيره من حقوق الإنسان الأساسية السياسية والاقتصادية والاجتماعية دون أن يتحول ذلك إلى ذريعة للتدخل غير القانوني في الشوءون الداخلية للدول حيث أن أحداث الأعوام الأخيرة توءكد أنه لا يمكن الالتزام بحقوق الإنسان بدون السلام الوطيد والتطور المستمر".

ونوه لافروف إلى أن اللائحة العامة لحقوق الإنسان تنص على أن كل إنسان يتمتع بالحق في وجود مثل هذا النظام الدولي الذي تصان فيه حقوقه أما الجهة التي تستخدم القوة العسكرية والعقوبات بالالتفاف على ميثاق الأمم المتحدة وترسل الأسلحة بصورة غير مشروعة وتحمي الإرهابيين فإنها تنتهك الميثاق انتهاكا فظا.

ودعا لافروف إلى تنفيذ اللائحة العامة لحقوق الإنسان واحترام القيم التقليدية التي تقوم عليها الحضارة الإنسانية التي هي واحدة لدى جميع الأديان العالمية لأن ذلك يعتبر الأساس الأخلاقي للحياة في المجتمع المعاصر الذي يلاحم بين الأمم والشعوب.

ولفت لافروف إلى أن الاتفاقية الدولية حول الحقوق المدنية والسياسية تحظر بشكل مباشر الدعاية للحرب وتأجيج الشقاق القومي والديني كما أن حرية الكلمة والاجتماع لا يمكن استغلالها كتبرير للدعاية إلى الأفكار المتطرفة خلافا للمبادئء والأحكام الأساسية للقانون الدولي.

وأعرب لافروف عن أسفه لأن بعض الدول الغربية صوتت ضد قرار حول الارتباط المتبادل بين حقوق الإنسان والقيم الإنسانية التقليدية صادق عليه مجلس حقوق الإنسان التابع لهيئة الأمم المتحدة يوم أمس بطلب من روسيا.

وأشار لافروف إلى أنه لا يمكن بلوغ الشراكة الحقيقية في العلاقات الدولية إلا على أساس التكافوء والاحترام المتبادل كما أن مجمل سير الأحداث في العالم لا يترك أي بديل آخر سوى توحيد الجهود من أجل بناء نظام دولي مستقر وعادل وديمقراطي.

وقال لافروف: " إن من الممكن في بعض الوقت مقاومة هذا الاتجاه الموضوعي ومحاولة الإبقاء على الأنظمة القديمة لكن ثمن المقاومة سيكون فقط سقوط ضحايا جدد ومعاناة وآلام ودمار داعيا إلى إبداء الحصافة والوقوف ليس إلى جانب تاريخ القرون الغابرة بل إلى جانب التاريخ الجاري صنعه الآن والذي هو بأمس الحاجة إلى الحكمة الجماعية لرجال الدولة". 

                                                                                                                       وكالات

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...