حرب باردة بين سورية ومصر

29-01-2009

حرب باردة بين سورية ومصر

شهد الحفل الخيري الذي نظمه الهلال الاحمر السوري في العاصمة دمشق وشارك فيه المطرب والموسيقي اللبناني المعروف مارسيل خليفة تحت شعار "سنصمد" من اجل جمع التبرعات لغزة اقبالا كبيرا رغم ان ثمن البطاقة خمسة اضعاف السعر العادي.

خلال الحرب الاسرائيلية الاخيرة على قطاع غزة جمع الهلال الاحمر السوري تبرعات اكثر من اي دولة عربية اخرى.

هذا الموقف كان مناقضا لموقف العديد من الدول العربية التي تصنف في خانة الدول المعتدلة مثل مصر والسعودية.

ويرى البعض ان الخلافات المريرة بين الدول العربية شجعت اسرائيل على تنفيذ مخططها والهجوم على قطاع غزة.

يعيش في سورية اكثر من نصف مليون لاجىء فلسطيني لجأوا اليها خلال عامي 1948 و1967 ومخيم اليرموك الذي تحول الى احد احياء دمشق حاليا يضم اكبر تجمع لهم.

خلال تجوالنا في المخيم كان بالامكان روؤية اعلام حركة حماس الخضراء وصور مقاتليها الذين يحملون الاسلحة في كل مكان تقريبا.

قال احد الاشخاص الذين التقينا بهم غاضبا " ان الدول الاوروبية والعربية الاخرى تكره سورية بسبب وقوفها الى جانب المقاومة ويحاولون تركيعها مثل الدول العربية الاخرى التي تعيش على الاموال الغربية".

وخلال دقائق تجمع حولنا حشد من الناس وبدا الجميع موافقين على ما اعلنه هذا الشخص واضاف اخر "لو كان كل العرب مثل الرئيس بشار الاسد لانتصر الفلسطينيون منذ مدة طويلة".

ينظر الناس هنا الى مصر باعتبارها الدولة الشريرة ويدينون عدم سماحها بفتح معبر رفح مع قطاع غزة واغاثة سكان غزة المحاصرين.

يقول طارق، مصري يعمل في دمشق، انه لا يفهم لماذا تفتقر مصر الى دور قيادي في المنطقة وتقف عكس التيار.

واضاف انه يحاول اخفاء لهجته المصرية لتفادي النقاشات مع الاخرين الذين يرون موقف مصر باعتباره خيانة.

النخبة السياسية في سورية لها نفس موقف الشارع السورية وترى ان احداث غزة الاخيرة اثبتت خطأ مواقف الدول العربية الاخرى مثل مصر والسعودية عندما راهنت على النوايا الحسنة لاسرائيل والولايات المتحدة.

وهو الموقف الذي يشاطره الدكتور سمير التقي، رئيس مركز الشرق للدراسات الدولية المقرب من الحكم في سورية، والذي اضاف ان موقف سورية اصبح اقوى في المنطقة الان.

واشار التقي الى ان "الامريكيين والاسرائيليين اضعفوا موقف حلفائهم وعززوا مواقف خصومهم حيث خاب الامل في الانظمة التي تسير خلف الولايات المتحدة بينما تعزز الرهان على المقاومة".
لكن البعض يرى ان من المبكر معرفة الطرف الرابح في الحرب الباردة بين الدول العربية، ويقول بيتر هارلينج من مجموعة الازمات الدولية في دمشق ان " ان حسم الصراع ما زال بعيدا رغم شراسته ومرارته".

نجحت سورية مؤخرا في كسر العزلة التي تعيشها منذ عدة سنوات واجرت محادثات سلام غير مباشرة مع اسرائيل توقفت مع الحرب الاسرائيلية على غزة، لكن يصعب الان على سورية العودة الى هذه المفاوضات بعد " حشد الشارع العربي والسوري خصوصا ضد اسرائيل" كما يقول هارلينج.

ورغم المحاولات الاخيرة خلال القمة العربية في الكويت للمصالحة بين سورية وقطر من جهة ومصر والسعودية من جهة اخرى بقي المزاج العام غير مستعد للمساومة.

يعتقد الناس هنا ان مشاهد الدمار في غزة تثبت صواب موقف سورية والجماعات المسلحة الموالية لها من اسرائيل وان بقية العالم العربي سيتخذ نفس الموقف عاجلا ام اجلا.

 

كاثرين ميلر

المصدر: BBC

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...