المفاوضات الأمريكية السرية مع حركة طالبان

25-10-2010

المفاوضات الأمريكية السرية مع حركة طالبان

الجمل: تحدثت بعض التقارير والتسريبات الواردة من بعض المصادر العليمة في العاصمة الأمريكية واشنطن والعاصمة الأفغانية كابول عن وجود مساعي حثيثة جارية لجهة إجراء مباحثات ومفاوضات مع حركة طالبان بما يتيح التوصل إلى اتفاق ينهي الصراع المسلح الجاري حالياً في أفغانستان: فما هي حقيقة التحركات الجارية؟ وما مدى مصداقية سرديات التفاوض مع حركة طالبان؟ ومن هم اللاعبون الحقيقيون الذين يملكون مفاتيح إدارة الصراع في منطقة أفغانستان؟
* المفاوضات مع حركة طالبان: توصيف المعلومات الجاريةمراحل انتشار حركة طالبان الأفغانية
تقول المعلومات بأن الرئيس الأفغاني الحالي حامد كرزاي قد تحدث قائلاً بأن حكومته قد أجرت بعض الاتصالات الأولية مع بعض رموز حركة طالبان الأفغانية، وتقول بعض المعلومات الإضافية بأن الإدارة الأمريكية وقيادة حلف الناتو قد رأت في هذه الاتصالات بصيص أمل لاحتمالات التوصل إلى مخرج من مأزق الحرب الأفغانية. ولكن، وعلى الجانب الآخر، فقد نفت مصادر حركة طالبان المفاوضات قائلةً بأنها مجرد بروباغندا دعائية، وبرغم وجود التصريحات المتضاربة والمتعاكسة، فإن أبرز المعلومات الواردة حول موضوع المفاوضات مع طالبان يمكن الإشارة إليها ضمن النقاط الآتية:
•    نشرت صحيفة واشنطن بوست الأمريكية تقريراً أكد بأن حكومة كرزاي الأفغانية قد عقدت محادثات سرية مع بعض مندوبي حركة طالبان وذلك عن طريق بعض الوسطاء الأفغان والباكستانيين والعرب المقربين من زعيم حركة طالبان الأفغانية الملا محمد عمر الذي يقود مجموعة طالبان التي تندرج ضمن مظلة تحالف كويتاشوري طالبان.
•    نشرت وكالة رويترز تقارير أكدت من خلالها أن الأطراف الرئيسية في الصراع الأفغاني تقوم حالياً بشكلٍ حثيث في دراسة وفحص السبل التي يمكن أن تفسح المجال أمام التوصل إلى صفقة مع حركة طالبان تنهي الحرب الأفغانية.
•    نشرت صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية تقريراً أكدت فيه بأن محادثات قد تمت وجهاً لوجه بين بعض رموز الدائرة الداخلية لحكومة كرزاي الأفغانية وبعض رموز الدائرة الداخلية لحكومة كرزاي الأفغانية وبعض رموز كبار قادة حركة طالبان والذين تم نقلهم من شمال باكستان إلى داخل باكستان سراً بمساعدة قوات حلف الناتو.
على خلفية هذه التقارير والتسريبات المشار إليها أعلاه، جاءت ردود أفعال بعض كبار المسؤولين، وفي هذا الخصوص يمكن الإشارة إلى ذلك على النحو الآتي:
-    أكد الرئيس الأفغاني حامد كرزاي الاتصالات مع حركة طالبان.
-    نفى المبعوث الأمريكي الخاص لأفغانستان ريتشارد هولبروك وجود اتصالات مع حركة طالبان.
-    أكد قائد القوات الأمريكية في أفغانستان الجنرال ديفيد بترايوس المعلومات والتسريبات القائلة بأن قوات حلف الناتو قد ساعدت في نقل أحد كبار قادة حركة طالبان إلى العاصمة الأفغانية كابول.
-    تحدثت وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون قائلةً بأن جهوداً بالغة التعقيد والصعوبة قد بدأت.
-    تحدث وزير الدفاع الأمريكي الجنرال روبرت غاتز قائلاً بأن أمريكا سوف تفعل مهما كلف الأمر لجهة الخروج بنتيجة إيجابية.
-    ممثل حلف الناتو في أفغانستان مارك سيدويل تحدث قائلاً بأن ما حدث وجرى هو مجرد عملية فتح قنوات اتصال مع حركة طالبان ولكن بقية التفاصيل الأخرى ما تزال غير معروفة.
-    تحدث ذبيح الله مجاهد المتحدث الرسمي باسم حركة طالبان نافياً كل التقارير الإعلامية القائلة بوجود محادثات سرية مع حركة طالبان، وأكد بأن موقف الحركة هو إخراج أو خروج كل القوات الأجنبية الموجودة حالياً في أفغانستان.
التدقيق الفاحص في دلالة المعطيات التي تتضمنها التسريبات والتقارير الإعلامية والصحفية، إضافةً إلى ردود الأفعال تشير مجتمعة وبشكل واضح إلى أن الأكثر احتمالاً هو أن هناك جهوداً تجري حالياً لفتح قنوات اتصال مع قيادة حركة طالبان وذلك تمهيداً لتحركات وجهود أكبر من أجل التوصل إلى عقد صفقة مع حركة طالبان تقضي إلى توفير المخرَج للقوات الأمريكية وقوات خلف الناتو وبقية القوات الأخرى المتورطة حالياً في حرب أفغانستان.
* اللاعبون الرئيسيون في مسرح التفاوض الأفغانيقلب الدين حكمتيار
خلال الفترة الأولى للحرب الأمريكية ضد أفغانستان، وتحديداً خلال لحظة إكمال القوات الأمريكية والقوات الحليفة لها لعملية احتلال أفغانستان، بدأت تظهر العديد من العوامل والقوى الجديدة التي بدأت أكثر انخرطاً في مسرح الصراع والمواجهات العسكرية، وحالياً، لم يعد الأمر مجرد المواجهة بين حركة طالبان الأفغانية من جهة والقوات الأمريكية وقوات الناتو والقوات الحليفة لهم من الجهة الأخرى، وإنما أصبحت هناك منظومة بالغة التعقيد من القوى المتصارعة، وحالياً يمكن الإشارة إلى اللاعبين الرئيسيين في مسرح المواجهة الأفغانية على النحو الآتي:
•    الرئيس الأفغاني حامد كرزاي بسبب روابطه الداخلية والخارجية ظل يطالب بضرورة الحوار والتفاوض مع حركة طالبان، إضافةً إلى أن انتماءه لقبائل الباشتون  الداعمة لحركة طالبان، هو انتماء يشكل في حد ذاته مدخلاً مساعداً لجهة الاتصال وفتح القنوات مع حركة طالبان.
•    الملا محمد عمر، يتزعم حالياً ليس حركة طالبان الأفغانية وحسب، وإنما شبكة طالبانية واسعة من الحركات المنضوية تحمل اسم تحالف شبكة كويتاشوري طالبان، ومن أبرز أعضاء هذه الشبكة: حركة طالبان الأفغانية وحركة طالبان الباكستانية.
•    الزعيم قلب الدين حكمتيار، ويتزعم حالياً شبكة ما يعرف بالحزب الإسلامي والذي يمثل التيار الأصولي المنبثق عن تراث جماعة الأخوان المسلمين وتحديداً امتداداتها الباكستانية والأفغانية.
•    الزعيم جلال حقاني، ويتزعم شبكة تضم العديد من الحركات الإسلامية المسلحة المرتبطة بتنظيم القاعدة، وينظر العديد للزعيم جلال حقاني باعتباره يمثل امتداد تنظيم القاعدة في الساحتين الأفغانية والباكستانية، وترتبط بشبكة حقاني العديد من الحركات المسلحة الصغيرة الفاعلة، والتي من أخطرها جماعة عسكر طيبة وعسكر الجبار وعسكر عمر.
•    المخابرات الباكستانية، وبسبب نفوذها الكبير، فقد استطاعت أن تلعب دوراً رئيسياً في عمليات توظيف الدعم والمعلومات لجهة تفعيل المزيد من المخططات التي أتاحت لها استخدام الحركات المسلحة الإسلامية كأدوات سرية لابتزاز الهند وأمريكا وأفغانستان والحكومة الباكستانية نفسها.
•    المخابرات السعودية، ولها وجود وحضور قوي في المسرحين الأفغاني والباكستاني وذلك بسبب وجود الأعداد الكبيرة من الناشطين السعوديين في مجال العمل المسلح ومجال الدعم الإنمائي، إضافةً إلى نجاح المخابرات السعودية في بناء روابط قوية مع أمراء وزعماء الجهاد الأفغاني خلال فترات علاقاتهم السابقة مع السعودية وتحديداً مع المنظمات الوهابية السلفية، وذلك منذ أيام حرب الجهاد الأفغاني ضد الاتحاد السوفييتي.
•    الإدارة الأمريكية، تمثل في الإدارة الديمقراطية الحالية الراغبة في العثور على المخرَج من ورطة حرب أفغانستان بحيث يكون مخرجاً استباقياً قبل صعود الجمهوريين مرةً أخرى إلى البيت الأبيض الأمريكي، إضافةً إلى أن الخروج من حرب أفغانستان سوف يعزز شعبية الحزب الديمقراطي الأمريكي والرئيس أوباما الغارقان حالياً في وحل مستنقع الحرب في المسرحين الأفغاني والباكستاني.
المعلومات المثيرة للاهتمام جاءت على لسان الخبير الإستراتيجي الهندي سيد هارث رامانا والتي نشرها الموقع الإلكتروني التابع لمعهد دراسات الصراع والسلام الهندي، والتي أشار من خلاله إلى أن إيران تستطيع أن تلعب دوراً كبيراً في تسهيل عمليات التفاوض ليس مع زعماء حركة طالبان وحسب وإنما مع رموز تنظيم القاعدة وشبكة حقاني وبقية الجماعات الأفغانية والباكستانية الأخرى وذلك عن طريق استخدام قدرات قلب الدين حكمتيار الذي ظل يمثل حليف طهران الرئيسي في المسرح الأفغاني. وأضافت المعلومات، بأن قلب الدين حكمتيار يتمتع بعلاقات وثيقة مع كل الأطراف بما في ذلك المخابرات الباكستانية، وينظر العديد من الخبراء إلى أن شبكة قلب الدين حكمتيار قد لعبت دوراً بارزاً في دعم طهران بالمزيد من المعلومات الاستخبارية الهامة التي أتاحب لإيران ملاحقة وتصفية شبكة تنظيم جند الله البلوشستانية وزعيهما عبد المالك ريغي. وحالياً، وبحسب التسريبات الواردة، فإن المبعوث الأمريكي الخاص لأفغانستان وباكستان ريتشارد هولبروك سوف يسعى إلى التدقيق والفحص في كيفية التفاهم لجهة التوصل إلى صفقة بمساعدة الزعيم الأفغاني قلب الدين حكمتيار.


الجمل: قسم الدراسات والترجمة

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...