الغرب يستكمل مهمة القذافي في تدمير ليبيا

21-03-2011

الغرب يستكمل مهمة القذافي في تدمير ليبيا

دخلت الثورة الليبية في منعطف خطير، بعدما شرعت الدول الغربية، التي تحظى بدعم عربي رمزي، في شن هجمات تجاوزت هدف إقامة منطقة حظر للطيران فوق الأجواء الليبية، لتصل إلى فرض وقائع ميدانية جديدة لصالح الثوار، بعدما دكت طائراتها العسكرية وصواريخها الموجهة مراكز حساسة تابعة لقوات الرئيس معمر القذافي، موقفة هجوماً كاسحاً بدأته الكتائب الأمنية التابعة لنظامه على معقل الثوار في مدينة بنغازي، ومفسحة الطريق أمامهم للتقدم مجدداً نحو الغرب، من دون أن يعني ذلك ان نهاية القذافي قد باتت وشيكة، بعدما أقرت واشنطن بأن التدخل الغربي قد يصل إلى طريق مسدود. غارة جوية تستهدف آليات تابعة لقوات القذافي على الطريق بين أجدابيا وبنغازي أمس
وفي توقيت لافت، تصادف مع ذكرى الغزو الأميركي للعراق عام 2003، أعلن الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي، عقب «قمة طوارئ» استضافتها باريس، وجمعت وزراء خارجية غربيين وعرباً، عن بدء العمليات العسكرية ضد نظام القذافي، لتبدأ بعدها الطائرات الفرنسية والأميركية والبريطانية في ضرب العديد من المواقع داخل ليبيا، بدءاً بأرتال الدبابات المتقدمة إلى قلب بنغازي، مروراً بأطراف المدن الخاضعة للثوار والتي تحاصرها دبابات القذافي، وأهمها مصراتة، وصولاً إلى مسقط رأس القذافي في مدينة سرت، والعاصمة طرابلس التي باتت حصنه الأخير.
وأعلنت قيادة أركان الجيش الفرنسي ان اول عملية قصف جوية فرنسية في ليبيا حصلت يوم السبت 19 آذار 2011 الساعة 16.45 بتوقيت غرينتش، واستهدفت «آلية تابعة لقوات القذافي».
ومنذ بدء الضربات وحتى مساء أمس، كانت الطائرات الفرنسية والأميركية والبريطانية قد دكت مواقع متفرقة على امتداد ليبيا، حيث سجل وقوع غارات وعمليات قصف صاروخي استهدفت قوات برية على مقربة من بنغازي ومصراتة، ومواقع للدفاعات الجوية في طرابلس وسرت ومصراتة، ليعلن بعدها الأميركيون أن الحظر الجوي قد بدأ فعلاً، وأن الغربيين سينتقلون ابتداءً من اليوم إلى قطع خطوط الإمداد التابعة للقوات الحكومية، في الوقت الذي يستعد فيه الثوار إلى التقدم مجدداً باتجاه الغرب، بغطاء جوي بات القذافي يفتقده.
ومساء أمس، هزت انفجارات قوية العاصمة الليبية احدها في منطقة باب العزيزية حيث يقيم القذافي. وتصاعدت سحب الدخان من هذه المنطقة التي تقع في جنوب العاصمة الليبية. وأصيب مبنى اداري في مقر القذافي بصاروخ دمره كليا. ودمر الصاروخ المبنى الواقع على مسافة خمسين مترا من الخيمة التي كان القذافي يستقبل فيها عادة كبار زواره. وقال المتحدث باسم النظام الليبي موسى ابراهيم للصحافيين الاجانب الذين اقلوا الى الموقع في حافلة انه مبنى اداري وقد استهدف بصاروخ، مشيراً إلى انه «قصف وحشي كان يمكن ان يصيب مئات المدنيين المتجمعين في مقر معمر القذافي على بعد حوالى 400 متر من المبنى الذي اصيب».
وأعلنت قيادة أركان الجيش الفرنسي أن عشرين طائرة فرنسية شاركت في العمليات العسكرية ضد ليبيا، مشيرة إلى أن حاملة الطائرات «شارل ديغول» والفرقاطتين «دوبليكس» و«أكوني» وسفينة التزود بالوقود «لا ميس» ستبحر من ميناء تولون في جنوب فرنسا باتجاه ليبيا.
وأضافت أن سلاح الجو الفرنسي يعمل على فرض منطقة حظر جوي على مساحة بطول 150 كيلومتراً وعرض 100 كيلومتر فوق الأجواء الليبية، محذرة من أن «كل الطائرات التي تدخل هذه المنطقة سيتم إسقاطها»، موضحة أن لدى الطيارين الفرنسيين تعليمات بأنه يمكنهم إذا ما اقتضت الحاجة أن يهاجموا أهدافاً عسكرية ليبية تعمل على تعريض حياة السكان المدنيين للخطر، بما في ذلك الدبابات. وفي بيان لاحق، ذكرت رئاسة الأركان الفرنسية أن سلاح الجو الفرنسي هاجم طائرة في ليبيا من الجو، وأطلق عليها النيران، من دون أن تورد مزيداً من التفاصيل.
وقال نائب قائد هيئة الأركان المشتركة في الجيش الأميركي، بيل غورتني، إن أكثر من 110 صواريخ من طراز «كروز» أطلقت على أهداف ليبية، مشيراً إلى أنها مجرد مرحلة أولى لعملية متعددة المراحل. وأوضح أن هذه الصواريخ أصابت أكثر من 20 هدفاً، من بينها أنظمة مضادة للطيران ونقاط اتصالات إستراتيجية تقع جميعها على الساحل الليبي، فيما ذكر المتحدث باسم القيادة الأميركية في أفريقيا، كينيث فيدلر، أن 19 طائرة حربية أميركية على الأقل، بينها ثلاث طائرات شبح «بي -2»، أغارت على أهداف في ليبيا.
من جهته، قال رئيس هيئة الأركان الأميركية المشتركة الأميرال مايكل مولن إن قوات التحالف بدأت فعلياً تطبيق منطقة الحظر الجوي فوق ليبيا، وأوقفت هجوماً لقوات القذافي على المعارضين في بنغازي. وأضاف «مضت العمليات على نحو جيد. لم تحلق له (للقذافي) طائرات أو مروحيات في اليومين الماضيين. لذا بدأ سريان مفعول الحظر الجوي فعلياً.
وأشار مولن إلى أنه بعد موجة ضربات أولى ضد أنظمة الدفاع الجوي للقذافي ومدرعات قرب خطوط الثوار «سنحاول قطع خطوط الإمداد»، موضحاً أن قوات القذافي «موزعة بشكل سيئ بين طرابلس وبنغازي (ابرز معقل للثوار) وسنحاول قطع الدعم اللوجستي اعتباراً من يوم غد (الاثنين)».
وأكد مولن على ان المهمة تركز بشكل محدد على حماية المدنيين ومساعدة الجهود الانسانية وفقاً لقرار مجلس الأمن ولا تهدف إلى الإطاحة بالقذافي. وأشار إلى أن النتيجة النهائية للتحرك العسكري في ليبيا «غير مؤكدة في حد بعيد»، ويمكن ان ينتهي الوضع إلى حالة جمود مع القذافي.
وفي لندن، أعلن رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون ان الطائرات البريطانية بدأت التحرك، فيما أعرب مساعد قائد سلاح الجو البريطاني عن ارتياحه لسير العمليات، رافضاً في الوقت ذاته إعطاء تفاصيل عن الضربات التي نفذتها الطائرات البريطانية، لكنه أوضح أن الغارات كانت تطال «أهدافاً تطرح تهديداً على فرض منطقة حظر جوي»، وتتعلق بـ«نظام المضادات الأرضية في ليبيا مثل الرادارات».
وقال وزير الدفاع البريطاني وليم فوكس إن اول دولة عربية ستنضم إلى الهجوم الدولي على ليبيا خلال 48 ساعة، وذلك بعدما اجرى مشاورات مع «بعض القادة» في المنطقة، موضحاً أن «هناك قوات... وبشكل محدد هناك طائرات من قطر تتحرك... وهناك بلدان أخرى التزمت لكنني أفضل ان تعلن هي بنفسها هذا الالتزام». وكانت قطر قررت نشر أربع طائرات، حسبما أعلن المتحدث باسم وزارة الدفاع الفرنسية لوران تيسيير.
وقبيل الهجوم الغربي، كانت القوات الموالية للقذافي تحاول للمرة الأخيرة استعادة السيطرة على معقل الثوار في بنغازي، التي وصلت إليها فجرا. وتعرضت المدنية لقصف عنيف، ودارت في شوارعها معارك بالدبابات والقذائف الصاروخية. وتساقطت القذائف على بعد كيلومترات من وسط المدينة، وانتشرت سحب دخان سوداء فوق المدينة مع ساعات الصباح الأولى، فيما تعرضت أحياء سكنية للقصف.
وسرعان ما اقترب قصف الدبابات من وسط بنغازي، وسجل فرار عشرات السيارات من المدخل الجنوبي لبنغازي، فيما أشار شهود عيان إلى أن ما لا يقل عن 15 دبابة تابعة لقوات القذافي باتت في قلب بنغازي.
وبدأت قوات الثوار بالتقدم على طول الطريق إلى مدينة أجدابيا، التي اضطروا للانسحاب منها على وقع الهجوم الذي شنته الكتائب الأمنية شرقاً. وقال الثوار إنهم يسعون للسيطرة مجدداً على أجدابيا، معربين عن أملهم في أن تمكنهم المعادلة الميدانية الجديدة في الوصول مجدداً إلى مدن البريقة ورأس لانوف النفطيتين، وبلدة بن جواد القريبة من مدينة سرت، مسقط رأس القذافي.
أما في مصراتة (200 كيلومتر إلى الشرق من طرابلس) فكانت الكتائب الأمنية تواصل ارتكاب مجازرها ضد المدنيين، فيما ترددت أنباء عن تقدمها باتجاه وسط المدينة. وقال سكان في مصراتة إن قناصة تابعين للنظام أطلقوا النار على الناس من فوق ألاسطح، متحدثين عن سقوط عشرات القتلى والجرحى.
كذلك، ذكر شهود عيان أن بلدة الزنتان في غرب ليبيا تعرض للقصف، وأن دبابات القذافي تقترب منها. وقال أحد سكان الزنتان «نحن نتعرض للقصف من أكثر من جهة من الشمال ومن الجنوب»، مضيفاً أن «هناك دبابات تتجه نحو المدخل الجنوبي للمدينة، وأن حوالى 20 إلى 30 دبابة تقصف المدينة والمناطق السكنية في الجنوب».

- وفي تسجيل صوتي بثه التلفزيون الليبي، قال القذافي إن الشعب الليبي سينتصر داعيا الغرب إلى «مراجعة حساباته والتراجع». وتوقع القذافي ان تكون «الحرب الصليبية» التي يخوضها الغرب ضده «طويلة»، متوعداً بالقضاء على الذين يتعاونون مع الغرب.
وقال القذافي ان «المهاجمين مهزومون... نحن لن نتراجع أبدا، ولن نموت انتم ستموتون وسنبقى أحياء وننتصر». وأضاف «انتم بإمكانكم ان تتراجعوا وتنسحبوا وتذهبوا إلى بلدانكم وقواعدكم لكن نحن هذه أرضنا... انتم بإمكانكم ان تراجعوا حساباتكم وترجعون».
وشدد القذافي على أنه لن يترك الغرب يتمتع بنفط ليبيا، مشددا على ان الغرب «سيسقط كما سقط هتلر ونابوليون وموسوليني». ودعا من اسماهم «المهاجمين المهزومين» و«الطغاة» إلى «مواجهة برية».
وكان القذافي، وفي أول رد فعل على الغارات الغربية، توعد بمهاجمة أي «هدف مدني أو عسكري» في المتوسط، لكن ابنه سيف الإسلام، أكد أن ليبيا لن تهاجم طائرات مدنية في المتوسط، قائلاً إن «هدفنا هو مساعدة شعبنا في ليبيا، وخصوصا في بنغازي».
وأعلن نظام القذافي، مساء أمس، وقفاً جديداً لإطلاق النار اعتباراً من الساعة 19.00 بتوقيت غرينتش. وقال متحدث باسم الجيش الليبي إن «قيادة القوات المسلحة التزاماً منها بالبيان الصادر عن لجنة الاتحاد الأفريقي السبت في نواكشوط، والتزاماً منها بالقرارين 1970 و1973 للأمم المتحدة قد أعطت أوامرها بوقف فوري لإطلاق النار ابتداءً من هذا الأحد (أمس) الساعة التاسعة مساء (بالتوقيت المحلي)». وكان النظام الليبي أعلن، الجمعة الماضي، وقفا لإطلاق النار، لكنه لم يلتزم به.
وكان متحدث باسم القوات المسلحة الليبية أعلن أن «القصف الجوى والصاروخي الذي شنه العدو الصليبي على الجماهيرية الليبية شمل مدن طرابلس وزوارة ومصراتة وسرت وبنغازي»، مشيراً إلى أن هذا القصف استهدف أهدافاً مدنية، فيما قال مسؤول في وزارة الصحة الليبية إن عدد القتلى نتيجة للضربات هو 64 بالإضافة إلى مئات الجرحى.

المصدر: وكالات

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...