العنف السياسي اليمني وشبح الحرب الأهلية

03-03-2011

العنف السياسي اليمني وشبح الحرب الأهلية

Image
yemen_ethno_2002

الجمل: تحدثت التقارير عن تصاعد وتائر حركة الاحتجاجات الشعبية اليمنية، وفي هذا الخصوص بدأت الأوساط الإقليمية والدولية المعنية بالشأن اليمني أكثر خوفاً من احتمالات أن يتحول اليمن إلى ساحة حرب أهلية بالغة الخطورة: فما هي طبيعة الصراع السياسي اليمني؟ وما هي حسابات الفرص والمخاطر المتوقعة في الساحة اليمنية؟
* مسرح الصراع السياسي اليمني: توصيف المعلومات الجارية
تشير المعلومات الجارية إلى تزايد حدة الصراع السياسي اليمني بما أدى إلى تبلور كتلتين شعبيتين وهي الأكبر حجماً وتطالب بإسقاط الرئيس اليمني الحالي علي عبد الله صالح، والثانية وهي الأصغر حجماً وتطالب ببقاء نظام الرئيس علي عبد الله صالح، وبالمقابل، فقد أتاح هذا الموقف للرئيس علي عبد الله صالح أن يمارس قدراً كبيراً من الحراك السياسي على النحو الذي سعى من خلاله الرئيس اليمني إلى إطلاق المزيد من الإشارات المتعاكسة، وفي هذا الخصوص نشير إلى الآتي:
•    أعلن الرئيس علي عبد الله صالح بأنه لا ينوي أن يترشح لولاية جديدة في منصب الرئيس وذلك في الانتخابات الرئاسية اليمنية القادمة.
•    أعلن الرئيس علي عبد الله صالح بأن مطالبة المحتجين بالإطاحة بنظامه هي مطالبة مشروعة، وبأنه سوف يقبل الخروج من السلطة ولكن عن طريق صناديق الاقتراع حصراً وليس بالمظاهرات والاحتجاجات.
•    أعلن الرئيس علي عبد الله صالح عن سعيه لتشكيل حكومة وحدة وطنية جديدة، وأمهل المعارضة فرصة ترشيح أسماء وزرائها لجهة المشاركة في حكومة الوحدة الوطنية التي سوف تجمع كافة الأطراف والقوى السياسية اليمنية.
تقول المعلومات، بأن المعارضة السياسية اليمنية قد تقدمت بمشروع خارطة طريق للرئيس اليمني علي عبد الله صالح من أجل حل الأزمة المتصاعدة، وتضمنت خارطة الطريق مساراً محدداً يطالب الرئيس علي عبد الله صالح بالتنحي عن السلطة خلال هذا العام مع الالتزام بتأمين خروجه موفور الكرامة، وذلك ضمن عملية انتقالية، وأضافت التسريبات بأن العديد من زعماء القبائل اليمنية الرئيسية الكبرى وبعض كبار رموز المجتمع المدني اليمني قد أيدوا السيناريو الذي تضمنته خارطة الطريق التي تقدمت بها المعارضة، وأضافت التسريبات بأن هؤلاء الزعماء قد وافقوا على مبدأ عقد اللقاءات والتفاهم مع الرئيس اليمني علي عبد الله صالح وحثه على القبول بصفقة خارطة الطريق.
* العنف السياسي اليمني: السياق والمعطيات
على خلفية التطورات والضغوط الجارية بفعل تأثيرات بيئة الصراع اليمني –اليمني الداخلية، فقد تشكلت في مجرى الصراع اليمني خمسة قوى سياسية أصبحت جميعها أكثر اهتماماً بالانخراط في مجرى الصراع السياسي الذي تطور باتجاه اللجوء لاستخدام العنف السياسي، وفي هذا الخصوص نشير إلى القوى اليمنية المتصارعة على النحو الآتي:
-    حركة الحوثيين المتمركزة في شمال اليمن وتحولت من مجرد حركة تطالب بشكل سلمي بحقوق الشيعة الزيدية إلى حركة شيعية مسلحة تستخدم الأساليب العسكرية-الجهادية من أجل انتزاع حقوق الشيعة الزيدية.
-    قوى الحراك الجنوبي والمتمركزة في منطقة جنوب اليمن وتالرئيس اليمني علي عبد الله صالحطالب بحق تقرير المصير واستعادة دولة اليمن الجنوبي السابقة.
-    قوى المعارضة الإسلامية السنية السلفية، وتتمركز في مناطق وسط اليمن وتطالب بضرورة إقامة دولة إسلامية يمنية.
-    قوى المعارضة العلمانية، وتتمركز في مناطق وسط اليمن وتطالب بضرورة إقامة دولة ديمقراطية يمنية تعتمد على النظام البرلماني والتعددية السياسية وتداول السلطة.
-    قوى السلطة الحاكمة، وتتمركز في مناطق وسط اليمن وتطالب باستمرار النظام الحالي وبقاء الرئيس علي عبد الله صالح.
هذا، وعلى أساس اعتبارات حسابات الفرص والمخاطر فإن جميع هذه الأطراف تنخرط حالياً في دولاب الصراع السياسي والعنف السياسي الجاري، ولكل واحد منها حساباته الخاصة على المدى القصير والمدى الطويل، ويمكن الإشارة إلى ذلك على النحو الآتي:
•    حركة الحوثيين: ترى أن استمرار وجود الرئيس علي عبد الله صالح  يشكل خطراً عليها، وبالتالي، فإن عملية إقصاء الرئيس علي عبد الله صالح عن السلطة سوف يتيح لها التعامل مع سلطة جديدة قادرة على ممارسة المرونة والاستجابة لمطالب الحوثيين.
•    قوى الحراك الجنوبي، ترى بأن إسقاط نظام الرئيس علي عبد الله صالح سوف يتيح لها فرصة إضعاف السلطة المركزية اليمنية بما يتيح للحراك الجنوبي المضي قدماً في مشروع الانفصال اليمني الجنوبي عن الدولة اليمنية الحالية.
•    قوى المعارضة الإسلامية السنية السلفية، وتركز على هدف واحد هو الإطاحة بنظام الرئيس علي عبد الله صالح وإقامة نظام دولة إسلامية على كامل التراب اليمني.
•    قوى المعارضة العلمانية، وتركز على هدف واحد هو الإطاحة بنظام الرئيس علي عبد الله صالح وإقامة دولة مدنية ديمقراطية على كامل التراب الوطني اليمني.
•    قوى السلطات الحاكمة، وتركز على هدف واحد هو الإبقاء على النظام ورئيسه القوي علي عبد الله صالح باعتباره الضمان الوحيد لجهة استخدام القوة وحسم الأطراف اليمنية المتمردة، وعلى وجه الخصوص حركة المسلحين الحوثيين وقوى الحراك الجنوبي الانفصالية إضافة إلى تنظيم القاعدة الناشط حالياً في مناطق وسط اليمن.
بتحليل الأهداف الخاصة بكل طرف سياسي يمني ومعايرة حسابات الفرص والمخاطر الخاصة بهذه الأطراف نلاحظ أن الساحة اليمنية سوف لن تهدأ بسهولة سواء تمت الإطاحة بنظام الرئيس علي عبد الله صالح أو تم الإبقاء عليه، وذلك بسبب واحد وواضح وبسيط وهو: تعارض مصالح أطراف الصراع بسبب تعارض أهداف هذه الأطراف.
* الموقف الأمريكي إزاء الصراع السياسي اليمني الحالي
تقول المعلومات، بأن الكونغرس الأمريكي بصدد إعداد موقف نهائي خاص بكيفية تعامل الإدارة الأمريكية خلال الفترة القادمة مع الساحة السياسية اليمنية التي أصبحت أكثر اضطراباً، وفي هذا الخصوص فقد استمع الكونغرس الأمريكي وتحديداً لجنة العلاقات الخارجية التابعة لمجلس الشيوخ الأمريكي إلى إفادات الخبير فريدريك كانمان أحد أبرز رموز جماعة المحافظين الجدد واللوبي الإسرائيلي، إضافة إلى أنه مسؤول جماعة المحافظين الجدد وجماعات اللوبي الإسرائيلي عن ملف الصراع العراقي وملف الصراع الأفغاني وملف الصراع الباكستاني إضافة إلى ملف الصراع اليمني وملف الصراع الصومالي.
جلسة إفادات فريدريك كانمان أمام لجنة العلاقات الخارجية التابعة لمجلس الشيوخ الأمريكي تمت في يوم 20 كانون الثاني (يناير) الماضي، وقدم فيها استعراضاً للآتي:
•    توصيف الصراع اليمني-اليمني الجاري حالياً.
•    توصيف السيناريوهات المحتملة.
هذا، وما هو مهم في إفادات كانمان تمثل في التوصيات التي قدمها للجنة ويمكن استعراضها على النحو الآتي:
-    التزام الإدارة الأمريكية بتقديم المساعدة لحكومة الرئيس علي عبد الله صالح لجهة التوصل إلى تسوية الخلافات مع جماعة الحوثيين الشيعية المسلحة، وقى الحراك الجنوبي الانفصالية.
-    التزام الإدارة الأمريكية بتقديم الدعم والمساندة لحكومة الرئيس علي عبد الله صالح لجهة القيام بتطهير العناصر الإسلامية الموجودة في أجهزة الأمن والشرطة والجيش وذلك بسبب ارتباط هذه العناصر الإسلامية بتنظيم القاعدة والذي تأكد نجاحه في اختراق أجهزة الأمن اليمنية.
-    التزام الإدارة الأمريكية بدعم جهود قوات الجيش والشرطة والأمن اليمنية لجهة التركيز حصراً في هذه المرحلة على القيام بمحاربة تنظيم القاعدة والقضاء على وجوده في اليمن.
-    التزام الإدارة الأمريكية بدعم جهود حكومة علي عبد الله صالح وعلى وجه الخصوص في مجالات سد فجوة الوقود ومياه الشرب.
-    التزام الإدارة الأمريكية بدعم جهود حكومة الرئيس علي عبد الله صالح لجهة إجراء الإصلاحات السياسية وإعادة ترتيب هياكل الدولة بما يحقق رضاء وقبول كل الأطراف.
-    التزام الإدارة الأمريكية بدعم جهود حكومة الرئيس علي عبد الله صالح بما يدفع هذه الحكومة إلى تقديم التنازلات والمزايا الرامية إلى تحقيق التهدئة وإنهاء الخلافات والصراعات الداخلية.
-    التزام الإدارة الأمريكية بالتعاون مع حكومة الرئيس علي عبد الله صالح ودول مجلس التعاون الخليجي الستة بما يؤمن ويتيح إلحاق اليمن بعضوية مجلس التعاون الخليجي بما يؤدي إلى إدماج اليمن بشكل نهائي ضمن دول مجلس التعاون الخليجي.
تحليل محتوى ومضمون إفادات الخبير فريدريك كاغان أمام لجنة العلاقات الخارجية التابعة لمجلس الشيوخ الأمريكي، وما ترتب عليها من اعتماد اللجنة لهذه الإفادات هو أمر يشير إلى أن واشنطن ما تزال أكثر اهتماماً باستمرار الرئيس علي عبد الله صالح في السلطة، وبرغم ذلك، فقد ارتكب الرئيس علي عبد الله صالح "حماقة" كبيرة أمس الأول، وذلك عندما ألقى تصريحاً غاضباً اتهم فيه الولايات المتحدة وإسرائيل بتأليب وتحريض اليمنيين على تهديد النظام اليمني والسعي من أجل بث "الفوضى الخلاقة" وتقسيم اليمنيين، عن طريق تحويله إلى صومال جديد. ولكن، بعد أقل من 24 ساعة تقدم الرئيس اليمني علي عبد الله صالح باعتذار رقيق للإدارة الأمريكية قائلاً بأنه لم يكن يقصد الإساءة لأمريكا، وبالتالي، على حلفائه الأمريكيين أن لا يسيئوا فهم تصريحاته الأخيرة!!

الجمل: قسم الدراسات والترجمة

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...