العراق والمعركة ضد «داعش»: انتصارات.. وتعقيدات!

31-10-2015

العراق والمعركة ضد «داعش»: انتصارات.. وتعقيدات!

بالرغم من أن جبهة القتال ضد تنظيم «الدولة الاسلامية» في مناطق الصراع غرب العراق لا تستقر على حال، وبالرغم من الضبابية التي تغطي أخبار عملياتها في بعض الفترات، إلا أن مؤشراتها في بيجي وصلاح الدين وبعض جبهات الانبار تسجل انتصارات كبيرة للقوات العراقية و«الحشد الشعبي» وقوى مسلحة وعشائر اخرى مساندة. وقد انعكس ذلك في تحرير مدينة بيجي ومصفاتها وناحية الصينية ومناطق اخرى.
ولكن هذه الانتصارات الميدانية يصاحبها جدل يتعلق بدور كل من التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة من جهة، وما يسمى بالتنسيق الاستخباري الرباعي من جهة اخرى، ويدور ذلك في ظل تفاعلات وتجاذبات محلية عراقية واقليمية ودولية، في وقت يجري الحديث عن انكسارات كبيرة لتنظيم «داعش» على جبهات اخرى، ادت الى هروب عناصره التكفيرية على شكل مجموعات بعضها من سوريا الى العراق واخرى معاكسة لها.نازحة عراقية تحمل امتعتها في مخيم للاجئين غمرته مياه الامطار في بغداد، امس (ا ف ب)
ويقول القيادي في «الحشد الشعبي» معين الكاظمي  انه «في قاطع شمال صلاح الدين، بدأت يوم الرابع عشر من تشرين الاول الحالي، وعند الساعة الخامسة فجراً، عملية عسكرية بنداء (لبيك يا رسول الله)، وتم خلالها، وفي فترة 72 ساعة، تحرير مدينة بيجي بالكامل، بما في ذلك المصفاة وناحية الصينية، ثم صار التقدم نحو جبل مكحول الاستراتيجي المطل على تل يوصل الى الشرقاط بمسافة 35 كيلومتراً».
ويضيف الكاظمي ان «العمل يجري الآن على تحصين المواقع التي تم تحريرها، ومن بينها حي المصافي، ومنطقة 600 دار، الى جانب مصفاة بيجي»، مضيفاً ان «هناك عمليات عسكرية اخرى في منطقة الفتحة الاستراتيجية، والتي تعتبر عقدة الاتصال بين محافظة صلاح الدين وكركوك والموصل».
ويشير الكاظمي الى ان «هذه العمليات تمت بالتعاون بين قيادة الحشد الشعبي وقيادة عمليات صلاح الدين من الجيش والشرطة الاتحادية، ومن دون وجود اي دور للتحالف الدولي او التحالف الرباعي الاستخباري»، مؤكداً انها عمليات عسكرية «نفذت بأيد عراقية وتخطيط عراقي خالص وبامتياز».
ويضيف الكاظمي ان «الحشد الشعبي» متواجد الآن حول مدينة الفلوجة التي تعتبر اهم من الرمادي من الناحية الاستراتيجية حيث لها تأثير على بغداد وكربلاء والنجف.
اما في ما يخص الرمادي، فيشير الكاظمي الى ان المدينة الواقعة الى الغرب من بغداد لا تزال محاصرة من الجيش العراقي وقوات التحالف الدولي، التي لديها حضور هناك، ولكن لم يكن بإمكانها تحرير المدينة منذ ثلاثة اشهر.
ويرى الكاظمي ان «التحالف الدولي» غير جدي بتحرير الانبار، مشيراً في هذا الاطار الى تصريحات رئيس اركان الجيش الاميركي الذي يدعي ان هناك استعدادات في هذا الموضوع منذ ثلاثة اشهر ولم يتم احراز تقدم ملحوظ، بالرغم من فرار عناصر «داعش» ممن كانوا يتمركزون داخل المدينة، وبأعداد كبيرة، باتجاه مناطق اخرى في محافظة الانبار، الامر الذي استتبع رداً من قبل قائد «الحشد الشعبي» هادي العامري، اكد فيه ان «الحشد» مستعد للتعاون مع الجيش العراقي واهالي الانبار لتحرير المنطقة.
وبحسب الكاظمي فإنّ «هناك ضغوطاً من الجانب الاميركي لعدم اشراك الحشد الشعبي في تحرير الرمادي، الامر الذي يفسر من قبل المراقبين السياسيين انه بداية لموضوع التقسيم».
واعتبر الكاظمي ان «هناك خطوطا حمراء يجب الا يتجاوزها احد، لأنها تمس سيادة العراق، خاصة في ما يتعلق بموضوع عملية الانزال التي جرت في الحويجة، الواقعة ضمن محافظة كركوك وغير تابعة الى اقليم كردستان، والتي جرى التنسيق بشأنها بين الاميركيين والاكراد من دون ان يكون هناك تنسيق كامل مع الحكومة العراقية».
واوضح الكاظمي «ان هذا رسالة من الجانب الاميركي، باتجاه موضوع التقسيم في العراق. وتصريحات جنرالات اميركا ان في نيتهم انشاء قاعدة في العراق، او انزال الاف من القوات البرية او التدخل بتوزيع الاسلحة على اطراف عراقية دون المرور بالحكومة العراقية ماهي الا محاولات الامريكان للتدخل في الشأن العراقي وسيادته» محذرا من «ان هناك خطوطا حمراء امام كل قوة اجنبية تسعى لتقديم المساعدة التي يرحب بها شريطة ان لا تمس سيادة العراق».
ودعا الكاظمي الحكومة العراقية الى الاعتماد على قوتها الذاتية لتحرير العراق، كما فعلت في جرف النصر وامرلي وديالى وصلاح الدين والعلم، ومؤخراً في بيجي والصينية.
ورداً على سؤال بشأن هروب «الدواعش» من سوريا الى العراق، او بالعكس، قال الكاظمي ان «الضغوط التي جرت من الجانب الروسي على الدواعش وجبهة النصرة باستهدافها اهدافا مهمة وحيوية، والتقدم الحاصل من الجيش السوري في حلب وحماه، من بين العوامل التي ادت الى هروب عدد من هولاء والذين من المحتمل يتسربوا من الرقة ومناطق اخرى الى داخل الحدود العراقية، حتى يكونوا في مأمن من الضربات الجوية»، داعياً التحالف الدولي والطيران الروسي الى «عدم السمح لهؤلاء بالهروب».
من جهته، قال الامين العام لـ «فيلق الوعد الصادق» محمد حمزة التميمي ان «هناك محورين يتم العمل من خلالهما، على المستوى الميداني. المحور الاساسي هو محور بيجي، وتم تحقيق الكثير من الانتصارات في هذا المجال. اما المحور الثاني فهو محور الصقلاوية حيث صار التقدم باتجاه الفلوجة»، مبيّناً ان «هناك صعوبات تواجه الحشد الشعبي، اولاها ان طيران التحالف الدولي لا يستجيب لضرب الاهداف المطلوبة، وثانيها ان هناك سلسلة من المراحل عند نقل معلومة عن بعض الاهداف، حيث لا بد ان يتم اعطاء هذه المعلومات الى غرفة العمليات، وهي تقوم بإعطائها الى الجهات المختصة، وفي هذه الفترة يتم تسريب تلك المعلومات، وذلك فإنه عندما يتم ضرب الاهداف المحددة من قبل قوات التحالف الدولي يكون الامر دون جدوى، اضف ذلك ان بعض القطعات العسكرية لا تتقدم بشكل صحيح حيث لا يكون هناك تنسيق مباشر بينها، او بينها وبين قوات الحشد الشعبي».
ونفى التميمي ان يكون هناك هروب لـ«الدواعش» من سوريا الى العراق، بل يرى هروباً معاكساً، من العراق الى سوريا، معللاً ذلك بأن «المساحة التي يتواجدون فيها في سوريا اكبر منها في العراق، والقوة الموجودة في سوريا هي اكبر من القوة في العراق».
وحول المعلومات التي ترددت عن تواجد لتنظيم «داعش» في صحراء الرطبة، قال التميمي ان «هذه معلومات غير مؤكدة، خصوصاً ان الرطبة قريبة من كربلاء والنجف، ومن الصعب ان يتواجدون فيها، بسبب وجود قوات من الحشد الشعبي والقوات الامنية في محافظة كربلاء والنجف، بالاضافة الى تحليق طائرات الاستطلاع على مقربة من هذه المناطق المقدسة».
ويرى التميمي ان «هذه تسريبات اعلامية وشائعات يبثها الاميركيون لزيادة الضغوط، بغرض القيام بعمليات انزال جوية كما فعلوا في الحويجة، حيـث قامـوا بإنقاذ الدواعش ورجال القاعدة»، واصفا عملية الحويجية بـ«الكارثة العظمى التي تمـس سـيادة العـراق وأمنه».
وحول التهديدات الاميركية بوقف الدعم عن بغداد في حال دخول روسيا بضربات جوية في العراق، قال التميمي: «هذه لعبة سياسية اكبر من موضوع العراق وسوريا، وهي معركة روسية ـ اميركية، تدخل فيها اطراف اخرى... والعراق ليس جزءا من هذه اللعبة»، داعياً الحكومة العراقية الى «الموافقة على دخول روسيا على خط المواجهة بضربات جوية ضد داعش، الذي يشكل العدو الحقيقي للعراقيين».
بدوره، قال المتحدث الرسمي باسم «الحشد الشعبي» والنائب في البرلمان العراقي احمد الاسدي ان «هناك انتصارات تحققت في عملية (لبيك يا رسول الله)»، مشيراً الى انه «لا تزال هناك اشتباكات في خطوط الصد»، مشيراً الى ان عناصر «داعش» يحاولون ارباك الخطوط الامامية بعد كل عملية تحرير، ولذلك يتم العمل على تعزيز هذه الخطوط المتقدمة، حتى ترتكز عليها القطعات في التقدم، قبل الانطلاق في تحرير مناطق مهمة في شرق بيجي وشمالها الغربي.
وحول مستوى تسليح «الحشد الشعبي»، قال الاسدي ان «ما نملكه من معدات واسلحة اكثر مما يمتلكه (داعش)، ولكننا نطالب بفتح مخازن وزارة الدفاع والداخلية وتجميع كل الاليات والامكانيات تحت نظر هيئة اركان مشتركة وان يتم توزيع هذه الاسلحة بحسب حاجة المعركة»، لافتاً الى ان «امكانيات وزارة الدفاع امكانيات ضخمة وهائلة، وهي تمتلك من عربات الـ(هامر) والمدرعات ما يكفي للدخول في معركة ضد (داعش) بشكل فعلي وننهيها في اسرع وقت ممكن».
وفي ما يتعلق بحركة عناصر «داعش» بين سوريا والعراق، قال الاسدي ان «هناك حركة مستمرة، لأنهم يعتبرون العراق وسوريا دولة واحدة، وخطوط الامداد لديهم مستمرة خاصة في ما يتعلق بتهريب المقاتلين والمواد ونقل اسلحة والاعتدة».
ومع ذلك، لفت الاسدي الى ان الضربات الروسية في سوريا سببت لتكفيريي «داعش» خللاً كبيراً حيث استهدفت مواقع القيادة والسيطرة ومخازن الاسلحة والاعتدة، معتبراً انه «بالنظر الى هذه التطورات، فإنه من الطبيعي ان يكون هناك انتقال لبعض العائلات والكوادر من سوريا الى الاماكن الآمنة في العراق، والتي لاتصل لها الضربات الروسية، وذلك بعد الاطمئنان الى عدم وصول الضربات الاميركية اليها».

سعاد الراشد

المصدر: السفير

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...