الرسالة الأكثر دموية للإعلام الرسمي والحكومة تحمّل الجامعة العربية المسؤولية

28-06-2012

الرسالة الأكثر دموية للإعلام الرسمي والحكومة تحمّل الجامعة العربية المسؤولية

في الساعة الرابعة والربع من فجر يوم أمس، رنّ هاتف مدير محطة «الإخبارية» السورية الزميل عماد سارة، ليسمع صوتاً مألوفاً على الطرف الآخر من الخطّ ينبئه بأن المحطة تتعرّض لهجوم مسلح. كان صوت النار وانفجار القذائف المنهمرة على المبنى يسمع في محيط الموقع، على مسافة 25 كيلومتراً من العاصمة دمشق، في منطقة بساتين وقرى متناثرة استأجرت «الإخبارية» السورية من أراضيها مستودعاً وبناءً حوّلتهما مؤقتاً الى محطة تلفزيونية.
لم يكن مضى على مغادرة سارة لمكتبه سوى ساعات. ترك بعض الفنيين والإعلاميين في القناة التي تبث تجريباً منذ عام ونصف العام في انتظار تجهيز مقر لها في دمشق، كان العمل جارياً على تأمينه خلال الأسابيع المقبلة.
لم تكن «الإخبارية» مختلفة في نهجها المهني عن التلفزيون السوري أو محطة «الدنيا» الخاصة، وكان واضحاً أين تقف في تغطيتها الإخبارية، وإن تميزت بعملها الميداني وسرعة نقلها للأخبار، ولا سيما الأمنية منها، كما واكبت باقتدار عمل المراقبين في فترتي عملهم العربية والدولية، ما جعلها هدفاً معنوياً للمعارضة، التي اتهمتها بالتحيز، إلى أن وصلتها الرسالة الدموية الأولى منذ أسبوعين حين تعرض كل من مصورها ومراسلها في اللاذقية لطلقات نارية نجوا منها، رغم إصابتهما الجدية.
اتصل سارة بوزير الإعلامبنى مدمر تابع لقناة «الإخبارية» في ريف دمشق أمس (أ ب) م، الذي استنفر بدوره الجهات المختصة فيما كانت المعركة مستعرة بين قوى الحراسة المحدودة والهجوم المسلح الذي قدر أفراده بالأربعين، وفقاً لما نقل أهالي المنطقة، ولا سيما من تصادف وجوده قرب المبنى في وقت صلاة الفجر وهؤلاء انبطحوا أرضاً فيما كانت عملية التدمير مستمرة للمبنى، وطلقات النار تسمع بوتائر متعددة.
تمكن أخيراً سارة من الوصول لمن في الموقع، حين ردّ مواطن على هاتف أحد الأفراد، ليسأل من المتصل. طلب سارة صاحب الهاتف فكان رد المجيب «لا أدري من صاحب الخط. في الواقع كلهم في الأرض». علم حينها سارة أن طواقم العمل بغالبيتها أصيبت في الهجوم.
حين وصلت السلطات إلى المكان كانت الحرائق لا زالت مشتعلة، وعدد من الجثث متناثرة أو مجمّعة وقد أعدم بعضهم بالرصاص بعد تكبيله، فيما سرت أنباء عن اختطاف آخرين. لم يكن قد تبقى من الاستديو شيء تقريباً. وسرق ما سرق من الأجهزة، فيما جرت محاولة تدمير الغرف المختلفة التي أحاطت بالاستديو.
أصرّ وزير الإعلام عمران الزعبي على عودة المحطة لبثها، وخصّص استوديو صغير في مبنى التلفزيون السوري لمتابعة البث، الذي استمرّ ساعات دون إشارتها المعتادة.
وأعلن التلفزيون لاحقاً أن عدد القتلى سبعة، بينهم إعلاميون هم سامي أبو أمين وزيد كحل ومحمد شمة، و4 من عناصر الحرس، فيما سجل وجود جرحى آخرين ومختطفين.
واتهم الزعبي سريعاً جامعة الدول العربية بـ«التمهيد قانونياً لهذا العمل». وقال «هذه المجزرة لا يمكن على الإطلاق الحديث على أنها أتت من فراغ أو أنها مجرد جريمة إرهابية عادية، فليلة أمس قرّر الاتحاد الأوروبي في لوكسمبورغ فرض عقوبات على الهيئة العامة للإذاعة والتلفزيون السورية على القنوات الأرضية والفضائية والإذاعات السورية، بالإضافة للحملات الإعلامية التحريضية المستمرة ضد سوريا في القنوات العربية والأجنبية المعروفة والتحريض على ارتكاب المجازر وعلى القتل والعنف في سوريا يتوّج صباح (أمس) بالاعتداء على الكلمة وحرية الكلمة وشرف الكلمة وعلى العمل الصحافي والإعلامي والمهني في مجزرة هي الأسوأ بالمطلق في مواجهة الصحافة والإعلام».
وأوضح أن «المجموعات الإرهابية المسلحة التي اقتحمت مقر قناة الإخبارية السورية ارتكبت مجزرة حقيقية بكل معنى الكلمة، عندما قامت بإعدام إعلاميين وصحافيين وموظفين وعناصر الحراسة المدنية وعمال المقسم والاستعلامات في قناة الاخبارية السورية»، مضيفاً إن «الإرهابيين قاموا بتفخيخ الأبنية والاستديوهات وغرف الأخبار والمكاتب الخاصة بالقناة وتفجيرها وسرقة ما يمكن تحميله من أجهزة تقنية وما يمكن أخذه في سياراتهم».
وحمّل الزعبي «الأمين العام لجامعة الدول العربية شخصياً ومجلس الجامعة»، وقال «هم مسؤولون ويجب أن يحاسبوا، لأن أولئك الذي ارتكبوا المجزرة كانوا ينفذون قرار مجلس الجامعة بإسكات الصوت الإعلامي في سوريا».
وقال الزعبي  إنه اتصل بعدد من نظرائه العرب، مطالباً مجلس وزراء الإعلام باتخاذ موقف من الجريمة.
كما أصدرت وزارة الإعلام بياناً قالت فيه إن «مجموعات إرهابية مسلحة نفذت هجوماً على مقر ومباني قناة «الاخبارية» السورية بريف دمشق، واغتالت عدداً من الصحافيين والاعلاميين والفنيين في القناة وعناصر الحراسة الخاصة بها وزرعت عبوات ناسفة في استديو الأخبار ومباني الإدارة المختلفة وغرف التجهيزات الفنية ودمرتها بالكامل، ثم أشعلت النار في ما تبقى وقامت بتقييد عدد من العاملين في القناة ثم اغتالتهم بإطلاق النار عليهم مباشرة واختطفت عدداً آخر منهم».
وأكد البيان «أن الاعتداء الآثم على حرية الإعلام وكوادره ومؤسساته يأتي تزامناً واستكمالاً لمحاولات منع الإعلام الوطني السوري من البث الفضائي وترجمته مباشرة بالعقوبات المتخذة بحق هذا الإعلام وآخرها ما صدر مساء أمس (الأول) عن الاتحاد الاوروبي ضد الهيئة العامة للإذاعة والتلفزيون في سوريا، وقبل ذلك بحق الفضائية السورية وقناة الدنيا الخاصة».
وختم البيان بالقول «ستبقى الإخبارية السورية والإعلام السوري وأرواح الشهداء منارات قومية وإنسانية رغم الحقد والارهاب».

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...