الدور السياسي للجيش الإسرائيلي المثير للتساؤل

02-09-2007

الدور السياسي للجيش الإسرائيلي المثير للتساؤل

الجمل:     نشر موقع شبكة اي.اس.إن ووتش الاستخباري تقريراً أعده الدكتور دومينيك موران مراسل الشبكة، وقد حمل التقرير عنوان (دور الجيش الإسرائيلي المثير للتساؤل).
يقول دومينيك موران: مع النظرة الجارية حالياً في إسرائيل حول تجديد واستئناف محادثات السلام مع سورية والفلسطينيين، فإن الدور السياسي للجيش الإسرائيلي أصبح بقدر متزايد مثاراً للاهتمام.
في الوقت الذي تتعرض فيه إسرائيل لامتحان صعب مع سورية والفلسطينيين، معاً بجانب احتمال استئناف مفاوضات السلام الشامل، فإن ثمة أسئلة هامة أصبحت مطروحة حول الدور السياسي غير المحدد لقوات الدفاع الإسرائيلي.
برز الالتباس والغموض يوم الخميس الماضي، حول ما إذا كان الجيش الإسرائيلي يقوم بتنفيذ عملية انسحاب غير معلنة لقواته من مرتفعات الجولان، وذلك عقب سلسلة من المناورات الحربية الكبيرة والتدريبات على هضبة الجولان خلال الأسابيع الماضية.
حضر وراقب العمليات التدريبية الكبرى في الجولان خلال الأشهر الماضية كل من ايهود باراك وزير الدفاع وسابقه عمير بيريتس، وعلى ما يبدو فإن الجيش الإسرائيلي إما أن يكون قد أعطى، أو قد تولى القيادة في إصدار القرار بشأن توزيع ونشر قواته، وتنفيذ العمليات في المنطقة.
ويبد الشيء نفسه في حالة الأراضي الفلسطينية حيث يواصل الجيش الإسرائيلي حملات الاعتقال اليومية في مدن الضفة الغربية –وأيضاً- فقد تم إعطاؤه مطلق الحرية في الرد على نيران الصواريخ التي يطلقها المسلحون من غزة، إضافة إلى القيام بعمليات الاقتحام العميقة.
حتى لحظة قيام حماس بالسيطرة على القطاع، فقد كانت مثل هذه الغارات تستثير الكثير من التساؤلات الإعلامية حول فائدتها الاستراتيجية، وكان يصحب ذلك رفض الحكومة للعديد من العمليات –العسكرية- التي تم تخطيطها.
ما يبعث القلق، يتمثل أيضاً في وجود ثمة نمط بارز ناشئ أصبح يقوم الجيش الإسرائيلي بموجبه بتجاهل القرارات القضائية والقيود السياسية المفروضة عليه.
وهناك حالات وأمثلة عديدة، لقرارات المحكمة العليا المتعلقة بالأنشطة الاستيطانية، ثم تجاهلها أو تأخير تنفيذها بواسطة الجيش الإسرائيلي، مع قيام القادة العسكريين بالدخول في اتفاقيات من طرف واحد –أي من جانبهم فقط- مع زعماء الاستيطان وذلك في تناقض واضح مع سياسة الحكومة المنصوص عليها.
الاختطاف الأخير لسائق التاكسي الفلسطيني، وإطلاق النار على مدنيين غير مسلحين في الضفة الغربية بواسطة وحدة عسكرية صغيرة تابعة للجيش الإسرائيلي، تشير –جميعها- الى الفشل والإخفاق في التصدي لمواجهة تحلل وتفكك وانكسار نظام تراتبية هياكل الأوامر والقيادة مؤكداً صحة ما أظهره وقام به الجنود الإسرائيليون في حرب لبنان عام 2006م.
تقف قيادة الجيش الإسرائيلي، موقف المعارضة إزاء تخفيف القيود الأمنية المفروضة في الضفة الغربية، وقد قوضت بقدر كبير ترتيبات وإجراءات عملية بناء الثقة التي تم تقريرها ووضعها والاتفاق عليها بين المندوبين الإسرائيليين والفلسطينيين.
وقد فشلت في تزويد ايهود باراك وزير الدفاع الإسرائيلي، بقائمة الضوابط والترتيبات المتعلقة بالشهرين الماضيين.
البيئة السياسية في إسرائيل أصبحت ملائمة لعملية تأجيل القرارات الأمنية الرئيسية للعسكريين، خاصة وأن مبادرات الحكومة أصبحت عاجزة، وفي حالة قعود بسبب عملية انتظار تقرير اللجنة، والذي يتوقع أن يوجه نقداً شديداً لأداء وتعامل رئيس الوزراء الإسرائيلي ايهود اولمرت في حرب لبنان.
وعلى ما يبدو، سوف يكون لحرب لبنان تأثير رئيسي كبير على نمط التفكير الإستراتيجي الخاص بالجيش الإسرائيلي، خاصة وأن قادة الجيش يدفعون بقوة من أجل إبطال  القرار السابق الذي حديد عدد الألوية المدرعة. وقد أشارت صحيفة هآرتس إلى أن ايهود باراك وزير الدفاع الإسرائيلي يلقي بكل ثقله وراء مطلب قيادة الجيش برغم الانكشاف الواضح لدبابة الميركافا في مواجهة الصواريخ في هذا الوقت، فإن المستوى المرتفع للنشاط العسكري على مرتفعات الجولان، يرسل الإشارات بأن الحكومة وقيادة الجيش الإسرائيلي، قد اعتمدوا الإيمان إزاء التخمينات وتقديرات الموقف الصقورية إزاء النوايا والمقاصد السورية، بدلاً من التقارير الاستخبارية التي تقول وتوضح أنه  ليس لسورية نوايا إشعال الصراع المسلح.
في جهد واضح يهدف إلى التقليل من شأن فشل وإخفاق العسكريين الواضح إزاء القراءة الصحيحة للنوايا والمقاصد السورية، فقد قام اموس جلعاد رئيس المكتب السياسي للجيش الإسرائيلي، يوم الأربعاء الماضي باتهام روسيا بالعمل على النحو الذي يقود السوريين إلى الاعتقاد بأن (إسرائيل ترغب في الدخول في الحرب ضد بلدهم). وقد زعمت صحيفة معاريف اليومية العبرية بأن المسؤولين الروس أخبروا سورية، بأن إسرائيل تحضر للحرب، وذلك من أجل تنشيط وإنعاش مبيعات السلاح.
أنشطة الجيش الإسرائيلي المتزايدة على الجولان، والتي ترافقت مع تقارير اخبارية ومعلومات حول تعزيز وتدعيم المواقع السورية المقابلة خلال الأشهر الماضية، قد عملت –جميعها- على تعكير المياه، بحيث أصبح كل من الطرفين أمام امتحان التدقيق الشديد على رغبة الآخر في التوصل إلى تسوية حول الأراضي ذات الأهمية الاستراتيجية الكبيرة.
إن سياق العمل الأساسي لاتفاقية سلام سورية- إسرائيلية قد تم الفراغ منه في المفاوضات السابقة، وتمثلت النقطة الحقيقية الصعبة في سبيل السوريين للوصول إلى مياه بحيرة طبريا، وهو الأمر الذي عارضته إسرائيل بشدة في الماضي.
وعلى أية حال، ومع ذلك، يبقى من غير الواضح، ما إذا كان اولمرت راغباً في دفع الثمن السياسي للانسحاب من الجولان، والذي بالتأكيد سوف يؤدي إلى تفكك تحالف اليسار- اليمين المكون لحكومته، ويهدد بإحداث هزة في حزب كاديما المتصدع بالأساس.
في إسرائيل، المهنة الاحترافية العسكرية تمهد السبيل في أغلب الأحيان إلى التحول والانتقال السريع الطرد باتجاه النخبة السياسية ونخبة دوائر الأعمال، وهو أمر ظل حزبا الليكود والعمل يستخدمانه بشكل تقليدي في إغراء المتقاعدين من رؤساء هيئة الأركان ورؤساء الفروع العسكرية.
والأغلبية العظمى من ضباط الجيش الإسرائيلي السابقين تهيمن على وزارة الدفاع وعلى التعيينات الوزارية، وهو أمر أدى إلى إعاقة وعرقلة عملية الإصلاح العسكري.
توصل تقرير إحدى اللجان الأخيرة، إلى أن آليات ويكانيزمات تدابير الجيش الإسرائيلي أصبحت أكثر فوضوية ويرافقها الكثير من مضيعة الوقت. وأوصى التقرير بضرورة المزيد من إشراف الحكومة المباشر. وعلى ما يبدو فإن مثل هذا الإشراف سوف يكون مستحيلاً في البيئة السياسية الحالية.
لما كانت الحرب الشاملة الكبيرة، لا تناسب أي طرف، فإن التباس وغموض التخمينات الاستخبارية السورية والإسرائيلية يدفع إلى الاهتمام بأن سوء وخطأ الحسابات قد يؤدي إلى إشعال فتيلة الاشتباك الحدودي.
ومهما يكن الأمر، فإن الفراغ السياسي الحالي في إسرائيل، الذي يدفع ويجبر قيادة وهياكل الجيش الإسرائيلي، سواء ان كانت راغبة أو غير ذلك، من أجل المضي قدماً في الانتهاكات وممارسة النفوذ غير المستحق على عملية التخطيط الاستراتيجي، فإن ذلك في حد ذاته هو الأمر الذي سيؤدي إلى تقويض تحركات السلام المؤقتة.

 

الجمل: قسم الدراسات والترجمة

 

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...