الدبلوماسية العامة الإسرائيلية الجديدة

05-06-2008

الدبلوماسية العامة الإسرائيلية الجديدة

الجمل: تبذل الدبلوماسية الإسرائيلية هذه الأيام جهداً كبيراً من أجل السيطرة على الدبلوماسية الأوروبية وإعادة توجيهها بحيث تصبح السياسة الخارجية الأوروبية الشرق أوسطية على غرار نموذج السياسة الخارجية الأمريكية الشرق أوسطية الداعمة لإسرائيل، وعلى هذه الخلفية لم يعد الإسرائيليون يعتمدون على الدبلوماسية السياسية الرسمية فقط، وإنما أصبح المسار الدبلوماسي الرسمي الإسرائيلي يصطحب معه في المسرح الأوروبي مسار الدبلوماسية الإسرائيلية العامة غير الرسمية التي تقوم بها المنظمات والكيانات الإسرائيلية غير الحكومية.
* مركز جافي الإسرائيلي: وجولة الحوار الأوروبي – الإسرائيلي:
بدأت خلال الأيام القليلة الماضية جولة أطلق عليها الإسرائيليون تسمية الحوار الأوروبي – الإسرائيلي والتي تضمنت عقد الندوات والحوارات بواسطة خبراء إسرائيليين وأوروبيين وكان برنامج الحوار يتضمن الآتي:
• مستقبل المسألة الفلسطينية، حماس، قطاع غزة، وما بعد ذلك: تقديم الدكتور زافي شتاوبر مدير معهد دراسات الأمن القومي الإسرائيلي، ونيغيل إنكستر مدير التهديدات العابرة القوميات والمخاطر السياسية بمعهد الدراسات الإستراتيجية البريطانية.
• التطور السياسي في العراق وتداعياته الإقليمية: تقديم الدكتور توبي دودج كبير المستشارين في معهد الدراسات الإستراتيجية البريطاني، والدكتور إيفرايم كام كبير الباحثين ونائب مدير معهد الدراسات الإستراتيجية البريطاني.
• العلاقات الأوروبية – الإسرائيلية خلال الحقبة القادمة: تقديم الدكتور غينيز ليفير نائب رئيس وحدة سياسة العراق بمركز إف سي أو.
• الاتجاهات المستقبلية في الإسلامية المتطرفة والعنف السياسي في الشرق الأوسط: تقديم نيغيل إنكستر مدير التهديدات العابرة القوميات والمخاطر السياسية بمعهد الدراسات الإستراتيجية البريطانية، والدكتورة موريا شافيت من مركز دايان للدراسات الشرق أوسطية والإفريقية.
• مستقبل العلاقات السورية – اللبنانية: تقديم الدكتور آلان جورج جامعة أكسفورد، والبروفيسور إيعال زيسير من مركز دايان للدراسات الشرق أوسطية والإفريقية.
• علاقات الشرق الأوسط – أوروبا: تقديم مارك أنتوني ممثل الاتحاد الأوروبي الخاص بعملية سلام الشرق الأوسط.
• العلاقات الأوروبية الإسرائيلية والدور الأوروبي في المنطقة: تقديم تشارلز غرانت من مركز الإصلاح الأوروبي في بريطانيا، والدكتور مارك هيلير مدير البحوث بمركز الدراسات الاستراتيجية البريطاني.
• إيران والهيمنة الإقليمية ونشر الأسلحة النووية: تقديم البروفيسور علي أنصاري مدير معهد الدراسات الإيرانية بجامعة سانت أندرو في اسكوتلندا، وأوكسانان انطونينكو خبيرة شؤون روسيا وأوراسيا بمعهد الدراسات الاستراتيجية البريطاني.
• دور التنمية الاقتصادية: تقديم نيكيل بانار مدير مكتب طوني بلير رئيس الوزراء البريطاني السابق ومبعوث اللجنة الرباعية الخاص بعملية السلام في الشرق الأوسط، وديفيد فرويد المدير التنفيذي لمؤسسة بورتلاند ترست البريطانية.
* ما وراء الدبلوماسية العامة الإسرائيلية:
في نفس فترة انعقاد مؤتمر الحوار الإسرائيلي – الأوروبي الذي تم بمشاركة بين مركز جافي للدراسات الاستراتيجة التابع لجامعة تل أبيب ومعهد الدراسات الاستراتيجية البريطاني، نشر موقع غلوبال ريسيرتش الكندي المناهض للتوجهات الإسرائيلية والأمريكية تحليلاً حمل عنوان «إسرائيل: لماذا تعتبر المقاطعة الثقافية ضرورية؟»، وقد ركز مضمون التحليل على ضرورة استمرار وتكثيف المقاطعة الثقافية والأكاديمية التي تفرضها بعض المؤسسات الأكاديمية الأوروبية على إسرائيل وإذا علمنا أن نقابات وجمعيات أساتذة الجامعات في بريطانيا ما زالوا يفرضون مقاطعتهم للجامعات الإسرائيلية فإن ذلك يفسر لنا لماذا قرر مركز جافي الإسرائيلي مع حليفه مركز الدراسات الإسرائيلية البريطاني إقامة المنتدى في بريطانيا حصراً وليس في غيرها. وقد أشار التحليل إلى النقاط الآتية:
• ثقافة خطاب السلام الإسرائيلي الحالية لا تهدف إلى إحلال السلام وإنما إلى شيء واحد هو تكريس الأمر الواقع الحالي الذي يهدف الإسرائيليون من وراءه إلى:
* تثبيت الاحتلال الذي استمر لحوالي 60 عاماً.
* التغطية على عمليات القمع الإسرائيلية ضد الفلسطينيين والتي استمرت لحوالي 60 عاماً.
• مطالبة الأكاديميين والمثقفين والفنانين والكتاب الأوروبيين اعتماد المقاطعة الثقافية الشاملة لإسرائيل على غرار المقاطعة التي سبق أن نفذوها ضد نظام الأبارتهيد العنصري في جنوب إفريقيا.
• ضرورة عدم اقتصار المقاطعة لإسرائيل على أوروبا فقط وبذل الجهود من أجل تمديدها إلى سائر أنحاء العالم.
• التركيز على أن تركز المقاطعة الثقافية على المؤسسات الإسرائيلية وعدم الاستجابة لنداءات الأطراف الإسرائيلية الزاعمة بأن المقاطعة ستؤدي إلى حرمان الأكاديميين والمثقفين الإسرائيليين من الحقوق الثقافية.
• فضح الممارسات الإسرائيلية المتكررة الهادفة إلى حرمان الفلسطينيين من حقوقهم الثقافية ومواصلة التعليم والدراسة والنفاذ إلى المعلومات.
• فضح دور الجامعات ومراكز الدراسات الإسرائيلية في إعداد الدراسات والبحوث وإقامة الندوات وورش العمل التي تهدف إلى حرمان الفلسطينيين والعرب من حقوقهم وساعدت الحكومات الإسرائيلية على التنصل من التزاماتها واتفاقياتها الدولية وعلى وجه الخصوص اتفاق أوسلو.
* الدبلوماسية العامة الإسرائيلية: إلى أين؟
إذا كانت الدبلوماسية الرسمية الإسرائيلية تهدف إلى ممارسة النفوذ السياسي فإن الدبلوماسية العامة الإسرائيلية تهدف إلى ممارسة النفوذ الثقافي والأكاديمي بما يؤدي إلى مساندة الدبلوماسية الرسمية الإسرائيلية الساعية إلى تكريس الأوضاع السياسية الجائرة في الشرق الأوسط.
تركيز الدبلوماسية العامة الإسرائيلية الحالي يهدف إلى إحداث اختراق إسرائيلي ثقافي – أكاديمي في الساحة الأوروبية بما يؤدي إلى دفع الأكاديميين والمثقفين الأوروبيين إلى تبني واعتماد الخطاب السياسي والثقافي الإسرائيلي إزاء جملة من المسائل أبرزها:
• خطاب مفهوم السلام الإسرائيلي الذي يستند على مبدأ السلام مقابل السلام وليس الأرض مقابل السلام.
• خطاب مفهوم الإرهاب الإسرائيلي الذي يصف الأطراف العربية المطالبة بحقوقها بسمة الإرهاب.
• خطاب مفهوم الشرق الأوسط الكبير الذي يهدف إلى وضع كامل منطقة الشرق الأوسط برسم السيادة الإسرائيلية.
• خطاب الاستعلاء الإثنو-ثقافي الديني والسياسي الإسرائيلي الذي يؤكد على:
* حق الإسرائيليين في إقامة دولة يهودية.
* حق الإسرائيليين في إعلاء شأن ما هو يهودي والتقليل من شأن ما هو إسلامي أو مسيحي.
هذا، وتركز إستراتيجية الدبلوماسية العامة الإسرائيلية الحالية على السعي من أجل إعادة تشكيل الوعي الإدراكي الأوروبي عن طريق بناء الشراكة المفاهيمية – الثقافية مع المؤسسات الأكاديمية والثقافية الأوروبية بما يؤدي إلى إعادة إنتاج منظمة لنسق قيمي أوروبي بما يؤدي لاحقاً إلى دفع إدراك العقل الأوروبي العلمي المتحرر إلى مصيدة ابستمولوجيا المذهبية الليكودية وفلسفتها السياسية الجديدة التي سبق أن حاول الفيلسوف اليهودي الأمريكي ليو شتراوس إعادة إنتاجها عن طريق:
• التأكيد على تلازم أورشليم – أثينا على أساس اعتبارات أن أورشليم تمثل الوحي الديني وأثينا تمثل العقل الفلسفي وبتلازمهما يتحقق تلازم الوحي والعقل.
• التأكيد على ثنائية القوة – المؤامرة وذلك عن طريق الجمع في سلة واحدة لمثلث:
* فلسفة الحاخام موسى بن ميمون وعلى وجه الخصوص ما ورد في كتابه الذي حمل عنوان دلالة الحائرين.
* فلسفة نيقولو ميكافيلي وعلى وجه الخصوص ما ورد في كتابه الأمير والمطارحات.
* فلسفة توماس هوبز التي تؤكد على تمجيد القوة الغاشمة.
أعلن منذ ما يقارب من عامين الأكاديميون البريطانيون مقاطعتهم لإسرائيل ومؤسساتها الأكاديمية والثقافية وقد حاولت الحكومة البريطانية مراراً وتكراراً من أجل إثنائهم وإنهاء المقاطعة، ولكن زخم المقاطعة ما زال قوياً داخل بريطانيا والآن يحاول الإسرائيليون القيام باختراق جديد يؤدي لإنهاء المقاطعة وذلك ضمن إجراء أمني – ثقافي إسرائيلي يهدف إلى منع استعمال شرارة المقاطعة والوقاية من خطر انطلاق شرارتها للجامعات الفرنسية والألمانية والإيطالية وغيرها وهو أمر يدرك الإسرائيليون خطورته إذا علمنا أن المؤسسات الأكاديمية الأوروبية شديدة التأثير على منظمات المجتمع المدني الأوروبية وبكلمات أخرى، يسعى الإسرائيليون إلى منع فكرة المقاطعة من تملك أذهان الأوروبيين وذلك لأن الأفكار عندما تتملك الأذهان فإنها تتحول إلى قوة مادية.


الجمل: قسم الدراسات والترجمة

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...