الحكومة لا تحمي مواطنيها والتجار يفتكون بهم

04-02-2007

الحكومة لا تحمي مواطنيها والتجار يفتكون بهم

أخفقت الجهات المعنية على اختلاف درجاتها ومسمياتها في حماية المواطنين من تحليق الأسعار والغش والتدليس والفوضى وهي في تزايد يوماً بعد يوم.. ولو أن هناك دخولاً عالية لالتمسنا العذر لرفع الأسعار من قبل التجار ولو أن هناك قلة وشحاً في السلع والمنتوجات والمواد الغذائية والتموينية لبررنا أيضاً الغاية.. الغاية الرسمية تبرر الوسيلة؟!

وبطبيعة الحال حالة الفوضى السعرية في الأسواق اليوم لم يكن مردها الرقابة وان كان عليها بعض الحق ولكن تحرر الأسعار من جهة وتلاعب تجار الجملة بالأسعار وضعف جهاز الرقابة التموينية وقلة عدد مراقبيه تعد جزءاً من واقع السوق. ‏

أحمد عبد الخالق موظف قال وهو يتنهد: والله لاأعرف ماذا أقول سوق فلسطين كما يعرف الجميع هو أرخص أسواق الدنيا ومع هذا نجده ناراً.. فكيف الأسواق الأخرى فهل ربطة بصل أخضر فيها ثلاث بصلات ثمنها/7/ ليرات وربطة البقدونس /10/ ليرات والخسة بـ /25/ ل.س وكيلو السبانخ /60/ ل.س وكيلو الرشاد بـ /60/ ل.س والبصل بـ /40/ ل.س وغيرها... وغيرها.. فكيف لو لم يكن بلدنا زراعياً والله لو كان هذا السعر يستفيد منه الفلاح ذاته ماسألنا، وانما للأسف هو مسحوق.. من يتلاعب بالأسعار هم التجار الكبار وهم خارج الحساب والعقاب ويتلاعبون بأقوات العباد. ‏

فتحية صالح ـ مدرسة ـ قالت أنا أم لأربعة أطفال آتي الى سوق فلسطين كل أسبوع لأشتري ماأريد كونه الأرخص ولكنه بات مثل غيره فالأسعار محلقة نسأل عن البيض فيقولون سعره بات /170/ ل.س لأن فلاناً يتحكم بالسعر واذا أردنا أن نشتري فروجاً يقولون ان سعره أصبح /95/ ل.س لأن تجاراً من حمص يتحكمون بسعر الفروج في سورية كلها.. أنا أتساءل: أين الدولة من هؤلاء الذين يتلاعبون بمشاعر وحياة /20/ مليون مواطن سوري... ‏

هل هم باتوا أكبر من سورية.. وهل أصبحوا خارج الحساب والعقاب.. نحن مع حق الناس بالربح والحرية بالبيع والشراء والتجارة ولكن ليس من المعقول ان يتحكم واحد أو اثنان بكل الوطن.. والله.. والله.. أصبح صحن البيض حلماً لأولادي.. فكيف الفروج؟! وكيف لحم الخروف! ‏

الحاج أبو عبود خالد الحاج قال: الله يرحم أيام زمان كان هناك وجدان وأخلاق.. وخوف من الله ومن القانون.. اليوم كما ترى اذا قلت لبائع هذا غال يقول لك وبصوت عال اذهب واشتك علي.. البائع الصغير يصرخ على المواطن ويقول له اذهب واشتك علي الى المدير والمحافظ والوزير ..«واركب أعلى خيلك» فكيف بائع نصف الجملة؟! وكيف بائع الجملة وكيف التاجر الكبير.. هل من المعقول ان تفلت الأمور الى هذا الحد ويصبح بائع ما يتحدى كل الجهات الرقابية ‏

السيدة لميس حميد فنانة تشكيلية التقيناها في شارع لوبيا في اليرموك بدمشق.. وعندما سألناها عن أسعار الألبسة تنهدت وقالت: سوف أقص عليك ماجرى معي.. البارحة شاهدت طقم جوخ وقد أعجبني جداً وعندما سألته عن السعر قال لي /4000/ ل.س فتحت جزداني فلم أجد فيه الـ /3500/ فترددت بالشراء لأني كنت أريد ان أشتري جزمة كذلك فعدت الى البيت وكان يوم خميس.. وعدت اليه يوم السبت لشراء الطقم المذكور فطلب /4500/ ل.س فقلت له الخميس كان ثمنه /4000/ ل.س ولم يمض يوم.. ضحك البائع وقال: الله يرحم سعر يوم الخميس... ‏

محمد كريم ـ عامل تمديدات صحية قال: منذ أربعة أيام اشتريت حنفية واليوم جئت لأشتري اختها أي مثلها فقال لي صاحب المحل أن سعرها /570/ ل.س فقلت له لماذا يارجل لقد اشتريتها منذ ثلاثة أيام بـ /500/ بل بـ /490/ بعد أن خفضت سعرها عشر ليرات لماذا اليوم بـ 570 فرد علي البائع كل يوم تغيب الشمس وتشرق ترتفع الأسعار فكل الأسعار طارت وكل شيء ارتفع. ‏

لقد اعتاد الحلاب أبو محمود ان يمر كل يوم.. كل صباح من أمام البيت ويصيح حليب.. حليب ومنذ يومين اشتريت منه /5/ كيلو غرامات حليب بـ /17.5/ ل.س للكيلو الواحد... وهذا كان سعر يوم الأحد.. وفي صباح يوم الخميس جاء الحلاب أبو محمود كعادته.. فحملت الوعاء لشراء الحليب واعطيته السعر نفسه فقال لي يبقى /50/ ل.س ياأستاذ فقلت له: لماذا هل وزنت لي أكثر قال لا.. قلت: اذاً لماذا؟ قال سعر كيلو الحليب اليوم /25/ ل.س فقلت له منذ يومين أي يوم الأحد اشتريته منك بـ /17.5/ ل.س لماذا؟ فرد قائلاً: كأنك ياأستاذ مانك عايش بهذا البلد كل شيء ارتفع سعره عشرات الأضعاف العلف والتبن..و.. عندها قلت له معك حق ياأبو محمود فعلا أنا ماني عايش بهذا البلد. ‏

أمجد المحمد ـ بائع سوبر ماركت قال: أنا لن أتكلم عن الأسعار ولا ارتفاعها ولن أدافع عن تجار نصف الجملة لأنهم يربحون ولكن من يتحكم بالسعر هم التجار الكبار فهم يفرضون السعر الذي يريدون على الموزعين لنصف الجملة وبذلك يرتفع السعر على المواطن.. أنا مثلاً أربح على القطعة مابين ليرة أو ليرتين بينما يكون بائع نصف الجملة يربح مابين ثلاث ليرات وخمس ليرات، ولكن التاجر الكبير يربح من عشرين الى خمسين وحسب المادة عندها تصل الى المواطن وقد ارتفع سعرها ثلاثة أضعاف وقد ارتفعت الأسعار منذ شهر رمضان وعيده وعيد الأضحى ورأس السنة خمسين مرة وأنا مسؤول عن كلامي.. وعندما سألناه عن عناصر الرقابة ضحك وقال: مثلاً يقولون إن علي أن أبيع صحن البيض بـ/125/ل.س فكيف أبيعه بهذا السعر وأنا اشتريته بـ /155/ ل.س وقس على بقية المواد.. ‏

د. أحمد عبد الهادي ـ أستاذ جامعي قال: أنا لن أتكلم عن الأسعار لأن الكلام عنها هراء لأننا تكلمنا كثيراً ولكن لاحياة لمن تنادي.. ولكن ما يؤسفني عندما أقرأ في الجرائد ومانشاهده على شاشات التلفزيون من ندوات أو سيارات مؤسسة الخزن والتسويق وهي تخرج من المؤسسة محملة بالمواد الغذائية.. هل يظنون أن المواطن السوري غبي.. أم يضحكون عليه ام يستخفون بعقله.. حتى يقولوا ان الأسعار انخفضت وانها تحت السيطرة ويخرج هذا المدير أو ذاك الوزير ويقول إن المياه عادت الى مجاريها.. هذا الكلام كلام دعاية ولكن الحقيقة غير ذلك.. الأسعار بارتفاع والأسواق تعمها الفوضى والجهات المعنية تخدر المواطنين لا أكثر وتضحك عليهم بينما هم شركاء مع التجار في امتصاص ماتبقى من دماء المواطن السوري الفقير.. فهل من المعقول بحق السماء ان تلغى وزارة التموين التي كانت على علاتها أفضل من الوقت الحالي.. فهل هذا هو اقتصاد السوق الاجتماعي الذي طبلنا له وزمرنا... أظنه اقتصاد الذبح الاجتماعي . ‏

ان اقتصاد السوق ان كان اجتماعياً أو رأسمالياً أو مابينهما لايعني الفوضى والجشع.. فيا جهاتنا المعنية الوضع لم يعد يستوعب مزيداً من التجريب والانتظار والتفرج والفوضى وفلتان الأسواق وغض الطرف عن التجار الكبار ممن يتحكمون بمصائر الوطن والمواطنين!! ‏

ويكفينا تصريحات وخطابات وتنظيراً ونريد اجراءات عملية على أرض الواقع نتلمس نتائجها!

عارف العلي

المصدر: تشرين

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...