التداعيات الماثلة والمؤجلة لعملية تفجير كنيسة القديسين المصرية

01-01-2011

التداعيات الماثلة والمؤجلة لعملية تفجير كنيسة القديسين المصرية

الجمل:    تحولت فرحة احتفالات رأس السنة الميلادية الجديدة في مصر إلى حزن فاجع، وذلك بسبب الانفجار الذي استهدف إحدى كنائس الطائفة المسيحية الأرثوذكسية القبطية بما أدى إلى وقوع 21 قتيلاً وعشرات الجرحى: فما هي خلفيات ومعطيات هذا الانفجار وما هي خطورة تداعياته على مصر ومنطقة الشرق الأوسط.. وما مدى مصداقية الجهود الساعية لاحتواء هذه التداعيات؟
•    انفجار كنيسة القديسين المصرية: توصيف المعلومات الجارية:
تقول المعلومات، بأن مجموعة كبيرة من المصريين المسيحيين الأقباط كانوا متجمعين في كنيسة القديسين الشهيرة بمدينة الإسكندرية، وذلك على خلفية احتفالات انتهاء عام 2010 وبدء عام 2011م، وفي ساعة متأخرة من الليل جاءت سيارة إلى الكنيسة، وسرعان ما دوى انفجار هائل غير مسبوق إهتزت له المدينة الوادعة الواقعة على ساحل البحر الأبيض المتوسط..
تشير الإحصائيات، إلى أن عدد القتلى قد بلغ حتى الآن 21 وعدد الجرحى 43، وبرغم الجهود الطبية، فمن المتوقع أن يرتفع عدد القتلى خلال الساعات القادمة.. هذا وتقول المعلومات بأن الانفجار قد أدى إلى حدوث موجة غضب عارمة في أوساط المسيحيين الأقباط المصريين، إضافة إلى تزايد الإجراءات الأمنية، المصحوبة بحدوث حالة توتر واسعة النطاق شملت معظم المحافظات والمدن المصرية، وعلى وجه الخصوص المناطق التي تقطنها الطائفة المسيحية القبطية.
تحدثت التقارير الأولية قائلة، بأن التحقيقات المبدئية قد أشارت إلى أن الانفجار قد تم بواسطة شخص انتحاري كان يقود سيارة مفخخة وشق طريقه في عتمة الليل وزخم الاحتفالات وصولاً إلى كنيسة القديسين (القديس مارمرقص- القديس الأنبا بطرس)، وأشارت المعلومات إلى أن كنيسة القديسين هذه تقع في حي (سيدي بشر) الشهير في الإسكندرية، وهو من الأحياء المختلطة، وبعد الانفجار تحركت على الفور مواكب المسيحيين الأقباط الغاضبة لجهة القيام بالاعتداء على بعض المساجد ورشقها بالحجارة..
تحدث الرئيس المصري حسني مبارك متعهداً لجهة القيام بتعقب الجناة ومحاسبتهم، وفي الوقت نفسه أعلن الأزهر إدانة هذا العمل الإجرامي، وما كان لافتاً للنظر هو التصريحات الغاضبة التي أدلى بها الزعيم الروحي المسيحي القبطي بابا شنوده الثالث، إضافة إلى التسريبات التي تحدثت عن نوايا البابا شنوده لجهة إعلان إلغاء احتفالات الكنيسة بالميلاد.. والمطالبة بضرورة حماية المسيحيين المصريين الأقباط.
•    حلقات العنف المصري: من العنف السياسي إلى العنف الديني وبالعكس:
شهدت الساحة المصرية المزيد من جولات العنف الدامية، والتي ظلت تتأرجح بشكل مضطرد متواتر الحدوث ضمن:
-    مسارات سيناريوهات العنف السياسي المتبادل بين الحكومة والمعارضة، بحيث نجد عنف موجه بواسطة الحكومة ضد المعارضة وعلى وجه الخصوص ضد الجماعات الإسلامية، وعنف موجه بواسطة الجماعات الإسلامية المعارضة ضد الحكومة.. البابا شنوده الثالث
-    مسارات سيناريوهات العنف الديني المتبادل بين الجماعات الإسلامية المتطرفة والجماعات المسيحية القبطية المتطرفة، بحيث يسعى كل طرف إلى مهاجمة الآخر على خلفية حملة بناء الذرائع التي يصنف بها المعتدي نفسه على أنه الضحية ويصنف الآخر بأنه الجلاد.. وذلك ضمن ثنائية سردية "الضحية والجلاد" التي لا تنتهي بسبب اعتمادها على سردية "لعبة إلقاء اللوم" والتي بدورها تبدو وكأنما هي بلا نهاية..
شهدت المرحلة المتأخرة تحولات انتقالية جديدة، فالجماعات الإسلامية المتطرفة المصرية، لم تعد تهاجم الطرف المسيحي القبطي تحت المزاعم الثأرية فقط.. وإنما أصبحت هذه الجماعات الإسلامية المتطرفة أكثر اهتماماً لجهة بناء سردية جديدة تنظر إلى المسيحيين الأقباط في مصر باعتبارهم الطرف المسئول عن الروابط السياسية المصرية- الأمريكية، وبالتالي، فكلما تزايدت الإجراءات القمعية الحكومية ضد الجماعات الإسلامية.. كلما سعت الجماعات الإسلامية ليس إلى استهداف الحكومة المصرية وحسب.. وإنما إلى استهداف المجتمع المسيحي القبطي المصري.. ضمن ما يعرف في أوساط خبراء علم النفس الاجتماعي- السياسي بتسمية (العدوان التعويضي)
•    التداعيات الماثلة والمؤجلة: انفجار كنيسة القديسين إلى أين؟
تقول معطيات خبرة الصراعات والحروب، بأن نيرانها الكبيرة قد بدأت من مستصغر الشرر، وفي هذا الخصوص تشير إلى أن اندلاع الحرب الداخلية العراقية الماضية قد بدأت شرارته عندما استهدف انفجار أحد المواقع الشيعية المقدسة.. والآن، هل سيكون انفجار كنيسة القديسين بمدينة الإسكندرية بمثابة الحادثة (س) التي يمكن أن تشعل الساحة المصرية، خاصة وأن مخزونات العنف الهيكلي الديني- السياسي الكامنة قد امتلأت وتزايدت احتقاناتها بشكل غير مسبوق.
-    أدى الانفجار الذي استهدف كنسية القديسين بالأمس في مدينة الإسكندرية المصرية إلى تصريحات تطالب بضرورة توفير الحماية للمسيحيين الأرثوذكس الأقباط المصريين..
حتى الآن، لم تتحدث هذه التصريحات عن ضرورة تحديد منطقة جغرافية محددة للوجود المسيحي المصري.. ولكن ما هو مطروق وبصوت سري خافت، هو ضرورة تعزيز صعود عملية الإحياء المسيحي القبطي السياسي في مصر، بما يتيح تفعيل المشروع النهضوي الإحيائي " لمملكة نقادة " المسيحية القبطية المصرية، وذلك بما يضمن العديد من تفعيل برامج "سياسات الهوية" المتعارف عليها وبكلمات أخرى، هل سيشكل انفجار كنيسة القديسين المصرية نقطة أو بالأحرى ضربة البداية في لعبة "الدومينو الانشطاري".. بحيث تسعى الجماعات القبطية المتشددة إلى تفعيل حراكها الدبلوماسي الخارجي.. لجهة المطالبة بتطبيق مستوى معين من "الفيدرالية"، وبالتالي استخدام الأطراف الدولية والمنظمات غير الحكومية الدولية لجهة الضغط على الحكومة المصرية من أجل: إجراء تغيير دستوري يتيح إنقاذ السباق الفيدرالي الاستقلالي الذاتي بما يتيح بدوره جعل إحدى المناطق المصرية تقوم بدور "المحمية" التي توفر الملاذ الآمن للمجتمع القبطي المصري..
برغم سهولة التكهن، فإن الإجابة ستكون أكثر وضوحاً وشفافية إذا نجحت سلطات الأمن المصرية في القبض على الجناة الذين خططوا ودبروا لحادثة الانفجار، وعلى ما يبدو أيضاً فالشكوك تطال أجهزة النظام المصري نفسها، فهل يا ترى سعت الأجهزة المصرية إلى تدبير هذا الانفجار بما يتيح للقاهرة القيام بتحويل انتباه الرأي العام المصري باتجاه شبح الفتنة الدينية، بدلاً من الاهتمام بمعارضة النظام، إضافة إلى القيام بتوفير المبررات والذرائع الجديدة اللازمة لجهة إطلاق يد الأجهزة المصرية في استهداف الحركات الإسلامية، باعتبارها تمثل مصدر خطر الحرب الدينية المصرية الافتراضية!!.


الجمل: قسم الدراسات والترجمة

التعليقات

تباً

الفلتان الأمني هو الكلب الحارس للأنظمة الديكتاتورية. و اللعبة مفتوحة للمستثمرين الباحثين عن حصة في الشارع العربي المتهتك تحت وطأة الاستعمار الشرقي و الغربي و الوطني بالنيابة عن الاثنين. إلا لبنان الذي يستبيحه الثلاثة بتزامن مثالي و ديمقراطية فريدة. يكاد يكون خلع الزعيم العربي كخلع الضرس بدون مخدر. فاتورته الألم و الدم. و بظل تفاهة اقتصادية يصبح الشارع العربي كله لبنان او عراق. مما يجعل من الصمت بداهة سياسية و من الخنوع فضيلة البقاء للأضعف. يحرق شاب نفسه في تونس فيعتبر الإمام زين العابدين بن علي أنها حادثة فردية و ينوه الى المؤامرة الدولية. في مصر يقتل الناس جماعة و ينوه الى مؤامرة دولية. و كان سرقة الدولة و احتكار الدولة ليست جزء من المؤامرة الدولية و كأن السياسي العربي و وجوده ليس رهن بالمؤامرة الدولية . الأمر الذي يجعل الجميع متفق على قتل المواطن في حال فكر مجرد تفكير بتغيير واقعه. المواطن الذي يشكل الحلقة الأضعف في السلم الغذائي الدولية و المواطن في الغرب و في الشرق ليس أهنأ حالاً و لكن ثمة بلاد أقل تفاهة . ما الذي تملكه الدولة العربية إلا لحمها للبيع في سوق النخاسة العالمية ؟ لا نملك علم و لا نملك صناعة و غداً لن نملك الأخلاق و بعد بضعة أعواك سننظر للخلف و نكتشف أننا لم نبق لنفسنا تاريخ مثلما ابقى لنا اجدادنا. فشكرأً للاستعراضيين من الساسة و الاقتصاديين الذين يطبقون حرفياً كتيب التعليمات لصناعة الدعاية السياسية بدون معلم و بدون شعوب.

التفجير في مصر سنقرأه في انتخابات الجنوب السوداني قريباً.

الأخ الفاضل كاتب المقال تناول الموضوع برؤية بعيدة كل البعد عما هى عليه بالفعل وكما يقال فإن أهل مكة أدرى بشعابهاونحن المصريون نؤكد أن الفاعل لهذه الجريمة التى أفزعتنا جميعاً هو عدو من خارج مصر ومن الوارد أن يكون قداستعان فى تنفيذفعلته بأحد المصرين ولكننا نؤكد أن هذه المواجهة التى يزعمها كاتب المقال بين الإسلامين والمسيحيين هى مبالغة ليست فى محلها وهى تؤجج النار بأفكار باطلة وأعتب على الكاتب الذى لم يشر من قريب ولا من بعيد لواقع الرفض وحزن المسلمين المصريين لما حدث لأنه يهدد مصر كلها مسلمين ومسيحين

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...