اقتلع من منزله ثم خيمته فقرر الذهاب في غيبوبة الموت

24-11-2008

اقتلع من منزله ثم خيمته فقرر الذهاب في غيبوبة الموت

تترنح أم كامل بين المشيعين. تبحث عن ذكريات جمعتها برجل »ذاق الأمرّين« في حياته، و»شاء القدر بأن يتوفى قبل أن تطأ قدماه ارض منزل كان يملكه في يوم ما«. كلما نطقت الحاجة فوزية الكرد، زاد المقدسيون من بكائهم، حزناً على وفاة الزوج، وعلى عائلة »لم يعد لها أي مرتع سوى خيمة يضرب البرد انحاءها«.
وفي خاتمة حزينة لقصته، التي تحولت مؤخراً الى قضية عالمية اهتمت بها وسائل الاعلام، شيع جثمان محمد كامل الكرد (٦٢ عاماً)، المقعد الذي توفي جراء إصابته بجلطة دماغية بعد نحو أسبوعين على طرد إسرائيل له مع عائلته من منزلهم في حي الشيخ جراح في القدس الشرقية، وذلك بعدما استولى عليه مستوطنون بدعم من الشرطة الإسرائيلية وقوات الاحتلال في المدينة، بدعوى ان الأرض التي يقوم عليها المنزل »مملوكة لجهات يهودية«.
مقدسيون ورسميون وممثلون عن أحزاب وفصائل فلسطينية، ساروا كلهم خلف جثمان أبو كامل يرددون شعارات مناهضة للاحتلال وسياسته العنصرية، ومحملين الجانب الإسرائيلي »مسؤولية وفاة هذا المناضل«. حملوا النعش وطافوا به في حي الشيخ جراح وصولاً للصلاة عليه بالمسجد الأقصى ثم دفنه، وقبل أن يتجهوا الى جوار منزل ابو كامل السابق »ليلقي الجثمان نظرة الوداع على ما كان يوماً مأوى لعائلة صارت تعيش اليوم في العراء« قال احد المشيّعين.
تقول زوجته فوزية الكرد »ام كامل« إنه بعد طرده من بيته عاش اسبوعاً في خيمة التضامن التي اقيمت على بعد امتار من المنزل المحتل، ثم وبعد اقتلاع هذه الخيمة وإعادة نصبها من قبل الفلسطينيين واقتلاعها مرة اخرى ومن ثم إعادة نصبها، »لم يطق ابو كامل مرارة المشهد فقرر أن يذهب في غيبوبة نقل على اثرها الى المشفى ليبقى طريحاً على فراش المرض اسبوعاً قبل أن يرحل«. وتضيف الحاجة أم كامل »ارتقى الى جوار ربه تاركاً معركة من اجل إعادة الحق لأصحابه، ونحن نقول له لو متنا كلنا ولم يبق منا سوى الطيف سنبقى نقاتل لنستعيد حقنا«. الحاجة أم كامل حملت اسرائيل مسؤولية وفاة زوجها وقالت لـ»السفير« إنه »منذ طردنا ونحن مشردون في خيام كل يوم يأتون ويهدموها، زوجي لم يحتمل الوضع، ضاقت عليه الدنيا، فانفجر قلبه ودماغه حزناً على حياة كانت يوماً هانئة«. اجواء الحزن التي خيمت على جنازة ابو كامل رافقتها اصوات »قهقهات المستوطنين الذين يبيتون على فراشه ويتراقصون في منزل كان يوماً ملكاً له. تقول الحاجة أم كامل »هم يعيشون في منزلنا اجساداً بلا روح، وروحنا وروح ابو كامل ما تزال تخيم هناك«. وكان ابو كامل رجلاً »مشهوداً له »بالوطنية والانتماء للقدس، قبل أن تقعده »امراض السكري والضغط« وتجعله مشلولاً أسيراً في كرسي متحرك، يقول الصحافي محمد عبد ربه، الذي كان يغطي مراسم التشييع. وأضاف »المشهد كان مؤثراً ومحزناً ومؤلماً ولا احد في الدنيا يتحرك«. ويقع منزل ابو كامل الكرد ضمن حي سكني على قطعة أرض مساحتها ثمانية دونمات وفيها منازل ٢٨ عائلة مقدسية مهددة جميعها بالطرد. ويبلغ مجموع أفراد هذه العائلات حوالى٤٠٠ فلسطيني. وكانت قوات كبيرة من جيش الاحتلال ترافق مجموعات من المستوطنين قد اقتحمت منزل الكرد في العاشر من تشرين الثاني الحالي وطردت سكانه بدعوى أن الارض التي يقام عليها »مملوكة لجهات يهودية«. وتستند الجهات الاستيطانية الى اوراق من العهد الثعماني تقول إن الارض التي يقام عليها المنزل مملوكة لليهود وهو امر يرفضه اصحاب المنازل الذين يقيمون فوق هذه الارض منذ عام ١٩٥٤ ولديهم اوراق تثبت أن الارض »نقلت من الجانب الأردني الى وكالة غوث وتشغيل اللاجئين (الاونروا) والتي منحتها بدورها لهم ليقيموا منازلهم فوقها بعد طردهم من اراضيهم خلال عام ١٩٤٨«.

أمجد سمحان

المصدر: السفير

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...