أحداث المسجد الأحمر في باكستان: الخلفية والأهداف

08-07-2007

أحداث المسجد الأحمر في باكستان: الخلفية والأهداف

الجمل:  تناقلت وسائل الإعلام المقروءة والمسموعة خلال الأيام الماضية، وبتركيز أكبر اليوم، الأحداث والمواجهات الدامية التي تدور في (المسجد الأحمر) الموجود في العاصمة الباكستانية إسلام أباد، بين قوات الأمن الباكستانية، ومئات الطلاب الأصوليين الإسلاميين المعتصمين داخل المسجد.
• خلفية الصراع:
تمثل باكستان بلداً إسلامياً، يقطنه حوالي 90 مليون مسلم، ويتميز الشعب الباكستاني بالنزعة الإسلامية المتشددة. وتعتبر منطقة الجوار الإقليمي الباكستاني واحدة من أكبر مستنقعات وبؤر صراع الأصوليات في العالم.
- جنوب باكستان:
يوجد صراع الأصولية الإسلامية في مواجهة الأصولية الهندوسية، وذلك في عدة مناطق هي:
* إقليم جامو- كشمير، بين السكان الأصوليين المسلمين، والسكان الأصوليين الهندوس. وفي هذا الصراع تتورط حكومة باكستان إلى جانب الأصوليين الإسلاميين الذين يطالبون بضم المنطقة إلى باكستان، وتتورط الحكومة الهندية إلى جانب الأصوليين الهندوس المطالبين ببقاء المنطقة تحت السيطرة الهندية.
* شمال غرب الهند: يوجد إقليم البنجاب الذي يقطنه أكثر أنواع الأصوليين الهندوس تطرفاً، وهم طائفة السيخ والذين ينخرطون في أعمال العنف على السواء ضد المسلمين وبقية الطوائف الهندوسية الأخرى.
* في داخل الهند: يوجد صراع إسلامي- هندوسي يمتد إلى كل محافظات الهند التي يقطنها حوالي مليار شخص، منهم 750 مليون هندوسي، و250 مليون مسلم، وسبب الصراع يعود إلى مشاكل الأرض والسيطرة على المحافظات، إضافة إلى مشكلة المسجد البابري التي تشبه بقدر كبير مشكلة المسجد الأقصى بين اليهود والمسلمين، فالهندوس يقولون بأن المسلمين خلال فترة الدولة الإسلامية قاموا بهدم معبد الإله الهندوسي (رام)، وبنوا مكانه المسجد البابري، والمسلمين يقولون: إن هذا المسجد يعتبر من المساجد المقدسة المرتبطة بدخول الإسلام وصحابة رسول الله إلى الهند.. وعندما يأتي عيد الإله رام يقوم الأصوليون الهندوس بارتداء الملابس الهندوسية البرتقالية والتجمع لهدم المسجد وإعادة المعبد، وبالمقابل يقوم الأصوليون الإسلاميون بارتداء الجلابيب والعمائم البيضاء بالتجمع والتصدي للهندوس.. أما الحكومة الهندية فكان رأيها يتمثل في عدم هدم المسجد لأنه تم تشييده قبل مئات السنوات وبالتالي فهو يدخل تحت مظلة قانون حماية الآثار.
- شمال باكستان:
وتوجد سلسلة من الصراعات، أبرزها:
* صراعات أفغانستان، ودارت هذه الصراعات على عدة مراحل، هي:
1- الصراع الأصولي الإسلامي- السوفييتي.
2- الصراع بين الفصائل الأصولية الإسلامية الأفغانية بعد الانسحاب السوفييتي.
3- صراع حركة طالبان الأصولية الإسلامية ضد الفصائل الأصولية الأخرى بعد سيطرتها على أفغانستان.
4- صراع حركة طالبان الأصولية الإسلامية، المحالفة مع تنظيم القاعدة الأصولي الإسلامي ضد القوات الأمريكية وقوات حلف الناتو.
كذلك توجد حوالي 200 حركة أصولية إسلامية مسلحة في دول آسيا الوسطى الخمسة: طاجيكستان، أوزبكستان، تركمانستان، قيرغيزستان، وكازاخستان.. وجميع هذه الفصائل انحدرت من الفصائل الإسلامية، وتدرب وشارك قادتها مع الفصائل الأفغانية خلال فترة التدخل السوفييتي، ويشاركون حالياً في القتال إلى جانب طالبان والقاعدة ضد القوات الأمريكية وقوات الناتو.
- الصراع داخل باكستان:
يوجد صراع أصولي إسلامي قديم في المناطق الشمالية والغربية الباكستانية، وسببه مطالبة سكان هذه المناطق بالحكم الإسلامي، قامت الحكومة المركزية الباكستانية منذ أيام ضياء الحق بإعطاء المناطق الآتية حق الحكم الذاتي.
* منطقة بلوشتسان.
* منطقة وزيرستان الشمالية.
* منطقة وزيرستان الجنوبية.
* منطقة القبائل.
وبالفعل هدأت هذه المناطق، وأعلن كل زعيم في هذه المنطقة عن قيام (إمارة إسلامية) وتطبيق الشريعة الإسلامية، ومن جانبها أعلنت الحكومة عن قبولها لهذه الإمارات طالما أنها تحت السيادة الباكستانية.
شكلت عملية الغزو العسكرية الأمريكية لأفغانستان الوقود الذي أذكى نيران المعارضة الأصولية الإسلامية لحكومة الجنرال برويز مشرف في هذه المناطق، وقد قام الجيش الباكستاني بعدة محاولات لإخماد التمرد، وبرغم مساعدة القوات الأمريكية له إلا أن عمليات مكافحة التمرد لم تنجح، كذلك تحالف (أمراء المؤمنين) في هذه المناطق مع حركة طالبان وتنظيم القاعدة، وكانوا يتبعون تكتيكاً ثلاثياً:
- دعم القاعدة وطالبان، وتوفير الحماية للعناصر المسلحة المنسحبة من أفغانستان بإعادة ترتيب صفوفها ثم معاودة الهجوم مرة أخرى.
- التعرض المسلح لمحاولات الجيش الباكستاني بتمشيط (الإمارات الإسلامية).
- تكوين الأحزاب السياسية الإسلامية، مثل الجماعة الإسلامية وغيرها، والعمل بنشاط في العاصمة الباكستانية إسلام آباد في معارضة حكومة الجنرال برويز مشرف وتسيير المظاهرات وحركات الاحتجاج السياسي ذات الطابع المدني.
تزايد حدة المواجهات بين هذه الحركات الأصولية الإسلامية ونظام الجنرال مشرف، وذلك بسبب:
- ضغط الأمريكيين على الجنرال مشرف من أجل القضاء عسكرياً على الحركات الإسلامية المسلحة الموجودة في شمال باكستان على النحو الذي يؤدي لإضعاف حركة طالبان وتنظيم القاعدة.
- شعور الحركات الإسلامية الأصولية بان المعارضة السياسية لنظام الجنرال مشرف أصبحت كبيرة، وبالتالي فإن الدخول في المواجهات ضده سوف يعجل بنهايته، وبالتالي فإن سقوط النظام سوف يؤدي إلى حرمان القوات الأمريكية وقوات حلف الناتو من (الممر الباكستاني) الذين ظلوا يعتمدون عليه في حركتهم ونقل القوات والعتاد العسكري إلى داخل أفغانستان.. كذلك فإن سقوط نظام مشرف معناه أن قوات الناتو والقوات الأمريكية أصبحت حبيسة داخل أفغانستان، مما يسهل القضاء عليها، وعودة القاعدة.
وعموماً، إن الصراع الدائر حالياً في المسجد الأحمر، هو خطوة أولى في سيناريو النهاية لنظام برويز مشرف، ويعتقد الأمريكيون والخبراء الغربيون بأن سقوط مشرف يمكن أن يكون أمراً بسيطاً لو أن البديل القادم سيقوم بتقديم نفس الخدمات. ولكن المشكلة الحالية التي تواجه أمريكا هي أن البديل القادم سوف يكون أصولياً إسلامياً، والكارثة الأكبر تتمثل في أن باكستان تمتلك ترسانة من الأسلحة النووية، وبالتالي فإن أي قيام نظام أصولي إسلامي في باكستان معناه أن الأسلحة النووية أصبحت تحت يد وتصرف الأصوليين الإسلاميين، والكارثة الأكبر من كل ذلك أن تنظيم القاعدة وحركة طالبان استطاعا –بحسب التقارير الاستخبارية- التغلغل في كل الحركات الأصولية الإسلامية الباكستانية.

الجمل: قسم الدراسات والترجمة

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...