«داعش» يقترب من مخيم اليرموك ودرعا: إعادة هيكلة الفصائل على وقع الاغتيالات

03-01-2015

«داعش» يقترب من مخيم اليرموك ودرعا: إعادة هيكلة الفصائل على وقع الاغتيالات

مرحلة عصيبة تمر بها «جبهة النصرة». تظاهرات مناهضة لها، وتحالفات كبيرة تستثنيها، وشكوك حول ضلوعها في اغتيالات عديدة. وثمة من يشبِّه عزلة زعيمها أبي محمد الجولاني جراء ذلك بالعزلة التي أحاطت بخصمه اللدود زعيم تنظيم «الدولة الإسلامية في العراق والشام» ـــ «داعش» أبي بكر البغدادي نهاية العام 2013، وكانت أحد العوامل التي دفعته إلى فتح النار في كل الاتجاهات.
فبالرغم من الخصومة الدموية التي طبعت العام الماضي بأحداثها بين «جبهة النصرة» و«الدولة الإسلامية» بذريعة الاختلاف المنهجي، إلا أن الفوارق بين الطرفين تقلصت كثيراً، وبات البحث عنها يحتاج إلى جهد جهيد، خصوصاً بعد أن سقطت عن «النصرة» آخر أوراق التوت التي كانت تحاول التستر بها، وتطلق عليها اسم «الحاضنة الشعبية».
ففي بيت سحم جنوب دمشق تستمر لليوم الرابع على التوالي التظاهرات المطالبة بخروج «جبهة النصرة» من البلدة، في أعقاب الاعتداءات التي قام بها بعض عناصرها بحق المواطنين، وأدت إلى مقتل أحد الشبان. ويبدو أن هذه التظاهرات، التي تعتبر الأضخم من نوعها ضد «النصرة»، ستستمر، نظراً لاعتصام عشرات المتظاهرين في ساحة البلدة ورفضهم مغادرتها قبل تحقيق مطالبهم.
وخشيةً من خروج الوضع عن السيطرة، أصدرت «الهيئة الشرعية في جنوب دمشق»، أمس الأول، بياناً ملتبساً قد تكون الغاية منه استيعاب الغضب الشعبي الذي تفجر ولم يهدأ، لأنه من جهة يؤكد صحة الاتهامات الموجهة إلى عناصر من «جبهة النصرة» بالقتل، لكنه من جهة أخرى يرفض أن يُنسب ذلك إلى الفصيل بكامله. وطالب البيان «جبهة النصرة» بتسليم كل من المتَّهمين أبو رامز خاوندي وعمار أوبري إلى «المحكمة الشرعية» ليصار إلى محاسبتهم وفق الشرع.
وتأتي التظاهرات في جنوب دمشق بالتزامن مع خروج تظاهرة في مدينة سلقين بريف إدلب قبل أيام، تندد بتصرفات «جبهة النصرة» وتطالبها بالخروج من المدينة، الأمر الذي يشير إلى اتساع حالة الاحتقان داخل «الحاضنة الشعبية» التي طالما تغنت بها «النصرة» وزعمت أنها تعمل لإرضائها ونصرتها.
وليست التظاهرات هي الضغط الوحيد الذي تعاني منه «جبهة النصرة» في جنوب دمشق. فإذا كانت إحدى عينيها تراقب ما يجري في ساحة بلدة بيت سحم، فإن عينها الأخرى مشغولة بمراقبة تحركات مسلحي «الدولة الإسلامية» ومحاولتهم التوسع في المنطقة، لاسيما بعد أن تمكن هؤلاء من اقتحام حي الزين في الحجر الأسود والسيطرة عليه، الأمر الذي يجعلهم قريبين من مخيم اليرموك بما فيه الكفاية، كي يثيروا قلق «جبهة النصرة» وحليفها «أكناف بيت المقدس»، اللذين يعتبران من أقوى الفصائل المسيطرة على المخيم.
وبالرغم من أن «النصرة» استطاعت تحقيق تقدم ميداني واسع في ريف إدلب، سواء في مواجهة الفصائل المسلحة الأخرى مثل «جبهة ثوار سوريا» و «حركة حزم» وغيرها أم بمواجهة الجيش السوري كما حصل في معسكري وادي الضيف والحامدية، غير أن المشهد العسكري العام بما يتضمنه من نشاط غير مسبوق لصياغة تحالفات وتشكيل جبهات، بات يشكل عاملاً ضاغطاً على «جبهة النصرة» التي تنظر إلى هذه التحركات بريبة وقلق.
ولعل القاسم المشترك بين كل هذه التحالفات الجديدة هو استثناء «جبهة النصرة» منها، في ظل معلومات سرّبها قياديون فيها عن وجود مساعٍ لتشكيل تحالف يهدف إلى محاربتها في وقت لاحق. ومما لا شك فيه أن النشاط الكثيف الذي تشهده فصائل الجبهة الجنوبية في درعا والقنيطرة هو أكثر ما يثير قلق «جبهة النصرة»، من دون أن يعني ذلك أن تشكيل «الجبهة الشامية» في ريف حلب، من دون إشراكها فيها لم يثر قلقها، وإن تذرعت بأن ثقل نشاطها العسكري تحول نحو ريف إدلب لذلك لم تشارك في هذه الجبهة.
وأُعلن في محافظة درعا أمس الأول، عن اندماج كل من «جبهة ثوار سوريا» و«فرقة الحمزة» و«فوج المدفعية» في بنية عسكرية واحدة تحت مسمى «الجيش الأول»، الذي يقدر عدد المسلحين المنضوين تحته بحوالي عشرة آلاف مسلح، وتكون القيادة فيها للعقيد المنشق قائد «فرقة الحمزة» صابر سفر.
وكانت محافظة درعا شهدت، الأسبوع الماضي، تشكيل تحالف «صقور الجنوب»، الذي يضمّ كلّاً من «جيش اليرموك» و«فرقة 8 آذار» و«أسود السنة» و«فلوجة حوران».
وانبثق عن هذا التحالف تأسيس «غرفة عمليات أسود الحرب»، التي يعتبر أحد أهدافها توقيع «معاهدة دفاع مشترك» بين الفصائل المشاركة فيها.
وبالرغم من أن جميع الفصائل السابقة موقّعة على ميثاق «دار العدل» في درعا، إلا أن الإشارة التي وردت في بيان تأسيس «الجيش الأول» حول سعيه إلى «إقامة دولة القانون والعدالة» من دون ذكر للشريعة الإسلامية، يؤكد وجود تباينات جذرية بين التحالف الجديد وبين «جبهة النصرة». علاوة على أن التصريحات الأخيرة لقائد «جبهة ثوار سوريا في الجنوب» أبو أسامة الجولاني حول ضرورة الحفاظ على مؤسسات الدولة السورية، بما فيها المؤسسة العسكرية التي تعتبرها «جبهة النصرة» رأس الكفر في البلاد، تعزز من وجود هذه التباينات، وتؤكد أن اللقاء بين هذه الأطراف بات رهن الضرورة العسكرية والتطورات الميدانية فقط. أما على المدى البعيد فإن الخلاف هو سيد الموقف.
وقد يكون من مؤشرات هذا الخلاف واتجاهه نحو التصعيد، حالات الاغتيال الكثيرة التي تشهدها مدينة درعا منذ أسابيع، مع تزايد الشكوك حول وقوف «جبهة النصرة» وراءها. وكان آخرها الاغتيال الذي حصل أمس في مدينة إبطع واستهدف اجتماعاً كان يضم أربعة أشخاص، هم الإعلامي في قناة «اورينت» فايز أبو حلاوة، ونصر عوض الجاحد، وعضو «لجان التنسيق المحلية» ضرار موسى الجاحد، واحمد محمود الجاحد الذي أشار بعض النشطاء أنه مبايع لتنظيم «الدولة الإسلامية» ومعروف بلقب «الرؤول».
وما يثير الشبهات أن أنصار «داعش» اتهموا «جبهة النصرة» بقتل أحد المبايعين في ابطع واسمه المهدي، وذلك بينما نجا المقدم المنشق القيادي في «الفيلق الأول» نجم أبو المجد من محاولة اغتيال استهدفته قبل أيام.

عبد الله سليمان علي

المصدر: السفير

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...