3 لاجئين سوريين يسافرون تهريباداخل خزان وقود كما في قصة غسان كنفاني "رجال تحت الشمس"

06-04-2015

3 لاجئين سوريين يسافرون تهريباداخل خزان وقود كما في قصة غسان كنفاني "رجال تحت الشمس"

"قد تصير جثة لدى وصولك، لكنك ستصل في كل الأحوال" بهذه العبارة التي قالها أحد مهربي اللاجئين، بدأ ثلاثة لاجئين سوريين رحلتهم نحو أوروبا الغربية، من اليونان لم يجدوا وسيلةً سوى الاختباء في خزانٍ مليءٍ بالوقود، كان وسيلتهم الوحيدة للوصول إلى إيطاليا، حيث لم تترك الحرب لهم أيّ أملٍ في وطنهم الذي أدمته "الحرية".

ثلاثة لاجئين سوريين، نشرت هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي)، قصّتهم، أرادوا الخروج من اليونان، لإعالة أنفسهم، وأسرتهم التي تنتظرهم في تركيا، لإيجاد وطنٍ بديلٍ لهم، بعد أن نفذت أموالهم في اليونان، ولم يتمكنوا من إيجاد أي عملٍ، فاختاروا خوض رحلةٍ أخيرة، كانوا على يقينٍ أن الموت قد يكون، غالباً، نهايتها.

يقول أحد اللاجئين: "الرجل الذي أخبرنا عن طريقة الهرب في الشاحنة كان مصريا، يدير مقهى للانترنت كواجهة لعمليات التهريب. الكثير من الفتيان العرب يجلسون في المقهى يتحدثون إلى آبائهم عبر موقع سكايب، ويستمع هو لمحادثاتهم ليعرف من يحاول الهرب إلى فرنسا أو إيطاليا. وأخبرنا أنه يعرف سائقا يونانيا في طريقه إلى مدينة ميلان الإيطالية، ويمكنه أن ينقلنا في خزان الوقود الإضافي مقابل خمسة آلاف يورو للفرد".

وتابع: "غادرنا أثينا في سيارة أجرة، أنا وبادي وأنس وشاب عراقي لا نعرفه. اصطحبنا السائق إلى مخزن في منطقة صناعية قريبة من البحر، وكانت الشاحنة مخبئة داخل المخزن، فدخلنا وأغلق السائق الباب. دعانا السائق إلى قضاء حاجتنا في دورة المياه قبل دخول الخزان، لكنني لم أفعل إذ كنت شديد التوتر".

وأضاف: "اضطررنا للزحف أسفل الشاحنة والمرور عبر باب ضيق كي ندخل الخزان. بمجرد أن رأيت الخزان قلت لنفسي سنموت هنا، وعندما نظرنا إلى الباب الضيق أسفل الشاحنة، صلينا ودعونا لأبنائنا قبل حشر أنفسنا في الخزان. ثم أدار السائق محرك الشاحنة".

يكمل الشاب السوري روايته، قائلاً: "وبمجرد تحرك الشاحنة، علمنا أننا لن نصمد لمدة ساعة. كانت درجة الحرارة مرتفعة جدا بالداخل، وامتلأ الخزان بدخان الوقود. أصابت أنس حالة هياج، وبدأ يقرع الخزان ويصرخ. سمعه السائق، فأوقف الشاحنة قبل بلوغها مخرج المخزن. وبمجرد خروجنا من الخزان، قال أنس "عندي أولاد، لا أريد أن أموت".

وأردف، "كان من المستحيل أن نسافر نحن الأربعة في هذا الخزان، فاتفقنا على أن يعود الشاب العراقي إلى أثينا. أما ثلاثتنا فنعرف بعضنا منذ شهور. كنا كالأخوة. ونثق ببعضنا البعض، وبذلك، كان السائق سيخسر خمسة آلاف يورو، لكنه لم يرغب في أن يصل إلى ميلان ومعه جثث في الخزان. لذا، أخذ منا 500 يورو، ودخلنا مجددا إلى الخزان".

ووصف اللاجئ الذي قرر خوض الموت فاراً من جحيم الحرب، "كنا كالعجين داخل الخزان. وكانت أرضية الخزان مغطاة بطبقة من المطاط، انصهر بفعل الحرارة وأصبح سائلا. غطتنا مادة سوداء. وكان الخزان أشبه بالفرن. فاحت رائحة المطاط السائل وعادم الوقود. كنت على يقين أننا سنموت".

وأكمل، "بعد فترة، وصلت الشاحنة إلى قارب. وكنا نخشى أن يسمعنا أحد في غياب صوت المحرك، فلم ننطق بكلمة إلا عندما كانت الشاحنة تسير. وبقينا صامتين، ننصت إلى محركات القارب، ونتنفس بشق الأنفس".

وتابع، "دار محرك الشاحنة مرة أخرى، وبدأنا الحركة ببطء شديد. وعندما توقفت الشاحنة مرة أخرى، سمعنا رجال يتحدثون الإيطالية. وعلمنا أننا في إيطاليا. وشعرنا بارتياح، فمهما حدث، لن نعود إلى اليونان مرة أخرى، كان من المفترض أن يصطحبنا السائق إلى ميلان، لكننا لم نعد نقوى على التحمل. بدأنا نقرع على جانب الخزان، ونصرخ، لكنه لم يسمعنا، أو لم يرغب في التوقف".

وأضاف قائلاً: "كان لدى بادي هاتف، فاتصل بالمهرب وقال له "اتصل بالسائق ليخرجنا من الخزان وإلا سنموت بداخله". وبعدها بقليل، انحرف السائق عن الطريق الرئيسي ثم توقف، سقطنا من داخل الخزان. لم نستطع فرد أرجلنا، فاستخدمنا أيدينا لسحب أنفسنا من تحت الشاحنة. كنا في وقت الظهيرة، في غابة ما في إيطاليا".
 
وأوضح السائق أنه "لا صلة له بنا من هذه اللحظة، وأننا يجب أن نعتمد على أنفسنا. وبعدما ابتعد السائق بالشاحنة، تدحرجنا على منحدر وزحفنا إلى داخل نفق خرساني تحت الطريق. استلقينا بداخله، نحاول تحريك أطرافنا والتنفس" يقول اللاجئ الذي انتهت رحلته مبدئياً نحو إيطاليا.

عند الوصول إلى إيطاليا، وبعد أن تمالك الشبان الثلاثة أنفسهم، افترقت طرقهم، "فاستقل سعيد القطار عبر جبال الألب إلى العاصمة النمساوية فيينا. واشترى أنس جواز سفر مزورا من مهرب في إيطاليا، وسافر جوا إلى السويد. أما ابن عمه بادي، فقد لحق بقريب له في مدينة ليدز في إنجلترا. وحصل الثلاثة على حق اللجوء"، الذي كانوا على وشك أن يدفعوا حياتهم ثمناً له.

وكالات

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...