هل دخلت أسواقنا الأزمة:ركود..نسب حسم وهمية..غياب رقابي

31-03-2009

هل دخلت أسواقنا الأزمة:ركود..نسب حسم وهمية..غياب رقابي

جرت العادة في السنوات السابقة أن يقنع المواطن السوري نفسه بأن الأسواق السورية ستشهد انخفاضاً للأسعار في أوقات محددة من السنة وحسب أنواع السلع الموسمية، لكن يبدو إن تأثيرات الأزمة المالية، التي تحولت في مرحلتها الثانية إلى أزمة اقتصادية شاملة في كافة القطاعات أثرت كثيراً على التسريع في هذه التخفيضات وبنسب كبيرة تجاوزت كل السنوات الماضية، حيث وصلت نسبتها أحيانا حسب الإعلانات وواجهات المحلات وحتى عن طريق الرسائل الجوالة إلى 70-80 %، ولعل المتتبع لحركة السوق بيعاً وشراء يستنتج ويعي تماماً الأسباب الرئيسة لهذه الانخفاضات ولو كانت على حساب البائع وخسارته بسبب حالة الكساد التي تطغى على أسواقنا، وحسب العديد من التجار الصغار منهم والكبار فان بيع بضاعتهم بخسارة افصل بكثير من تكديسها في المخازن دون أية فائدة مالية مرجوة، لكن المعادلة الصحيحة في هذه العملية غائبة لان لمفترض به الاستفادة من كل هذه العملية أي المواطن المستهلك غير قادر على التسوق رغم هذه الانخفاضات بسب ما عاناه سابقاً من ارتفاعات جنونية في الأسعار التي ابتلعت الرواتب والجيوب معاً، وبالتالي الخوف من ما تخبؤه لنا الأشهر القليلة القادمة التي قد تكون فيها الأزمة اشد وطأة وتأثيراً مباشراً على اقتصادنا وعلى كافة مناح حياتنا، على الرغم من ترطيب الكلمات والتخفيف من حدة تأثيراتها من بعض المسؤولين حول مدى تأثر سورية بها، لكن واقع الحال ينفي كل هذه المبررات، لأننا أصبحنا في وسط الأزمة تماماً وذلك حسب التقارير والأبحاث التي قدمها بعض اقتصاديينا، وأكدت وجهة نظرهم هذه الأخبار التي بثت حول عودة أكثر من /50/ ألف عامل سوري كانوا يعملون في الخليج وهذا يعتبر دليل آخر على المفاعيل الجديدة والمتوقعة للازمة رغم عدم وصولها إلى مرحلة الذروة بعد، والتي من الواضح إنها ستتعمق شيئاً فشيئاً وبشكل متزايد وما زال الكل يتخبط في تقديم الخطط والبرامج الصحيحة للوقاية من تأثيرات الأزمة والخروج منها بأقل الخسائر.
 ومن هذا المنطلق كانت لنا هذه الجولة للاطلاع على حركة الأسواق طيلة الأيام الفائتة التي يشتكي منها الجميع المستهلك والتاجر والدولة ولم يعد معروفاً من المتحكم بكل ما يجري خاصة بعد أن تأكدت خلال عمليات التخفيض والتنزيلا ت المخيفة أن نسب هامش الربح مبالغ ومتلاعب فيها بشكل كبير بعد أن شهد السوق تنزيلات بأضعاف مضاعفة في كلا القطاعين العام والخاص حين وصلت التخفيضات ما بين 150-400 %، وهذا يؤكد أن المواطن يضحك عليه حتى ولو كان سعر القطعة أو أية بضاعة إلى 50 ليرة سورية فقط!. وعلى الرغم من قيام مؤسسة الخزن والتسويق بتخفيضات جديدة على السلع الاستهلاكية لمواكبة الحالة العامة ولتحريك القوة الشرائية فما زالت الحركة بطيئة بالمقارنة مع السنوات الماضية، حيث أكدت المؤسسة إن تخفيضاتها تصل إلى نسبة ما بين 10-30 %، بالإضافة إلى زيادة عدد سياراتها الجوالة العاملة في المناطق والأحياء كسوق متحرك وفي متناول اليد إلى 25 سيارة من حماية المواطن وتحريك السوق وخفض أسعار المواد الغذائية الأكثر استهلاكاً بشكل يناسب دخل المواطن ويحميه من جشع بعض التجار وكمنافس شريف يعمل لصالح المواطن من خلال سيارتها العاملة في هذا المجال والتي تنطلق مرتين في اليوم لتقديم المنتج الأفضل والطازج للمستهلك، لكن مع ذلك فان الأسعار التي تقدمها المؤسسة مازالت مرتفعة، فسعر الكيلو الغرام من هبره الغنم البلدي535 ليرة، ومسوفة غنم 360 ليرة، والباط بعظمه يباع الكيلو 400 ليرة وهبره العجل 360 ليرة، وهذا يؤكد استمرار القاعدة التي يستخدمها أكثر المربين للأغنام في هذا الوقت من السنة وذلك بتسمين الخوار يف ضمن الحظائر لزيادة وزنها من اجل زيادة أرباحها، الأمر الذي يؤدي إلى ارتفاع قي أسعار لحوم غنم العواس في المحافظات الرئيسية ففي دمشق يصل السعر إلى رقم لا يتخيله حتى صاحب الأغنام نفسه، ولهذا السبب أيضا فقد وصل سعر لحم هبره الخوار يف في دمشق إلى حوالي 800 ليرة سورية بينما تكون الصورة مختلفة في المحافظات التي ترعى فيها الأغنام بشكل كبير ليصل الفارق في السعر أحيانا إلى أكثر من 400 ليرة مثلا بين دمشق والجزيرة أو حتى بين دمشق والقنيطرة، وكذلك الفروج الذي بيع 120 ليرة وعلى غرار هذه الأسعار فقد جاءت حجج المؤسسة غير مقنعة حين بررت أسباب ارتفاع الأسعار في اللحوم لقيام بعض التجار بشراء كميات كبيرة من اللحم من فروع المؤسسة وبيعها في الأسواق، وان هذا العمل الإجرائي قامت به المؤسسة لكي يتقارب السعر بينهما لحدود سعر الجملة، والأسعار كالعادة تختلف من حين لآخر ومن منطقة لأخرى بين المؤسسة وكل الأسواق، فأسعار الخضار والفوكهه أنزلتها المؤسسة ما بين 5-15 ليرة للكيلو الواحد كفرق، وفي الزيوت والسمن تقول المؤسسة حسب إعلاناتها إن الفرق يصل بين 20-75 ليرة في مختلف العبوات والأوزان، والمنظفات بين 15-75 ليرة أيضا.
لكن كل هذه الأرقام والأسعار لا تعني بأي شكل من الأشكال عن الصورة الحقيقية لما يجري في السوق، وبالتالي فان التاجر يبقى المتحكم الأول بالسوق فالفروج مثلاً ارتفع بحوالي 20 ليرة عن الشهر الماضي حيث بيع 140 ليرة، وفي بعض المناطق وصل الى150 ليرة، وبيع الأفخاذ 180ليرة، والجناحات التي أبدع أصحاب الدخل المحدود بطريقة شويها بحجة إنها الأطيب فقد ارتفع سعرها أيضا ليصل إلى 165 ليرة في سوق المزه (الشيخ سعد)، أما البيض فقد وقف الصحن وللأسبوع الثاني125 ليرة لمتوسط الوزن، وكالعادة وكما ذكرنا سابقاً فقد اختلف أسعار غنم العواس إذ وصل الكيلو الواحد من الحي235 ، إلا أن المصيبة الكبرى في اللحوم الحمراء المجهولة المصدر التي ما زالت تدخل البلد ومكومة في معظم أسواقنا فوق بعضها، رغم تأكيد جمعية حماية المستهلك بمتابعتها الدائمة لهذه الحالات المجهولة، وذكر احد الأطباء الذي فضل عدم ذكر اسمه لبورصات واسوا ق أن هذه اللحوم خطيرة على الصحة وأن نتائجها السيئة ستظهر لاحقاً، وأكد الطبيب إن «طعمة» هذه اللحمة تخلف كلياً عن اللحمة العادية ويرجح إنها مختلطة مابين لحوم العجل والجواميس والمعدة بطريقة غير صحية، ويبقى السؤال من يدخل هذه اللحمة إلى البلد وكيف؟ أما الحبوب التي أفرحتنا بركة السماء بموسم جيد فما زالت أسعاره كما فالطحين بقي محافظاً على سعره 20 ليرة للكيلو، أما الأعلاف التي قالت مؤسسة العلاف إنها متوفرة ومتكدسة في المخازن نتيجة تقليص كميات الاستحرار فقد زادت أسعارها خلال الأيام القليلة التي مرت حيث بيع طن الشعير /10/ آلاف ليرة سورية أي بزيادة 500 ليرة عما كان عليه سابقاً، والصويا بيع /19300/ ليرة،وتم بيع كيلو الذرة 11 ليرة.
أما الخضار والفواكه فكانت أكثر السلع إصابة بحالة من الركود لضعف وانخفاض القوة الشرائية لدى المستهلكين ومع ذلك بقي أسعارها في بعض المناطق التي يخاف المواطن العادي بمجرد السير أو النظر إلى أسعارها المحلقة في السماء دائماً فكيف بالدخول إلى تلك المحلات التي يصل فيها كيلو التفاح الأحمر إلى 90 ليرة، قي حين يباع في الأحياء الشعبية وضمن المؤسسة العامة للخزن بين 40-60 ليرة، والبرتقال 20-35 ليرة، والموز في وضعه الطبيعي فالمحلي بيع 35 والصومالي  60 ليرة،وبالنسبة للخضار فكانت أسعارها متوسطة نسبة إلى هذا الوقت من السنة فالبازلاء الخضراء بيعت 70 ليرة، البندورة بين 25-40 ليرة، وفي العقارات مازال الجمود سيد الموقف وأصبح أصحاب العقارات والمكاتب العقارية في حيرة من أمرهم بعد أن تعودوا على نمط معين من التجارة وبأرباح خيالية دون أي رصيد أو تعب يذكر وبعد أن قضوا نصف عمرهم في السمسرة الرابحة كوسيط بين البائع والمشتري، لكن بالمقابل كانت حركة المحال التجارية لا بأس به بعد أن تحول نصفها ايضاًالى الاستثمار والآجار من قبل أصحابها، وعلى هذا الأساس مازال أسعار الحديد في تراجع مستمر وانخفاض مستمر بين أسبوع وآخر بعد الهبوط الملفت في حركة العقارات والبناء، والاسمنت حسب المؤسسة العامة للتوزيع «عمران» أصبح متوفراً، على الرغم من كشف حالات عديدة من التزوير والغش في الأسبوع الفائت بين المؤسسة ومستودعاتها كان أبطالها سائقين وأمين مستودع فالسعر المعلن من المؤسسة حاليا يباع/6250/ ليرة سورية للطن الواحد.
أما الألبسة فقد شهدت تنزيلات كبيرة بحاجة إلى الكثير من التدقيق مهما كان السبب الرئيسي يتجه نحو انخفاض وضعف معدلات التداول، حيث وصلت التنزيلات فيبعض الأسواق إلى 80 % من الأسعار التي كانت معلنة عنها قبل هذه الفترة.
إن هذه الجولة البسيطة على بعض الأسواق تؤكد إن الإجراءات الحكومية والرقابية وخاصة جمعية حماية المستهلك مازالت مقصرة في أداء عملها على أكمل وجه، مما يستدعي المعالجة السريعة قبل حدوث تأثيرات وموجات أقوى نتيجة الأزمة المالية والاقتصادية العالمية التي تجتاح كل الاقتصاديات.


علي نمر

المصدر: بورصات وأسواق
 

التعليقات

في بلد مثل سوريا يجلس فيها رب العمل على كرسيه في باب متجره الذي يقدر بالملايين في الحريقة و غيرها.. لا شيء يمكن ان يجعله يتراجع عن المكاسب التي حققها له على مستوى السعر صعود الدولار منذ سنوات و صعود سعر النفظ أيضاً... لا شيء يجبره على التراجع عن هذا المكسب التكتيكي. لقد حقق رقماً قياسياً في السعر فلماذا يتخلى عنه؟ الأزمة ستمر بعد سنة او نصف سنة. و حاجاته غاية في البساطة و هي طعامه و شرابه. و مادام كل من حوله منهار فلا شيء يقلق منامه. لهذا ليس من الغريب ان الأسعار في العالم تنهار و في بلدنا ترتفع: أسعار الكمبيوترات... أسعار القماش ,,أسعار المفروشات ... فلما لا؟ ليدفع من يستطيع الدفع فاتورته و فاتورة من لم يعد يقوى على الشراء. ليس لدينا قيم عمل في بلادنا. و غن كانت لدينا اعرق مدرسة في التجارة. و لكن قيم العمل لدينا هشة و الفساد قضى عليها. ما نفعله اليوم هو استهلاك للدولة. إن خسارتنا لإقتصاد العمل مقابل اقتصاديات التجارة سسيتسبب مع الوقت باضعاف مناعتنا. هذا إن لم نكن فقدناها من زمن.

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...