مشاكل صناعة الدواجن في سورية

03-10-2007

مشاكل صناعة الدواجن في سورية

صناعة الدواجن في سورية من أهم الصناعات الوطنية التي تحقق وفرا اقتصاديا متميزا وتسهم في استقرار الامن الغذائي وتشغل مايزيد عن ثلاثة ملايين فرصة عمل سواء في تربيتها أو تسويقها ومختلف الاجراءات والاعمال المرتبطة بها من تأمين الادوية البيطرية والعلف ومستلزمات الانتاج الاخرى...

انطلاقا من هذه الوقائع تظهر اهمية هذه الصناعة وضرورة منحها كل الدعم والرعاية والاهتمام حكوميا واهليا للحفاظ على مواردها وتحسين انتاجها كما ونوعا والوصول الى منتج خال من الامراض والاوبئة ولاسيما في الاونة الاخيرة التي بدأنا نسمع فيها عن ظهور بعض الافات التي اصبحت تهدد هذه الثروة الحيوانية في أكثر من بلد في اسيا فقطاع الدواجن يعاني في سورية من ارباكات كبيرة بسبب جملة من القوانين والقرارات التي ترهق المربين. ‏

فعلى مدار ثلاثة عقود ونيف مرت تربية الدواجن، وصناعتها بمتغيرات وتداعيات متعددة ومتنوعة صعوداً وهبوطاً والمتتبع لخط بيان هذه التربية يلحظ دون عناء الاهتزازات والتوترات التي وقع فيها مربو الدواجن وهي اهتزازات وصلت شدتها الى درجة اخرجت العديد من هذه التربية من جراء الخسارات الكبيرة التي وقعوا فيها ويعود ذلك الى نوعين من الاسباب :منها ماهو ذاتي ويتعلق بالمربين انفسهم والاخر يتجسد في غياب بعض الاجراءات الحمائية الحكومية الداعمة لهذه التربية ويبدو ان صناعة الدواجن مازالت تئن تحت وطأة جملة من العوامل التي ترهق المربين والمنتج وهذا ما أشارت اليه واكدت عليه لجنة مربي الدواجن على الدوام.... ولكن وقبل ان ندخل في تفاصيل الجديد من معاناة هذه التربية لابد من ان نشير الى مسألة مهمة حتى نكون موضوعيين في طرحنا وتناولنا لهذه المشكلة، فقد اولت وللحقيقة الحكومة القطاع الزراعي كل الدعم الممكن من خلال تأمين المستلزمات والاعفاءات الضريبية، الامر الذي ساهم في تنمية الانتاج الزراعي بشقيه النباتي والحيواني، حيث انتقل العديد من السلع من الندرة الى الوفرة ومن القلة الى الفائض، الامر الذي ادى الى تحقيق ارقام انتاج عالية ساهمت في تحقيق الاكتفاء الذاتي وفائض للتصدير ‏

ولكن الذي حصل هو انه في العام 2003 صدر القانون رقم/24/ المتضمن تحقيق ضريبة على50% من الارباح السنوية الصافية لمنشآت الدواجن والمباقر ولم ينته الامر عند ذلك الحد بل تبع ذلك قرار وزارة الزراعة رقم/4/ ت تاريخ 10/1/ 2005 المتضمن الطلب من المنشآت وضع مهندس زراعي وطبيب بيطري مشرف على كل مدجنة مرخصة وتبع ذلك قرار اخر تضمن تسعير هذا الاشراف وذلك بحسب تعرفة نقابة الاطباء البيطريين، الامر الذي زاد من اعباء تكاليف التربية والانتاج وبالتالي اصابة المربين بخسائر هم غير قادرين على تحملها خصوصا ان الاسعار المحددة للاشراف الزراعي والطبي عالية حيث هناك اكثر من اربعة انواع والضرائب تفرض على المنتجين وهي ضريبة المسقفات وضريبة النظافة، وضريبة رواتب واجور وضريبة الارباح الحقيقية ومن ثم اعباء الاشراف الاخيرة. 
 يتضح مما سبق ان ضريبة الارباح الحقيقية المحددة بنسبة 50% من الارباح الحقيقية بالاضافة الى قرار تكليف الاشراف الطبي او الزراعي على المداجن المرخصة والتي تصل الى 10% علماً أن للطبيب الحق بالاشراف على /3/ مداجن فروج أو بيّاض تشكل في مجموعها اضافة الى الرسوم الاولى عبئاً كبيراً على منشآت تربية الدواجن واذا اطلعنا على دول الجوار مثلاً فإننا لانجد مثل هذه الاعباء والضرائب بل العكس تماماً هناك دعم حقيقي لهذه التربية وهذا الانتاج بغية تمكين المنتجين من الاستمرار ففي لبنان مثلاً تدفع الدولة بين /3 ـ 4/ دولارات للمصدر عن كل صندوق بيض يصدره للخارج وتركيا ايضاً رفعت ضريبة المسقفات عن انتاج الدواجن بعد توقيع الشراكة السورية. ‏

باختصار شديد اذا بقيت هذه الرسوم على هذا الوضع فإن صناعة وتربية الدواجن في سورية ستكون مكلفة وغير منافسة الى جانب الاعباء الاولى على الانتاج المحلي وعدم استقرار هذه المادة الغذائية في الاسواق خصوصاً اننا على اعتاب السوق العربية المشتركة واستحقاقاتها القادمة. ‏

فهل تتدخل الجهات المعنية لتخفيف الاعباء وتقديم الدعم اللازم لهذه الصناعة والتربية المهمة للمساهمة في استقرارها وتعزيز قدرتها التنافسية في الاسواق الخارجية؟؟ ‏

للحقيقة لدينا صناعة للدواجن وحققت وفرة في الانتاج تزيد على حاجة الاستهلاك المحلي، وهذه الميزة يمكن الاستفادة منها في التصدير ما ينعكس ايجابيا على واقع هذه الصناعة ويساهم في تطورها واستقرارها والاعتماد عليها كمصدر أساسي في توفير مشتقات هذه المادة التي تحتاجها كل اسرة في بلدنا، ولكن هذه الصناعة تتعرض بين الوقت والاخر الى اختناقات ترتفع فيها اسعار البيض ـ اللحوم ـ الصيصان في السوق المحلي ويعزو اصحاب المداجن هذا الارتفاع الى ارتفاع مستلزمات الانتاج من الاعلاف. الامر الذي يدفع الجهات المعنية الى اجراءات المنع ووقف التصدير!! وهذا بالطبع له انعكاسات سلبية جدا على هذه الصناعة وهذه التربية !! ‏

كما جاء في كتاب وزير الزراعة الى السيد رئيس مجلس الوزراء ‏

تقدم مربو الدواجن تمثلهم لجنة مربي الدواجن في اتحاد الغرف الزراعية بكتاب يوضح الضرر الذي لحق بهم من جراء قرار السيد وزير الاقتصاد والتجارة رقم/1872/ تاريخ 22/8/ 2007 القاضي بوقف تصديرمادة البيض(بيض مائدة ـ تفقيس) وكذلك الفروج، حيث اشاروا الى مايلي: ‏

ـ إن قرار وقف التصدير السابق الذي صدر في الشهر التاسع من عام 2006 قد أثر سلباًعلى تصدير منتجات الدواجن وخروجها من الاسواق الخارجية والتي سعوا وباستمرار للبحث عنها كهدف وارساء دعائم السمعة الحسنة والمنتج الجيد التي تتمتع بها هذه المنتجات على مستوى الوطن العربي وقد فسح المجال لدخول منتجات الدول الاخرى( تركيا ـ ايران ـ لبنان ـ اوكرانيا ـ رومانيا) الى اسواق الدول العربية وخاصة العراق وبعد السماح بالتصدير في شهر أيار الماضي بذلوا جهوداً مضاعفة للعودة الى اسواق هذه الدول ‏

ـ إن قرار وزير الاقتصاد والتجارة الاخير رقم/1872/ تاريخ 22/8/2007 قد أضر ضرراً بالغاً بمربي الدواجن لنتائجه السلبية والجهود المبذولة لاعادة تأهيل قطاع الدواجن ‏

ـ عزوا الارتفاع في اسعار مبيع منتجاتهم الى: ‏

أ ـ الارتفاع العالمي لمستلزمات الانتاج وخاصة الاعلاف( ذرة صفراء ـ كسبة فول الصويا ـ متممات علفية بنسبة 30 ـ 60%) ‏

ب ـ الظروف الجوية التي سادت خلال شهر تموز والارتفاع الشديد بدرجات الحرارة المترافق مع ارتفاع في الرطوبة النسبية ادى الى انخفاض في انتاج البيض بنسبة لاتقل عن 20% ونفوق في قطعانهم لايقل عن 10 ـ 15% ‏

ج ـ الارتفاع العالمي لاسعار مبيع المنتجات ‏

والآن يشعرون بالغبن في بيع منتجاتهم بما دون التكلفة ويتوقعون في القريب العاجل خروج نسبة من المربين من الانتاح والتربية للخسارات المتتالية التي تعرضوا لها ومازالوا. ‏

ـ انطلاقاً من النهج التشاركي في حماية المنتج والمستهلك وللاسباب الانفة الذكر يرجون اعادة النظر بقرار وقف تصدير مادة البيض( مائدة ـ تفقيس) لوجود كميات فائضة عن حاجة السوق المحلية ولوقف نزيف الخسارة التي يتعرض لها المربون ‏

في ضوء ماتقدم: ‏

فإننا نرى دراسة ماجاء بكتاب لجنة مربي الدواجن في اتحاد الغرف الزراعية والايعاز لمن يلزم اعادة النظر بقرار وقف التصدير والسماح بالتصدير لمنتجات الدواجن( بيض مائدة وبيض تفقيس وفروج) من خلال ضوابط والية محددة تدرس من قبل الجهات المعنية وبمشاركة مربي الدواجن على أساس سعر التكلفة ‏

آملين دعمكم لهذا القطاع. ‏

مذكرة لجنة الدواجن ‏

وجاء في مذكرة لجنة مربي الدواجن في اتحاد الغرف الزراعية السورية الموجهة الى السيد رئيس مجلس الوزراء: ‏

ان لجنة مربي الدواجن في سورية تشكر لكم جهودكم الدائمة في تشجيع ودعم الثروة الحيوانية في القطر.. يعد قطاع الدواجن في سورية، من القطاعات المنتجة الرئيسة في القطر، من حيث ضخامة الاموال الموظفة، او من حيث عدد العاملين في هذا القطاع الذين يشكلون 11% من سكان القطر، ‏

اضافة لذلك فإن هذا القطاع بالكامل يقع على عاتق القطاع الخاص، ولايحمل الدولة اي عبء، وبالمقابل فإن الدولة لاتقدم اي مساعدة لهم. ‏

وسورية تفتخر انها الدولة العربية الوحيدة التي حققت الاكتفاء الذاتي من منتجات الدواجن، وتصدر الى الدول العربية المجاورة ودول الخليج العربي، كما يتميز الانتاج السوري من الدواجن بجودته ويمكن اعتبار صناعة الدواجن في سورية أنها وطنية 100% لما كان التصدير وعلى الدوام هدفاً استراتيجياً ننفذه بحرص شديد باستمرار وارساء دعائم السمعة الحسنة والمنتج الجيد التي تتمتع بها هذه المنتجات على مستوى الوطن العربي والجهود التي بذلناها لاعادة تأهيل هذا القطاع بعد الخسائر الكبيرة جراء شائعة انفلونزا الطيور في عام 2005. ‏

وانطلاقاً من النهج التشاركي في حماية المنتج والمستهلك بالنسبة لنا ونظرا لقرار وقف التصدير السابق الذي صدر في الشهر التاسع من عام 2006 قد أثر سلبا على تصدير منتجات الدواجن وخروجها من الاسواق الخارجية وفسح المجال لدخول منتجات الدول الاخرى (تركيا ـ ايران ـ لبنان اوكرانيا ـ رومانيا) الى سوق العراق. وبعد السماح بالتصدير في شهر أيار الماضي بذلنا جهودا مضاعفة للعودة الى اسواق هذه الدول. ‏

الا ان قرار السيد وزير الاقتصاد والتجارة الاخير رقم 1782 / تاريخ22/8/ 2007 والقاضي بوقف التصدير قد اضر ضررا بالغا بمربي الدواجن لنتائجه السلبية وارغام المربين على بيع منتجهم بما دون التكلفة. و ارتفاع اسعار منتجات الدواجن ترتبط بعوامل عدة منها: ‏

1 ـ ان الازمة الحالية اتضحت بشكل أكبر منذ شيوع اخبار مرض انفلونزا الطيور حيث ترك ذلك آثاره على جميع دول العالم ومنها بلدنا الذي كان خاليا من هذا المرض باعتراف لجان دولية اطلعت في حينها على الوضع. ‏

2 ـ الارتفاع العالمي لمستلزمات الإنتاج وخاصة الأعلاف (ذرة صفراء ـ كسبة فول الصويا ـ متممات علفية بنسبة 30 ـ 60% والنقص الشديد في توفر المواد العلفية وعزوف تجار الأعلاف عن الاستيراد لارتفاعها عالمياً. ‏

3 ـ الظروف الجوية التي سادت خلال شهر تموز والارتفاع الشديد في درجات الحرارة المترافق مع ارتفاع نسبة الرطوبة كلها أدت إلى انخفاض شديد في إنتاج البيض بنسبة لا تقل عن 20% ونفوق في القطعان لا يقل عن 10 ـ 15% للبيّاض و 30 ـ ـ 40% بالنسبة للفروج وترافق ذلك مع الانقطاعات المتكررة للتيار الكهربائي. ‏

4 ـ إن غياب الترشيد والتنظيم أدى إلى فوضى وعدم التخطيط لعدم وجود مرجعية ذات صلاحية في تنظيم مهنة تربية الدواجن وواقع التربية والإنتاج من خلال معطيات تقديرية لحاجة السوق المحلية والتوازن وواقع التصدير وآفاقه المستقبلية. ‏

وعندما يتعرض قطاع بهذا الحجم للتدمير، فإنه سينعكس بشكل كبير على مجمل الوضع الاقتصادي الوطني، وسيترك انعكاسات كبيرة على الصعيد الاجتماعي، وبطالة اليد العاملة لذلك نلتمس من سيادتكم التكرم بإعادة النظر بقرار وقف التصدير والتكلفة الفعلية للإنتاج والسماح لنا بالتصدير لمنتجات الدواجن لوجود كميات فائضة عن حاجة السوق المحلية لوقف نزيف الخسارة التي يتعرض لها المربون وانعكاس ذلك سلبياً على التربية مستقبلاً وخروج نسبة كبيرة من المربين من عملية الإنتاج والتربية وذلك بذبح قطعانهم للخسارات المتتالية التي تعرضوا لها ومازالوا، وتنظيم هذه المهنة ضمن اتحاد نوعي لمربي ومنتجي الدواجن. ‏

آملين دعمكم لهذا القطاع الهام والذي كنتم على الدوام ترعونه باهتمام بالغ ولحرصكم الشديد على المنتج والمستهلك واستمرار إنتاجنا الوطني المميزر رافعين شعار (انتج في سورية) ‏

هناك مشكلة حقيقية تعانيها تربية وصناعة الدواجن وهي تتكرر باستمراروعلى الدوام... وكل الحلول التي صدرت سابقا هي في حقيقة الامر ردود افعال ناجمة عن ارتفاع اسعار تلك المنتجات في بعض فترات السنة علما انها تباع في فترات اخرى بأقل من اسعار التكلفة ولا احد يتدخل!! ‏

من جانب آخر فالتصدير هو بشكل دائم هدف استراتيجي لاي صناعة واي منتج نحرص عليه بشدة وعلى دوام استمراريته وقرارات السماح والمنع بين الوقت والاخر تنعكس سلبا على واقع تصدير هذه المنتجات وجودها وحضورها في الاسواق الخارجية الامر الذي يتسبب في خروجها من تلك الاسواق لتحل محلها منتجات دول اخرى... وهذا بطبيعة الحال يضع صناعة وتربية الدواجن الوطنية في حال لابد ان يؤثر سلبا على مستقبلها وبالتالي وجودها حتى في السوق المحلية من جراء حدوث خلل في توازن انتاج هذه المادة الحيوية والمهمة على صعيد التوازن والامن الغذائي.. ‏

جمال حمامة

المصدر: تشرين

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...