مداولات المذبحة الأرمنية في الكنيست الإسرائيلي: الأهداف والغايات

27-03-2008

مداولات المذبحة الأرمنية في الكنيست الإسرائيلي: الأهداف والغايات

الجمل: الصراع الداخلي التركي بين حزب العدالة والتنمية الإسلامي الذي يسيطر على السلطة والحركات التركية الكمالية العلمانية التي تنفرد بالمعارضة، إضافة إلى الخلافات والتوترات على خط أنقرة – واشنطن، وأنقرة – تل أبيب، أصبحت أكثر إغراء لخط تل أبيب – واشنطن لجهة الدفع باتجاه تحويل تركيا نفسها بؤرة صراع شرق متوسطي جديدة.
* المعلومات والتسريبات الجديدة:
في تطور جديد، تقدم الزعيم الإسرائيلي حاييم أورون، رئيس حزب ميديتس الإسرائيلي إلى الكنيست بعريضة مشروع قرار الاعتراف بالمذبحة الأرمنية. وتقول التسريبات الواردة بأن العريضة وجدت التأييد والتوقيع بواسطة 12 من أعضاء الكنيست، وستعقد لجنة الكنيست البرلمانية اجتماعاً تقرر فيه إمكانية رفع العريضة إلى لجنة التعليم التابعة للكنيست بحسب ما جاء في طلب زعيم حزب ميديس حاييم أورون الذي قدم العريضة، أم إلى لجنة شؤون العلاقات الخارجية والدفاع في الكنيست كما طالب النائب يوسي شافال عن حزب إسرائيل بيتنا؟
وتقول المعلومات بأن لجنة شؤون العلاقات الخارجية والدفاع قد عقدت جلسة استماع مغلقة أفردتها للعريضة المذكورة. كما أن حاييم أورون كان قد طالب الكنيست بالاعتراف بالعريضة وأشار إلى أن البرلمان الفرنسي والكونغرس الأمريكي قد اتخذا سابقاً إجراءات مماثلة في هذا الصدد.
* رد فعل الحومة الإسرائيلية:
أشار تقرير الصحفي الإسرائيلي شاهار هان، بأن بعض التوقعات كانت تقول بأن الحكومة الإسرائيلية سترفض وتعمل على عرقلة تقديم العريضة لجهة عدم السماح بحدوث المزيد من التوتر في العلاقات التركية – الإسرائيلية، ولكن ما كان مفاجئاً للعديد من المراقبين أن الوزير الإسرائيلي شالوم سيمحون، الذي يمثل الحكومة في الكنيست، لم يبد أي اعتراض على تحويل العريضة إلى اللجنة البرلمانية التابعة للكنيست. وإضافة لذلك، فقد علق الوزير سيمحون قائلاً بأن الشعب اليهودي لديه حساسية خاصة تجاه هذه المسألة، وهناك التزام أخلاقي إزاء استعادة ذكرى المشاهد التراجيدية في التاريخ الإنساني التي من بينها عملية القتل الواسع النطاق للأرمن. وأضاف الوزير أنه وبمرور الزمن فإن مسألة المذبحة الأرمنية أصبحت قضية إتهامية عالقة بين الأرمن والأتراك، وإسرائيل ليس لها مصلحة في الوقوف إلى جانب أي طرف في هذا الموضوع. أما يوسيف شاغال نائب الكنيست عن حزب إسرائيل بيتنا، والذي طالب بتحويل العريضة إلى لجنة الشؤون الخارجية والدفاع، فقد تحدث مشيراً إلى النقاط الآتية:
• إن الاعتراف بعمليات القتل الواسعة النطاق التي ارتكبها العثمانيون ضد الأرمن، باعتبارها مذبحة، سيترتب عليه توتر العلاقات الإسرائيلية – التركية.
• مناقشة العريضة المقدمة للكنيست حول المذبحة الأرمنية ستقود إلى نقاش آخر يتعلق بالتساؤلات حول مصير آلاف اليهود الذين يعيشون في أذربيجان.
* الأهداف غير المعلنة وراء العريضة:
من المعروف أن ملف الاعتراف بالمذبحة الأرمنية، قد قوبل بالكثير من رفض واستنكار السلطات التركية، وهلال الفترات الماضية كانت كل من الولايات المتحدة وإسرائيل تتحفظان كثيراً على الخوض في موضوع المذبحة الأرمنية، ولكن بعد مجيء حزب العدالة والتنمية للسلطة في تركيا، وتزايد الخلافات على خط أنقرة – واشنطن وخط أنقرة – تل أبيب، فقد برزت مسألة الاعتراف بالمذبحة الأرمنية، ليس باعتبارها أمراً تاريخياً، وإنما لجهة استخدامها كوسيلة ضغط سياسي ضد الحكومة التركية الجديدة.
الاعتراف بالمذبحة الأرمنية سيترتب عليه إلقاء الكثير من الأعباء والالتزامات على عاتق السلطات التركية، ولن يتعلق الأمر بالتعويضات الهائلة لجهة مطالبة الأرمن لتركيا بدفع التعويضات عن قتل 1.5 أرمني خلال فترة الحرب العالمية الأولى، وإنما قد يمتد إلى المزيد من الملفات الأخرى كشن حملة دولية تطالب تركيا الاعتراف رسمياً بالمذبحة وقضايا حقوق الإنسان في تركيا، وربط الموضوع بملف انضمام تركيا إلى الاتحاد الأوروبي وغير ذلك.
تسير عواصم واشنطن وتل أبيب وباريس وبرلين في مسار مزدوج إزاء التعامل مع تركيا، ففي الوقت الذي تتعامل فيه هذه الأطراف مع أنقرة على أساس اعتبارات أن التعاون ما زال قائماً مع تركيا باعتبارها الحليف الشرق أوسطي والعضو البارز في حلف الناتو فإن هذه الأطراف تمضي قدماً في عملية تمهيد المسرح تحسباً للصراع القادم مع تركيا.
وتشير التحليلات بأن الأداء السلوكي للسياسية الخارجية التركية إزاء الملفات الإقليمية في الشرقين الأوسط والأدنى ولم يعد يحظ بارتياح وقبول واشنطن وتل أبيب وباريس وبرلين لأن السياسة الخارجية التركية تمر حالياً بمرحلة انتقالية تحولت فيها تركيا عملياً من دور الحليف المتحيز لأمريكا وإسرائيل إلى دور الدولة التي:
• تريد استمرار التعاون مع حلفائها ولكن ضمن حدود.
• تريد الانسجام مع بيئتها الإقليمية الشرق أوسطية وفقاً لشروطها وإرادتها الحرة.
• تريد الإسهام الإيجابي في تحقيق استقرار بيئتها الإقليمية عن طريق بناء علاقات التعاون مع الجميع ونبذ علاقات الصراع.
هذا، وفي داخل إسرائيل، تشير التكهنات إلى أن تبني الكنيست لقرار الاعتراف بالمذبحة الأرمنية يهدف إلى إحداث انقسام في الكنيسة الأرثوذوكسية الشرقية لجهة إحداث التقارب مع الكنيسة الأرثوذوكسية الأرمنية تمهيداً لزرع الخلافات بينها وبين الفلسطينيين الأرثوذكس الموجودين في الأراضي المحتلة. وتقول المعلومات الواردة بأن الأقليات الأرمنية التي تعيش في الأراضي المحتلة قد أعربت عن ارتياحها الشديد إزاء احتمالات قيام الكنيست الإسرائيلي بالاعتراف بالمذبحة الأرمنية.

 

 

الجمل: قسم الدراسات والترجمة

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...