مجلس الأمن بوصفه ممثلاً للمصالح الإسرائيلية في لبنان

04-08-2007

مجلس الأمن بوصفه ممثلاً للمصالح الإسرائيلية في لبنان

الجمل:     أصدر مجلس الأمن الدولي بياناً مثيراً للجدل والانتباه، بسبب إشارته إلى اهتمام مجلس الأمن الدولي العميق بموضوع الجنود الإسرائيليين الأسرى لدى حزب الله، ومطالبته لحزب الله بإطلاق سراح الجنديين الإسرائيليين، إيداد ريجيف، وإيهود غولدفاسر.
· توصيف البيان:
صدر بيان مجلس الأمن الدولي يوم أمس الجمعة، وتمثلت أبرز نقاط محتواه في الآتي:
ملف الجنود الأسرى:
أ‌-  التعبير عن اهتمام مجلس الأمن الدولي العميق لجهة أن الجنديين الإسرائيليين مازالا تحت قبضة اعتقال حزب الله وأن حزب الله لم يقم بتقديم أي إشارة تؤكد على أن حياة الجنديين تمضي بخير.
ب‌-  مطالبة حزب الله بإطلاق سراح الجنديين فوراً ودون أي شروط.
ملف الميليشيات اللبنانية:
أ‌-   عبر البيان عن اهتمام المجلس بإعادة تسليح الميليشيات اللبنانية وغير اللبنانية.
ب‌-  المجلس أبدى اهتمامه بتصريحات حزب الله الأخيرة بأنه أعاد اكتساب قدراته العسكرية على ضرب أي مكان في إسرائيل.
-   الملفات الأخرى:
أ‌-  تأييد ودعم الأمين العام بان كي مون في جهوده الجارية من أجل ضمان وتأمين التنفيذ والإنفاذ الكامل لقرار مجلس الأمن الدولي رقم 1701.
ب‌-  تأييد عملية السيطرة والضبط للحدود السورية- اللبنانية.

 خلفيات البيان:
- تمت صياغة البيان بواسطة الولايات المتحدة وفرنسا.
القرار جاء كرد فعل للأمين العام إزاء تقرير تنفيذ القرار الدولي رقم 1701.
-  تمت إجازة البيان بواسطة أعضاء مجلس الأمن الدولي الخمسة عشر بالإجماع.
استغرقت المشاورات حول البيان ما يقرب من الشهر، وتمثلت الخلافات حول البيان في الآتي:
أ‌- تحفظات قطر ومحاولاتها لإضافة بعض التغييرات حتى آخر لحظة على مسودة البيان.
ب‌-  رفض المجلس إدانة إسرائيل بقوة حول انتهاكات طيرانها المتكررة للأجواء اللبنانية، وقرر الاكتفاء فقط بمجرد (انتقاد) إسرائيل إزاء القيام بذلك.
ت‌-  رفض المجلس أن يعبر عن (اهتمامه البالغ) بمعاناة الأسرى اللبنانيين التي امتدت لفترة طويلة في السجون الإسرائيلية.
ث‌-  رفض المجلس مطالبة إسرائيل بتسليم خرائط مواقع الألغام التي قامت بزراعتها في جنوب لبنان. بيان مجلس الأمن الدولي ومحاولة نقل الصراع اللبناني إلى خطوة جديدة:
تشير بنود ونقاط البيان إلى أن من قاموا بصياغة  البيان (أي أمريكا وفرنسا) قد ركزوا على استخدام القرار الدولي السابق 1701 كأساس للبيان، ولكنهم أضافوا نقاطاً جديدة، في غاية الأهمية، تتمثل في مطالبة البيان لحزب الله بإطلاق سراح الجنديين الإسرائيليين فوراً ودون قيد أو شرط، وأيضاً التلميحات للمطالبة بتمديد وتوسيع صلاحيات القوات الدولية، إضافة إلى اهتمام المجلس باستعادة حزب الله لقدراته العسكرية.
صدور البيان بهذه الطريقة يثير الكثير من التساؤلات: لماذا طالب حزب الله بإطلاق سراح الأسرى، ولم يطالب إسرائيل بإطلاق سراح السجناء اللبنانيين المختطفين؟ ولماذا تبنى مجلس الأمن هذه المطالبة في هذا الوقت بالذات؟ وهل تريد أمريكا وفرنسا التمهيد لهذا البيان، من أجل استخدام محتوياته في القرار القادم المتوقع حول لبنان، بحيث يتضمن هذه المرة قرار المجلس المطالبة بإطلاق سراح الجنود الإسرائيليين بالاستناد إلى الفصل السابع، باعتبار أن استمرار اعتقال الجنديين الإسرائيليين يشكل تهديداً لاستقرار لبنان وللأمن والسلام في المنطقة، ومن ثم في حالة عدم إطلاق سراحهم تقوم إسرائيل هذه المرة بشن عدوان جديد ضد لبنان متذرعة بعدم تنفيذ القرار الدولي الجديد؟
وإذا لم تقم إسرائيل بذلك، فهل ستقوم القوات الدولية نيابة عن إسرائيل بذلك، استناداً إلى أن ولايتها الجديدة سوف تتضمن صلاحيات أكبر وأكثر، وبالتالي فإن عليها القيام باستخدام القوة المسلحة من أجل فرض تنفيذ الالتزام بقرار مجلس الأمن الدولي (المتوقع) والذي سوف يتضمن من بين ما يتضمن قيام حزب الله بإطلاق سراح الجنود الإسرائيليين الفوري غير المشروط؟
إسرائيل كما نعلم، لن تتجرأ بسهولة على شن حرب جديدة ضد لبنان أو غيرها، على الأقل خلال الفترة القصيرة الأجل، خاصة أن تداعيات تقرير فينوغراد، وهزيمة الصيف الماضي، والضغوط على الجانب الفلسطيني، وإشكالية الملف النووي الإيراني، وضعف حكومة أولمرت، وضعف  إدارة بوش، وغيرها، لا تسمح لإسرائيل بالقيام بمغامرة عسكرية عدوانية جديدة في هذا الوقت.
وبالتالي، فإن إسرائيل وأمريكا وفرنسا على ما يبدو سوف يحاولون التركيز على استغلال وتوظيف ضعف الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي، الذي أصبح خاضعاً بالكامل لمشيئة مجلس الأمن القومي الأمريكي الذي يسيطر عليه اليوت ابراهام اليهودي الأمريكي المرتبط باللوبي الإسرائيلي وحزب الليكود.
سيناريو التوظيف الجديد للقوات الدولية الموجودة في جنوب لبنان، سوف يؤدي إلى توريط مجلس الأمن الدولي والقوات الدولية المتعددة الجنسيات في حرب داخلية لبنانية، وبالتأكيد سوف لن يكون هذا التورط بمعزل عن الأطراف اللبنانية الأخرى مثل قوى 14 آذار، وجماعات تيار المستقبل، والقوات اللبنانية، وميليشيات الحزب التقدمي الاشتراكي، وغيرها من الأطراف اللبنانية التي ستسعى لاستغلال الفرص لتصفية حساباتها مع حزب الله، والتيار الوطني الحر، وحركة أمل، وبقية فصائل المقاومة اللبنانية، كذلك سوف (تتذرع) حكومة السنيورة بأن القرار الدولي (المتوقع) ملزم لها، وبالتالي سوف تحاول استخدام الجيش وقوى الأمن اللبنانية، في التحالف مع القوات الدولية في عملية استهداف حزب الله وحلفائه في الساحة اللبنانية، ومن المؤكد أن المساعدات العسكرية الأمريكية غير المسبوقة لحكومة السنيورة قد هدفت بشكل أساسي إلى تعزيز قدرة الجيش اللبناني وأعضاء حكومة السنيورة القوة اللازمة لمواجهة حزب الله وحلفائه بدلاً عن إسرائيل.. وبكلمات أخرى: فإن مواجهة جماعة فتح الإسلام بمخيم نهر البارد ما هي إلا السيناريو الذي يمثل الغطاء لسيناريو آخر قادم يتمثل في المواجهة ضد حزب الله.
سيناريو استدراج لبنان إلى حرب داخلية تستهدف القضاء على حزب الله، لن يرتبط فقط بذريعة عدم إطلاق حزب الله للجنود الإسرائيليين، وذلك لأن هناك الكثير والمزيد من الذرائع الأخرى مثل (نزع وتجريد سلاح حزب الله)، وبكلمات أخرى: فإن القرار الجديد لن يكون هو وحده الذي يحدد (الذريعة) المطلوبة، طالما أن الكثير من الذرائع الأخرى موجودة في القرار الدولي 1701... وغيره. وبتعبير آخر: فإن حزب ا لله لو أطلق سراح الجنود الإسرائيليين أو لم يطلق سراحهم سيظل هدفاً للمشروع الإسرائيلي في المنطقة. وتشير التوقعات إلى أن قيادة حزب الله اللبناني لن تقوم بارتكاب خطأ إطلاق سراح الجنود الإسرائيليين وتتنازل عن الأسرى اللبنانيين، بحيث تقع في الخطأ الفادح الذي وقعت فيه القيادة الليبية بإطلاق سراح الممرضات البلغاريات والطبيب الفلسطيني، ثم تفاجأت بـ(غدر) أمريكا وفرنسا وبلغاريا والاتحاد الأوروبي، على النحو الذي أربك وأغضب الرئيس معمر القذافي، وجعله يطرح بعد مرور 48 ساعة على إطلاق سراح قتلة الأطفال، مطالباً الدول العربية بأن تقوم بقطع علاقاتها مع بلغاريا، لأنها لم تلتزم بقرار إبقاء الممرضات في السجن لقضاء فترة العقوبة المقررة، وقيام الرئيس البلغاري بإصدار قرار بالعفو عن الممرضات والطبيب الفلسطيني (الذي تم منحه جنسية بلغارية) لحظة وصولهم إلى مطار صوفيا.
الجولة الجديدة من الصراع اللبناني، سوف تبدأ خطواتها وفصولها الأولى بعد صدور القرار الدولي الجديد، وانتشار القوات الدولية على الحدود السورية- اللبنانية، والتي سوف تتزامن معها عملية تقديم المزيد من الإمدادات العسكرية لحكومة السنيورة والميليشيات المنخرطة في تحالف قوى 14 آذار.


الجمل: قسم الدراسات والترجمة

 

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...