فلسطين: أجواء الانتفاضة الأولى

07-07-2014

فلسطين: أجواء الانتفاضة الأولى

تتسارع التطورات في الأراضي الفلسطينية في ظل ملامح تشير إلى قرب اندلاع ما يشبه انتفاضة ثالثة، بعد «انتفاضة الحجارة» في العام 1987 و«انتفاضة الأقصى» العام 2000، في وقت تواصل فيه السلطة الفلسطينية محاولاتها الإمساك بزمام المبادرة عبر التلميح إلى إمكانية انضمام الفلسطينيين إلى محكمة الجنايات الدولية بغية ملاحقة الاحتلال على «الجرائم الإرهابية»، ووسط «جهود» مصرية لافتة «للتهدئة بين الفلسطينيين والإسرائيليين»، بحسب ما أعلن وزير الخارجية سامح شكري.
وزاد الغضبُ في الشارع الفلسطيني خلال الساعات الماضية، إثر تأكيد النائب العام الفلسطيني محمد عبد الغني العويوي، أمس الأول، أنّ التشريح الأولي لجثمان الفتى المقدسي محمد ابو خضير أظهر انه أُحرِق حيا. وأوضح العويوي لوكالة «رويترز» أنّ «نتائج التشريح تظهر شيئين: أن السبب المباشر للوفاة هو الحروق، وثانيا وجود أدخنة في المجاري التنفسية مما يدل على انه أحرق وهو حي». بالإضافة إلى سقوط شهيدين في غزة ليلاً.عناصر من شرطة الاحتلال خلال قمع تظاهرة فلسطينية في وادي عارة أمس الأول (أ ب أ)
وفي ظل تواصل المواجهات بين قوات الاحتلال الإسرائيلي والشبان الفلسطينيين والتي سجل أشدها في القدس ومحيطها، وفي مدن الداخل الفلسطيني، طلب الرئيس الفلسطيني محمود عباس من الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، أمس، تشكيل لجنة تحقيق دولية في استشهاد الفتى المقدسي محمد ابو خضير. وقال: «طلبت من الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون تشكيل لجنة تحقيق دولية في الانتهاكات الإسرائيلية ضد الشعب الفلسطيني، وأهمها جريمة حرق الطفل محمد ابو خضير، وقتل 16 مواطنا آخرين بينهم نساء وأطفال». ولَمَّح عباس إلى إمكانية انضمام الفلسطينيين إلى محكمة الجنايات الدولية لملاحقة الإسرائيليين على «الجرائم الإرهابية بحق شعبنا».
وقال عباس: «هناك إجراءات لا بد من أن نتخذها، وبيدنا أن نتخذها وسنتخذها في الوقت القريب جدا، ونحن من واجبنا توفير الحماية لأبناء شعبنا»، مضيفًا: «نقول لمن يخشى المحاكم، أن عليه أن يكف عن ارتكاب الجرائم، ما دمت لا تريد أن تذهب للمحكمة كي تحاكم، فالأساس هو عدم ارتكاب جرائم من شأنها أن تأخذك إلى سائر أنواع المحاكم».
وعلى صعيد متصل، كان التحرك المصري لافتاً، حيث أعلن وزير الخارجية المصري سامح شكري، أمس الأول، أنّ بلاده تبذل كل الجهود الممكنة للتهدئة بين الفلسطينيين وإسرائيل، معربا عن قلق بلاده حيال التصعيد في الأراضي الفلسطينية.

وقال شكري، في تصريحات أدلى بها عقب استقباله نظيره المغربي صلاح الدين مزوار في القاهرة، إنّ «الجهود المصرية مستمرة للتهدئة بين الفلسطينيين والإسرائيليين»، مضيفاً انه «يبذل كل الجهود الممكنة لحل الأزمة وإعفاء الشعب الفلسطيني من التعرض للهجمات والضغط المتواصل عليه»، من دون إعطاء مزيد من التفاصيل.

ودان الوزيران، المصري والمغربي، «التصعيد في الأراضي الفلسطينية وفي القدس الشرقية على خلفية أعمال العنف التي شهدتها الضفة الغربية»، وطالبا السلطات الإسرائيلية بـ«ضرورة التحقيق في حادثة مقتل الفتى الفلسطيني محمد ابو خضير بكل جدية وجلب المسؤولين عن قتله للعدالة».

وبالعودة إلى أبرز المستجدات المتعلقة بجريمة قتل الفتى أبو خضير، أعلن النائب العام الفلسطيني محمد عبد الغني العويوي، أمس الأول، أنّ التشريح الأولي لجثمانه أظهر انه أُحرِق حيا. ووفقا للعويوي، فقد حضر مدير معهد الطب العدلي الفلسطيني صابر العالول إجراءات تشريح الجثمان الذي أجراه أطباء إسرائيليون في تل أبيب. وقال العويوي إن العالول أورد تقارير عن وجود مادة غبار ناجمة عن النيران في المجاري التنفسية مما يدل على استنشاق هذه المادة أثناء الحرق وهو على قيد الحياة. كما أظهر التشريح أن الحروق تغطي نسبة 90 في المئة من سطح الجسم وأن منطقة الرأس تعرضت لإصابة «بجرح رضي». وأخذت عينات ومسحات من سوائل وأنسجة الجسم لفحصها مخبريا لإعداد تقرير طبي نهائي.

وأعلنت شرطة الاحتلال، أمس، اعتقال ستة متطرفين يهود يشتبه في تنفيذهم الجريمة، حيث تردد في وسائل الإعلام الاسرائيلية أنهم اعترفوا بالجريمة. لكن وفق ما قاله والد الطفل أبو خضير لـ«السفير»، فإنّ «القتلة معروفون من اليوم الأول، لكن الشرطة الإسرائيلية كانت تماطل، وحاولت أن تميت الموضوع، ولم تتوقع ردود الفعل التي حصلت».

في غضون ذلك، وضعت محكمة إسرائيلية في القدس المحتلة أمس، الفتى الفلسطيني طارق ابو خضير (15 عاماً)، الذي يحمل الجنسية الأميركية وهو ابن عم الشهيد محمد، قيد الإقامة الجبرية في منزله لتسعة أيام، بعد نشر فيديو على مواقع التواصل الاجتماعي يظهر فيه عناصر من شرطة الاحتلال وهم يضربونه بقسوة. وقالت المتحدثة باسم شرطة الاحتلال لوبا سمري: «تم وضع الشاب الذي يظهر في شريط الفيديو قيد الإقامة الجبرية في منزله لتسعة أيام في بيت حنينا» في القدس الشرقية المحتلة، وذلك بعد جلسة استماع في «محكمة الصلح» في القدس.

واعتقلت شرطة الاحتلال طارق ابو خضير في شعفاط يوم الخميس الماضي في القدس الشرقية بعدما تعرض للضرب على أيدي عناصر من الشرطة، ومثل أمس أمام محكمة الصلح في القدس.
وتم نشر شريط فيديو على مواقع التواصل الاجتماعي يظهر فيه رجال مقنعون من عناصر شرطة الاحتلال على الأرجح وهم يضربون بقسوة شخصا مقيدا شبه فاقد الوعي. وأعربت الولايات المتحدة، أمس الأول، عن «قلقها» حيال معلومات تلقتها عن تعرض الفتى لـ«ضرب مبرح» من جانب الشرطة. ودعت الخارجية الأميركية في بيان إلى «تحقيق سريع وشفاف وذي صدقية» حول «الاستخدام المفرط للقوة» الذي تعرض له طارق ابو خضير. وأكدت المتحدثة باسم الخارجية الأميركية جين بيساكي أنّ الفتى تعتقله السلطات الإسرائيلية في القدس المحتلة، موضحة أن ممثلا للقنصلية الأميركية زاره أمس الأول. وأضافت انّ واشنطن «تكرر الإعراب عن قلقها البالغ حيال تصاعد أعمال العنف وتدعو جميع الأطراف إلى اتخاذ تدابير لإعادة الهدوء ومنع التعرض للأبرياء».

وتواصلت المواجهات خلال الساعات الماضية بين قوات الاحتلال الإسرائيلي والشبان الفلسطينيين، وكانت أشدها في القدس وفي محيطها وفي مدن الداخل الفلسطيني.

وفي هذا السياق، اعتقلت شرطة الاحتلال، مساء أمس، 40 شابا من مدينة الناصرة خلال المواجهات التي اندلعت بين الشبان والشرطة، وفق ما أوردت وكالة الأنباء الفلسطينية «وفا». كما ذكرت الوكالة أنّ المئات في مدينة طمرة في الجليل الأعلى تظاهروا على الشارع الرئيسي وأغلقوه ورشقوا سيارات شرطة الاحتلال بالحجارة، التي ردت بإطلاق القنابل المسيلة للدموع، ما أدى لإصابة عدد من المتظاهرين بالاختناق.

ومنذ بدء العملية العسكرية الإسرائيلية على الأرض الفلسطينية بعد اختفاء المستوطنين الثلاثة قرب مدينة الخليل في 12 حزيران الماضي، والعثور على جثثهم لاحقا، وبعدها خطف وحرق الطفل ابو خضير، استشهد نحو 16 فلسطينيا وأصيب أكثر من 500 بجروح، واعتقل قرابة 600 آخرين.

وفي حديث إلى «السفير»، قال النائب مصطفى البرغوثي: «نعم يمكن أن يكون ما يجري حاليا هو بداية انتفاضة جديدة مشابهة للانتفاضة الفلسطينية الأولى التي بدأت العام 1987 وكان طابعها شعبيا جماهيريا». وأكد انه من غير الممكن معرفة ماذا سيجري غدا من حراك شعبي، مشيرا إلى أنّ ما يحصل اليوم من أجواء يشبه تماما أجواء الانتفاضة الأولى «التي بدأت بهبة جماهيرية شعبية عفوية»، معتبراً أنّ الهبة الحالية «تحظى بزخم أكبر ودعم اكبر من قبل الفلسطينيين في إسرائيل».

وفي غزة، أعلن الاحتلال الإسرائيلي أنّ مقاتلاته هاجمت عشرة مواقع في قطاع غزة أمس، ردا على «هجمات بالصواريخ». وجاءت الغارات بعدما اعترض نظام «القبة الحديدية» الإسرائيلي صاروخا أطلق في وقت متأخر من مساء أمس الأول على مدينة بئر السبع في جنوب الأراضي المحتلة.

وأعلن مصدر طبي فلسطيني أمس، أن فلسطينييْن قتلا وجرح آخر في غارة إسرائيلية وسط قطاع غزة.
وقال المتحدث باسم وزارة الصحة في حكومة غزة السابقة أشرف القدرة إن «ناشطيْن فلسطينييْن قتلا وجرح آخر في غارة لطائرة استطلاع إسرائيلية قصفت منطقة مفتوحه في شرق مخيم البريج وسط قطاع غزة».
وأضاف القدرة لوكالة «فرانس برس» أن «طائرة استطلاع إسرائيلية أطلقت صاورخاً على الأقل صوب مجموعة من الناشطين، ما أدى إلى استشهاد مازن الجربا (30 عاماً) ومروان سليم (23 عاماً)».
بدوره، أكد جيش الاحتلال الإسرائيلي، في بيان، أنه «نجح في منع هجوم آخر على إسرائيل باستهدافه إرهابيين ضالعين في إطلاق صواريخ من وسط قطاع غزة»، مؤكداً «إصابة الهدف».
ومن جهة ثانية، قالت «ألوية الناصر صلاح الدين»، في بيان لها، إن مجموعة تابعة لها نجت من قصف طائرة استطلاع في بلدة بيت حانون أثناء إطلاقها صاروخين «107» على مستوطنة كرمييا، «كما تم استهداف مجموعة أخرى من المقاومين نجت من قصف أطلقته طائرة استطلاع على منطقة السودانية في شمال غزة من دون وقوع إصابات في صفوفهم».

أمجد سمحان

المصدر: السفير

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...