سيغولين رويال تنافس شيراك على الملف اللبناني

30-11-2006

سيغولين رويال تنافس شيراك على الملف اللبناني

حتى الأمس القريب لم تكن المرشحة الاشتراكية سيغولين رويال تعرف الكثير عن زواريب السياسة اللبنانية، وهذا طبيعي، ذلك أن اهتماماتها كانت تمنعها من معرفة كل التركيبة الطائفية والمذهبية وتناقض المصالح في لبنان، ولكن منذ فترة لا بأس بها عاد الملف اللبناني يشكل جزءاً لا بأس به من الملفات الخارجية الواجب على كل مرشح للرئاسة في فرنسا معرفتها.
ولأن رويال لا تهتم كثيراً بالزواريب، فإنها اكتفت حتى اليوم بالخطوط العريضة والتي مفادها يختصر بكلمات قليلة ولكن هامة، اي استقلال وسيادة لبنان، ووحدة أبنائه، ومساعدته للنهوض باقتصاده، وحمايته من التدخلات الخارجية وهي ستكرر ذلك في بيروت.
هذه الخطوط العريضة لا يختلف بشأنها اثنان في فرنسا، فاليمين واليسار متفقان على ذلك، ولكن الفارق الوحيد يكمن في مسألتين، أولهما أن سيغولين رويال تنتقد شخصنة الرئيس جاك شيراك للسياسة اللبنانية، بحيث ترى كمعظم أركان حزبها ان الزعيم الديغولي جعل من قضية لبنان مسألة شخصية منذ التجديد للرئيس اميل لحود، خصوصاً بعد اغتيال صديقه الشخصي الرئيس الشهيد رفيق الحريري.
وثانية المسائل التي تتمايز بها رويال عن شيراك تكمن في أن المرشحة الاشتراكية هي من القائلين بضرورة عدم القطيعة مع سوريا بل محاورتها من أجل لبنان، وهذا موقف قديم للحزب الاشتراكي الذي عرف الكثير من الخضات مع دمشق، لكنه أبقى على صلة الوصل معها.
ومن يعود مثلاً بالذكرى الى عام رؤية الحزب الاشتراكي للسياسة الخارجية، عام 2002 يقرأ التالي: إن سوريا لاعب هام في السلام الشامل في الشرق الاوسط، وبالتالي فإن مطالبها المشروعة والمستندة الى قرارات الامم المتحدة والمتعلقة بهضبة الجولان هي تماماً كمطالب الدول الاخرى في المنطقة لا يمكن تجاهلها. ويأمل الحزب الاشتراكي ان تساهم سوريا التي انفتحت أمامها مرحلة سياسية جديدة، باستئناف مسيرة السلام الامر الذي سيجعلها في وضع افضل للمباشرة وإنجاح ليس فقط اقتصادها، ولكن خصوصاً ديموقراطيتها الضرورية لحياتها السياسية.
وأما ثالثة المسائل فتتعلق بنظرة رويال وحزبها للولايات المتحدة الاميركية بحيث تكاد تحمل إدارة الرئيس الاميركي جورج بوش مسؤولية معظم المآسي التي تعيشها المنطقة حالياً. وهو موقف يناقض التنسيق بين شيراك وبوش بشأن لبنان والشرق الاوسط.
ستسمع رويال في لبنان كلاماً محرضاً، وسيحاول كثيرون إقناعها بمواصلة سياسة شيراك الداعية الى دعم قوى 14 آذار، ولكن من الصعب تصور المرشحة الاشتراكية قابلة بالمضي قدماً في سياسة الزعيم الديغولي طالما أنها تنشد القطيعة، وهي إذ تأثرت بما ستسمع وتشاهد لبعض الوقت إلا أنها ستبقى على الثوابت اي استقلال لبنان وعدم عزل سوريا.
فالقصة مع سوريا ليست محصورة بلبنان فقط وإنما بما هو ابعد منها، ذلك ان الاشتراكيين يعتقدون انه لا يمكن تبني موقف شيراك القائل بهذا العزل مقابل الانفتاح على ايران، وهم في غالبيتهم يعتبرون ان الخطر الاكبر هو ايراني وليس سوريا.
واذا كان ثمة من يقول بأن رويال لن تشذّ عن قاعدة الاشتراكيين لجهة التقارب مع اسرائيل، الا ان ما قامت به المرشحة الاشتراكية حتى الآن يكشف هنا ايضاً عن رغبة بشيء من القطيعة ليس مع شيراك فقط (الذي كان اول مسؤول فرنسي كبير يعترف بمسؤولين فرنسا التاريخية عما اصاب اليهود في الحرب العالمية الثانية) وانما ايضا عن بعض السياسات الاشتراكية السابقة.
فحتى اليوم مثلاً لم تلبّ رويال دعوة مجلس المنظمات اليهودية لحضور اجتماعاته، خلافاً لمعظم المسؤولين الفرنسيين الذين يتسابقون على تلبية تلك الدعوة لكسب ود الجالية اليهودية (التي تمثل 1 بالمئة من عدد السكان).
واذا كان هذا الموقف غير مهم على المدى الطويل، إلا انه يحمل دلالات رمزية كثيرة، ويبدو انه يستند حالياً الى موقف هذه الجالية اليهودية التي تؤيد مرشح اليمين وزير الداخلية نيكولا ساركوزي.
وقد نشرت صحيفة هآرتس الاسرائيلية، امس، مقالاً لافتاً بهذا المعنى تنقل فيه عن نائب وزير الداخلية كريستيان استروزي المقرب جداً من ساركوزي قوله إن ساركوزي هو الشخص الطبيعي للناخبين اليهود، ولذلك أسباب عديدة بينها اصله اليهودي.
ومعروف أنه منذ انتصار ميتران في الانتخابات الرئاسية اعتاد اليهود الفرنسيون على التصويت لليسار، لكن منذ الانتفاضة الفلسطينية الثانية تغير المسار، ذلك ان اسرائيل ومؤيديها في فرنسا لم يتقبلوا بسهولة ما اعتبروه تخاذلاً من قبل حكومة ليونيل جوسبان الاشتراكية في التصدي لما يؤكدون أنه حملات معادية لليهود في فرنسا.
إن سيغولين رويال التي تزور لبنان اليوم تلبية لدعوة من رئيس اللقاء الديموقراطي النائب وليد جنبلاط وتريد التعزية بالوزير بيار الجميل، ستسمع من قوى 14 آذار كلاماً كثيراً ناصحاً بدعم قوى 14 آذار ، لكن من الصعب تصور هذه المرشحة الاشتراكية غارقة في زواريب لبنان وهي على أبواب الانتخابات الرئاسية، ففي مثل هذه الاوضاع يصبح الحذر سيد الموقف والنصح بالتضامن والتوحد سيد الموقف.

سامي كليب

المصدر: السفير

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...