دمشق تدعو الحكومة اللبنانية إلى القمة وواشنطن تعلن الحرب عليها

14-03-2008

دمشق تدعو الحكومة اللبنانية إلى القمة وواشنطن تعلن الحرب عليها

أعلنت واشنطن الحرب على القمة العربية في دمشق، وأصدرت، قبل أسبوعين من موعد التئامها، ما يشبه «أمر عمليات» لحلفائها من القادة العرب يقضي بعدم المشاركة فيها، في تطور من شأنه أن يعطي القمة بتوقيتها وممغلف الدعوة السورية إلى السنيورة بين أيدي صلوخ وعرنوس وقد كُتب عليه «دولة السيد فؤاد السنيورة رئيس الحكومة في الجمهورية اللبنانية».كانها ومواضيعها، معنى التحدي السياسي، وهو الأمر الذي جعل القيادة السورية تتصرف بما لا يقبل الجدل بأن القمة منعقدة حتما وبثقة عالية بأن المشاركة العربية ستتجاوز تقديرات بعض المراهنين على فشلها.
ولم تكد تمضي ساعات قليلة على تسليم الدعوة الرسمية السورية الى الحكومة اللبنانية للمشاركة في القمة العربية، مع مراعاة شغور الموقع الماروني الأول، وبالتالي ابتداع مخرج لدعوة «دولة السيد فؤاد السنيورة رئيس الحكومة في الجمهورية اللبنانية»، من قبل نظيره السوري ناجي العطري، «نظرا للفراغ الدستوري الحاصل في رئاسة الجمهورية اللبنانية»، حتى قررت واشنطن، التسلل من «خرم» إبرة الدعوة السورية لـ«الرئيس اللبناني بالوكالة» من أجل الدعوة العلنية، ولكن المبطنة، الى مقاطعة قمة دمشق.
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الاميركية شون ماكورماك، ردا على سؤال حول الدعوة التي وجهتها سوريا الى الرئيس فؤاد السنيورة للمشاركة في القمة العربية، «يمكنكم ان تتحدثوا مع الحكومة السورية حول دوافعها الخاصة لدعوة ممثل للحكومة اللبنانية الى القمة العربية المقبلة. اما عما اذا كانوا سيقبلون الدعوة، فذلك يجب ان يعود بشكل كامل الى الحكومة اللبنانية. أسجل ان الدعوة وجهت الى رئيس الوزراء السنيورة، الذي يتولى بحكم الأمر الواقع صلاحيات الرئيس بالوكالة. بإمكانكم ان تسألوني، لماذا هو رئيس انتقالي؟ لانه لم تحصل انتخابات رئاسية في لبنان».
واضاف ماكورماك «ثمة كلام كثير عن قوى خارجية تقوم، بشكل او بآخر، بمنع هذا الانتخاب من الحصول. الكثيرون سموا سوريا كأحد المتهمين بعرقلة إجراء هذه الانتخابات. لذا تشكل الدعوة الموجهة الى رئيس الوزراء اللبناني، وهو الرئيس بالوكالة، تحولا مهما في تطور الاحداث. غير ان المسألة الحقيقية تكمن في ضمان ان يكون الشعب اللبناني قادرا على إنجاز عمليته الديموقراطية، وهو ما ليس متوفرا في الوقت الحالي».
وسئل ماكورماك عما إذا كان يتعين على القادة العرب ان يدعموا استضافة دمشق للقمة، نظرا الى ان لبنان هو إحدى المسائل الرئيسية في المنطقة، فأجاب «عندما يفكرون بالمشاركة في اجتماع سوريا من عدمه، من الواضح انه سيكون من مصلحتهم ان يبقى في ذهنهم الدور الذي أدته سوريا حتى الان لمنع العملية الانتخابية في لبنان من المضي قدما» مضيفا «لا نريد السعي مطلقا لان نملي من يتعين ان يحضر هذه الاجتماعات. هذا يعود الى الدول الاعضاء لان تقرر بشأنه، كما يعود الى الدول الاعضاء ان تقرر اين تعقد (القمة). لكن بالطبع ان المأزق الذي يعيشه الشعب اللبناني يجب ان يحتل مكانا رئيسيا في أذهان أولئك القادة العرب فيما يبحثون المشاركة في القمة من عدمه».
وكان لبنان قد تسلم، أمس، رسميا الدعوة السورية للمشاركة في قمة دمشق، من خلال زيارة مفاجئة قام بها معاون وزير الخارجية السوري احمد عرنوس، الى بيروت، واقتصرت على الاجتماع بوزير الخارجية المستقيل فوزي صلوخ في قصر بسترس، ولم تتجاوز حدود نقل الدعوة الموجهة من رئيس الوزراء السوري ناجي العطري الى «دولة السيد فؤاد السنيورة رئيس الحكومة في الجمهورية اللبنانية»، وذلك «نظرا للفراغ الدستوري الحاصل في رئاسة الجمهورية اللبنانية» كما جاء في البيان الرسمي السوري الذي أعلن ترحيب سوريا «بمن سيختاره لبنان لتمثيله في القمة العربية بدمشق».
وفيما كان ينتظر أن يكون تسليم الدعوة، عبارة عن محاولة إبداء حسن نية من الجانب السوري بسبب الالحاح العربي، على التعامل مع لبنان «مثله مثل اي دولة عربية»، في اشارة الى رفض تسليم الدعوة عن طريق الجامعة العربية، وفي الوقت نفسه، محاولة مراعاة واقع شغور الموقع الماروني الأول، فان اختيار التوقيت، في اللحظة التي غادر فيها رئيس الحكومة الى دكار لتمثيل لبنان في القمة الاسلامية، وكذلك الشكل الذي تمت فيه بـ«شقيه» السوري واللبناني، قد أحدث ردود فعل متفاوتة داخليا.
وفي هذا الاطار، عبرت أوساط مقربة من رئيس المجلس النيابي نبيه بري عن ارتياحها للأمر، وقالت ان الكرة باتت في ملعب الحكومة، ودافعت عن تسلم الوزير صلوخ الدعوة «من موقع تصريف الأعمال».
أما الأكثرية فقد بدت مربكة في اتخاذ موقف موحد مما حصل، حيث نقلت «فرانس برس» عن مصدر حكومي لبناني في دكار قوله «الدعوة طبيعية حسب الاصول المتعارف عليها، مع الاشارة الى انها تمت عند مغادرة الرئيس السنيورة بيروت»، لكن مصدرا وزاريا في بيروت، رأى في توجيه الدعوة الى صلوخ «المستقيل إصرارا من سوريا على التعامل مع حلفائها في لبنان، وكأنها في الشكل لا تعترف الا بهم وبدورهم»، وقال المصدر نفسه  «من حيث الشكل هناك استخفاف وتهميش للحكومة وكل الصلاحيات المناطة بها». وأكد «ان هناك تريثا حكوميا في اتخاذ الموقف»، مشيرا الى ان القرار سيتخذ في خلال اجتماع مجلس الوزراء وبعد مشاورات مع الدول العربية الصديقة».
وقال الوزير صلوخ أنه سيسلم الدعوة للرئيس السنيورة بعد عودته من السفر عن طريق مدير البروتوكول في وزارة الخارجية، وبعد ذلك يعود «للحكومة ان تقرر المشاركة او عدمها والتمثيل ومستواه».
وسخر رئيس «اللقاء الديموقراطي» النائب وليد جنبلاط مما وصفها «الدعوة بالتهريب»، وقال انها «دعوة من المنتج الايراني الى الوزير المستقيل وغير المستقيل في لحظة خلسة اثناء وجود الرئيس السنيورة خارج لبنان. لكن ما العمل؟ هذه هي العقلية السورية وعقدة النقص السورية في التعامل مع لبنان وعدم الاعتراف به وبدولته. عقدة النقص هذه لا توصل الى مكان على عكس احترام الدولة اللبنانية الذي يشكل قوة لسوريا».
الى ذلك، شكل الهم اللبناني محور اجتماعات الرؤساء والوفود العربية والاسلامية والأجنبية في القمة الاسلامية، في دكار، وهو ما أظهرته كلمات المشاركين وبعض المواقف واللقاءات على هامش أعمال المؤتمر.
وقالت مصادر دبلوماسية أوروبية في بيروت، ان المبادرة العربية «صارت مبادرة دولية واسلامية ولكن لا أحد يملك حتى الآن حقا حصريا بتفسيرها»، وكشفت أن المبادرة العربية «ستتحول اليوم الى مبادرة أوروبية عبر تبنيها رسميا من جانب الاتحاد الأوروبي الذي سيعلن دعمه لتحرك الجامعة العربية وقد يتخذ قرارا بإيفاد مفوض الشؤون الخارجية في الاتحاد الأوروبي خافيير سولانا مجددا الى بيروت من أجل ابلاغ الموقف الأوروبي رسميا الى الحكومة اللبنانية وبعض العواصم المعنية».

المصدر: السفير

  

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...