تداعيات فشل تسيبي ليفني في تشكيل حكومة ائتلافية

30-10-2008

تداعيات فشل تسيبي ليفني في تشكيل حكومة ائتلافية

الجمل: اتخذت زعيمة كاديما الصاعدة تسيبي ليفني موقفها الأساس لجهة أنها لم تستطع تشكيل الحكومة الائتلافية الجديدة بسبب رفضها تقديم التنازلات لصالح المتشددين في ملف الميزانية الإسرائيلية وملف مفاوضات السلام مع الفلسطينيين. وبرغم تبريرات ليفني ومحاولتها الظهور في موقف المتمسك بالثوابت الأساسية فإن إخفاقها يتجاوز كل ذلك، بما ينقل المزيد من الإشارات حول مدى عمق الأزمة السياسية التي تجذرت في هياكل النظام السياسي الإسرائيلي، وأوصلته إلى مرحلة العجز والشلل عن الحراك التوافقي ضمن الحد الأدنى المطلوب في أي نظام وهو القدرة على تشكيل الحكومة وتعيين مجلس الوزراء.
* لماذا فشلت ليفني في تشكيل الحكومة الائتلافية الجديدة؟
تقول المعلومات والتسريبات الواردة من تل أبيب بأن هناك العديد من الأسباب والعوامل التي تضافرت لجهة إفشال جهود زعيمة كاديما ويمكن تقسيم هذه الأسباب إلى نوعين:
• الأسباب المعلنة: وتتمثل في ما نقلته التقارير حول خلافات ليفني مع حزب شاس المتطرف لجهة قبول ليفني إقرار مطالب وشروط حزب شاس المتمثلة في الآتي:
- اعتماد منح علاوات الطفولة للأسر الكبيرة.
- عدم إدراج ملف القدس في أي مفاوضات سلام.
• الأسباب غير المعلنة: وهي كثيرة وسيتمثل أبرزها في التسريبات الآتية:
- عدم قبول حزب شاس وبقية الأحزاب الدينية الإسرائيلية لمبدأ تولي امرأة لمنصب القيادة وهو موقف توراتي يسيطر بقدر كبير على أذهان وتوجهات القوى الدينية الإسرائيلي وعلى وجه الخصوص في أوساط اليمين الشرقين القادمين من آسيا بالوسطى وإيران واليمن الذين يشكلون قاعدة حزب شاس وحركة التوراة اليهودية المتحدة.
- تأثير نفوذ بنيامين نتنياهو زعيم الليكود على زعماء حزب شاس وحركة التوراة اليهودية المتحدة إضافة إلى إغراءات زعيم الليكود لحزب شاس وحركة التوراة  بنصيب أكبر في الحكومة القادمة في حالة فوز الليكود بالانتخابات البرلمانية المتوقعة.
- تأثير نفوذ الجنرال موفاز وحلفائه لجهة ممارسة الضغوط على الجانبين:
* الضغط على ليفني داخل حزب كاديما لجهة مفاوضة ورفض مساندة توجهاتها الهادفة إلى ضم الأحزاب اليسارية الإسرائيلية ونواب القوائم العربية الموجودة في الكنيست بما أدى إلى جعل ليفني تقف أمام خيارين الأول يتمثل ف النجاح في إقناع شاس وحركة التوراة اليهودية المتحدة بالانضمام إلى الائتلاف والثاني مواجهة انقسام نواب كاديما في الكنيست إلى كتلتين إذا حاولت ضم الأحزاب اليسارية ونواب القوائم العربية إلى الائتلاف.
* الضغط على ليفني خارج حزب كاديما لجهة دفع حزب شاس وحركة التوراة اليهودية المتحدة إلى عدم تقدم أي تنازلات لليفني والهدف من ذلك هو محاولة إفشال مهمة ليفني تمهيداً لاستدراجها إلى مواجهة جديدة داخل كاديما قد  تؤدي إلى الإطاحة بها من رئاسة كاديما وصعود موفاز ليحل محلها في الانتخابات الداخلية للحزب أو ربما يجبر ليفني على الاستقالة من زعامة الحزب.
- تأثير نفوذ أولمرت الذي برغم تقدمه لاستقالته فإنه ما زال لاعباً أساسياً في الساحة السياسية الإسرائيلية وتقول التسريبات أن أولمرت ما زال يدير لعبة الصراع داخل وخارج كاديما وبأن له اليد الطولى في إفشال مهمة ليفني عن طريق شبكة الفساد المرتبطة به، والمتغلغلة في كافة أحزاب السياسية، ويهدف أولمرت إلى إفشال جهود ليفني لأن ذلك سيعطيه الحق في الاستمرار كرئيس وزراء حتى شهر شباط وهو الموعد المحدد لإجراء الانتخابات البرلمانية القادمة التي ستحسم مصير رئاسة الوزراء.
* ما هي الاتهامات الجديدة التي أصبحت تواجهها ليفني؟
بعد إعلان ليفني عدم النجاح في مهمة تشكيل الحكومة والائتلاف الحكومي الجديد ومطالبتها بضرورة اللجوء إلى الانتخابات المبكرة لحل الأزمة، فقد أصبحت في مواجهة مجموعة من الاتهامات التي يتمثل أبرزها في مزاعم خصوم ليفني لجهة الآتي:
• لقد استقال أولمرت من منصبه ونفس الائتلاف الحاكم ما زال موجوداً وهو الذي مازالت ليفني تتولى ضمنه حقيبة الخارجية، والنائب الأول لرئيس الوزراء وبالتالي فإن فشلها يعود إلى "عدم قدرتها" في إقناع الأطراف التي ظلت تعمل وتتعامل معها طوال الأعوام السابقة.
• استطاع أولمرت ضم شاس إلى الائتلاف واستطاع أيضاً أن لا يلتزم بتنفيذ الوعود التي قدمها لشاس، على النحو الذي استطاع فيه أن يجبر شاس على الاستمرار في الائتلاف بدون الحصول على شيء، وتمثلت مناورة أولمرت أنه جعل حزب شاس يقف في مواجهة خيار البقاء في الحكومة والحصول على التمثيل أو الخروج إلى المعارضة، ولما كان شاس من الأحزاب الصغيرة فإن كل الحسابات تقول بأن بقائه ضمن المعارضة سيعرضه لفقدان العضوية والفناء شأنه شأن كل الأحزاب الدينية الصغيرة التي انقرضت بسبب كثرة المعارضة وبالتالي فإن عدم نجاح ليفني في إقناع الحزب يعود إلى ضعف في خبرتها السياسية وعدم قدرتها على إدارة لعبة المناورات مع الأطراف الحزبية السياسية.
• برغم فوز ليفني بزعامة كاديما فإنها لم تنجح في توحيد الحزب بحيث يقف ككتلة واحدة إلى جانبها، وحالياً برغم فوزها على منافسها شاؤول موفاز في الانتخابات الحزبية، فإن موفاز –بسبب ضعف ليفني- ما زال سيحتفظ بكتلة داخل الحزب، وهو أمر ما كان ليحدث لو كان إيرييل شارون أو إيهود أولمرت موجوداً في زعامة الحزب، وبالتالي فإن عدم قيام ليفني بالقضاء على نفوذ موفاز داخل الحزب هو دلالة على عدم قدرتها على القيام بدور القائد الحزبي القوي.
• اتفاق ليفني – باراك هو اتفاق غير متوازن قدمت فيه ليفني الكثير من التنازلات لزعيم حزب العمل دون أن تحصل على المقابل وهذا بدوره أدى إلى تداعيات تمثل أبرزها في الآتي:
• تزايد مطامع الأحزاب الصغيرة مثل شاس وتشددها في محاولة فرض شروطها على ليفني.
• تزايد تحركات الليكود الذي رأى في مكاسب زعيم العمل –خصمه التقليدي- مصدراً للخطر.
• إبراز قيادة كاديما في موقف الطرف الضعيف أمام حلفائه داخل الائتلاف.
* ما هي تأثيرات وتداعيات فشل جهود تسيبي ليفني؟
تقول المعلومات الإسرائيلية الواردة اليوم بأن نتائج استطلاعات الرأي الصادرة صباح اليوم تشير إلى احتمالات أن تؤدي الانتخابات البرلمانية المبكرة إلى النتائج الميدانية الآتية:
• حصول كاديما على 31 مقعداً داخل الكنيست أي بزيادة ثلاثة مقاعد عن العدد الحالي 28 مقعداً.
• حصول الليكود على 31 مقعداً داخل الكنيست أي بزيادة 19 مقعداً عن العدد الحالي 12 مقعداً.
• حصول حزب العمل على 10 مقاعد أي بنقصان ثمانية مقاعد عن العدد الحالي 18 مقعداً.
هذا، وتشير التوقعات إلى أن نتائج الانتخابات الرئاسية الأمريكية ستلعب دوراً كبيراً في حسم احتمالات صعود زعيم حزب الليكود نتينياهو لأن الرأي العام الإسرائيلي ظل يحرص دائماً على ضرورة أن تكون الحكومة الإسرائيلية الموجودة في تل أبيب متوافقة تماماً مع الحكومة الأمريكية الموجودة في واشنطن وعلى هذه الخلفية يرى الإسرائيليون الآتي:
• صعود أوباما معناه ضرورة إقصاء نتينياهو.
• صعود ماكين معناه ضرورة صعود نتينياهو.
وأشار أحد التحليلات الإسرائيلية إلى أن الانتخابات الرئاسية الأمريكية لو تم إجراءها خلال هذه الأيام وفاز بها افتراضاَ باراك أوباما، لكانت ليفني قد نجحت في تشكيل الحكومة، لأن الساحة الإسرائيلية أصبحت منقسمة إلى معسكرين أحدهما يطالب بالمضي قدماً في ملف عملية السلام وآخر يطالب بالقضاء على هذا الملف ولن يستطيع هذا المعسكر الأخير الذي يمثله نتينياهو الازدهار إلا في ظل وجود رئيس جمهوري متطرف في البيت الأبيض.


الجمل: قسم الدراسات والترجمة

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...