الودائع السورية في البنوك اللبنانية

05-04-2017

الودائع السورية في البنوك اللبنانية

شادي أحمد: بلغت ودائع السوريين في البنوك اللبنانية في لبنان قبل الأزمة 16 مليار دولار من أصل 144 مليار هو حجم الودائع في البنوك اللبنانية، ومع بداية الأزمة في سورية ظهر ارتفاع كبير لرقم الودائع بشكل عام و رقم احتياطي مصرف لبنان بشكل خاص من 29 مليار إلى 37 مليار، دون أن تعلن السلطات النقدية اللبنانية مصدر هذه الزيادة في ظل انخفاض واردات السياحة اللبنانية وضعف التحويلات من الخليج و أوربا، وهذا يدل على أن هذه الزيادات الكبيرة والمفاجئة مصدرها ... سوري.

 إن وجود 40 فرع لمصارف لبنانية في سورية تستحوذ على 51% من حجم الودائع السورية وتمثل حوالي 35% من النشاط المصرفي السوري، يدل على وجود تداخل كبير بين أنشطة رؤوس الأموال بين سورية ولبنان.

إن نسبة مرونة تأثير الاقتصاد السوري المباشرة على الاقتصاد اللبناني هي بحدود 20% بمعنى إن انخفاض معدل النمو السوري 1% يقابله فوراً 0.2% من الجانب اللبناني، وبالتالي فإن النظام النقدي اللبناني لا يستطيع تحمل ودائع كبيرة في ظل تباطؤ النمو الاقتصادي اللبناني، الأمر الذي يكلفه فوائد مالية عالية.

ومع ذلك لم يلاحظ وجود استثمارات مباشرة كبيرة سورية في لبنان، بل كان بأغلبها ورشات ومطاعم صغيرة، وهذا يدل على أن هروب رؤوس الأموال السورية إلى لبنان، لم يكن لدواعي الاستثمار بل لدواعي الأمان، مما يقود إلى الاستنتاج بأن عودتها ممكنة ي حال استبباب الأمن في سورية، بسبب ارتفاع تكاليف الاستثمار في لبنان وانخفاض معدل الفائدة على الودائع، وهذا بعكس حالة مصر.

تم تسريب معلومة أن 20 مليار دولار من أموال السوريين تم تهريبها إلى لبنان، و باعتقادنا إن تضخيم أرقام الأموال السورية إلى لبنان، تقف ورائه جهة محددة وهي (الاسكوا) ونظن بأن خلفيات سياسية وراء الموضوع.

كما أن لبنان عانى من عجز مالي في ميزان المدفوعات بلغ 1.5 مليار دولار لعام 2014 وقد كان لديه فائض مالي قبل الأحداث في سورية يبلغ 2 مليار دولار.

كل ما سبق يقودنا إلى الاستنتاجات التالية:

1- توجد أموال سورية هاجرت إلى لبنان (أو مرت عبر لبنان) بهدف الحماية والأمان وليس بهدف الاستثمار، والدليل زيادة حجم الودائع دون زيادة معدلات النمو.

2- لا تقوم السلطات النقدية اللبنانية بالإفصاح المباشر عن أموال السوريين بسبب السرية المصرفية وبسبب الخوف من العقوبات الأوربية والأمريكية والعربية.

3- تهويل الأرقام السورية المهاجرة إلى لبنان، هدفه سياسي، ويقود التهويل موظفو الاسكوا لأسباب سياسية واقتصادية، تريد دفع الحكومة السورية إلى القبول بسياسة الاسكوا.

 

ومن أجل عودة الأموال السورية وحمايتها يقترح التالي:

1- تأسيس مصرف سوري في لبنان، يكون قناة تجميع للسوريين الراغبين بإيداع أموالهم خارج سورية في هذه الظروف.

2- إيجاد نظام حماية الودائع في سورية ضمن المصارف وضمان الودائع المالية البنكية.

3- تأسيس صندوق استثماري سوري ومحفظة تمويلية سورية في الدول المجاورة لضمان وجود كيان مالي سوري يحمي الرأسمال الوطني الذي اضطر للهجرة.

4- إلزام المصارف اللبنانية العاملة في سورية، بتعزيز اعتمادات التجار السوريين من خلال البنوك المراسلة للبنوك اللبنانية الأم في لبنان.

5- تأسيس وحدة حساب سحب سورية، تعطى على المبالغ السورية المهاجرة، يتم صرفها بالقيم الحقيقية حين عودة الرأسمال المهاجر.

6- تأسيس نظام أو برنامج استثماري سوري، وفق مبدأ التمويل من الخارج، يستطيع أي رجل أعمال سوري أن يمول استثماره أو تجارته من خلال أمواله التي خارج القطر وبنظام تدفق استثماري سلس ومرن.

 

أخيراً :سياسات لبنك المركزي بالتعامل مع الأزمة

كان للبنك المركزي دور في الازمة وصفه البعض بالمقبول كما تم وصفه من قبل البعض بالفاشل ولكي يكون التحليل موضوعيا سنورد ما للبنك المركزي من سلبيات وإيجابيات وفق التالي:

1. قام البنك المركزي في بداية الاحداث ببيع المواطنين مبلغ عشرة آلاف دولار بشكل مباشر و دون أي ضابط بداعي الحفاظ على سعر الصرف ولكن النتيجة كانت عكسية حيث اندفع المواطنون لشراء الدولار والذي هم ليسوا بحاجة اليه وبيعه في السوق السوداء مما أدى إلى اشتداد الضغط على وخسارة الليرة السورية 10% من قيمتها لأول مرة ونشوء سوق سوداء قوية .

2. قام البنك المركزي بمنع البنوك من فتح الاعتمادات المستندية للتجار والمستوردين مما أدى إلى قيام هؤلاء التجار بشراء الدولار من قبل السوق السوداء وبالتالي لتعود الليرة السورية إلى خسارة ثانية بمقدار 20% لتصبح معدلات الخسارة أكثر من 30%.

3. قام البنك المركزي ببيع الدولارات الى شركات الصرافة (المشبوهة بنشاطها) عن طريق المزاد وهي سابقة في التاريخ النقدي على مستوى العالم مما أدى دخول هذه الشركات ضمن إطار السوق السوداء وبالتالي ممارستها لأدوار سيئة بالتأثير على الليرة.

4. اعتمد البنك المركزي ما أسماه جلسات التدخل والتي لم تنجح في تخفيض سعر الصرف بل كان السعر يرتفع دائماً بعد أسبوع من جلسة التدخل .

5. في سياسة البنك المركزي والتي تقوم على تمويل مستوردات القطاع العام كان البنك المركزي يرفع قيمة الدولار لتمويل مستوردات القطاع العام والتي تبلغ حوالي 5 مليارات دولار وهذا الأمر انعكس سلبا على مستوى اسعار المعيشة الخاصة بالمواطن.

6. قام حاكم المصرف المركزي بالادلاء بعد تصريحات أدت الى جنون اسعار الصرف بشكل كبير كان آخرها التصريح الذي برر ارتفاع الدولار الى فوق 400 ليرة للدولار الواحد حين قال ان السبب هو خروج عائلات المسلحين والنصرة من ريف حلب الى تركيا مما أدى الى شعور المواطنين بأن المسلحين هم من يحافظ على سعر الصرف وكان لهذا التصريح أثر سيئ مما أدى الى ارتفاعه لحدود 500 ليرة للدولار في اقسى مرحلة بتاريخ الليرة السورية .

7. سمح البنك المركزي لشركات الصرافة بتمويل العمليات التجارية ومنعها عن البنوك وهذا يتناقض مع مرسوم إحداث شركات الصرافة مما يفتح الباب للفساد وتهريب الأموال بموجب فواتير واجازات استيراد وهمية .

8. على الرغم من الارتفاع الكبير لسعر الصرف غير أنه وبدراسة مقارنة تقول إنه كان يمكن في هذه الظروف أن يصبح سعر الصرف 1750 ليرة للدولار ولكن المساعدة الإيرانية والروسية حالت دون ذلك وفي ذات الوقت إذا استمرت سياسات البنك المركزي على وضعها الحالي فقد يصل سعر الصرف إلى هذا الرقم خلال مدة 8 أشهر.

9. فقدت الليرة السورية العديد من وظائفها فهي لم تعد عملة صالحة للإدخار ولم تعد صالحة للاستثمار ولكنها بقيت صالحة للتداول والغريب أن من يحافظ على وظيفة التداول هي السوق السوداء والتي استمرت بتمويل قطاع الاستيراد بمستلزماته حيث لم تفقد أي مادة في السورق السورية (بلد فيه حرب وتجد فيه سيكار وكافيار).

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...