المعارضة السورية في انقسام مستمر

03-04-2021

المعارضة السورية في انقسام مستمر

د. حامد أبو العز:

بعد مرور أكثر من عشر سنوات على الأزمة السورية، لا تزال المعارضات السورية منخرطة في خلافات داخلية ولا تزال كذلك غارقة في أوهام إسقاط الحكومة السورية. لعل أخر هذه الخلافات هو ما حدث في منصة القاهرة والانقسام الذي حصل بين أعضائها المخضرمين أحمد الجربا المقرّب من هيئة الائتلاف الوطني (المدعومة من تركيا) وبين جمال سليمان.

وانقسمت هذه المنصة كذلك إلى قسم يدعم الجربا وقسم أخر يدعم سليمان، وتعزيزاً لهذا الانقسام زار كل من جمال سليمان (ممثلا عن منصة القاهرة) وقدري جميل الذي يرأس منصة موسكو وخالد المحاميد، زار هؤلاء موسكو ودخلوا في محادثات مع مسؤولي وزارة الخارجية الروسية. واقترح المجتمعون تشكيل منصة جديدة يُطلق عليها “هيئة الوفاق العليا” إلا أن هذا الاقتراح قوبل بفيتو روسي حيث يعتبر مثل هذا التشكيل ضربة لجهود هيئة المفاوضات ووفد الحكومة السورية أو ما يُطلق عليه “الهيئة الدستورية”.

خلال العشر سنوات الماضية، أثبتت المعارضة بأنها السبب الوحيد في الفشل في تحقيق المطالب المشروعة. ويعود هذا الفشل إلى البدايات الأولى للحراك الشعبي في سوريا. إذ لا أحد ينكر أن الشعب السوري خرج في مظاهرات مشروعة جابت أرجاء البلاد، إلا أن المعارضة الخارجية السورية سعت منذ اللحظات الأولى إلى تسليح هذا الحراك. وعليه، وبدلا من دعم المطالب المشروعة بالحرية والعدالة والمساواة اتجهت المعارضة إلى توريد السلاح إلى سوريا من كل مكان.

وبذلك تحقق المشروع الإسرائيلي بتحويل دولة المواجهة الأولى إلى دولة فاشلة. فتدفق السلاح من جميع الدول (السعودية وتركيا وقطر والولايات المتحدة ..إلخ). ومنذ اللحظات الأولى انقسم ولاء المعارضات السورية إلى الدول التي تدفع أكثر، فقسم منهم تبع تركيا وقسم تبع قطر وقسم أخر السعودية وقسم أخر الولايات المتحدة وقسم أخر تبع إسرائيل لا بل وزارها حتى وهو بالطبع “كمال اللبواني” الذي زار تل أبيب وظهر على شاشاتها.

كان هذا النهج دافعا لظهور مجموعات متشددة سيطرت على أراض واسعة من الجمهورية العربية السورية. واليوم بدأت الحكومة السورية تسجل نقاطاً مهمة في طريق التغلب على عقوبات قانون قيصر (حيث استطاعت الحكومة التي لا تملك موارد وهي محاصرة من كل جانب، استطاعت أن توقف نزيف الليرة السورية). 

قانون قيصر بدوره دعمته مجموعات المعارضة متجاهلة أن هذه العقوبات وهذا الحصار الاقتصادي إنما يضرب المواطن السوري في لقمة عيشه قبل الجميع. إلا أن هذه المعارضة لا تستطيع أن تدرك معاناة المواطن السوري وهم في فنادق باريس وإسطنبول ولندن. كيف لمن لا يعيش في سوريا الجريحة أن يفهم مدى هذه المعاناة؟!في ظل هذه المعاناة تظهر أخبار إلى العلن حول قيام مجموعة “تحرير الشام” “جبهة النصرة سابقا” بعملية رجم بحق ثلاث سيدات ورجل في وسط مدينة إدلب. هذه المجموعة وغيرها من المجموعات التي تدعمها تركيا وبعض الدول العربية تمارس أقسى أنواع العنف ضد المواطن السوري وهم غير أبهين بأي حل سياسي في سوريا وهم غير معنيين بأي من المقررات التي ستتوصل إليها الهيئة الدستورية وهم غير معنيين كذلك بقرار مجلس الأمن 2254 والذي دعا إلى وقف كامل لإطلاق النار في سوريا والشروع بمفاوضات سياسية.

لا بد من التنويه بأنّ المعارضة السورية لم تتعلم الدرس جيداً بأن الانقسام ليس سبيل الحل في سوريا، وبأنّ الدعم الذي قُدم لهم ذات يوم غير موجود الأن بفضل الصمود التاريخي للدولة السورية وحلفائها. وبأنّ الدول التي كانت تدعمها في السابق تدخل الأن في مفاوضات وتنسيق مع دمشق. لذلك يجب على هذه المعارضة أن تفهم المشهد السياسي السوري بشكل كامل قبل أن يتم حذفها بشكل كامل.

 

 



رأي اليوم

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...