المعارضة السورية تدخل مرحلة الانقلابات

26-09-2013

المعارضة السورية تدخل مرحلة الانقلابات

لا توصيف لما يحدث في أوساط المعارضة السورية أدق من كلمة انقلاب، لكنه انقلاب على نفسها، بدأ أمس الأول بالبيان العسكري رقم واحد، ومعه تشكيل غرفة عمليات لقيادة معارك دمشق، وهي خطوات لا تبدو إلا كبداية لسلسلة تحركات تتصاعد حتى تشكيل «جيش» جديد قوامه الألوية والكتائب الإسلامية. أما المعارضة السياسية، التي تم سحب الاعتراف بها، فما زالت في طور الصدمة، لتبقى علامة الاستفهام الأساسية متمثلة في تنظيم «الدولة الإسلامية في العراق والشام» (داعش) وعلاقتها بكل ما يجري.مسلحون يستعدون لاطلاق قذيفة في حي الاشرفية في حلب امس (رويترز)
ففي ببيان بثه في وقت متأخر ليل أمس الأول موقع «لواء التوحيد» بشكل مقطع مصور وآخر مكتوب بعنوان «البيان الرقم 1» وقعت عليه كل من «جبهة النصرة»، «أحرار الشام»، «ألوية التوحيد»، «الإسلام»، «صقور الشام»، «الحق»، «الفرقان»، «الأنصار»، «حركة النور»، «حركة فجر الشام الإسلامية»، و«الفرقة 19»، تدعو فيه «كل الجهات للتوحد ضمن إطار إسلامي واضح يقوم على أساس تحكيم الشريعة وجعلها المصدر الوحيد للتشريع»، معتبرة أن «الأحقية في تمثيلها هي لمن عايش همومها وشاركها التضحيات من أبنائها الصادقين».
أما النقطة الأهم في البيان، فهي اعتبار الموقعين عليه ان «الائتلاف وحكومته المؤقتة لا تمثلها ولا تعترف بها»، وهو ما يعني إسقاط شرعية المعارضة السياسية من قبل أكبر الكتائب المقاتلة في «الجيش الحر» بحجة أنه «لم يقدم أي نفع أو حماية أو دعم للحر، وهو إضافة لكل هذا مطلب شعبي من العديد من أطياف الشارع المعارض المستاء من أداء الائتلاف».
لكن مصدراً معارضاً أوضح، أن البيان لم يكن وليد اللحظة، بقدر ما هو تتويج لاجتماعات طويلة في الأيام الماضية، كان الهدف منها إيجاد صيغة لحشد القوى والكتائب في بنية واحدة وإيجاد من يمثلهم سياسياً، على أن معظم الموقعين عليه هم بالأصل لا يعترفون بالتيارات السياسية، بل ان بعضهم، في مرجعيته العقائدية، يعتبر الأحزاب مسألة محرّمة في الشريعة، وبالتالي ثمة علامة استفهام واضحة على البيان، خصوصاً لجهة البديل المقترح، اذ يشير المصدر إلى اتجاه لتشكيل كيان سياسي في الداخل ينتزع كامل الشرعية من «الائتلاف» ومختلف فصائل المعارضة السياسية رغم العقبات التي ستواجهه لناحية تعامل العالم والقوى الدولية معه.
وأشار «المسؤول السياسي باسم لواء الإسلام» محمد علوش، عبر موقع «تويتر»، إلى أن «استفتاءً شعبياً سيحصل في المرحلة المقبلة»، مؤكداً أن «قوة البيان هي في المجموعات التي وقّعت عليه، فالتمثيل السياسي الخارجي لم يأت على الثورة إلا بالضرر والتسويف».
ولوحظ غياب أي رد فعل من «قيادة الأركان في الجيش الحر»، التي تعتبر مجموعاتها ومجالسها العسكرية بمثابة الحلقة الأضعف تنظيمياً ولناحية التسليح، بينما غابت ألوية وكتائب لها ثقلها نوعاً ما في المشهد العسكري، مثل «لواء البراء» و«الفاروق» و«أحفاد الرسول»، وهي ألوية إسلامية الهوية تنشط في أكثر من موقع وجبهة، وتبدو علاقتها مع باقي التجمعات القتالية شائكة، وخاصة «أحفاد الرسول» التي اشتبكت مع «داعش» لأكثر من مرة في الرقة قبل شهر تقريبا.
في المقابل، كان لافتاً تزامن البيان مع تشكيل غرفة عمليات دمشق، بقيادة زهران علوش، لتضم ألوية «الإسلام»، «الفرقان»، «الحبيب المصطفى»، «أحرار الشام»، «الصحابة» و«جيش المسلمين»، بينما غابت ألوية وكتائب أخرى في المنطقة عن تشكيل هذا التجمع، مثل «أحفاد الرسول»، وذلك بهدف الإشراف وقيادة العمليات العسكرية في دمشق وريفها، وخاصة لجهة فك الحصار عن الغوطة وفتح طرق إمداد للدعم العسكري والإغاثي بحسب ما أشار اليه ناشط معارض، تحدث عبر وسائل الإعلام أمس.
ويتوقع ناشطون أن تتكرر هذه الخطوة في حمص وحلب والساحل ودرعا، في وقت بات من المؤكد أن «تجمعاً عسكرياً» جديداً سيبصر النور خلال الأيام المقبلة، وهو بمثابة توسيع لـ«لواء الإسلام»، ليضم مجموعة من الكتائب والمقاتلين الذين يتقاطعون معه في النهج الفكري والعقيدة «الجهادية»، وهو أمر لو تحقق فسيشكل أكبر قوة في المعارضة المسلحة باعتباره يجمع الكتائب والألوية الإسلامية السلفية التي تعد الأكثر تنظيماً وتمويلاً وتسليحاً، وتشكل في معظمها جبهات مشتركة لخوض عمليات عسكرية، مثل «معركة الفرقان» قبل أشهر و«الخضوع لله» في جبال القلمون.
أما علامة الاستفهام الأكبر فترتسم حول علاقة الكتائب في البيان أو غرفة العمليات بـ«داعش»، خاصة أن أحد أبرز الفصائل، وهو «لواء التوحيد»، قد حسم قرار المواجهة ضدهم، في وقت تبدو الأمور شائكة أكثر بالنسبة إلى «جبهة النصرة» التي بايعت زعيم تنظيم «القاعدة» أيمن الظواهري، وفي الوقت ذاته لم تصدر موقفاً واضحاً حيال «داعش».
في المحصلة، ثمة أحجار ثقيلة بدأت تسقط في المياه السورية الراكدة، ولعل الأيام المقبلة ستكشف العديد من الخطوات السياسية والعسكرية للمعارضة. وإذا كان البيان الرقم واحد قد أسقط «الائتلاف»، فماذا سيقول البيان الرقم اثنان؟

طارق العبد

المصدر: السفير

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...