السيسي يدعو إلى تدخل دولي في ليبيا

18-02-2015

السيسي يدعو إلى تدخل دولي في ليبيا

قد يكون من الصعب معرفة نتائج الضربات الجوية التي وجهها الجيش المصري إلى مواقع «داعش» في ليبيا، في ظل تضارب المعلومات بشأن الخسائر التي ألحقتها بالتكفيريين، وعدم بروز ما يكشف عن الخيارات اللاحقة بعد تلك الغارات، وإن كان من شبه المؤكد ان جبهة جديدة في الحرب على الجماعات المتشددة قد بدأت تلوح في الافق، خصوصاً بعد مطالبة الرئيس عبد الفتاح السيسي بتدخل دولي ضد الارهاب في ليبيا.
وبانتظار نتائج الحراك الديبلوماسي المصري، وخصوصاً خلال القمة الامنية التي تستضيفها واشنطن اليوم للبحث في سبل التصدي للإرهاب، بدا ان الضربات الجوية كان لها تأثير سريع في الداخل المصري، فقرار الرد على جريمة «داعش» بحق المصريين، والذي اتخذ ونفذ سريعا، أعاد إلى الشارع المصري حالة الاصطفاف حول دولتهم وجيشهم، بعدما اهتزت خلال الفترة الماضية، خصوصاً بعد تراجع خطر «الإخوان المسلمين»، وسقوط ضحايا من متظاهرين سلميين ومشجعي مباريات كرة القدم على ايدي قوات الامن.
الغارات التي سبقت زيارة السيسي الى كاتدرائية الاقباط، لتقديم واجب العزاء، أعادت تقديم الرئيس المصري كرجل دولة قوي قادر على اتخاذ القرارات الحاسمة وتنفيذها من دون تردد، وهو ما ساعدت وسائل الإعلام كافة على ترسيخه لدى الرأي العام.
وفي اليوم التالي للغارات، ظل المصريون في ليبيا هم الهاجس الأهم، وكان الإجراء الأول هو إغلاق الحدود ومنع المصريين من السفر لليبيا، وهو قرار شمل المتزوجات من ليبيين.
ولكن اللافت، أنه برغم وجود مئات آلاف المصريين في ليبيا (1.5 مليون بحسب بعض التقديرات) فإن الذين عادوا منهم يوم امس الى مصر لم يتجاوز 300، ما يجعل أزمة وجود مصريين في ليبيا واحتمال استهدافهم من قبل «داعش» قائمة، خصوصاً بعدما دعتهم قوات «فجر ليبيا» القريبة من الإسلاميين الى مغادرة البلاد خلال 48 ساعة، «حرصاً على حياتهم»، كما تردد في وسائل اعلام مصرية وليبية.
أمنياً بدأت قوات الجيش في تنفيذ انتشار في محافظات مصر وميادينها، تحسباً لأي ردود محتملة في الداخل، فيما شكل رئيس الوزراء إبراهيم محلب لجنة برئاسة وزير العدل لدراسة إدخال تعديلات تشريعية على القوانين المتعلقة بالأمن القومي، على نحو يمنح المحاكم صلاحية البت في إزالة ما يبث على شبكة الإنترنت من جمهورية مصر العربية، وله علاقة بالإرهاب، وذلك لمجابهة النشاط الإلكتروني للتنظيمات الارهابية.
اما النشاط الدبلوماسي المصري فواكب تحليق الطائرات الحربية يوم امس في سماء ليبيا، وفي اجواء المنطقة الحدودية الغربية المفتوحة، والتي يقارب طولها 1200 كيلومتر، فقد توجه وزير الخارجية المصري سامح شكر الى نيويورك، بتوجيه من السيسي، وذلك لمطالبة الدول الأعضاء في مجلس الأمن الدولي بالقيام بدورها في مواجهة الإرهاب.
وفي ظل هذا الحراك الديبلوماسي، أطلق السيسي دعوته الى مجلس الأمن لإصدار قرار بالتدخل الدولي في ليبيا.
الدعوة تعني أمرين، أولهما أن السيسي يحاول خلق إطار قانوني وغطاء سياسي للعمل العسكري المصري داخل الأراضي الليبية. والثاني أن الغارات الجوية التي نفذها الجيش المصري لن تكون الأخيرة، وقد لا تكون أيضا الأداة الوحيدة التي تتدخل من خلالها مصر في ليبيا ضد «داعش».
هذا الأمر يؤكده استاذ العلوم الاستراتيجية في «أكاديمية ناصر العسكرية» اللواء نبيل فؤاد  قائلاً ان «الضربات الجوية لا تحسم حرب، ولكنها تمهد لتدخل على الأرض، وما قامت به مصر ضربة انتقامية لا تكفي للقضاء على داعش في ليبيا»، مشدداً على ان «القضاء على داعش لن يكون مهمة مصر وحدها».
ويضيف فؤاد ان «هناك طريقان للتدخل في ليبيا: إما أن يستجيب مجلس الأمن لمطالبة السيسي، ويتخذ قراراً بالتدخل في ليبيا تحت البند السابع، وعلى اساس ذلك يتم تشكيل قوة دولية تشارك مصر فيها للقيام بالتدخل على الأرض. والطريق الثاني، هو انه إذا لم يتوافق مجلس الأمن على هذه الخطوة، فيتم التدخل تحت مظلة عربية مثلما نادى الأمين العام لجامعة الدول العربية بتشكيل قوة عربية للقيام بالتدخل وتكون مصر ضمنها».
ويؤكد فؤاد ان «قيام مصر منفردة بالتدخل في ليبيا غير وارد، فالجبهة الشرقية لمصر (سيناء) مفتوحة، ونخوض فيها حربا على الإرهاب. والجبهة الداخلية أيضا كذلك. وبالتالي فإنّ جر مصر الى جبهة ثالثة سيكون الهدف منه إضعافها ودفعها في صراعات إقليمية، مشدداً على ان «داعش ليس تنظيماً محلياً بل أممي، وبالتالي فإن مواجهته يجب أن تكون أممية».
إقناع مجلس الأمن باتخاذ قرار بالتدخل في ليبيا قد يكون صعبا نظرا الى التباين في وجهات النظر بين مصر وأطراف رئيسية في مجلس الأمن. فما ألمح إليه السيسي في أكثر من مناسبة هو ضرورة عدم الانتقاء في محاربة الإرهاب والتمييز بين جماعة إرهابية وأخرى. مشيرا بذلك لبعض المواقف وفي مقدمتها أميركا والتي لا تعتبر جماعة الإخوان تنظيما إرهابيا، ولا تمانع في إعادة إدماجه في الحياة السياسية. وهو ما سينعكس بقوة في التعامل مع الوضع الليبي، وخاصة الموقف من المؤتمر الوطني الليبي الذي ستقاوم مصر بشدة إدماجه في أي حل للوضع الليبي بعكس أطراف أخرى.
بدوره، يقول استاذ العلوم السياسية في جامعة القاهرة حسن نافعة : «بالتأكيد سيكون هناك نقاش بشأن تحديد القوى الإرهابية. المؤتمر الوطني الليبي يؤكد أنه ضد الإرهاب. ولكنه في واقع الأمر لا يقوم بدور حقيقي ضد الإرهاب، وبالتالي لا يمكن اعتباره الطرف القادر أو الراغب في مكافحة الإرهاب».
ويرى نافعة انه «يجب على مصر أن تدفع في اتجاه حل سياسي، يفضي الى تشكيل حكومة وحدة وطنية، يكون أول أهدافها نزع سلاح الميليشيات والقضاء على الإرهاب بمساعدة دولية وإقليمية».
ويرى نافعة ان «الضربة الجوية كانت ضرورية، فالدولة بدت عاجزة تجاه ازمة الارهاب، وكان لابد من إثبات قدرتها. ولكن الضربة محدودة التأثير بطبيعة الحال، والنظام المصري أصبح محاصراً من الشرق والغرب، ويجب اتخاذ خطوات... والبدائل إما تدخل منفرد، وهذا مستبعد، وإما اللجوء الى المجتمع الدولي، وهذا ما تقوم به مصر، وبالطبع يستدعي جهداً لإقناع مختلف الأطراف الدولية باتخاذ موقف جماعي».
الحسابات التي سبقت توجيه ضربة جوية لمواقع «داعش» في ليبيا كانت واضحة، فالدولة كانت في حاجة لتوجيه رسالة حاسمة للداخل والخارج في الوقت ذاته، لكن الحسابات التالية تبدو أكثر تعقيداً، فاستكمال المواجهة مع داعش في ليبيا، يعني فتح جبهة جديدة بطول 1200 كيلومتر، وتأمين المصريين في ليبيا يجب أن يسبق أي قرار. واما الحلفاء المحتملون لمصر في المواجهة فيحملون خلافات واضحة مع وجهة النظر المصرية، في حين أن الجبهة الداخلية في مصر، وبرغم الاصطفاف الذي ظهر بعد الغارات الجوية، يمكن أن تتحول في أي لحظة الى جبهة ثالثة يخوض النظام حربا فيها ضد الإرهاب.

مصطفى بسيوني

المصدر: السفير

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...