الخيارات التركية ودلالات زيارة عاهل السعودية

09-08-2006

الخيارات التركية ودلالات زيارة عاهل السعودية

الجمل: ظلت تركيا ترتبط بعلاقات قوية للغاية مع إسرائيل، وقد تطورت هذه العلاقات باتجاه بناء روابط استراتيجية، تمثلت في عدد من المسارات الهامة، والتي أبرزها:
• المسار السياسي: تبادل الزيارات والمشاورات بوساطة رؤساء البلدين،والانخراط في الأجندة الإقليمية الخاصة بمنطقة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى وجنوب أوروبا.
• المسار الاقتصادي: الارتباط باتفاقيات اقتصادية هامة على المستويين الإقليمي والدولي، مثل تمديد خطوط أنابيب النفط العابرة للحدود، وإقامة مناطق التجارة الحرة، إضافة إلى تبادل التكنولوجيا.
• المسار العسكري: الارتباط باتفاقيات تعاون عسكري وثيقة، لا في مجال المناورات والتدريبات فقط، وإنما أيضاً في مجالات التصنيع العسكري.
• المسار الأمني: توجد اتفاقيات أمنية عديدة بين البلدين، بعضها معلن وبعضها مايزال سرياً، لم يفصح عنه، وبرغم دعم إسرائيل للحركات الكردية العراقية، فهي تدعم تركيا بقوة في حربها ضد أكراد تركيا، ومن أبرز الأمثلة على هذا التعاون، قيام الموساد بتخطيط وتنفيذ عملية اختطاف الزعيم الكردي التركي عبد الله أوجلان من العاصمة الكينية نيروبي وتسلميه لتركيا.
• المسار الاستراتيجي: وهو المسار الذي يتضمن تهيئة البلدين نفسيهما تحت إشراف الولايات المتحدة من أجل القيام بدور الزعامة الإقليمية على المنطقة ضمن خارطة مخطط الهيمنة الأمريكية الشاملة على العالم.
كانت محددات السياسة الخارجية التركية خلال الحقب الماضية تتمثل في الآتي:
- ملف الأزمة الكردية: وموقف تركيا الثابت هو الرفض التام لإقامة أي كيان يحمل أي صفة لأي خصوصية كردية، حتى لو كانت ثقافية، وكان يمكن لنظام صدام  حسين أن يتعاون مع تركيا في مواجهة الحركات الكردية في جنوب تركيا وشمال العراق، وبالتالي يكسب صداقة تركيا وتحالفها، إلا أنه اختار مواجهة أكراد العراق ودعم أكراد تركيا، الأمر الذي فتح الباب واسعاً أمام إسرائيل لكي تقوم بلعب الدور المزدوج بدعم أكراد العراق، ومعاداة أكراد تركيا، لتكسب صداقة تركيا.
- ملف السياسة الخارجية الأمريكية: استطاعت الولايات المتحدة استغلال الأزمة الاقتصادية الداخلية في تركيا، وعملت بعد الحرب العالمية الثانية إلى ضم تركيا لحلف الناتو، وجعلها نواة لحلف بغداد، وذلك ضمن أجندة الحرب الباردة الهادفة إلى تطويق المد الشيوعي، وعلى خلفية التعاون الاستراتيجي الاقتصادي- السياسي- العسكري، الأمريكي- التركي- الغربي، كان السبيل ممهداً لإسرائيل لكي تجد في تركيا منفذاً يخرجها من دائرة العزلة الإقليمية المضروبة حولها منذ قيامها عام 1948.
التطورات السياسية الدراماتيكية في منطقة الشرق الأوسط أوصلت تركيا إلى مفترق الطرق، وجعلتها بين الخيارات الآتية:
• خيار المضي قدماً في رحلة الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي: والتي أصبح طريقها بلا نهاية، وهو خيار تصر عليه النخبة اليمينية التقليدية القديمة.
• خيار المضي قدماً في ركب التعاون الاستراتيجي مع أمريكا وإسرائيل: وهو خيار صعب بسبب تنامي المشاعر الإسلامية المعارضة لإسرائيل وأمريكا داخل تركيا، والتي كان من نتائجها صعود الأحزاب الإسلامية التركية.  وتصر على المضي قدماً في هذا الخيار المؤسسة العسكرية التركية والتي يعتبر رئيس أركانها الحالي من أبرز الموالين لإسرائيل.
• خيار الاندماج والتكامل الإقليمي: وهو خيار مطروح بشدة وتؤيده الأغلبية الشعبية في تركيا، وذلك على أساس اعتبارات أن معظم تجارب تركيا مع البلدان العربية، إضافة إلى الروابط الثقافية والدينية والتاريخية التي ظلت تربط تركيا بالعالم العربي.
النظام التركي سوف يشهد حالة من الاستقطابات في الوقت الحالي، فالنخبة العسكرية واقعة تحت النفوذ الإسرائيلي_ الأمريكي، والنخب العلمانية المدنية غير راغبة في التخلي عن الرباط الغربي، والنخب الإسلامية ترفض كل ذلك، وتؤيد التوجه الإقليمي التاريخي لتركيا.
على هذه الخلفية، تجيء زيارة العاهل السعودي عبد الله بن عبد العزيز، والتي تهدف إلى تعزيز العلاقات الثنائية في المجالات الاقتصادية، وبعض المسائل الإقليمية، وبالذات الأزمة اللبنانية الحالية.
الجدير ذكره أن رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان، قد انتقد إسرائيل بسبب عدوانها ضد لبنان بمؤتمر منظمة العالم الإسلامي، وقامت الحكومة التركية بإلغاء صفقة لصيانة طائرات إف-16 الإسرائيلية،عقاباً لإسرائيل على جرائمها ضد لبنان.. ولكن، هل هذا الموقف التركي يمثل بداية تحول استراتيجي تركي في منطقة الشرق الأوسط، أم أنه يمثل مناورة استراتيجية تركية من أجل الضغط على أمريكا للحصول على المزيد من المكاسب والمزايا، قبل قيام الجيش التركي بضرب أكراد تركيا المقيمين في شمال العراق، والاشتراك ضمن القوات الدولية في لبنان، وتمديد أنابيب نفط مينائي سبهان (التركي)- عسقلان (الإسرائيلي)،  وأيضاً تمديد أنابيب نقل المياه من تركيا إلى إسرائيل، وغير ذلك.
يقول المثل الانجليزي: دعنا ننتظر، ونرى (Letus wate and see)

الجمل: قسم الدراسات والترجمة

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...