التدين إشكالات النهوض وأخلاق الإصلاح

09-06-2011

التدين إشكالات النهوض وأخلاق الإصلاح

في سياق الحديث عن جدل العلاقة بين الحرية والأمن والإصلاح لا يزال البحث مهموماً بالجانب الأخلاقي من هذا الجدل حيث لا مفهوم لمعنى الحرية على أرض الواقع من دون الوعي بضوابطها القانونية والأخلاقية.
 
ومن هنا كانت منظومة الأمن الاجتماعي والسياسي والديني بوصفها قيمة أخلاقية من أهم المفاتيح لجدول أعمال الإصلاح المرتجى..
كذلك يقترح العلامة الطباطبائي في تفسير الميزان مسلكين لتهذيب الأخلاق فكراً وسلوكاً:
أحدهما: تهذيبها بالغايات الصالحة الدنيوية بإثراء مجتمع المعرفة بالعلوم المجموعة عند الناس.
وثانيهما: تهذيبها بالغايات الأخروية والتخلق بأخلاق الله والتذكر بأسمائه الحسنى وصفاته العليا، ومنه يتفتح مسلك ثالث مخصوص بالقرآن الكريم وهو تربية الإنسان وصفاً وعلماً باستعمال علوم ومعارف لا يبقى معها موضوع الرذائل. وبعبارة أخرى إزالة الأوصاف الرذيلة بالرفع لا بالدفع وهو يفترق عن المسلكين الآخرين بحسب النتائج، فإن بناءه على الحب العبودي وإيثار جانب الرب على جانب العبد.

ومن المعلوم أن الحب والوله ربما يدل المحب على أمور لا يستصوبها العقل الاجتماعي الذي هو ملاك الأخلاق الاجتماعية أو الفهم العادي الذي هو أساس التكاليف الدينية. فللعقل أحكام وللحب أحكام (1).
أما عن إشكالية التأخر والبحث والتقدم في الفكر الإسلامي الحديث 1880 – 1920 م فقد شهدت النهضة الثقافية في العالم الإسلامي في العصر الحديث توسعاً واضحاً، ذلك ابتداء من منتصف القرن التاسع عشر، وكان من نتائج هذا التوسع إثارة التفكير النقدي لدى العديد من المفكرين المسلمين في الحالة العامة لمجتمعاتهم في عالم يموج بالمتغيرات، وكانت جهود هؤلاء المفكرين تنصب في تقييم الواقع الإسلامي وإمكاناته في جميع المجالات بالمقارنة مع متطلبات العصر الحديث.
وقد أدت بهم هذه الجهود إلى إبراز نواقص النظام الاجتماعي الثقافي المعمول به في البلاد الإسلامية وإجلاء عيوبه، ولا سيما في مجالات التربية والبحث العلمي والتكنولوجيا والتجهيزات الحديثة المتجذرة في جميع قطاعات النشاط الاقتصادي.
وقد حظيت قضية التأخر الشعوب المسلمة قياساً للتقدم الحاصل في أوروبا وأميركا في ذلك الوقت بحضور واسع في الصحافة الإصلاحية، بل في جميع المنشورات التي كانت تروج الأفكار الحديثة في نهاية القرن التاسع عشر.
فقد كانت هذه القضية تشكل أحد المحاور الكبرى والثابتة، في مجلة (العروة الوثقى) التي كان ينشرها في باريس جمال الدين الأفغاني ومحمد عبدو، وقد كانت (مجلة المنار) التي أنشأها في القاهرة عام 1898م رشيد رضا – أحد المقربين من المصلح المصري الكبير الأمام محمد عبده – تستلهم روح مجلة (العروة الوثقى) وتدعو هي أيضاً إلى إيقاظ الوعي الإسلامي وتنبيهه إلى حقائق العالم المعاصر.
حاول محمد عبده عندما كان مفتياً لمصر في سلسلة من المقالات التي تثير الاهتمام والتي نشرها في مجلة (المنار) المجلد الخامس / 1902م تحت عنوان: الإسلام والنصرانية في مواجهة العلم والمدنية، أن يحدد الأسباب المسؤولة عن (ضعف) العالم الإسلامي، فوجد أن أهم هذه الأسباب تكمن في المجهود الاجتماعي والسياسي الذي أصاب المسلمين، وفي عيوب طبقة علماء المسلمين وفي الجهل والخرافات الشعبية، وفي أمية النساء وعدم تعليمهن وفي إهمال علوم الطبيعة في الوسط الإسلامي، وقد حمل محمد عبدو النظام العثماني بعض المسؤولية أيضاً بسبب استخدامه الدين في خدمة السلطة السياسية وعدم تشجيعه نشر العلم والمعرفة وتقييده للحركات العامة.
وضمن هذا السياق نفسه فإن قضية (تأخر المسلمين) شكلت الموضوع الرئيس لكتاب (أم القرى) 1889م – للمصلح السوري عبد الرحمن الكواكبي (1854-1902م )فقد سعى هذا المصلح بحجة تغطيته لأعمال مؤتمر الجمعية الإسلامية إلى تقديم تشخيص (للشرور) التي ظهر له أنها أصابت المجتمعات الإسلامية من المغرب إلى أندونيسيا في القرن التاسع عشر. وقد حلل الكواكبي هذا الخلل وبيّن أسبابه الدينية والأخلاقية والسياسية بالتفصيل. وإن قدم لنا من خلاله صورة جلية لواقع الأمة الإسلامية في تلك الفترة وتكاد تكون تحليلات الكواكبي للأسباب الأخلاقية والدينية هي نفسها تحليلات محمد عبدو مع زيادة لبعض الإضافات عليها، أما مجمل الأسباب التي رأى الكواكبي أنها هي المسؤولة عن (تأخر المسلمين) فهي:
1- التأثيرات الاجتماعية والثقافية للفهم المغلوط لعقيدة القضاء والقدر، هذا الفهم الذي ساعد على نمو الاتجاهات الجبرية على حساب المبادرة الحرة للإنسان.
2- روح التخلي عن العالم والهروب من الواقع.
3- تشدد علماء الشريعة على النقيض من بساطة التعاليم السمحة التي كانت منتشرة في الأمة الإسلامية في عهودها الأولى. واعتقادهم نتيجة لهذا التشدد بأن العلوم الكونية وأنواع المعارف العقلية هي علوم مناقضة للعقيدة الإسلامية.
4- جهل جموع الشعب وخضوعهم القدري للأشياء من حولهم.
5- التشاؤم العام المتولد من الإحساس باستحالة لحاق المسلمين بالشعوب المتقدمة في الغرب.
6- القبول بالذل خوفاً من بذل أدنى مجهود.
7- إعطاء الوظائف الإدارية والعسكرية القيمة العليا على حساب المهن الحرفية.
8- أما على الصعيد السياسي فإن الكواكبي حمل النظام العثماني الذي يصفه بالنظام المستبد – المسؤولية الكاملة على (تأخير المسلمين في عصره). (2)
وقد استمر التوجه نحو نقد الذات الحضارية حتى العشرينيات من القرن العشرين، وستصبح قضية (تأخر الشعوب الإسلامية) موضوعاً للعديد من البحوث المستفيضة والدراسات الموسعة، ولا سيما بعد ظهور الترجمة العربية لكتاب «إدمون ديمولان» (سر تقدم الإنكليز السكسونيين) للكاتب، بقلم أحمد فتحي زغلول (القاهرة 1899م) فقد كان لهذا الكتاب دوي كبير في الشرق العربي بفضل مضمونه، وبفضل مقدمة المترجم على حد سواء هذه المقدمة التي كانت إدانة جريئة لعيوب الأمة العربية.
لقد قدمت الأفكار التي طرحها (ديمولان) في كتابه هذا دعماً كبيراً للموقف النقدي، والتساؤل الذي كان يبديه مثقفو العالم الإسلامي آنذاك إزاء قضية انحطاط الحضارة الإسلامية، وفي الوقت نفسه إزاء مسألة توسع القوة الأوروبية وتعاظمها في جميع المجالات.
إن الأمر الذي كان يشغل «إدمون ديمولان» والذي كان يستحوذ على تفكير المثقفين المسلمين هو (معرفة سر هذه القوة المذهلة للتوسع والازدهار، وسر هذه القوة الهائلة للتحضير والتمدن التي امتلكتها إنكلترا وبنت بموجبها نهضتها الحديثة). (3)
وقد كان من الواجب على هؤلاء المثقفين أيضاً أن يهيئوا الأدوات والوسائل اللازمة للانطلاقة الاجتماعية والثقافية الجديدة التي ترتكز على خلفية جديدة تعطي الأولوية إلى قيم الجد والاجتهاد والعزيمة الأخلاقية.
وهكذا فقد أحسن المسلمون الاستفادة من تأملات «ديمولان» وأفكاره، ولا سيما أفكاره العميقة التي وضعها في خاتمة كتابه حين قال: (يجب أن تكسب خبزك بعرق جبينك) هذه الكلمات ليست أساس القوة الاجتماعية فقط، لكنها أساس القوة الأخلاقية أيضاً.
إن الشعوب التي تتهرب من الالتزام بمقتضى هذا القانون الصارم للعمل الشخصي تتعرض للانهيار وللإحساس بالدونية الأخلاقية، فهكذا يشعر الهندي الأحمر بالنسبة للشرقي، وهكذا يشعر الشرقي بالنسبة للغربي، وهكذا تشعر الشعوب اللاتينية الجرمانية الغربية بالنسبة للشعوب الانكلوسكسونية.
وقد شغلت إشكالية تقدم المجتمعات الإسلامية وتحديثها الفكر الإسلامي خلال عقود عدة وقد أثارت عمله بالقدر نفسه الذي شغلته به إشكالية التأخر العلمي والتقني، والتأخر الاجتماعي والاقتصادي للمسلمين، لقد شعر جيل المفكرين الذي عاش بين عامي (1880-1920م) والذي كان شاهداً على نهاية القرن التاسع عشر، والذي شهد بأم عينه أول الانقلابات التكنولوجية الكبيرة والتحولات الاجتماعية والسياسية في بداية القرن العشرين، بضرورة التصدي للتحدي المضاعف المتمثل بالحداثة من جهة وبالأزمات النفسية والثقافية ذات الجذور التراثية من جهة أخرى إزاء التحولات الحضارية التي كانت تجري أمام عيون مثقفي ذلك العصر والتي كانت رهاناتها السياسية والاقتصادية والإستراتيجية تفوق قدراتهم العملية على التعامل معها، وجد هؤلاء المثقفون أنفسهم بحكم هذا الموقع محتبسين في دائرة الخطاب النهضوي النظري فقط.
وبهذا الوضع يمكننا أن نفسر كثرة المقالات والكتب الاجتماعية والسياسية التي انتشرت
آنذاك، والتي لم تكن تكتفي بعرض واقع الحياة في المجتمعات الإسلامية فقط.. بل كانت في أغلب الأحيان تعرض هذه الحياة على الشكل الذي كانت تتمناه لها.
وهكذا فقد كثرت المؤلفات التي تأثرت بكتاب ديمولان بعد ترجمته إلى العربية. من هذه المؤلفات كتاب «محمد عمر» (1918م) الذي نشره في القاهرة باللغة العربية عام (1902م)، والذي قدم فيه تحليلاً للحالة الراهنة للمصريين في عصره، وحاول أن يشرح فيه الأسباب المسؤولة عن أوضاعهم المتردية.
وقد تساءل شكيب أرسلان (1871- 1949م) من جهته عبر سلسلة من المقالات المنشورة في مجلة المنار عن أسباب تأخر المسلمين وتقدم غيرهم (عام 1929م). وقد ترجم هذه المقالات إلى اللغة الإنكليزية «محمد أحمد شكور» تحت عنوان (انحطاطنا وأسبابه) في لاهور. وأما في الهند فإن المفكرين الإصلاحيين لم يتوقفوا عن تغذية النقاش الدائر في أسباب ركود المسلمين وشروط نهضتهم. ولا سيما بعد ما نشر الشاعر ألطاف حسين حالي (1873- 1914م) قصيدته التاريخية الكبيرة التي تناول فيها تقدم المسلمين وتراجعهم عبر العصور.
أما أطروحة «رينان» والآراء التي أطلقها (أرنست رينان) في المحاضرة الشهيرة التي ألقاها في جامعة السوربون (29 آذار 1882) عن الإسلام والعلم والتي ضمنها آراء خاصة حول طبيعة العلاقات بين الروح العلمية والإسلام. لقد كان (أرنست رينان) (1823-1893م) في الوقت الذي ألقى فيه هذه المحاضرة أستاذاً في الكوليج دوفرانس وكان أحد الدعاة الأكثر حماسة في العلموية، كما كان في الوقت نفسه أحد أبرز المشتغلين في حقل الاستشراق الأكاديمي. هذا إضافة إلى أنه كان متخصصاً في الدراسات السامية ومؤرخاً للأديان بموجب كل هذه المؤهلات العلمية فقد اكتسبت آراؤه المتعلقة بالثقافة الإسلامية شيئاً من المشروعية. ما إن نشرت هذه المحاضرة في صباح اليوم التالي في جريدة المناقشات (ص2-3) حتى أحدثت دوياً كبيراً ما زالت أصداؤه تتردد حتى أيامنا هذه.
لقد كان أول من تصدى لها المصلح الإسلامي جمال الدين الأفغاني حيث دخل في نقاش علمي مع رينان عبر صفحات جريدة المناقشات نفسها (18 أيار 1883م) مستخدماً حججاّ واستدلالات قامت الأيديولوجية الإسلامية فيما بعد بتوظيفها أثناء مواجهتها للخطاب الاستشراقي.
ويمكننا أن نتبين من خلال رد الأفغاني كل الملامح العامة التي سادت خطاب النقد (والنقد الذاتي) الإسلامي نفسه لمجمل الأوضاع الأخلاقية والاجتماعية والثقافية للشعوب الإسلامية في مستهل العصر الحديث.
ويمكننا أن نفهم موقف (رينان) بصورة واضحة إذا عدنا إلى المناخ الفكري العام الذي ساد فرنسا في ثمانينيات القرن التاسع عشر حيث بدأت الأحداث السياسية والأدبية التي كانت تجري آنذاك (المناقشات في القضايا الاستعمارية) في إثارة فضول الرأي العام الفرنسي ودفعه نحو التفكير في قضايا العالم الإسلامي ووقائعه الذي كانت فرنسا تحتل أجزاء منه.
في ذلك الوقت وبموجب هذه الأحداث كون الأوروبيون بشكل عام لأنفسهم رؤية كالحة من وجهة نظرهم للإسلام والمسلمين، فقد أظهرت لهم هذه الأحداث حالة الانحطاط العام التي كانت تشمل كامل أجزاء العالم الإسلامي آنذاك. كما أظهرت لهم حالة الفوضى والارتباك التي سادت المجتمعات الإسلامية التي اجتاحتها أولى هجمات الحداثة.
ضمن هذا السياق التاريخي يمكن لنا إذا أن نفسر سبب السلبية الكبيرة الواضحة التي تجلت في رؤية (رينان) للعالم الإسلامي آنذاك، ولعل المقطع التالي من محاضرته يكشف لنا بوضوح عن رؤيته القاسية والسلبية هذه: «يستطيع أي شخص محدود الاطلاع على شؤون عصرنا الراهن أن يرى بوضوح الحالة المتردية والدونية التي تشهدها البلاد الإسلامية في الوقت الراهن وأن يلاحظ انحطاط الدول الإسلامية وانعدام الكفاءة الفكرية للأعراق التي تستند في ثقافتها وتربيتها على الدين الإسلامي فقط» (4).
بعد أن أشار (رينان) إلى أن كلامه السابق يمثل حقيقة بديهية لا يمكن التشكيك فيها، قام من أجل دعمها لتبريرها بعملية تأويل شخصية للتاريخ الديني والثقافي للعالم الإسلامي، وقد وصل في نهاية المطاف إلى تقرير الآراء التالية:
1- الثقافة التي ظهرت في بلاد الإسلام: «إن الحركة الفكرية الممتازة التي عرفت في التاريخ الإسلامي هي بشكل كامل من نتاج الفرس والنصارى واليهود، ومن نتاج مسلمين تمردوا وثاروا في وجه تعاليم دينهم. وهذه الحركة الفكرية لم تلق من عامة المسلمين إلا اللعنات».
2- الدين الإسلامي بشكل عام: «إن للإسلام بوصفه ديناً جوانب إيجابية وجيدة.. ولكنه حجر على العقل الإنساني وأضر به.. وجعل البلاد التي فتحها حقلاً مغلقاً في وجه الثقافة العقلانية التي ينتجها العقل البشري» (5).
وهكذا فإن السطور الرئيسة لأطروحة «رينان» تقول: «إن الإسلام يرفض السيرورة، وإن العقائد الإسلامية لا تشجع البحث العقلي عن الحقيقة، ولذلك فإن العقيدة الإسلامية غير قادرة على الاضطلاع بمهام التقدم. وعلى الرغم من أن بعض هذه العبارات تتفق في وجه من الوجوه مع الانتقادات التي وجهها رجال الإصلاح لعقلية المسلمين وواقعهم، لا للإسلام ومبادئه.. فقد انبرى المثقفون المسلمون للرد بقوة على آراء «رينان» متهمين إياه بأنه يصب في مصلحة الأيديولوجية الاستعمارية لأن من يقول: «بانعدام الكفاءة الثقافية» والدونية الأخلاقية للشعوب الإسلامية التي تخضع في معظمها للوصاية الأوروبية، فإنما يبرر كلامه هذا رسالة الغرب التحضيرية المزعومة في العالم الإسلامي المستعمر. وبالفعل فقد وجد التوسع الأوروبي في نهاية القرن التاسع عشر في خطاب «رينان» دعماً أيديولوجياً وتبريراً أخلاقياً له.
في المقابل فإننا نجد أن مهمة رجال الإصلاح الإسلاميين ومعهم رجال الحداثة أصبحت من جميع المشارب، لا تقتصر فقط على الرد على الأطروحات الغربية (الموصوفة بالغلط أحياناً والإجحاف بحق المسلمين أحياناً أخرى) بل تجاوزت ذلك إلى إضرام روح النهضة والتغيير في نفوس شعوبهم من أجل الخروج بهم من حالة الركود الاجتماعي الثقافي والانخراط بشكل صارم ونهائي في طريق التقدم.
إلا أن فكرة النهوض في سياق – التقدم – يجب أن تدرس من منظور اجتماعي – قرآني على ضوء آفة النسيان التي أصابت الأمة الإسلامية بجميع جوارحها والنسيان هو ترك الإنسان ضبط ما استودع إما لضعف قلبه فهو لا يفقه، وإما عن غفلة فهو لا يبصر، وإما عن قصد حتى ينحذف عن القلب ذكره فهو لا يسمع.. ما يعني أن التدين يجب أن يستنفر في لحظته الراهنة وعي المراجعة لنقد الذات الإسلامية، ولم يتم له ذلك إلا باسترداد إرادة النهوض وإرادة العزيمة (ولقد عهدنا إلى آدم من قبل فنسي ولم نجد له عزماً)- (طه / 115 ).
ولن يصلح بال الأمة ولن يرجى لها في ذرة من صلاح إلا حين تعيد النظر في نهضتها الواعدة في وشائج العلاقة الجدلية بين إنجازها لشروط الصلح في ذات بينها وبين قدرته على تحقيق شروط صلاحها كافة شاهدة على الناس.. وإذا كان الصلح يختص بإزالة النفار بين المسلمين فإنه مرهون بوعي الأمة لمعنى الصلاح في سلوكها بوصفه مختصاً في أكثر استعمالاته القرآنية بالأفعال وذلك هو المرتجى من موعظة القرآن الكريم لكل اجتماع (ولا تفسدوا في الأرض بعد إصلاحها)- (الأعراف – 56).
وفي المشهد العربي الراهن أن نعترف بخطأ المقولة الشائعة بأن سيئات الحرية أفضل من حسنات الاستبداد. ما يعني ضرورة رد الاعتبار لمفهومات الأمن القومي في زمن الاحتلال الذي يحاصر حريتنا ومشاريعنا الإصلاحية من جميع الجهات.

الشيخ أحمد حسن شحادة

المصدر: الوطن

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...