أوتار عود نصير شمة تروي قصصاً وحكايا في دار الأوبرا

28-04-2009

أوتار عود نصير شمة تروي قصصاً وحكايا في دار الأوبرا

لعل الطفولة التي عاشها الموسيقي العراقي نصير شمة في محاولته البحث عن الموسيقا وجدها في صدى المقطوعات الموسيقية التي أداها مساء أمس في دار الأسد فاستحالت تصفيقاً موسيقياً لم ينقطع طوال مدة الحفل ساعتين ونصف. نصير شمّه

وإذا كان شمة يحلم وهو صغير بالجلوس على خشبة المسرح والجمهور يحيط به ويستمع لألحانه فإن الحفل الذي نظمته نقابة الفنانين في سورية تجاوز ذلك الحلم ليكون بنظر الجمهور السوري ليس مجرد عازف عود بل موسيقي مبدع يأتي بوح وتره من دفق روحه مختصراً كل مسافات الكلام والإشارات.

ومن خلال إحدى عشرة مقطوعة قسمها إلى جزأين أبهر شمة جمهوره الذي غص به مسرح الأوبرا ونسج من آلة العود ألحاناً لها أبجدية خاصة تخرج من الروح لتدخل مباشرة إلى الروح.

وقدم شمة مجموعة من الألحان بإيحاءات تراثية بدأها بعمله الجديد "مصير واحد" فتطايرت من بين أصابعه الأنغام وتراكضت لتتحول إلى شيء يشاهد ويلمس ولاسيما بعد أن انتقل إلى معزوفته الثانية مرتجلاً من مقام سوزناك التي عزفها باليد اليسرى فقط كاشفا عن قدراته التقنية العالية في التعامل مع العود وليذكرنا بتحديه للقدر حين بترت يد صديقه عازف العود جراء انفجار لغم وألف مقطوعة لتعزف على يد واحدة وفيما بعد أصبحت هذه الطريقة شائعة بين طلابه الذين يدرسهم أساليب العزف على العود.

وأظهر شمة رصانة نادرة في استعمال ريشته وأصابع يده اليمنى في مقطوعته الثالثة "من آشور إلى إشبيلية" التي أهداها إلى جميع السوريين الذين طلبوها منه ليؤدي بعدها "جدارية الحياة" التي كتبها منذ خمس سنوات مع ثلاثة شبان سوريين من تلامذته هم نبيل، وسام، كنان فكان يستمع لأدائهم بكل انتباه.

وبمشاركة تلامذته الثلاثة أدى شمة معزوفته الخامسة "إشراق" التي كانت عبارة عن محاورة بين الأعواد الأربعة وكأنها نقاش تفيض منه مشاعر الحنين والأمل.

ولأنه يعتبرها ديناً في رقبته عزف شمة مقطوعته السادسة "على جناح فراشة" التي كتبها السنة الماضية ولم يعزفها فعبر من خلالها عن عمق التراث الموسيقي الشرقي ثم انتقل إلى حوار مع الكبار مستضيفاً على عوده ألحان الموسيقار فيلمون وهبي الذي وصفه بأنه "كان شيخ الملحنين لأنه لحن لفيروز أجمل وأروع أغنياتها" تاركاً للمستمعين حرية التنقل بين معزوفات تحاكي أغنيات فيروز الراسخة في أذهانهم ليؤدي بعدها مقطوعة "بنفسج الأنامل" التي يقدمها لأول مرة في سورية.

وقبل أن يعزف مقطوعته التاسعة قال شمة: "اسمحوا لي أن أجول بكم في ربوع العراق الذي يكن أبناؤه للشعب السوري كل الحب والمودة لأنه الوحيد الذي تحمله وقت الملمات" مضيفاً.. "لن نقول إن هذا دين إنما هو حب في أعناق كل العراقيين وسيطوقهم إلى الأبد".

بعدها أدى شمة مع عازف العود السوري حسين سبسبي مقطوعة موسيقية كانت عبارة عن مقتطفات من التراث السوري العتيق والعريق بدت على شكل حوارية متقدمة وعلى مستوى عال من التوالف والحرفية بين الاثنين.

واختتم شمة برنامجه بمقطوعة "حدث في العامرية" التي قال: "إنها لم تعزف على عدد الأطفال الذين استشهدوا في ملجأ العامرية في قصف للاحتلال الأميركي ويتجاوز عددهم 840 طفلاً" مضيفاً.. "إنني أعزف هذه المقطوعة وأنا محمل بكل هذه الأوجاع والآلام" فنطق العود بكل ما جرى للعراق مصوراً مشاهد الخراب والدمار بالموسيقا.

يذكر أن الفنان نصير شمة مواليد مدينة الكوت بالعراق عام 1963 وهو خريج معهد الدراسات الموسيقية في بغداد عام 1987 ثم تخصص بالعزف على آلة العود.

ويعمل حالياً أستاذاً في بيت العود العربي الذي أسسه إضافة إلى تأسيسه فرقة عيون لموسيقا التخت العربي في القاهرة.

وقد استلهم شمة قطعه الموسيقية من الحضارة القديمة وحول خمس قصائد من شعر محمود درويش إلى قطع موسيقية ووضع ألحاناً ومؤلفات موسيقية عدة إضافة إلى وضعه الموسيقا التصويرية لعدد من الأفلام والمسرحيات والمسلسلات العربية والأجنبية.

باهل قدار

المصدر: سانا

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...