أمريكا ضد إيران: ترجيح خيار العقوبات على خيار الحرب

26-04-2007

أمريكا ضد إيران: ترجيح خيار العقوبات على خيار الحرب

الجمل:   تزايدت حدة الخلافات مرة أخرى حول الملف النووي الإيراني داخل معسكر أمريكا وحلفائها، بحيث أصبح هناك معسكرين:
• معسكر المسار الدبلوماسي:
تم الإعلان عن جولة جديدة من المحادثات بين إيران والاتحاد الأوروبي، بحيث تبدأ يوم الأربعاء القادم، وقد حددت إيران اسم علي لاريجاني مفاوضاً باسمها في هذه الجولة.
يقول الكاتب كافيلا فراسيابي بأنه برغم أن الاتحاد الأوروبي قد قام بتطبيق عقوبات أكثر تشدداً من عقوبات الأمم المتحدة ضد إيران، فقد قامت بعض الشركات الأوروبية بالدخول في مزيد من التعاقدات الضخمة مع إيران، منها قيام إحدى الشركات النمساوية بتوقيع عقد بمليارات الدولارات حول الغاز مع الحكومة الإيرانية. وذلك على النحو الذي دفع الإدارة الأمريكية إلى التعبير عن اهتمامها وحنقها البالغ إزاء قيام الشركة النمساوية النفطية الكبرى بتوقيع هذا العقد والذي سوف يتم بموجبه نقل 2،2 مليون طن من الغاز السائل من إيران إلى النمسا، وأيضاً قيام الشركة النمساوية بتطوير المرحلة 12 لحقول إنتاج النفط الإيراني، وتبلغ فترة العقد 25 عاماً، بمبلغ إجمالي يصل إلى حوالي 30 مليار دولار أمريكي.
الاجتماع بين المفاوض الإيراني علي لاريجاني، وخافيير سولانا ممثل الاتحاد الأوروبي سوف يتم في العاصمة التركية انقرا، وذلك استجابة إلى رغبة حكومة رجب أردوغان التركية باستضافة الاجتماع والقيام بدور الوسيط بين إيران والاتحاد الأوروبي.
كذلك هناك تفاؤلات من بعض الأطراف بأن يؤدي اجتماع قمة شرم الشيخ المصرية حول أمن واستقرار العراق إلى تهدئة التوتر بين إيران والإدارة الأمريكية، برغم تصريحات الإدارة الأمريكية القائلة بأن اجتماع قمة شرم الشيخ سوف يتم حتى لو لم تشترك فيه إيران.
• معكسر المسار المتشدد:
نشر دينيس روس المبعوث الأمريكي السابق للشرق الأوسط تحليلين بصحيفة نيوريباليك الأمريكية، الأول حمل عنوان (تعاملوا مع إيران بالعصا وليس الجزرة)، والثاني حمل عنوان (توازن القوى).
يلخص المقالان وجهة النظر الأمريكية- الإسرائيلية المتشددة وذلك من خلال النقاط الآتية:
- إن امتلاك إيران للقوة النووية سوف يدفع دول الشرق الأوسط الأخرى مثل السعودية ومصر وغيرها لامتلاك السلاح النووي أيضاً، وهو أمر سوف يؤدي إلى تقويض الاتفاقية الدولية المتعلقة بعدم انتشار الأسلحة النووية وأسلحة الدمار الشامل، وذلك على النحو الذي يدفع دول العالم الأخرى إلى انتهاك هذه الاتفاقية بما يجعل منها في نهاية المطاف مجرد حبر على ورق.
- إن روسيا التي ساعدت إيران في البرنامج النووي سوف تقوم بمساعدة دول الشرق الأوسط الأخرى على امتلاك الأسلحة النووية، وسوف يترتب على ذلك دخول دول الشرق الأوسط ضمن دائرة النفوذ الروسي وهو أمر سوف يترتب عليه بالمقابل انحسار النفوذ الأمريكي والإضرار بالمصالح الحيوية الأمريكية في المنطقة.
- إن السماح لدول الشرق الأوسط بامتلاك الأسلحة النووية سوف يؤدي إلى المزيد من التوتر بما يقود إلى تصعيد ظاهرة سباق التسلح في منطقة الشرق الأوسط، ولن تستطيع في هذه الحالة لا أمريكا ولا غيرها السيطرة على الموقف.
- من الواضح أن امتلاك إيران للسلاح النووي يعتبر أمراً خطيراً بالنسبة لأمريكا، ولكن الخطر الحقيقي الأكبر سوف يتمثل في امتلاك دول الشرق الأوسط الأخرى مثل مصر والسعودية وغيرها للأسلحة النووية، لأن ذلك سوف يؤدي إلى إضعاف قوة الردع الحالي الأمريكي ضد هذه الدول، ومن ثم فسوف تلجأ هذه الدول استناداً إلى قوتها النووية إلى استخدام مواردها النفطية في الضغط على أمريكا وأوروبا وبقية بلدان العالم.
- إذا استطاعت إيران امتلاك الأسلحة النووية، فإن ذلك سوف يترتب عليه أن تضطر الإدارة الأمريكية للحفاظ على ميزان القوى في المنطقة، وهو أمر سوف يلقي الكثير من الأعباء المادية والمعنوية على عاتق الولايات المتحدة، إضافة إلى أن منطقة الخليج العربي سوف تتعرض لنوع جديد من الحرب الباردة، والتي سوف تكون حرباً باردة سنية- شيعية، وهو أمر يختلف عن الحرب الباردة السابقة بين المعسكرين الغربي والشرقي، وذلك لأن هذه الحرب سوف تكون حرباً دينية باردة.
وعموماً، سوف يظل الملف الإيراني على الأرجح عالقاً، وذلك لأن معسكر المتشددين لن يستطيع توجيه الضربة العسكرية ضد إيران، وذلك ليس رأفة بإيران، ولكن بسبب المخاطرة الكبيرة التي يمكن أن تترتب على ذلك ضد المصالح الأمريكية وضد إسرائيل، خاصة وأن إيران تمتلك الكثير من أنواع الأسلحة الكيميائية والبيولوجية الأخرى التي تدخل في صنف أسلحة الدمار الشامل.
كذلك لن يستطيع معسكر المعتدلين إقناع إيران بسهول لكي تتخلى عن برنامجها النووي، خاصة وأن إيران ماتزال تتمسك بحقها، إضافة إلى أنها قطعت شوطاً كبيراً في ذلك البرنامج ووصل إلى درجة يصعب التراجع عنها.
السبيل الأكثر احتمالاً هو لجوء أمريكا وحلفائها إلى استخدام العقوبات الدولية المتعددة الأطراف ضد إيران، وهي عقوبات سوف يصعب التكهن بأنها  سوف تكون محكمة على النحو الذي يؤثر على القوام الاقتصادي الاجتماعي العسكري السياسي الأمني للدولة الإيرانية.. وعلى الأغلب أن تطيل الإدارة الأمريكية أمد وجود حشودها العسكرية في المناطق المجاورة لإيران ليس من أجل مهاجمة إيران، وإنما من أجل فرض الرقابة المشددة على تنفيذ العقوبات الدولية ضد إيران، بما يجعل إيران تتعرض إلى تطويق وحصار حقيقي.

الجمل: قسم الدراسات والترجمة

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...